الإشتباك السياسي يهدّد «أحزمة الأمان» .. والمخاوف الأمنية تتصاعد
المشنوق لا يرى مبرراً لإستمرار الحكومة: لبنان يتحوّل إلى غرفة عمليات إرهابية للعالم
خارج نفحة الأمل التي حاول الرئيس نبيه برّي زرعها لدى أبناء الجالية اللبنانية الذين التقاهم في بروكسل في اليوم الثالث للزيارة، من «اننا أصبحنا أقرب من أي وقت مضى لإنجاز الاستحقاق الرئاسي على قاعدة التوافق الوطني لا غالب ولا مغلوب»، بقي الاضطراب الداخلي سواء في ما يتعلق بتداعيات الأزمة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، أو ترنح أزمة النفايات، حيث ربط الرئيس تمام سلام، أثناء جلسة مجلس الوزراء استمرار الحكومة بإيجاد حل كامل لملف النفايات، معرباً عن أمله في أن تصل اللجنة الوزارية المكلفة بهذا الملف إلى نتائج إيجابية خلال الأيام المقبلة لعرضها على مجلس الوزراء، أو لجهة استمرار الاستنفار بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله» على الرغم من جلسة الحوار اليتيمة أمس الأوّل، واستعداد «حزب الله» للرد على تيّار «المستقبل» سواء في ما يتعلق المواقف السياسية أو مصير الحكومة.
على ان الأخطر ما يجري تداوله في ما خص ترقب تداعيات أمنية غير مريحة بعد ان رفع «حزب الله» من اجراءاته الأمنية في الضاحية الجنوبية وأقام عدداً من الحواجز في احياء المنطقة مستخدماً الكلاب البوليسية في التفتيش، بالإضافة إلى تعزيز الحماية لبعض المرافق والمساجد والمستشفيات والاماكن التي يمكن ان تشهد تجمعات.
وفي تطوّر يدل على محاولات تجري لاحداث بلبلة في العاصمة أيضاً، تحدثت معلومات عن رمي مناشير في منطقة قصقص تزعم ان عملية عسكرية يحضر لها «حزب الله» يقتحم خلالها المخيمات والطريق الجيدة، داعياً أهالي المنطقة إلى أخذ الحذر والانتباه مما اسماه «سرايا المقاومة» والابتعاد عن حواجز مخابرات الجيش، والتعاون مع حواجز قوى الأمن الداخلي.
وبصرف النظر عن هذه المناشير المشبوهة والتي لم تحمل أي توقيع، ولم يتبناها أي طرف، الا انها تنم عن محاولات لاحداث توتر أمني بالتزامن مع حالة «انعدام الوزن»، واستمرار التجاذبات السياسية وتدهور الاحتضان العربي – الخليجي للبنان، ومن آخر الإجراءات ابعاد 90 لبنانياً يعملون في القطاع الخاص في المملكة العربية السعودية، بحسب ما كشف رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية – السعودية ايلي رزق الذي تخوف من اجرءات إضافية تصل إلى حدّ وقف الرحلات الجوية من وإلى بيروت.
الحريري
وسط هذه الأجواء، ترددت معلومات عن اتصالات تجري لترتيب عقود لقاء رباعي للبحث في توفير نصاب لجلسة انتخاب الرئيس التي ستعقد في 2 آذار أي الأربعاء المقبل.
غير ان الرئيس سعد الحريري الذي يواصل لقاءاته في بيت الوسط اتهم صراحة «حزب الله» بتعطيل الانتخابات الرئاسية، لافتاً النظر إلى انه عندما يغيب الرئيس تتعطل الدولة وتنهار بالشكل الذي نعيشه اليوم.
وقال امام وفد من عشائر العرب، ان الحزب هو المسؤول عن عملية التعطيل، والا فلينزل جميع النواب إلى المجلس النيابي ويمارسوا حقهم باتخاب رئيس للجمهورية ويفوز من يفوز.
وفي حديثه إلى الوفد تطرق الرئيس الحريري إلى إجراءات المملكة العربية السعودية ضد لبنان فعزاها إلى ممارسات «حزب الله» سواء في المملكة أو اليمن أو البحرين أو سوريا والكويت، مشيراً إلى ان الحزب اليوم «فاتح على حسابو» في كل الدول العربية، وهو يتصرف كدولة وممارساته أمر جنوني ومرفوض لأنه سيعرض لبنان لاخطار هو بغنى عنها.
وقال: «نحن نرفض ما يقوم به الحزب في كل المنطقة العربية، وندعوه للعودة إلى لبنان، لأن ما يقوم به هو عمل إرهابي وإجرامي بحق الآخرين، وأنه لكل هذه الأسباب والوقائع والممارسات اتخذت المملكة ودول الخليج هذه الإجراءات، ولذلك علينا أن نرفع الصوت عالياً ونقول للحزب كلا لأن ما يقوم به يشكّل تعدياً على سيادة لبنان».
