Site icon IMLebanon

طاولة الحوار تغرق في وحول فضيحة النفايات ومشاكل النازحين وتفعيل عمل المجلس

 

طاولة الحوار تغرق في وحول فضيحة النفايات ومشاكل النازحين وتفعيل عمل المجلس

برّي يتجاوب مع طلب الجميّل العودة إلى جدول أعمال الحوار في جلسة 9 آذار

بقلم حسين زلغوط – هنادي السمرا:

تراجعت اهتمامات طاولة الحوار التي انعقدت على أساس جدول أعمال مؤلف من سبعة بنود من الملف الرئاسي نزولاً إلى ملف النفايات الذي بقي نجم النقاش متقدّماً على ما عداه من استحقاقات من الطراز الأول، ولولا مطالبة رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل وتجاوب الرئيس نبيه برّي وتأييد الرئيس فؤاد السنيورة بضرورة العودة إلى جدول أعمال الطاولة واستكمال البحث في الشأن الرئاسي لكان هذا الاستحقاق قد وصل إلى عتبة الدخول في غياهب النسيان، وبالتالي لا يعود هناك من قيمة لجدول الأعمال ولا للمواضيع المدرجة عليه.

وإذا كان من الطبيعي أن يفرض ملف النفايات مجدداً نفسه على الطاولة بعد أن تبيّن أنه عاد إلى المربع الأول وسط بلبلة وإرباك عند الممسكين بزمام هذا الملف والحديث عن إمكانية التراجع عن خيار الترحيل والذهاب مجدداً في اتجاه المطامر والفرز في المصدر، بعد أن تبيّن أن روسيا ليست على علم بأي صفقة أو إتفاق بخصوص الترحيل إلى أراضيها، مع أن الرئيس تمام سلام أكد أن السفير الروسي اتصل به أربع مرات بهذا الخصوص.

ومن خلال مسار النقاش الذي طال حول هذا الملف ظهر جلياً أن قابل الأيام سيكون حافلاً بالتجاذبات السياسة ما لم يحسم مجلس الوزراء في جلسته اليوم مصير هذا الملف، إذ أن كل فريق سيحاول رمي هذه الكرة الملتهبة في مرمى الفريق الآخر تهرّباً من المسؤولية في ظل العجز الواضح عند الجميع في إيجاد الحل الناجع لأزمة النفايات.

وسُجّل في هذا السياق جدل بين الرئيس سلام والنائب طلال أرسلان حول إعادة طرح مطمر «كوستا برافا» وانتهى إلى قول أرسلان أن من يفكر بهذا الموضوع «يروح يخيّط بغير هالمسلة».

وتمنّى النائب سامي الجميّل أن لا تبقى النفايات متصدّرة طاولة الحوار داعياً إلى العودة للهدف الأساس وهو رئاسة الجمهورية، معتبراً أن من حق النائب مقاطعة جلسة الانتخاب، أما وأن هناك مرشحين معلنين فإن المقاطعة لم تعد ميثاقية ولا دستورية وهي تضرّ بالوطن.

وهنا علّق الوزير جبران باسيل والنائب محمّد رعد بالتأكيد على أن المقاطعة تبقى حقاً من حقوقنا، وأضاف وزير الخارجية على ذلك بالسؤال أين نحن من الشراكة الوطنية.

وعقّب رعد على كلام باسيل بالدعوة إلى الاحتكام إلى الدستور وقاعدة الثلثين وليس إلى أي شيء آخر في ما خص انتخاب رئيس الجمهورية.

