تَقاطُع المستقبل و«حزب الله» يمهّد للحوار بعد التمديد
الأسلحة الفرنسية على الطريق للجيش .. و«النُصرة» تُسقط شرطاً في مفاوضات العسكريين
عشية إحياء الليلة العاشرة من محرم، وعشية الاحتفالات التي ستقام في الضاحية الجنوبة ومختلف المناطق اللبنانية، وقبل أن يعلن كل من العماد ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع وهما رئيسا الحزبين المسيحيين ذي الحيثيتين الشعبيتين موقفهما من مسألة التمديد للمجلس النيابي، تحدث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، عن ملفي التمدد وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأحداث طرابلس والحوار مع كتلة «المستقبل» وطبيعة الصراع الدائر في المنطقة، مطلقا» سلسلة من المواقف ترددت أصداؤها الإيجابية في غير وسط، في وقت كانت فيه كتلة «المستقبل» النيابية تصدر بياناً بعد اجتماعها سجل التقاء في أكثر من نقطة مع «حزب الله»:
1- بالنسبة للتمديد للمجلس النيابي، قال السيد نصر الله: «ما نرفضه هو الذهاب الى الفراغ، لقد بلغنا نقطة حساسة، أن على الكتل النيابية والسياسية المعنية أن تقدم مساعدة للرئيس بري لإخراج البلد من المأزق»، «نحن نعتبر أن الأصل هو إجراء الانتخابات، لكن نحن مستعدون للقيام بأي شيء لمنع الفراغ، فالفراغ النيابي يشكل ضربة كبيرة إذا أضفناه للفراغ الرئاسي».
وحول مسألة التمديد رأت كتلة «المستقبل»، أن «التمديد للمجلس مسألة أساسية وضرورية لقطع الطريق على احتمالات الوقوع في الفراغ في المؤسسات الدستورية، وما يشكله من أخطار على الدولة وعلىالنظام السياسي»، مطالبة النواب «بالمشاركة والاقتراع في الجلسة العامة لمجلس النواب غداً الأربعاء للتمديد للمجلس».
2- انتخابات الرئاسة، حول هذه النقطة اعتبرت كتلة المستقبل أن «الأولوية هي لانتخاب رئيس الجمهورية، وأن المهمة الأساسية للنواب بعد التمديد هو انتخاب رئيس وفقاً لمبادرة 14 آذار التوافقية، بعيداً عن التعطيل الذي يمارسه حزب الله و«التيار الوطني الحر».
أما «حزب الله» على لسان أمينه العام، فقد جاهر لأول مرة منذ ما قبل 25 أيار الماضي، بأن المرشح الرئاسي الأفضل تمثيلاً للبنان هو العماد ميشال عون، وخاطب قوى 14 آذار قائلاً: «إذا كنتم تريدون حواراً جدياً حول الرئاسة يجب أن يكون هذا الحوار مع المرشح الطبيعي الذي يدعمه فريقنا، أي العماد عون»، داعياً الى عدم الرهان على متغيرات إقليمية ودولية، «حتى لا ننتظر سنوات طويلة لانتخاب رئيس»، كاشفاً عن تفويض إيراني سوري لحزب الله للحوار مع القوى اللبنانية الأخرى حول الاستحقاق الرئاسي، داعياً الى فكفكته لجعله ملفاً وطنياً.
3- وفي ما خص أحداث طرابلس، اعتبرت كتلة «المستقبل» أن «المدينة أثبتت مرة جددة أنها مدينة الاعتدال والوسطية واحترام سلطة القانون والعيش المشترك»، وهي «بيئة حاضنة لفكرة الدولة ومؤسساتها والجيش والقوى الأمنية الشرعية، ونجحت في الحؤول دون السماح للمتطرفين لجرّها للخروج على الدولة»، منوهة بقرار الحكومة تخصيص مبلغ 30 مليار لإنفاقه على الترميم وإغاثة المتضررين، كاشفة عن اتجاه لتقديم اقتراح قانون معجةل لإنشاء مجلس وصندوق خاص لتنمية محافظتي الشمال وعكار.
أما السيد نصر الله، فنوّه بأداء الجيش الذي أثبت جدارته في أكثر من موقع، وأن لا بديل عنه لبقاء الدولة، وأنه شكل الضمانة الحقيقية لبقاء لبنان، ومنوهاً أيضاًَ بموقف أهل طرابلس ومرجعياتها السياسية والدينية والعلماء للطائفة السنية، معتبراً أن لهذا الموقف الشريف والوطني الدور الحاسم في إنهاء الوضع في طرابلس، وإلا لكانت الأمور قد أخذت منحى مختلفاً، مؤكداً أن هذا الموقف كان عاملاً حاسماً في إنقاذ لبنان.
