دول الخليج تمنع رعاياها من السفر إلى لبنان
تضامن شعبي وسياسي واسع مع المملكة… وقلق لبناني علی الوضع المالي
لا يزال ملف الأخطاء التي أدّت إليها «دبلوماسية» وزير الخارجية جبران باسيل مدعوماً من «حزب الله» يتفاعل.
ففي الوقت الذي كانت فيه الوفود الوطنية من بيروت وسائر المناطق، والتي تضم شخصيات اقتصادية ونيابية ووزارية وروحية ونسائية، تتقاطر إلى مقر سفارة المملكة العربية السعودية في بيروت، معلنة التضامن مع المملكة وقيادتها، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، كانت الأنظار تتجه إلى الإجراءات التي يمكن ان تحصل لمنع فريق باسيل – «حزب الله» من التمادي في المواقف والتصريحات التي تحمل تداعيات سلبية على لبنان واللبنانيين، بعد ان أدّت المواقف المعروفة لباسيل إلى اقدام المملكة على وقف الهبة لتسليح الجيش اللبناني وتزويد قوى الأمن بالاسلحة والمعدات.
وكانت الاتصالات بدأت أمس، لتحديد مواعيد للرئيس تمام سلام لبدء جولته على دول الخليج، بدءاً من المملكة العربية السعودية لإعادة التأكيد على المكانة والأهمية التي يوليها لبنان لعلاقته معها، ومع سائر دول الخليج، انطلاقاً من الانتماء والهوية والمصالح المشتركة.
وتأتي هذه الاتصالات عشية جلسة مجلس الوزراء العادية التي ستبحث في ما تبقى من جدول أعمال الجلسات الماضية، بغياب وزير العدل المستقيل اللواء اشرف ريفي الذي تبلغ الرئيس سلام استقالته الخطية واعد مرسوماً لقبولها يحتاج إلى توقيع سائر الوزراء، بالإضافة إليه، باعتبار الحكومة تقوم مقام رئيس الجمهورية.
ولم يستبعد وزير بارز في الحكومة ان تتطرق الجلسة إلى ما صدر أمس عن الرياض ودولة الإمارات ومملكة البحرين من الطلب إلى رعاياهم مغادرة لبنان، ومن مواطنيهم عدم السفر إليه «حرصاً على سلامتهم».
ونقلت وكالة «واس» عن مصدر مسؤول في الخارجية السعودية ان الوزارة طلبت من جميع المواطنين السعوديين عدم السفر إلى لبنان، والزائرين إلى المغادرة، الا في حالة الضرورة القصوى.
وحذت حذوها وزارة الخارجية والتعاون الدولي الاماراتية التي رفعت حالة التحذير من السفر إلى لبنان إلى درجة المنع اعتباراً من يوم أمس وتخفيض أفراد البعثة الدبلوماسية إلى الحد الأدنى.
وفي الإطار نفسه كان بيان وزارة الخارجية في مملكة البحرين.
ورأى مصدر وزاري لبناني، ان هذه الإجراءات ليست مريحة، وتصب في سياق التداعيات التي نجمت عن الإساءات المتكررة والمتعمدة من الوزير باسيل الذي لم يلق أي دعم سوى من التكتل الذي ينتمي إليه والتيار الذي يرأسه.
وأشار المصدر إلى ان المشكلة ليست مع الحكومة اللبنانية ككل بل هي محصورة مع حزب الله ووزير الخارجية فقط.
وفي السياق نفسه، نفى وزير الإعلام رمزي جريج لـ«اللواء» أي ربط بين قرار المملكة بمنع رعاياها من السفر إلى لبنان ومغادرته وبين بيان الحكومة أمس، معرباً عن اعتقاده أن الإجراءات التي كشف النقاب عنها من قبل العواصم الخليجية الثلاث كانت متخذة قبلاً من ضمن سلّة إجراءات.
وأشار الوزير جريج إلى أن لبنان يعمل ما في وسعه عبر اتصالات حثيثة يتولاها الرئيس سلام ورئيس تيّار «المستقبل» سعد الحريري لترجمة الإجماع اللبناني على التضامن مع الإجماع العربي والمملكة على وجه التحديد.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن سباقاً يحصل الآن ما بين ضغط اللبنانيين على بعض الفئات لوقفها عند حدها في ما خصّ الإساءة للعلاقات العربية، واستكمال الإجراءات الخليجية المتخذة سابقاً، بحيث تطال المواطنين اللبنانيين العاملين في دول الخليج وانعكاسات ذلك على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وحتى المالي.
وفي هذا السياق، تخوّفت مصادر مطلعة على الوضع المصرفي من إنعكاسات غير إيجابية للأزمة الحاصلة بين لبنان ودول الخليج، في ظل تراجع في التحويلات بعد تراجع أسعار النفط، والمخاطر التي تحدق بهؤلاء العاملين لجهة الاستمرار في وظائفهم أو أعمالهم إذا ما بقي «التمرّد» قائماً على بيان الإجماع الحكومي الذي صدر الإثنين الماضي.
وتوقفت المصادر عند ما أعلنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أثناء ترؤسه الإجتماع الشهري بين حاكمية مصرف لبنان ومجلس إدارة جمعية المصارف، حيث استبعد خفض تصنيف لبنان الإئتماني بالرغم من عدم إقرار الإصلاحات بعد، ملاحظاً إنعكاس تراجع أسعار النفط على حجم تحويلات اللبنانيين، مطالباً المصارف اللبنانية أن تشارك في مؤتمر البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الذي ينعقد في 18 نيسان المقبل، وذلك بالتزامن مع بدء الوفد النيابي اللبناني اتصالاته في واشنطن للحدّ من تأثير العقوبات الأميركية على الأوضاع المالية اللبنانية.