وفي موازاة ذلك فإن تفعيل عمل المجلس النيابي كان حاضراً أيضاً على الطاولة بعد أن طالب الرئيس برّي بضرورة تفعيل عمل مجلسي النواب والحكومة لمواكبة قضايا المواطنين الملحّة في هذا الظرف الصعب والذي لم يعد جائزاً السكوت عنه. وإذا كان الجميع قد أبدى تجاوباً مع دعوة رئيس المجلس غير أن أياً من الأقطاب قدّم تصوّراً معيّناً حول ذلك، وقد ترك الموضوع مفتوحاً علّ وعسى يحصل تفاهم سياسي من شأنه أن يضخ الدم من جديد في شرايين المجلس التي اقتربت من اليباس بفعل الشلل الذي يحول دون انعقاد الجلسات التشريعية ولا حتى جلسات غالبية اللجان.

أما الموضوع الثالث الذي تمّت مقاربته والذي احتل مساحة واسعة من النقاش أيضاً هو ملف النازحين السوريين الذي طرحه الرئيس نجيب ميقاتي حيث كان للرئيس تمام سلام مداخلة بهذا الصدد وضع فيها المتحاورين في أجواء اجتماعات مؤتمر ميونيخ، معتبراً أن قيمة المساعدات الدولية للبنان قد تحسّنت عن السابق، كما كان لوزير الخارجية جبران باسيل كلام بهذا الصدد واصفاً استبدال كلمة «العودة الطوعية» للنازحين بالعودة «الآمنة» بالإنجاز، وهنا دار نقاش متشعب حول كيفية هذه العودة، وكان لافتاً التعارض الواضح حول المرجعية بين الرئيسين تمام سلام وميقاتي الذي سأل عن غياب المرجعية اللبنانية الموحدة في ما خص النازحين، فنفى الأول هذه المعطيات، مؤكداً أن هناك عملاً لبنانياً فاعلاً ونحن سنشارك في كل المؤتمرات ذات الصلة، لا بل أن هناك خلية أزمة وزارية تتابع الملف وأخذت قرارات بهذا الشأن، مشدداً على أن هناك خطة مع الجهات الدولية لتوفير فرص عمل جديدة في لبنان ما يستفيد منها اللبنانيون والسوريون، وأنا تمنّيت أن تكون محصورة باللبنانيين الذين باتوا في أمسّ الحاجة أكثر من أي طرف آخر.

وقائع الجلسة

ثلاثة مواضيع تمحورت حولها جلسة الحوار في طبعتها الخامسة عشرة: النفايات وملف النزوح السوري وتفعيل عمل مجلس النواب بعد الحكومة، فيما غاب الملف الرئاسي عن السمع، وهو ما طرحه البعض فكان وراء القرار الذي اتخذه الرئيس بري بالعودة الى جدول الأعمال في الجلسات المقبلة.

الجلسة التي بدأت بتأخير نصف ساعة لإفساح المجال أمام الصائمين من الطائفة المسيحية بتناول الفطور، حضرها جميع المتحاورين، بدءاً بالرئيس نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام، وغاب عنها رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط وقد مثله الوزير غازي العريضي، ورئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون الذي مثله وزير الخارجية جبران باسيل وحكمت ديب.

وقرابة الثانية الا ربعا، غادر رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية عين التينة والذي كان جلس متوسطاً نائب الرئيس فريد مكاري والرئيس فؤاد السنيورة والوزير بطرس حرب في حين كان يجلس دائماً في فريق النائب ميشال عون، واصفا الأجواء بـ«الجيدة»، واشار الى انه «مرتبط بموعد غداء». وقال ردا على سؤال: «ربما خلال اليومين المقبلين قد ازور بيت الوسط»، قبل أن يتبين انه انتقل فعليا للقاء الحريري. وكان فرنجية حافظ على تموضعه على طاولة الحوار وجلس بالقرب من السنيورة ووزير الاتصالات بطرس حرب، بعدما كان يجلس بالقرب من العماد عون في الجلسات السابقة.

وبعد زهاء الثلاث ساعات، تقرر تحديد موعد جديد لجلسة مقبلة في 2 آذار، وأعلن بعدها رئيس الحكومة تمام سلام «أن الأجواء جيدة ولا خلاف حول النفايات في الجلسة، وأن جلسة مجلس الوزراء اليوم سيكون فيها الرد».