وفي إشارة غير مسبوقة الى تيار «المستقبل» أشاد نصر الله بموقف قيادة التيار، معلناً عن مد اليد له، في إطار خطاب إسلامي وطني جامع.
وللمناسبة كشف نصر الله عن اتصالات تجري خلال الأسابيع الماضية من «جهات» وصفها بالحليفة والصديقة اعتبرت أنه آن الأوان «لكي يكون هناك حوار بين المستقبل و«حزب الله»، معلناً أنه جاهز لهذا الحوار ولكل ما يحصن وحدة البلد، مشيراً الى أن هذه المسألة قيد المتابعة.
4- أما بالنسبة لما يجري في المنطقة ووصفه بأنه صراع سني – شيعي، فقد اعتبر نصر الله أنه في مثل هذا التوصيف خطأ كبير يرتكب بحق المنطقة وما يحصل فيها، داعماً وجهة نظره بوقائع من ليبيا وسوريا والعراق ومصر بأن ما يجري هو صراع سياسي وليس مذهبياً، وأن كل الطوائف والجماعات في المنطقة معنية باستيعاب طبيعة هذا الصراع والنظر في اسبابه.
وكانت كتلة «المستقبل» استبقت الخطاب بالاشارة إلى أن «ذكرى عاشوراء وتضحيات الإمام الحسين يجب أن تكون منطلقاً لترسيخ وحدة الصف الإسلامي واللبناني والعربي قطعاً للطريق على الفتنة التي لا تخدم إلا أهداف العدو التاريخي المشترك اسرائيل».
وعلق عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري على خطاب نصرالله، معتبراً انه ينطوي على ايجابيات لكنه يحتاج إلى قراءة هادئة متأنية، لافتاً النظر إلى موقفه من الصراع السني – الشيعي، واشادته بموقف قيادة تيار المستقبل من احداث الشمال.
لكنه لاحظ أن حزب الله أخذ فترة ثلاثة أشهر لتحديد موقفه من الدعوة التي سبق للرئيس سعد الحريري أن وجهها إلى الحوار في شهر رمضان الماضي، ولا سيما بالنسبة إلى انتخاب رئيس الجمهورية.
ولاحظ مصدر سياسي أن مواقف نصر الله فتحت الباب على مصراعيه امام إمكانية فعلية لاطلاق حوار مع «المستقبل»، لا سيما وانه اسقط من احتمالات التجاذب أي موقف سلبي من حزبه لرفض الحكومة اللبنانية للهبة الإيرانية للجيش اللبناني. وقال هذا المصدر أن هذا التقاطع في المواقف بين «المستقبل» و«حزب الله» يمهد لحوار بين الطرفين بعد التمديد للمجلس سبق أن اشارت اليه «اللواء» في حينه.
وعلى صعيد التمديد، تنظر رئاسة مجلس النواب وكتلة «المستقبل» باهتمام إلى المبادرة التي سيعلنها الدكتور جعجع اليوم، والتي وصفتها مصادر نيابية قريبة منه، بأنها تتضمن برنامجاً لإنقاذ الجمهورية والمؤسسات الدستورية من السقوط، في إشارة، وفقاً لتعبير مصدر سياسي محايد، الى أن مبادرة جعجع تصب في سياق منع الفراغ وعدم سقوط المجلس النيابي، لكن باقتراحات من شأنها أن تربط «التمديد التقني» الذي تميل القوات إلى دعمه بإجراءات تقصر مدته وتفتح الباب جدياً امام انتخابات الرئاسة.
ولوحظ أن الرئيس برّي الذي ترأس اجتماعاً لكتلة التنمية والتحرير، لم يصدر عنه أي موقف بالنسبة إلى التمديد، لكن مصادر نيابية لفتت إلى أن موقف الكتلة سيعلن في وقته، وخلال الجلسة يُبنى على الشيء مقتضاه.
اما رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميل، فاعلن من باريس أن الحزب سيصوت ضد التمديد، لأن التصويت إلى جانبه يعطي صك براءة لكل من شاركوا في تعطيل الرئاسة وجرنا إلى هرطقة جديدة هي التمديد للمجلس النيابي.
عقد الهبة السعودية
واليوم يوقع في المملكة العربية السعودية على عقد بقيمة ثلاثة مليارات دولار لتسليح الجيش اللبناني انفاذاً للهبة التي قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للبنان لدعم الجيش، ويشارك في هذا التوقيع قائد الجيش العماد جان قهوجي الموجود حالياً في المملكة لهذه الغاية.
