Site icon IMLebanon

سلام يحسم الموقف اللبناني: مع السعودية ضد تدخُّل إيران في الشؤون العربية

سلام يحسم الموقف اللبناني: مع السعودية ضد تدخُّل إيران في الشؤون العربية

«المستقبل» لن يقبل برئاسة عون خارج الإنتماء العربي .. والكتائب تُحرجه «بأسئلة جمرية»

انتهى الأسبوع الذي بدأ بتبني معراب ترشيح النائب ميشال عون للرئاسة الأولى، بتكرار خطيئة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وهو رئيس «التيار الوطني الحر» أيضاً، عندما أوعز إلى سفير لبنان في المملكة العربية السعودية عبد الستار عيسى ان «ينأى» بالموقف اللبناني عن قرار الإجماع الذي اتخذته منظمة مؤتمر التعاون الإسلامي الذي انعقد في جدّة أمس الأوّل، وادان الاعتداءات الإيرانية على سفارة المملكة في طهران والقنصلية في مشهد، كما ادان التدخلات الإيرانية المستمرة في الشؤون الداخلية للدول العربية.

والموقف اللبناني الذي لم يكن له نظير سوى الموقف الإيراني، أحدث صدمة إضافية في مختلف الأوساط اللبنانية، محدثاً، من دون ريب، ارتجاجات ملموسة على اتفاق معراب، وعلى احتمالات قبول عون كمرشح للرئاسة.

ولم يتأخر موقف الرئيس سعد الحريري عن وصف خطوة باسيل بأنها «محاولة للنأي بالدبلوماسية بعيداً عن لبنان وعروبته نحو إيران وعدوانيتها ومصالحها التوسعية»، ورأى ان «هذا التغريب المتكرر نذير شؤم من محاولة الهيمنة على القرار الوطني على حساب مصالح اللبنانيين ومصلحة لبنان العليا»، مؤكداً ان «هذا الوضع الشاذ لن يطول أو يتجذر، لأن سياسة الوقوف مع الإجماع العربي شكلت قاعدة ذهبية للدبلوماسية اللبنانية منذ الاستقلال»، فيما رأى رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة ان موقف باسيل «يعرض مجدداً مصالح اللبنانيين للخطر في الدول العربية والإسلامية الشقيقة والصديقة، لا سيما في المملكة العربية السعودية»، داعياً الحكومة اللبنانية إلى «تصحيح هذا الخلل الفاضح المتمثل بانحياز وزارة الخارجية اللبنانية لايران المشكو منها، وضد إجماع العرب والمسلمين وضد مصلحة لبنان».

وجاء كلام الرئيس تمام سلام من «دافوس» حيث يمثل لبنان في المنتدى الاقتصادي العالمي، حول الوضع غير الصحي بين إيران والمملكة العربية السعودية ليكرس الموقف الرسمي من دعم المملكة وتقدير تقديماتها للبنان.

وقال الرئيس سلام في ندوة شارك فيها إلى جانب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وادارتها الصحفية الأميركية كريستيان امانبور «ان السعودية محقة بموقفها، ولها دور قيادي في العالم العربي لتعزيز الاستقرار وتحسين الأوضاع الإقليمية، اما إيران فتتدخل في العالم العربي منذ سنوات عديدة، وهذا هو أصل النزاع بينها وبين المملكة»، متسائلاً: «لماذا تتدخل إيران في شؤوننا الداخلية ولماذا تزيد الأوضاع تعقيداً?»، داعياً «لدعم نهج الاعتدال في المنطقة بما يسمح بمكافحة التطرف»، محذراً من «تفاقم المشكلات الطائفية في الشرق الاوسط».

وفي إشارة ذات مغزى إلى ربط موقف باسيل بالاستحقاق الرئاسي، قالت محطة «المستقبل» في مستهل مقدمتها للنشرة المسائية، وفي معرض وصف تعليمات باسيل في مؤتمر جدّة، بأنه «موقف يشبه لبنان الذي يريده النائب ميشال عون إذا وصل إلى رئاسة الجمهورية، موقف يتحفظ على علاقة لبنان في محيطه، ويناقض البند الثاني من مقدمة الدستور الذي ينص على ان لبنان عربي الهوية والانتماء».

