IMLebanon

حسم ترحيل النفايات يعوِّم المطامر

حسم ترحيل النفايات يعوِّم المطامر

حوار المستقبل – حزب الله للحؤول دون إنعكاسات محتملة على الإستقرار

حتى لا يتحول المثل السائر: «كلام الليل يمحوه النهار» إلى مبدأ يحكم العلاقات داخل مجلس الوزراء وبين القوى السياسية في البلد، رفع الرئيس تمام سلام صوته في مجلس الوزراء، وقال: «على طاولة الحوار طرحت موضوع النفايات، وبعد النقاش الذي كان حاضراً فيه رئيس تكتل الإصلاح والتغيير النائب ميشال عون اتخذ القرار وابلغتموني ان اتخذ القرار المناسب وأنتم تدعمون ما تقرره الحكومة، وقد قررت الترحيل، فلماذا تعارضون الآن؟ موجهاً كلامه إلى وزراء تكتل «الاصلاح والتغيير»، حيث بعد ساعتين من النقاش تمت الموافقة على إقرار 50 مليون دولار لتمويل عملية الترحيل، باعتراض وزراء الكتائب الذين لم يكن هدفهم التعطيل، والذين وقعوا على المرسوم، في حين أصرّ وزراء «التيار الوطني الحر» على موقفهم وامتنعوا عن التوقيع على المرسوم.

المحطة الثانية في جلسة مجلس الوزراء، أمس، تمثلت بخروج وزير العدل اشرف ريفي من الجلسة اعتراضاً على استهلاك جدول الأعمال في مواضيع لم تكن مدرجة مثل ترحيل النفايات ورواتب الأساتذة المتعاقدين بالساعة في المدارس الرسمية، طالباً طرح البند 64 المتعلق بإحالة ملف ميشال سماحة إلى المجلس العدلي، الا ان الرئيس سلام قال ان الوقت لا يسمح بمناقشة هذا الموضوع بسبب اضطراره لرفع الجلسة والسفر إلى ميونيخ لتمثيل لبنان في مؤتمر الأمن العالمي، الأمر الذي لم يرضِ الوزير ريفي الذي غادر الجلسة معلناً تعليق مشاركته ما لم يكون هذا البند الأوّل على جدول أعمال مجلس الوزراء ليعود عن قراره، مذكراً انه قطع سفره وعاد إلى بيروت من أجل المشاركة في الجلسة وبت الموضوع.

ومع هذه القرارات في جلستي الأربعاء والخميس، وعلى مرمى 48 ساعة من الذكرى الحادية عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري واحتفال «البيال» المقرّر لهذه الغاية، والكلمة المنتظرة لرئيس تيّار المستقبل الرئيس سعد الحريري في هذه المناسبة الوطنية، بدا ان صمود الحكومة يتقدّم على ما عداه، بما تعني من وحدة الدولة واستمرار عمل المؤسسات، الأمر الذي يعبر عن إرادة اللبنانيين بالحفاظ على الاستقرار والنأي عن التداعيات الخطيرة المحدقة بسوريا ومنع انعكاساتها على لبنان، بانتظار ان تنضج طبخة الانتخابات الرئاسية، وينتهي اللبنانيون من الشغور الرئاسي.

وهذا المسار الاستقراري، أكدت عليه جلسة الحوار 24 بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، حيث شدّد البيان الذي عكس المناقشات الداخلية على نقطتين:

1- الحاجة أكثر من أي وقت مضى للحفاظ على الاستقرار الداخلي وحمايته، مما يعني تجنيبه الانعكاسات المحتملة للتطورات الجارية على مستوى المنطقة، لا سيما السباق الحاصل حول سوريا بين التدخل العسكري البري والحل السياسي.

2- ضرورة انتظام عمل الحكومة وتفعيل انتاجيتها، وهذا ما ظهر في القرارات الأخيرة، والتي عالجت أوضاعاً مزمنة تتعلق بفئات وظيفية، فضلاً عن القرار الكبير بالتوجه لإقرار الموازنة في مجلس النواب واجراء الانتخابات البلدية وتمويل خطة ترحيل النفايات.

وهذه الوجهة التي سيكرسها خطاب الرئيس الحريري الأحد، ويشدد عليها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في خطاب الثلاثاء في 16 الحالي لمناسبة «ذكرى القادة الشهداء»، مما يُعزّز فرصة الاستقرار، بانتظار فرج الانتخابات الرئاسية.

ترحيل النفايات

وعلى صعيد النفايات، كانت المعادلة في مناقشات الوزراء التي توزعت بين الجدّية والكيدية وتسجيل المواقف والعجز عن تقديم بدائل للترحيل، مع عودة وزراء التيار الوطني الحر إلى قبول فكرة المطامر والتي سبق وعارضوها، ألّا بديل عن هذا القرار، لأنه بين الكلفة الصحية المتزايدة والتي ساهمت النفايات في زيادة الأمراض والضرر البيئي وخيار الترحيل المؤقت، إنتصر الخيار الأقل كلفة، فصحة اللبنانيين أغلى بكثير من أي إنفاق مالي لرفع الأوبئة والمخاطر البيئية عن حياتهم وحياة أطفالهم، بعد وقوع العديد من الإصابات في صفوف الأطفال وتزايد عدد الذين توفوا بسبب أمراض الأنفلونزا والميكروبات الموسمية التي زادت مع النفايات المتراكمة في الشوارع والساحات ومجاري الأنهر والمرتفعات، حيث تتجمّع المياه، سواء في الجبال أو المدن.

