Site icon IMLebanon

«الترشيح المأزوم»: الكُتل تنأى بنفسها .. والتصدُّع يضرب «تحالفات الأمس»

«الترشيح المأزوم»: الكُتل تنأى بنفسها .. والتصدُّع يضرب «تحالفات الأمس»

«المستقبل» تعتبر النصاب في ساحة حزب الله .. و8 آذار لن تُشارِك بجلسة يقاطعها السُنّة!  

رحى الرئاسة يدور، ولكن على نفسه.

ثمة جعجعة ولا أحد يرى طحناً.

هذا هو الانطباع العام، في اليوم الخامس لدعم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ترشيح النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية.

وما خلا حركة السفير الفرنسي في بيروت ايمانويل بون والذي لم يقدم أوراق اعتماده بعد نظراً للشغور الرئاسي والذي التقى على مدى ساعتين جعجع في معراب أمس، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، في ظل دعوة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند كلا من المملكة العربية السعودية وإيران للمساعدة في إنهاء الشغور الرئاسي، وفي ظل تأكيد مصدر مأذون في وزارة الخارجية الفرنسية ان باريس لا تميل إلى مرشّح على حساب آخر، وجل ما يعنيها هو انتخاب رئيس في أسرع وقت مناسب.

وبصرف النظر عن استمرار التجاذب الحاصل بين الرياض وطهران، وما يتردد في الأندية السياسية والدبلوماسية عن مواقف إقليمية من «خطوة معراب»، فإن ما عكسته المعطيات الحاصلة على الأرض يكشف ان التريث ما يزال سيد الساحة، وفقاً لما نشرته «اللواء» في عددها أمس.. و«الكل عم يقطش قريعة»، وفقاً للمثل الشعبي السائر، تارة بذريعة ان اتفاق المسيحيين الأقويين يحتاج إلى بعض الوقت، لفك الغازه، وتارة ان لا أحد يريد ان «يلعب» بالاستقرار على مذبح الرئاسة، وأن كانت الرئاسة هي مدخل تثبت هذا الاستقرار.

«حزب الله» و«المستقبل»

على ان لعبة المجاملات هذه، لم تمنع إعادة تأكيد تيّار «المستقبل» على ان «حزب الله» هو الذي عطل النصاب في جلسات الانتخاب السابقة، وهو وحده القادر على تأمين هذا النصاب لإنهاء الشغور الرئاسي.

وهذا الموقف لا يقبله «حزب الله» الذي يعتبر نفسه أدى قسطه للعلى حين نصّب عون مرشحاً وحيداً للرئاسة، وهو ما يزال على موقفه، وأن الكلام من ان الكرة في ملعب الحزب، وفقاً لما قاله قيادي بارز في 8 آذار لـ«اللواء»: «تهمة زور باطلة».

اما مسألة النصاب فهي عند تيّار «المستقبل» يضيف هذا القيادي، لأنه في حال قاطع «المستقبل» الانتخابات الرئاسية حتى ولو توفّر النصاب لانتخاب عون، فإن هذا يعني ان قوى 8 آذار لن تقبل، الإخلال بالميثاقية والمشاركة في أية جلسة يقاطعها «المستقبل»، أي السُنة في لبنان.

وفي ردّ على جعجع، من ان الكرة في ملعب «حزب الله»، تساءل القيادي في 8 آذار: هل يتمكن جعجع من إقناع الرئيس سعد الحريري النزول إلى المجلس والتصويت لعون؟

والمشكلة، يضيف هذا المصدر، ليست في توسط الحزب لاقناع النائب سليمان فرنجية بالانسحاب والرئيس نبيه برّي بدعم النائب عون، بل عند «المستقبل» الذي لا يريد وصول عون إلى الرئاسة الأولى.

من جهته، يرد «المستقبل» على لسان مصدر نيابي ان موقف الكتلة واضح، وهو ان للمجلس الكلمة الفصل، بمعنى ان تكون هناك انتخابات بين مرشحين، وفي هذه الحالة نحن مستعدون للنزول إلى المجلس، اما في حال فرض مرشّح واحد، فكل الاحتمالات واردة.