وإذا كان موقف الرئيس سلام هو الموقف الرسمي للحكومة اللبنانية، وفقاً لنص المادة 65 من الدستور التي تنص على أن رئيس مجلس الوزراء يتكلم باسم الحكومة ويعبّر عن سياستها، فإن موقف رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من دعوة الحكومة إلى الاجتماع ومساءلة الوزير باسيل يمكن أن يكون «بداية تمايز» إزاء البنود العشرة التي وردت في كلمته من معراب عندما أعلن دعم ترشيح النائب عون باسم «القوات اللبنانية».

أجندة الأسبوع

وبالإنتظار، فإن جدول أعمال الأسبوع المقبل، سيكون حافلاً بمواعيد استحقاقات مهمة:

1- الاثنين في 25 الحالي تنعقد الجولة 23 من الحوار الثنائي بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله»، على وقع تطورين خطيرين وهما استمرار التوتر الإقليمي، وتراجع احتمالات عقد جنيف3 السوري هذا الشهر، والثاني اعتبار النائبين سليمان فرنجية وميشال عون مرشحين للرئاسة الأولي في جلسة 8 شباط حيث قد يتطرّق النقاش إلى احتمالات النصاب والمشاركة في الجلسة، مع العلم أن تيّار «المستقبل» ما يزال يدعم رئيس تيّار «المردة» إذا ما استمر مرشحاً، فيما يضرب الضباب السياسي موقف «حزب الله»، نظراً لتبنّيه ترشيح عون الذي كشف جعجع أن بيان ترشيح عون من معراب تطرّق إلى سلاح «حزب الله» وتدخّله في سوريا من دون أن يسمّيه، مع العلم أن الحزب تربطه علاقة صداقة وتحالف قديمة مع النائب فرنجية.

2- وتنعقد جلسة الحوار الوطني رقم 14 في عين التينة الأربعاء في 27 الحالي، وأمامها، إضافة إلى الموضوعين المشار إليهما، موقف باسيل في مؤتمر جدّة.

ولم يُعرف ما إذا كانت الجلسة ستخرج بتوصية تدعو النواب لتأمين حضور جلسة الانتخاب في 8 شباط، أم أن عدم نضوج المواقف سيبقي القرار حرّاً لكل كتلة، وهو ما ترجحه الأوساط المطلعة.

مجلس الوزراء

3- بعد ظهر الخميس في 28 الحالي ينعقد مجلس الوزراء في السراي الكبير، وأمامه جدول أعمال متخم ومتراكم بـ379 بنداً معظمها مالي وإداري يتعلق بمصالح المواطنين.

ويعود الرئيس سلام اليوم من دافوس ليبدأ ورشة اتصالات أهمها احتواء «غلطة» باسيل الديبلوماسية الثانية، ومتابعة مجرى المساعي لملء الشواغر في المجلس العسكري، فضلاً عن تمهيد الطريق أمام مشروع وزير العدل أشرف ريفي لإحالة ملف ميشال سماحة على المجلس العدلي المطروح على جدول أعمال الجلسة.

وتخوّف مصدر وزاري في تصريح لـ«اللواء» من عودة التجاذب إلى طاولة مجلس الوزراء في ضوء التباينات السياسية المتعلقة بأزمات المنطقة أو المقايضات المطلوبة، فيما يخص الملفات الخلافية (المجلس العدلي مقابل تعيينات المجلس العسكري)، مع الإشارة إلى أن ملف النفايات يراوح بين المواعيد التي حددها الوزير أكرم شهّيب والصعوبات التي تواجه عملية الترحيل.

ولاحظت مصادر وزارية، أن خلو جدول الأعمال من بند ملء الشغور في المجلس العسكري، مؤشر إلى أن الملف لا يزال يحتاج إلى مزيد من البحث والتشاور، ولم يُعرف ما إذا كان وزراء «التيار الوطني الحر» ومَنْ تضامن معهم سيحضرون الجلسة أم سيستمرون في المقاطعة.

