IMLebanon

الحريري: ملتزم ترشيح فرنجية ولنذهب إلى مجلس النواب

الحريري: ملتزم ترشيح فرنجية ولنذهب إلى مجلس النواب

رفض السطو على الجمهورية والعداء للسعودية .. كسر الجليد مع «القوات» وقلق عوني

شكّل إحياء الذكرى الحادية عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري حدثاً بكل معنى الكلمة بأبعاده السياسية والوطنية والعربية والمستقبلية.

فالحدث الذي شارك فيه رئيس تيّار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري شخصياً، حوّل «بيت الوسط» إلى خلية إتصالات ضمن توجّه محدد وواضح وشجاع يتصل بكيفية حماية منجزات ثورة الاستقلال الثاني، والحفاظ على البنية التنظيمية لقوى 14 آذار، وانتشال البلد من حالة اليأس وانعدام الوزن إلى مرحلة تثبيت الاستقرار، والتطلّع إلى أفق مفتوح لإنهاء الشغور الرئاسي، على خلفية ثوابت وطنية لبنانية لا لبس فيها، بأنه من غير الممكن تحويل لبنان إلى «ولاية إيرانية»، أو تمكين «حزب الله» من «الإندفاع غير المسؤول في تعريض مصالح لبنان للخطر، والتحامل على الدول الشقيقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودول الخليج التي لم تبادلنا يوماً بأي أذى»، على حدّ ما جاء في خطاب المناسبة الذي ألقاه الرئيس الحريري، مؤكداً «أننا لن نسمح بجرّ لبنان إلى خانة العداء للسعودية ولأشقائه العرب.. فنحن عرب وعرباً سنبقى».

وقبل الخطاب وبعده، تركزت اتصالات الرئيس الحريري على مناقشة الأوضاع الداخلية، في ضوء احتدام الوضع على الجبهة السورية، وحاجة اللبنانيين إلى التكاتف وإنهاء الشغور الرئاسي كضمان لمنع النار السورية من الاقتراب من لبنان.

أول اللقاءات كانت مع رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط برفقة نجله تيمور الذي زار عين التينة مساءً ووصف خطاب الحريري في «البيال» بأنه «ممتاز»، مؤيداً الدعوة للاحتكام إلى الديموقراطية للخروج من الفراغ الرئاسي.

وفي جانب من الاجتماعات في «بيت الوسط» ركّز الحريري مع الرئيس فؤاد السنيورة والوزراء نهاد المشنوق ورشيد درباس ونبيل دو فريج على الوضع داخل الحكومة، والوضع النيابي، وهنّأه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بسلامة العودة، فضلاً عن اتصالات من الرئيس نبيه برّي والشيخ عبد الأمير قبلان والمرشح الرئاسي جان عبيد.

ومن الاتصالات المهمة التي تلقاها الرئيس الحريري إتصال التعزية باستشهاد والده وعودته بالسلامة من المرشح الرئاسي النائب سليمان فرنجية، والذي وصفه الرئيس الحريري في خطابه بأنه «نقل في مقابلته التلفزيونية ما حدث من تفاهم في لقائهما في باريس».

وينتظر أن يكون للرئيس الحريري لقاء قريب مع الرئيس تمام سلام الذي لم يتمكّن من حضور احتفال «البيال» بسبب وجوده في «ميونيخ» لتمثيل لبنان في مؤتمر الأمن العالمي، لكنه رأى في بيان أصدره وهو هناك أن «الرؤية التي حملها رفيق الحريري للبنان يجب أن تكون نبراساً يهتدي به كل حريص على قيام مجتمع لبناني تسوده قيم الاعتدال والتعايش الرحب والسلم الأهلي»، وشدّ على أيدي حامل الأمانة الرئيس سعد الحريري، مؤكداً أن لبنان لن ينسى من جعله هاجسه الأول والأخير، ودفع حياته في سبيله.