وقائع

لكن هذا السجال، عبر محطات التلفزة والمصادر التي لم تكشف تماماً عن هويتها، لا ينفي تسجيل الوقائع التالية:

1- غياب موقف حزب الله العلني والمباشر لا سيما، بعد ان امتنعت كتلة الوفاء للمقاومة عن الاجتماع، أو اجتمعت سراً من دون ان تصدر بياناً كانت تنتظره الأوساط النيابية السياسية باعتباره مؤشراً على مسار جلسة 8 شباط، ان لم يكن مفتاحاً لها.

2- تبلغ «حزب الله» مرّة جديدة، وبعد لقاء معراب، من النائب فرنجية انه ما يزال مرشحاً للرئاسة وأنه غير معني بأي وساطة أو لقاء مع «التيار الوطني الحر»، وانه يعتبر ترشيح جعجع لعون بمثابة «مجزرة أهدن» سياسية جديدة.

3- تفيد معلومات «اللواء» ان فريق 8 آذار يشهد نقاشات حامية الوطيس حول الخيار الأصلح، في ضوء استمرار ترشح فرنجية وترشيح جعجع لعون، لا سيما وأن الرئيس برّي الذي لا يُبدي حماساً لوصول عون إلى بعبدا، ما يزال على دعمه لفرنجية، وأن «حزب الله» ليس بوارد ممارسة أي ضغط على رئيس المجلس لتغيير موقفه.

4- وما عكس تأزم نتائج الاتصالات، أو وصف ترشيح معراب «بالترشيح المأزوم»، وامتناع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي التقى ومدير مكتب الرئيس الحريري السيّد نادر الحريري الرئيس برّي في عين التينة، في حضور وزير المال علي حسن خليل، عن الإدلاء بأي موقف، والاكتفاء بكلمتي: «قلة الكلام أكثر إفادة»، وهذه الكلمات تعكس عمق الأزمة الناشئة والتي لم يتمكن رئيس جهاز التواصل في «القوات» ملحم رياشي من تطرية أجواء «المستقبل»، حيث بقي العتب وعدم الارتياح سيّد الموقف الذي تبلغه رياشي، مع تأكيد نائب في كتلة «المستقبل» أن أجواء اللقاء اتسمت بالسلبية.

ولم يُؤكّد مصدر مطلع على أجواء عين التينة ما إذا كان البحث تطرق إلى جلسة الحوار المقبلة مع حزب الله، أم اقتصر بالإضافة إلى الاستحقاق الرئاسي, على رغبة تيّار المستقبل بإحالة ملف ميشال سماحة على المجلس العدلي.

الضباب فوق كليمنصو

وسط هذه الضبابية، خرج «اللقاء الديموقراطي» الذي انعقد برئاسة النائب جنبلاط في كليمنصو، بعد أن ناقش الموقف الرئاسي، ببيان ثلاثي الأبعاد يستمر بترشيح النائب هنري حلو، ويرحّب بمصالحة معراب بين «القوات» و«التيار العوني»، ويعتبر ترشيح عون متطابقاً مع مواصفات طاولة الحوار الوطني، لكن الخروج من الأزمة كان ممكناً مع ترشيح فرنجية.

هذه الضبابية، لقيت صدى طيباً في الرابية، فأجرى النائب عون إتصالاً بـ«الزعيم وليد جنبلاط» شكره فيه على موقفه، من دون أن توضح الأوساط العونية أي موقف كان موضع الشكر.

وضبابية البيان الجنبلاطي حاول مفوض الإعلام في الحزب الاشتراكي رامي الريّس التخفيف منها عندما قال صراحة لمحطة O.T.V: «عندما تحسم 8 آذار خياراتها نعلن موقفنا من تأييد عون أو فرنجية»، من زاوية حرص الحزب الاشتراكي على إخراج البلاد من المأزق الرئاسي.