ويأتي هذا التوقيع بعد الاتفاق على لوائح السلاح وحسم التفاصيل القانونية وآلية تسريع شحن الأسلحة للجيش اللبناني، والذي أثبت كفاءته في المواجهة الأخيرة مع المجموعات المسلحة الإرهابية شرق وشمال لبنان.
واعتبر رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في تغريدة له عبر «تويتر» أن هبة الثلاثة مليارات دولار ستصبح نافذة، وأن الأسلحة الفرنسية وهي هدية غالية للجيش اللبناني، شاكراً الملك عبدالله والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ومنوهاً بالدور الذي لعبه كل من الرئيس ميشال سليمان والرئيس سعد الحريري في إنجاز هذه الهبة.
وقالت مصادر فرنسية مطلعة أن تسليم المعدات الفرنسية للجيش اللبناني سيبدأ في غضون شهر، مضيفة أن «حرص العاهل السعودي على دعم الجيش والمؤسسات الأمنية اللبنانية جعل السعودية تسرع توقيع العقد بين البلدين لحصول الجيش اللبناني على المعدات التي يحتاج اليها».
إحياء ذكرى عاشوراء
منذ ساعات الصباح الأولى بدأت الإجراءات الأمنية تأخذ مفاعيلها في الضاحية الجنوبية، فيما طالبت بلديتا بعلبك والهرمل السوريين مغادرة المنازل التي يقيمون فيها اعتباراً من مساء أمس حتى مساء الثلاثاء منعاً للتسلل إلى مجموعات تستهدف التجمعات البشرية والحشود أثناء احياء ذكرى عاشوراء.
واستقدمت قوى الأمن الداخلي مزيداً من العناصر، في حين استحدث الجيش اللبناني نقاط تفتيش إضافية.
ووفقاً لمصادر حزبية، فإن كلمة السيّد نصر الله ستركز اليوم على ملفي الصراع مع إسرائيل ومع الجماعات التكفيرية.
النصرة: مفاوضات العسكريين
وفي تطوّر جديد، كشفت النصرة، انها تخلت عن المطالبة بسحب مقاتلي «حزب الله» من سوريا كأحد الشروط لاطلاق سراح العسكريين اللبنانيين الأسرى لديها، كي لا تتهم بوضع شروط تعجيزية في المفاوضات ولرغبتها بإلحاق هزيمة عسكرية بالحزب لإجباره على الانسحاب.
وقال قيادي في هذه الجبهة في منطقة القلمون السورية لوكالة أنباء «الأناضول» التركية عبر الانترنت أن التخلي عن هذا الشرط يأتي من باب عدم اتهام الجبهة بوضع شروط يسمونها تعجيزية، مشيراً إلى أن النصر لا يكون له طعم إلا بهزيمة عسكرية للحزب وليس بانسحابه.
وكشف بأن الموفد القطري من أصل سوري أحمد الخطيب الذي يقود المفاوضات بين السلطة اللبنانية وكل من «النصرة» و«داعش» أدخل حوالى 3000 حصة غذائية وبعض الحاجيات، وسيدخل المزيد إلى عرسال، لافتا إلى أن الأمور الداخلية في منطقة عرسال تتجه نحو الأفضل.
واعتبر انه كان للجبهة دور «بقدر استطاعتنا في تغيير مسار العملية العسكرية في طرابلس، من دون أن يكشف عن طبيعة هذا الدور.
تجدر الإشارة إلى أن «النصرة» تحتجز 17 عسكرياً لبنانيا، بينما تحتجز «داعش» 7 جنود بعدما اعدمت اثنين ذبحاً.
وفي سياق متصل، أشار وزير الاشغال العامة والنقل غازي زعيتر لـ «اللواء» إلى أن مجلس الوزراء سيناقش في جلسة بعد غد الخميس ما سيعرض من تطورات في ملف العسكريين المخطوفين، ولافتا إلى انه لا يمكن الحديث منذ الآن عن قبول أو عدم قبول مطالب الخاطفين قبل التأكد من هذه المطالب التي عرضت في الإعلام فقط، مذكراً بقرار الحكومة في التفاوض ودور قطر في هذا المجال.
وأوضح أن الموضوع بيد الخلية الوزارية المكلفة بهذا الشأن، متمنياً أن يفضي إلى الخواتيم السعيدة ويتحرر جميع المخطوفين وتأمين عودتهم سالمين إلى ذويهم.
بدوره، اعتبر وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أن أي قرار في الرد على مطالب الجهات الخاطفة يعود إلى مجلس الوزراء.
وفهم من المصادر الوزارية أن اجتماع الخلية الوزارية الذي يسبق انعقاد مجلس الوزراء قد يضع تصوراً لرفعه إلى الحكومة بهدف اتخاذ القرار المناسب حول الاقتراحات التي حملتها جبهة النصرة إلى الموفد القطري.