الخطاب المفصلي

من إحياء المناسبة الجامعة، واكتمال عقد 14 آذار في حضور الرئيس أمين الجميّل ونجله رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل والدكتور سمير جعجع وأركان 14 آذار، الذين ناداهم الرئيس الحريري بعد الفراغ من خطابه الذي استغرق 45 دقيقة إلى المنصة لأخذ صورة جامعة تأكيداً على وحدة 14 آذار، وتمسّك تيّار «المستقبل» بهذه الحركة التاريخية العزيزة على قلب رئيسه، إلى إطلاق دينامية جديدة، وفتح الباب على مصراعيه لإنهاء الشغور الرئاسي، والتأكيد على الثوابت بتفعيل عمل الحكومة والمجلس النيابي ودعم المؤسسات الشرعية والدستورية والأمنية والعسكرية.

ووصفت مصادر سياسية محايدة خطاب الحريري بأنه كان خطاباً مفصلياً، امتنع فيه عن الشعبوية والتعبئة السياسية أو المذهبية، متوقفة عند مفاصل رئيسية اختلط أمرها في الأسابيع والأشهر الماضية، وكادت تشوّش عقول اللبنانيين، بعدما أدخلت 14 آذار في مناخات غير مستقرة، وكادت أن تقلب الحقائق فتصوّر 14 آذار وتيار «المستقبل» بأنها المسؤولة عن الفراغ الرئاسي، وهذا مجافٍ للحقيقة.

أما المفاصل التي توقفت عندها المصادر، في خطاب الحريري فهي:

1- التأكيد على وحدة النهج بين خط الرئيس الشهيد والتيار الذي أسسه وعلى رأسه الرئيس الحريري، منطلقاً من «على نهجك مستمرون يا أبا بهاء ولو كره الكارهون»، لينتهي إلى «أن أحداً لن يتمكّن من السطو على الجمهورية اللبنانية لا بترهيب السلاح (في إشارة إلى حزب الله) ولا لإرهاب التطرّف (في إشارة إلى الجماعات الإرهابية) ولا بمخالفة الدستور (في إشارة إلى تعطيل جلسات انتخاب الرئيس) ولا بالأحكام العسكرية الزائفة (في إشارة إلى أحكام المحكمة العسكرية وآخرها ميشال سماحة).

2- تحميل «حزب الله» معظم الموبقات: «فلتان السلاح، حماية المجرمين والهاربين من العدالة، تعطيل المؤسسات، تبرير الشغور الرئاسي، إسقاط إعلان بعبدا، وتقمّص أدوار الدول العظمى بتجنيد آلاف الشبان للتورّط في الحرب السورية».

3- امتلك الرئيس الحريري الشجاعة واعترف أن طاولة الحوار ليست قادرة على سحب «حزب الله» من صراعات المنطقة العسكرية، فناشد «أهل العقل والحكمة والوطنية في الطائفة الشيعية تفكيك الألغام التي تُهدّد سلامة العيش المشترك».

4- بالشجاعة والصراحة ذاتها، قدّم جردة حساب لمسار المبادرات الرئاسية من ترشيح جعجع إلى ترشيح فرنجية. وبالقياس المنطقي، اعتبر أن خلفية هذه المبادرات كانت أن «الفراغ كارثة»، داعماً وجهة هذا التفكير بإجراء مقارنة بين لحظة انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان واللحظة الحالية، وما حفلت به من تدهور في كل الحقول والمجالات.

5- قارب الرئيس الحريري اللقاء مع النائب فرنجية، متوقفاً عند: التفاهم بين الرجلين لإنهاء الفراغ الرئاسي، أي تبنّي ترشيحه للرئاسة الأولى، وخلط الأوراق الذي سببته هذه الخطوات وما ترتّب عليها من خطوات أهمها كانت المصالحة بين «القوات» و«التيار الوطني الحر» في 18 كانون الثاني الماضي.

6- وبالشجاعة والمصارحة التي شاء أن تكون سمة خطابه المفصلي، أو ما أسماه «بقّ البحصة»، داعب رئيس تيّار «المستقبل» حليفه جعجع بالقول: «يا ليتك أقدمت على هذه الخطوة قبل 28 عاماً لكم كنت وفّرت على المسيحيين».