لكن وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي أوضح في تصريح لـ«اللواء» أن الأسماء الثلاثة المقترحة للتعيين في المجلس العسكري أضحت جاهزة لدى وزير الدفاع الوطني سمير مقبل وفق اقتراح قيادة الجيش، وانها تراعي الاقدمية والكفاءة، كاشفاً ان الوزير مقبل جاهز لعرضها في حال ارتأى مجلس الوزراء طرحها من خارج الجدول.

وكشف الوزير حناوي ان هناك بين 3 أو 4 أسماء مقترحة لكل تعيين من التعيينات الثلاثة لأعضاء المجلس العسكري، مؤكداً ان هذه التعيينات تحتاج إلى توافق سياسي، وأن الوزير مقبل جال على معظم القوى السياسية في البلاد، وحرص على ان تكون الأسماء مقترحة من قيادة الجيش وفقاً لما هو منصوص عليه في القانون.

اما وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج فأكد لـ«اللواء» انه لا يجوز ان يعين كل فريق سياسي مَن يريد، وأن الاقتراحات تقدّم من قيادة الجيش ويطرحها وزير الدفاع وتنال موافقة الحكومة. مشدداً على ان الجيش هو سياج الوطن ولا بدّ من مراعاة حق قيادة الجيش في هذا المجال.

موقف الكتائب

على أن الأبرز رئاسياً، إعلان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل رفض الحزب انتخاب أي مرشّح تُسميه 8 آذار، في إشارة إلى النائبين عون وفرنجية، مع توجيه تحية إلى «الصديق العزيز» النائب هنري حلو الذي رشحه «اللقاء الديمقراطي».

رمى الجميل «بأسئلة «جمرية» في وجه النائب عون تتعلق بالحرب السورية والموقف من نظام الأسد وسلاح «حزب الله» لجهة المشاركة في الحرب السورية، وعلاقات لبنان الخارجية واعتماد سياسة الحياد بين المحاور المتصارعة في المنطقة.

الأهم ان رئيس الكتائب دعا للمشاركة في جلسة انتخاب الرئيس في 8 شباط باعتبارها المحك لما أعلن في بيان معراب وليفز من يفوز.

وفي الإطار الرئاسي أيضاً، رأت أوساط عونية ان استضافة محطة «العربية» رئيس حزب «القوات» في مقابلة ضمن برنامج «نهاية الأسبوع» والمعروفة بعلاقاتها مع المملكة العربية السعودية بأنها مؤشر إيجابي بأن لا فيتو على اتفاق معراب حيث أعلن جعجع خلالها (المقابلة) ان «حزب الله» إذا لم يلتزم بدعم عون في انتخابات الرئاسة، فإنه سيخسر أهم حلفائه في الفترة الأخيرة، كاشفاً ان عون على اتصال مع حزب الله، وإذا لم يؤيده الحزب سيكون لهذا الموقف تداعيات كثيرة عليه، مطالباً المشككين أن يثقوا كاملاً «بخطوتي»، لأن ميشال عون رئيساً للجمهورية غيره رئيس «التيار الوطني الحر».

المسيحيون المستقلون

وعلى صعيد الحراك الرئاسي أيضاً، عقد لقاء غير رسمي جمع مسيحيي 14 آذار من الوزراء والنواب في منزل الوزير بطرس حرب للتداول في الموقف الذي يتعين اتخاذه في جلسة 8 شباط ولمن يكون الاقتراع.

وأوضح رئيس حزب «الوطنيين الأحرار» النائب دوري شمعون الذي شارك في اللقاء، ان الاجتماع لم يكن رسمياً، بل كان مجرّد لقاء للتشاور في موضوع الانتخابات الرئاسية، ولم يكن مخصصاً لإصدار بيان، وحرص المجتمعون أن يكون بعيدا عن الإعلام، مشيراً إلى ان اللقاء حصل قبل المؤتمر الصحفي للجميل في بكفيا.

وفي السياق، علمت «اللــواء» ان اجتماعاً عقد ليل الأربعاء – الخميس في منزل الوزير السابق سليم جريصاتي بين الوزير باسيل والنائب الجميل استمر حتى منتصف الليل، وهو سبق الزيارة المعلنة للوزير باسيل إلى الجميل في بيت الكتائب المركزي في الصيفي بمشاركة الوزير الياس بوصعب.