وهذه المحصلة التي لخّصها وزير بارز لـ«اللواء» جعلت المجلس لا يتردّد عن حسم الخيار قبل أن يداهمه الوقت لا سيما أن تاريخ 29 شباط، بعد أسبوعين، هو موعد مبدئي لشحن أول دفعة من النفايات إلى روسيا، بعدما يتم توقيع العقد بين مجلس الإنماء والاعمار وشركة «شينوك» البريطانية، خلال اليومين المقبلين، حسب ما أعلن رئيس مجلس الإنماء والاعمار المهندس نبيل الجسر، كاشفاً أن المبلغ الذي أقرّ لترحيل النفايات يغطي المرحلة الأولى من الترحيل، أي الأشهر الستة المقبلة، على أن يباشر دون إبطاء في إطلاق الخطة المستدامة لمعالجة النفايات ووضعها موضع التنفيذ، حسب ما جاء في قرار مجلس الوزراء.

ولفت مصدر وزاري لـ«اللواء» إلى أن وزراء الكتائب طالبوا بالتقدّم بدفتر شروط لتلزيم الحل النهائي القائم على المحارق في مهلة أسبوع ليكون حل الترحيل مؤقتاً ولا يصبح نهائياً.

وطالب الوزراء أيضاً، في هذا الخصوص، بأن يبقى للبلديات الحق في معالجة نفاياتها في إطار مجموعة بلديات أو إتحاد بلديات أو بلديات كبيرة وإذا كانت لديها القدرة على معالجة نفاياتها تنسحب من مشروع الترحيل الذي سيموّل بنسبة من 30 إلى 60 بالمئة من الصندوق الوطني للبلديات.

إنسحاب ريفي

وإذ كشف المصدر عن حصول مشادتين كلاميتين في الجلسة الأولى بين الوزيرين جبران باسيل وبطرس حرب، والثانية بين الوزيرين علي حسن خليل والياس بو صعب حول «أوجيرو» والأساتذة المتعاقدين، فإنه أكد أن المجلس لم يناقش أي بند من بنود جدول الأعمال التي أرجأت بكاملها إلى جلسة الخميس المقبل، موضحاً أن الوزير ريفي طلب مناقشة البند المتعلق بإحالة قضية ميشال سماحة إلى المجلس العدلي، فرد رئيس الحكومة أن هذا الموضوع يناقش عندما نصل إليه، فاعترض ريفي بشدة على ذلك وترجم ذلك بخروجه من القاعة، فلحق به الوزير سجعان قزي ومعه الوزيرين رمزي جريج وآلان حكيم لإقناعه بالعودة فيما لم يحرك وزراء «المستقبل» ساكناً، غير أن ريفي أصرّ على الانسحاب قائلاً: «أنا مقتنع أن هناك تسوية ما ولن نصل إلى هذا البند لا اليوم ولا غداً».

وتوجه ريفي من السراي إلى ضريح الشهيد الحسن حيث وضع إكليلاً من الزهر وقرأ الفاتحة على روحه.

وفيما غرّد الرئيس الحريري على موقع التويتر قائلاً ان موقف وزير العدل لا يمثله، عقد الوزير ريفي مؤتمراً صحفياً في السراي لدى خروجه من الجلسة، مؤكداً أنه لن يُشارك في أي جلسة للحكومة قبل أن يُدرج موضوع سماحة بنداً أول في الجلسة، موضحاً أن قضية سماحة لم تصل إلى الحكم المبرم، وأنه يحق لمجلس الوزراء إحالتها إلى المجلس العدلي، متهماً قوى سياسية معروفة بالمماطلة لمنع طرح هذه القضية، مشيراً إلى أن لديه خيارات عدّة سيفاجئ بها اللبنانيين من أجل إقامة العدالة في قضية سماحة، موضحاً أن هذه الخيارات محصورة بثلاثة: الذهاب إلى المحكمة الجزائية الدولية، أو اللجوء إلى القضاء الكندي كون سماحة يحمل الجنسية الكندية، أو اللجوء إلى إحدى الدول (بلجيكا أو إسبانيا) التي أعطيت صلاحية دولية لمتابعة الجرائم المتعلقة بالإرهاب.

لكن الوزير السابق المحامي زياد بارود، لاحظ أن لبنان لا يستطيع أن يتقدّم بأي طلب من المحكمة الجنائية الدولية كونه ليس فريقاً في «نظام روما» الذي يلحظ الجرائم التي لها طابع دولي فقط، مشيراً إلى أن القانون اللبناني يلحظ أيضاً أنه إذا كانت الجريمة على الأراضي اللبنانية تعقد محاكم مختصة بها وتضع يدها على الملف، مذكّراً بعرض قضية أرييل شارون على المحكمة في بلجيكا التي رفعت يدها عن القضية لعدم الاختصاص.