7 – ردّ تهمة التعطيل بصورة جازمة وقاطعة إلى الذين يتمنعون عن حضور الجلسات، ولا يرون في الأمر عجلة (في إشارة إلى ما قاله السيّد حسن نصرالله في اطلالته التلفزيونية الاخيرة)، فهم «يقولون إما المستقبل يعلن أن الجنرال عون مرشحه أو أن الفراغ سيستمر»، واصفاً هذه المعادلة بأنها «لا تركب على قوس قزح.. وهم يغطون السموات بالقبوات ويعطون دروساً بالوفاء»، ولن نقبل بالتالي أن يحملنا أحد مسؤولية الفراغ، رافضاً كل مبررات المقاطعة والغياب عن الجلسات ومعزوفة الحق الدستوري والغياب.

8 – طمأن الرئيس الحريري شريكه في تفاهم باريس نائب زغرتا الذي شارك لأول مرّة في إحياء ذكرى الرئيس الشهيد بإيفاد ممثّل عنه هو الوزير روني عريجي، إلى انه عند التزامه، «وعندما نعطي التزاماً نسير فيه حتى النهاية».

ويتضمن هذا الموقف رسالة إلى النائب عون بأن لا حق لك علينا، فنحن لن نعطيك أي التزام، والتزمنا معك فقط على تشكيل الحكومة وقد تشكّلت.

وبعيداً من الثوابت المتعلقة بموقع تيّار «المستقبل» وسط حركة 14 آذار العابرة للطوائف والمناطق والمذاهب، والتي أسقطت الوصاية السورية ولم تقو عليها اي وساطة بديلة، كان لافتاً، على هامش الخطاب والاحتفال، لقاءات الود والمصافحات الحارة والقبل التي حصلت بين الرئيس الحريري وكل من وزير العدل اللواء أشرف ريفي، والنائب خالد الضاهر الذي حرص على الاقتراب من الرئيس الحريري لمصافحته والذي حرص بدوره على التوقف لمصافحة والد الشهيد اللواء وسام الحسن، فيما فتح الخطاب نفسه باب الحراك السياسي، حيث ان فريق 8 آذار، بدأ منذ ليل امس دراسة مضامين الخطاب ورسائله، وإن حملت إيماءتين أولويتين:

الأولى: موقف بالغ السلبية لحزب الله، عبّرت عنه قناة «المنار» بتجاهل خبر الاحتفال جملة وتفصيلاً في نشراتها الإخبارية.

والثانية: تشوش وقلق لدى التيار العوني ظهراً في التعاطي الإعلامي والسياسي، مع العلم أن قناة «او.تي.في» نقلت الخطاب، إلا أنها مررت بعض «اللطشات» في المعالجات المسائية أيضاً، وإن كان وزير التربية الياس بو صعب اعتبر إشارة الحريري إلى تبني بكركي للمرشحين الاقوياء الأربعة، وانطلاق الرئيس الحريري من ذلك لتسمية فرنجية «مؤشراً ايجابياً»، في حين لم ير عضو تكتل الإصلاح والتغيير النائب فريد الخازن أي موقف محدد من الرئاسة الأولى، وإنما فقط توصيفاً عاماً.

وبانتظار بعد ظهر غد، والمشاورات بين «التيار الوطني الحر» وحزب الله حول قراءة خطاب الحريري، فان تكتل عون سيتناول ما اورده رئيس المستقبل، وسيعلن موقفاً منه بعد اجتماعه عند الخامسة من بعد ظهر غد، وهو الموعد المتزامن مع إطلالة السيّد نصرالله في مهرجان القادة الشهداء غداً الثلاثاء أيضاً.

وفي موقف للنائب القواتي طوني أبو خاطر ابلغه لـ «اللواء» مساء أن خطاب الحريري كان واقعياً ومسؤولاً، وتميز بالشمول والمقاربة الموضوعية لمحطات سلكها الموضوع الرئاسي، معتبراً أن حضور الرئيس الحريري الشخصي يمكن ان يساهم في التقريب بين المواقف، إلا أن بعض المواقع المتصلة بتيار «القوات» اشتعلت ليلاً ببعض المواقف التي لم تخل من «عتب» قواتي على كلام الحريري.