ثم غادر وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس وقال ردا على سؤال عن موضوع النفايات: «ان الاجتماع بحث في صميم هذا الموضوع».

بدوره، كشف النائب حكمت ديب أن رئيس الحكومة كلف مجلس الانماء والاعمار توجيه إنذار الى شركة «شينوك».

باسيل: تمييز النزوح

وأعلن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بعد انتهاء جلسة الحوار أنه «رغم إمكانية لبنان واستضافته للنازحين السوريين ومحبتنا لهم وللجيش السوري، عندنا أزمة وجودية حقيقية، لا نستطيع أن نتعاطى معها على أنها ستدوم وأن تبقى مستمرة». وقال: «لذلك أي طرح يطرح علينا جوابنا له أن الحل بعودتهم الى سوريا».

أضاف: «نحن مقتنعون أن هناك الكثير من الصيغ منها ما قدمناه نحن في لندن وهي من شأنها تأمين عودة النازحين منذ الآن الى سوريا تدريجيا ومرحليا وموضوعيا ومناطقيا، وبشكل أن تكون العودة تأمنت بالتزامن مع الحل السياسي، وأن تكون هذه المواكبة جزءا من الحل السياسي وليس ما يقترحه علينا المجتمع الدولي».

وتابع: «وبعد أن نتوصل الى حل سياسي واستتباب للأوضاع السورية أمنيا واقتصاديا وبالتالي إعادة الاعمار في سوريا، عندها عودتهم تصبح اختيارية. هذا الذي نقول أنه غير مقبول وغير مسموح وهذا ما نواجهه».

وأردف: «من هنا على الدولة اللبنانية وعلى الحكومة اللبنانية مع كل خضوعها واحترامها للمواثيق والمعايير الدولية، أن تأخذ إجراءات حقيقية بالتمييز بين النازح الاقتصادي والنازح الامني والسياسي الفعلي، عليها أن تتخذ الاجراءات اللازمة لكي نخفف هذا العبء عن لبنان ولكي نؤمن للسوريين العودة الكريمة التي هي الحل الوحيد لهم».

وحول الملف الرئاسي ختم باسيل: «نحن نحاول أن نزاوج بين موقفنا الدستوري والميثاقي ونؤكد على هذا الموقف».

الجميل: بوطة النفايات

واعتبر رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل أن «ملف النفايات تحول الى ما يشبه مسلسلا مكسيكيا»، ووصفه بـ«الكارثة الوطنية والصحية التي يعانيها اللبنانيون»، مشيرا الى أن «المستشفيات لم تعد تستوعب المزيد من المرضى، وهذا الموضوع لم يعد يحتمل التأجيل».

وقال: «حذرنا كثيرا، وعندما صدر قرار الترحيل اعترضنا عليه لأننا لم نعلم وجهة الترحيل ولا الكلفة، وأكدنا في جلسة مجلس الوزراء أنه لا يمكن الموافقة على هذا الأمر، وتبين اليوم بعد كل ما سمعناه أننا كنا على حق».

وشدد على أن «مَن فشل في إدارة هذا الملف وسرق اللبنانيين على مدى 15 سنة وغطى الفساد والفشل والكوارث البيئية خلال فترة تسلم شركة سوكلين، أي مجلس الانماء والإعمار، ليس مخولا متابعة إدارة ملف النفايات لأنه أثبت فشله في ضبط الفساد وحل المشكلة».

وحذر الجميل مجلس الوزراء وكل اللبنانيين من أنه «ما دامت هذه «البوطة» التي ترعى الفساد وتسلمت ملف النفايات على مدى 15 عاما ستكمل في البحث عن حلول، سنكون نكذب على الناس ولا نحل المشكلة».