المشنوق
وربطت مصادر مطلعة بين هذه الاتصالات لترتيب اللقاء الرباعي، والتي نفاها وزير المالية علي حسن خليل، وبين المحاولات الجارية لتكوين جبهة نيابية قادرة على التقاط الفرصة المناسبة لملء الفراغ الرئاسي، ومنع انحدار الوضع إلى مزالق سياسية وأمنية خطيرة، ولا سيما في حال توقف الحوار بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله»، بعدما ألمح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق إلى وجوب تعليق الحوار مع الحزب ريثما تتبدّل الأمور.
وأشار المشنوق إلى أن شيئاً من الحوار الذي أردناه مع حزب الله لتخفيف حدة الاحتقان المذهبي لم يتحقق.
وقال: «أشعر أن الأمور ذاهبة إلى مشكلة أكبر في موضوع الفتنة المذهبية، فكلما توتّر الوضع السياسي تنفجر في مكان ما من خلال «سرايا المقاومة»، كاشفاً أن «الخلايا الإرهابية التي يشغّلها الحرس الثوري الإيراني في ثماني دول خلال العام 2015 خرجوا من لبنان بعد أن تدرّبوا فيه»، واصفاً السياسة الإيرانية في المنطقة بأنها «مخيفة».
وأشار المشنوق في أخطر موقف له، منذ أن بدأ عمله كوزير للداخلية، أن لبنان «يتحوّل الى غرفة عمليات إرهابية للعالم»، متسائلاً: «كيف يمكننا الجلوس والحوار وسط كل هذه الأدوار التي يلعبها حزب الله»، متخوّفاً من الذهاب إلى «مواجهة عربية كبرى»، لافتاً إلى أن دولاً جديدة ستنضم إلى دول الخليج في مواجهة لبنان، وأن قمّة عربية قد تعقد لتصعيد المقاطعة للبنان»، مشيراً إلى أن هناك ثلاثة أحزمة أمان في لبنان: حوار ثنائي وحوار موسّع وحكومة، «فنحن لسنا دعاة صدام ولكننا نراجع هل وجودنا في هذه الأحزمة مفيد؟».
وفي معرض الرد على الوزير جبران باسيل قال إن الإجماع العربي لم يعارض يوماً الوحدة الوطنية، كاشفاً أن ما جرى في القاهرة لا علاقة له بالبيان الوزاري، والرئيس سلام التبس عليه الأمر في موضوع كلام الوزير باسيل.
وفي موقف شبيه باقتراح تعليق الحوار مع «حزب الله» قال المشنوق: «لا يمكن أن يستمر في الحكومة وسط هذا الجو المحتدم، ووسط كلام لأحد وزراء حزب الله عن تفضيل إيران على الإجماع العربي»، مؤكداً الالتزام بقرار تيّار «المستقبل» على هذا الصعيد، نافياً أن يكون هناك أي دور للأتراك والسعوديين بفتح جبهة في شمال لبنان، داعياً القوى السياسية إلى تحمّل مسؤولياتها في موضوع نفايات المناطق، مؤكداً أن لا نصاب في جلسة 2 آذار لانتخاب الرئيس في ظل الوضع القائم والاشتباك.
مجلس الوزراء
حكومياً، رفض الرئيس سلام، خلال جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس مناقشة إحالة قضية ميشال سماحة إلى المجلس العدلي، بسبب غياب وزير العدل المستقيل أشرف ريفي.
وعلمت «اللواء» أن الرئيس ميشال سليمان طلب من وزيرة المهجرين أليس شبطيني عدم المداومة في وزارة العدل، كوزيرة عدل بالوكالة، ريثما يتم حسم استقالة ريفي، في ضوء الاتصالات التي تجري مع ريفي لعودته عن الاستقالة، والقرار الذي ستتخذه قيادة تيّار المستقبل التي تراجع الموقف في هذا الخصوص.
وأوضح مصدر وزاري لـ«اللواء» أن الجلسة كانت هادئة وغابت عنها المناكفات والحدة في الكلام، وكانت استهلت بكلام للرئيس سلام أكد فيه أن الإجراءات السعودية تفرض نفسها، ونحن نحاول معالجة هذا الموضوع من خلال الاتصالات المستمرة، وسننتظر إلى ما ستؤول إليه التطورات، فإذا كنتم تريدون أن ندخل في مناقشة جدول الأعمال ونؤخر البحث بهذا الموضوع إلى نهاية الجلسة.