والكتائب لا تسمّي

كتائبياً، يعقد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل مؤتمراً صحفياً عند السادسة من مساء اليوم في بكفيا، يكرر فيه ثوابت حزبه التي تشدد على حياد لبنان وعلى مرشّح وسطي، من خطوة معراب، على قاعدة عدم قبول حصر انتخابات الرئاسة بمرشحين من 8 آذار عون وفرنجية.

وأوضح مصدر كتائبي لـ«اللواء» أن ما سيعلنه رئيس الحزب اليوم يعبّر عن وجهة نظر الحزب، وهو خلاصة تفكير وتشاور، ونتيجة اجتماعات مكثفة، مشدداً على أن النائب الجميّل سيؤكد على ثوابت الحزب حيال القضايا المطروحة، وأنه لن يتطرق إلى تسمية هذا المرشح أو ذاك.

وفي معلومات المصدر أن الرئيس برّي والنائب جنبلاط وأحزاباً في قوى 8 آذار وبعض المستقلين يميلون إلى تأييد النائب فرنجية، وفي حال انقلبت الصورة وعادوا واتفقوا على تسمية عون، فإن تيّار «المستقبل» سيقاطع الجلسة الانتخابية.

سماحة والتعيينات

وفيما انتقل الرئيس تمام سلام من بروكسل إلى «دافوس» للمشاركة في المؤتمر الاقتصادي العالمي، بعدما كان اجتمع مع رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك، تمهيداً للتحضير لمؤتمر الدول المانحة الذي سيعقد في لندن في الرابع من شباط المقبل، تتجه الأنظار إلى الجلسة التي يعتزم رئيس الحكومة الدعوة لمجلس الوزراء قبل نهاية الشهر الجاري، نظراً لأهمية جدول أعماله هذه المرة، والذي يفترض أن يتضمن إجراء تعيينات في المجلس العسكري، وطلب وزير العدل اللواء أشرف ريفي إحالة ملف ميشال سماحة إلى المجلس العدلي.

وإذا كانت لائحة أسماء التعيينات العسكرية باتت جاهزة، على الرغم من التجاذب حولها بين كل من قائد الجيش العماد جان قهوجي والرئيس ميشال سليمان من ناحية والنائب عون من ناحية ثانية.

وفي المعلومات المتداولة ان قهوجي طرح اسم مدير المخابرات في بيروت العميد جورج خميس للمركز الكاثوليكي وسمير عسيلي للمركز الارثوذكسي ومحسن فنيش للمركز الشيعي، طرح عون جورج شريم للمقعد الأوّل وسمير الحاج للمقعد الثاني، ومحمّد جانبيه للمقعد الثاث، متحدثة عن توافق بين سليمان وعون على المقعدين الكاثوليكي والشيعي، وأن الخلاف محصور على المقعد الارثوذكسي بين عون وقهوجي.

اما في خصوص ملف سماحة، ففي معلومات «اللواء» ان جانباً من البحث بين نادر الحريري والرئيس برّي في حضور الوزير المشنوق، تناول موضوع إحالة هذا الملف إلى المجلس العدلي، والمطروح على مجلس الوزراء منذ شهر نيسان الماضي، وأعاد الوزير ريفي تحريكه مجدداً مؤخراً، بعد قرار محكمة التمييز العسكرية اخلاء سبيل سماحة بكفالة مالية.

وكشف مصدر نيابي ان كتلة «المستقبل» مصرة على إحالة هذا الملف على المجلس العدلي مهما كانت المبررات والمواقف، مشيراً إلى ان عدم تمرير المشروع في مجلس الوزراء في جلسته المرجحة الخميس في 28 الجاري يمكن ان يؤدي إلى مشكلة، لكنه لاحظ ان المحكمة العسكرية تحاول الإسراع في عقد جلسات محاكمة سماحة، بعد ان ارجأتها أمس إلى 4 شباط المقبل، من أجل تسريع إصدار الحكم لقطع الطريق على إحالة سماحة إلى المجلس العدلي.