تجدر الإشارة إلى أن الأوضاع المالية كانت بين الرئيس الحريري والحاكم سلامة في لقائهما أمس، في ضوء الأوضاع غير المستقرة التي يشهدها الوضع السياسي.
«يوم التضامن مع المملكة»
في هذه الأثناء، أضاف «يوم التضامن اللبناني مع المملكة» والذي تمثّل بالوفود السياسية والحزبية والشعبية والاقتصادية والروحية التي توافدت إلى مقر السفارة في شارع بلس، أمس، وتستمر اليوم أيضاً، بُعداً جديداً لحركة «بيت الوسط» من خلال حملة التوقيع التي افتتحها الرئيس الحريري وشخصيات سياسية ووزارية ونيابية على «وثيقة الوفاء للمملكة والتضامن مع الإجماع العربي»، في ما وصف بانها «خطوة سلمية حضارية راقية تعكس تمسك اللبنانيين بالعلاقات الأخوية المتينة والوثيقة مع المملكة ودول الخليج»، على حدّ تعبير بيان كتلة «المستقبل» التي دعت اللبنانيين، أمس، إلى أوسع عملية توقيع على هذه الوثيقة الموجهة إلى خادم الحرمين الشريفين وإلى الشعب السعودي.
ولفتت الكتلة في بيانها الأسبوعي إلى الدور التخريبي الذي يمارسه «حزب الله» على علاقات لبنان الخارجية والعربية خصوصاً، معتبرة انه «اصبح يُشكّل خطراً حقيقياً على حرية وسيادة لبنان وعلى مصالح اللبنانيين في الداخل والخارج».
وإذ ناشدت الكتلة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إعادة النظر بالموقف الذي اتخذ لناحية تجميد الهبات المخصصة لدعم وتسليح الجيش اللبناني القوى الأمنية اللبنانية، طالبت جميع اللبنانيين بالتحلي بمزيد من التروي وبعد النظر والتبصر بالاضرار الهائلة التي تصيب لبنان واللبنانيين من جرّاء الاستمرار في تخريب علاقات لبنان الأخوية الوثيقة، وعدم ترك الساحة اللبنانية لسياسة إيران التي لم تتورع عن إظهار اطماعها في أكثر من دولة عربية ومن ضمنها لبنان.
واجمعت الوفود السياسية والشعبية التي تقاطرت إلى مقر السفارة، على تأكيد تضامنها مع المملكة في حربها ضد الارهاب وتصديها للتدخلات الإيرانية في المنطقة ودفاعها عن عروبة اليمن والبحرين وسوريا والعراق، مشددة على ان لبنان عربي الهوية والانتماء كما نص الدستور، وسيبقى منارة للعرب.
وشدّد السفير السعودي علي عواض عسيري الذي التقى جميع هذه الوفود، وفي كلمته التي شكر فيها الوفود، على ان الإساءة لعلاقات لبنان بأشقائه العرب هي إساءة للوطن، مؤكداً حرص المملكة على لبنان وامنه واستقراره، وعلى تمكين الدولة اللبنانية من النهوض وممارسة مسؤولياتها.
ولفت السفير عسيري إلى ان بعض الأصوات والجهات التي تسعى إلى النيل من علاقة لبنان بالمملكة لا تعبر عن لبنان الذي نعرفه، لبنان الهوية العربية والوفاء للأشقاء والمنسجم مع محيطه وثقافته وتاريخه.
اما الوزير ريفي الذي زار السفارة متضامناً، فقد وجه بدوره اعتذاراً كبيراً إلى المملكة على خطأ وزير الخارجية يوم خرج عن الإجماع العربي، ومن المرتهنين منا عملاً بالآية الكريمة: «اللهم لا تؤاخذنا على ما فعل السفهاء منا».
ريفي والمشنوق
يُشار هنا، إلى ان ريفي، وفي رده على أسئلة الصحافيين، نفى وجود خلاف مع «المستقبل»، مؤكدا انه «حريري الانتماء السياسي»، موجهاً تحية إلى الرئيس الحريري الذي وصفه بأنه «أخ وأكثر من صديق»، لكنه كشف بأنه كان اتفق مع «المستقبل» على ان يعلن هو والوزير نهاد المشنوق وقف مشاركتهما في الحكومة احتجاجاً على مسار ملف ميشال سماحة، على ان يلي ذلك تقديم استقالتيهما، لكن المشنوق لم يلتزم، فيما انسحب هو من الجلسة.
غير ان الوزير المشنوق أوضح في تغريدة له على «توتير» ان إثارة موضوع الاستقالة من الحكومة والخروج من الحوار الثنائي مع «حزب الله» كانت في حضور ريفي والنائب أحمد فتفت والرئيسين الحريري وفؤاد السنيورة، لكن توجيهات الرئيس الحريري كانت بأن لا نقوم بأي خطوة تحرج الرئيس نبيه برّي والنائب وليد جنبلاط، وطلب مني ومن ريفي تأجيل هذه الخطوات وهذا ما حدث.
وقال: «انا ملتزم بعدم الانفصال عن قيادة التيار السياسي الذي امثله في الحكومة، واترك للرئيس الحريري خيار نشر وقائع الاجتماع، باعتبار اننا كنا في منزله في الرياض».