وتابع: «لقد تقدمنا بشكوى قضائية في حق بعض الأشخاص الذين تجب محاسبتهم لدى القضاء، وقبل ذلك يجب محاسبتهم إداريا من قبل السلطة المسؤولة وعلى رأسها رئيس مجلس الوزراء الذي عليه محاسبة من قصّر وفشل في إدارة المناقصات والملف وفي إيجاد الحلول، كما حصل في الأشهر الستة والثمانية الاخيرة».

وقال: «من هذا المنبر نقول إن هناك تجارب نجحت، وتمكنا من معالجة 70% من النفايات ويبقى 30%، فإذا كانت الدولة ترغب فعلا في إيجاد حلول، فلتتصرف بشفافية وتفتح الوزارات أمام كل أجهزة الرقابة».

وسأل: هل يعقل ما نسمعه، أي الانتقال من سيراليون الى روسيا، وكل هذه «البهدلة»؟

ورأى أن من مسؤولية الدولة اللبنانية التحدث مع الدول وأخذ الموافقة وليس الشركات التي «تركب كومبينات»، لافتا الى أن «هذه المافيا التي سرقت أموال اللبنانيين على مدى 15 سنة هي نفسها التي تعمل على ملف الترحيل وتحاول الحصول على سمسرات، ولهذا السبب فإن عيوننا مفتوحة»، داعيا رئيس الحكومة الى «إيقاف هذه المهزلة والقيام بأمر على المستوى المطلوب ويراعي الشروط العامة ويحل المشكلة ويرفع النفايات من الطرق غدا».

ميقاتي: عودة آمنة

وقال الرئيس نجيب ميقاتي لدى مغادرته: «كانت جلسة الحوار مفيدة وتناولت المواضيع كافة، ومنها موضوع النازحين السوريين وأزمة النفايات، وتحدثنا بصورة مختصرة جدا عن موضوع رئاسة الجمهورية، واتفقنا، بطلب من الرئيس بري، على أن تقتصر الجلسات فقط على جدول الأعمال الذي دعا من أجله الى عقد هذا الحوار، وهذا ما سيحصل في الجلسات المقبلة».

سئل عما تردد عن سجال حصل بينه وبين رئيس الحكومة تمام سلام في شأن ملف النازحين السوريين، فأجاب: «لم يكن هناك سجال بمعنى السجال، بل قمت بلفت النظر الى أن حجم مشكلة النازحين السوريين أصبح كبيرا جدا، ولم نعد نعرف من هي الهيئة التي تتابع هذا الموضوع بكل جوانبه الصحية والاجتماعية والتربوية والامنية».

وحول مطالبته بالعودة القسرية للنازحين السوريين أجاب: «تمنيت أن يضاف بند يقضي بالعودة الآمنة للنازحين فور اعلان وقف إطلاق النار في سوريا».

ارسلان: غير مسلّة

 أما ارسلان فأكد أن «النفايات كانت سيدة الموقف في الجلسة ومبدأ الحكومة بالتعاطي مع الموضوع هو الترحيل»، مشيرا الى أن «هذا الموضوع سيحسم خلال الايام القادمة». وأوضح «أننا لم نبحث بالتفاصيل واذا لم يحصل ترحيل فلكل حادث حديث»، مضيفا: مَن يفكر بإنشاء مطمر بالكوستا برافا «يخيط بغير هالمسلة».

فرعون: جلسة طارئة

من جهته، أوضح وزير السياحة ميشال فرعون أن «مسألة النفايات طغت على الجلسة بالإضافة الى تحريك ملف الرئاسة عبر النزول الى المجلس كما ملف اللاجئين والنأي بالنفس»، مشددا على أن «منطقة الكرنتينا لم تعد تتحمل المخاطر الصحية للمطمر وهذه المسألة طغت على الجلسة مطالباً بجلسة طارئة لمجلس الوزراء حول الموضوع، مع طلب تفعيل الملف الرئاسي».