وعُلم أن وزير العمل سجعان قزي طلب وحده الكلام في هذا الموضوع فقال: مع احترامنا لدولتك فإن هذا الموضوع لا يمكن تأجيل الحديث فيه، فلا نستطيع إتباع سياسة النعامة في ما خصّ العلاقة مع السعودية أو ملف النفايات، أننا أصدرنا بياناً وهو لم يُعلن إلا بعد قبول الأطراف المعنية أي المرجعيات السعودية، وإذ نفاجأ بالإجراءات بعد هذا البيان الذي استغرق وضعه من الساعة الثالثة بعد الظهر إلى الخامسة والثلث، إننا يجب أن نعرف إلى أين سنصل، فإذا كان هناك من اعتذار يجب أن يلتزم حزب الله بعدم الهجوم على المملكة وإلا لن يكون هناك من قيمة لأي اعتذار يعقبه مواصلة الهجوم.
اضاف: اما بالنسبة للنفايات فقد قدمنا حلولاً عدّة، غير اننا نجد انفسنا اننا ما زلنا امام الحائط المسدود.
وهنا أكّد الرئيس سلام ان الحلول إن شاء الله ستبدأ من الاثنين لهذه الأزمة، وهناك معطيات جميعها إيجابية إلى الآن.
وعلمت «اللواء» في هذا المجال ان الاتصالات أسفرت عن نتائج إيجابية بالنسبة للموقف الأرمني من إعادة فتح مكب برج حمود، وأن الرئيس الحريري يعالج قضية مطمر أسرار في عكار، في مقابل إعادة فتح مطمر الناعمة.
كما اثير في الجلسة موضوع مديرية أمن الدولة حيث أكّد الرئيس سلام انه يعمل شخصياً على معالجة هذا الموضوع، لكنه شدّد على ان لا حل لأنه لا يجوز الاستمرار على هذا النحو.
كما اثير موضوع الوجود المسيحي في الإدارة، وقد تحدث في هذا الأمر الوزراء قزي، جبران باسيل، وميشال فرعون، وأكّد الرئيس سلام ان هذا الموضوع ربما يخصص له جلسة استثنائية.
وكشفت مصادر وزارية «للواء» ان الرئيس سلام تمنى على الوزراء عدم التحدث وأثارة موضوع علاقة لبنان مع دول العربية لا سيما علاقته مع المملكة العربية السعودية، ووصفت المصادر الجلسة بانها كانت عادية ومخصصة لبحث بنود جدول الاعمال المتراكمة لتسيير شؤون البلاد، ولفتت المصادر الى تأكيد سلام ان ملف النفايات يسير في الطريق الصحيح اذا صدقت نوايا القوى السياسية لا سيما ان الاجواء ايجابية حتى الان في هذا الاطار، وكررت المصادر ما قاله سلام خلال الجلسة من ان هذا الملف هو المحك لاستمرار عمل الحكومة.
لكن المصادر لفتت الى ان لا موعد محدداً لاجتماع مقبل للجنة الوزارية المكلفة متابعة الملف بإنتظار ان توضح الامور اكثر خصوصا بالنسبة الى الامور التقنية. وهي نقلت استياء وانزعاج الرئيس سلام الكبير من كل ما يحصل من تطورات، واشارت الى ان سلام والحكومة اصبحا في موقع لا يحسدا عليه.
وأبدت المصادر تشاؤما حيال الاوضاع الراهنة، واعتبرت ان الامور لا تبشر بالخير، وتمنت لو كان بالامكان ان تستقيل الحكومة بعض ان اصبح وجودها عبئا على الجميع، مشيرة الى ان لا نية حتى الان لاستقالة وزراء الرابع عشر من آذار منها.
واستبعد وزير الاقتصاد الان حكيم في حديث «للواء» ان يقوم الرئيس سلام بخطوة تقديم استقالة الحكومة واعتبر ان الموضوع غير وارد على الاطلاق، مشيرا الى ضرورة انهاء ملف النفايات في اسرع وقت ممكن بعد ان لعبت المصالح الخاصة دورها في عرقلته، واعتبر ان هناك إيجابيات برزت خلال الاسبوع الماضي لحل هذا الموضوع من قبل كافة القوى السياسية.
وعن علاقة لبنان بالدول العربية اكد حكيم ان هناك اقتناعاً كاملاً لدى الجميع بأهمية العلاقة التاريخية التي تربط لبنان مع الدول العربية ولا سيما مع المملكة العربية السعودية، مشددا على ضرورة ايجاد حل لهذا الموضوع ، داعيا الى عدم التهويل المستمر من مستقبل العلاقة وعدم استباق الامور، مشيرا الى التضامن اللبناني مع المملكة بدا واضحا وكبيرا خلال الايام الماضية، وهذا يؤكد ان الامور ستذهب نحو الوصول الى مخرج لهذه الازمة.