IMLebanon

مجلس الوزراء ينجو من «فخ المراسيم» .. ويتوحّد وراء مكافحة داعش

مجلس الوزراء ينجو من «فخ المراسيم» .. ويتوحّد وراء مكافحة داعش

الوسيط القطري اليوم لتجديد «هدنة سلامة العسكريين» .. وجنبلاط لإبعاد المؤتمر التأسيسي

 

كاد الحدث بكل جوانبه الامنية وما يتصل باختفاء ألوف اللبنانيين إبان الحرب الاهلية، فضلاً عن العسكريين المحتجزين عند جبهتي «النصرة» و«داعش»، وصولاً الى ازمة المراسيم العالقة وادارة الملفات الخلافية والاجتماعية، من الكهرباء الى المياومين الى النازحين السوريين، وموقع لبنان في الجبهة الدولية المشكلة لمكافحة الارهاب، ان ينحصر في السراي الكبير، لولا الحركة الجنبلاطية التي حطت في بكفيا بعد الرابية بحثاً عن صيغ او مبادرات لاحتواء التداعيات الناجمة عن الفراغ الرئاسي، والخلافات المرتبطة بالانتخابات النيابية او التمديد للمجلس النيابي، او دفع البلاد الى الفراغ الكبير، والتلويح بالمؤتمر التأسيسي في حسابات اقليمية ذات صلة بمحور مكافحة الارهاب الذي تقوده الولايات المتحدة، وتستبعد عنه كل من ايران وسوريا.

والأهم في هذه المعمعة، ان مجلس الوزراء تمكن من تجاوز ازمة توقيع المراسيم بعد وساطة قادها الوزراء: محمد فنيش، سجعان قزي، ووائل ابو فاعور، وادت الى اقناع وزير الاتصالات بطرس حرب بتوقيع المراسيم العائدة لوزراء تكتل الاصلاح والتغيير، وبالتبادل، وهذا ما حصل فعلاً، اذ وقعت المراسيم المتوقفة منذ ثلاثة اسابيع، وبقي توقيع الوزيرين نهاد المشنوق الذي وصل الى موسكو امس، ونبيل دو فريج الذي غاب عن الجلسة (وكلاهما سيوقع عندما يعود).

مصدر وزاري بارز قال لـ«اللواء» بعد الجلسة، ان النقاشات بين الوزراء اتسمت بروح المسؤولية وبحرص نادر على انتاجية مجلس الوزراء، وعدم التفريط بحكومة المصلحة الوطنية التي يرأسها الرئيس تمام سلام.

وقال المصدر انه بقرار التوافق على توقيع المراسيم كتب للحكومة عمر جديد، كاشفاً ان الرئيس سلام لعب دوراً في المحافظة على هذه الحكومة، كما كشف عن لقاء عقد بين الوزراء: فنيش وقزي وابو فاعور في احد مكاتب رئاسة مجلس الوزراء، جرى في خلاله التوصل الى تفاهم يقضي بإبقاء القديم على قدمه في موضوع المراسيم، ثم عرض هذا الامر على كل من الوزير حرب ووزراء «التيار الوطني الحر» الذين وافقوا على التفاهم وترجم الامر توقيعاً على المراسيم.

واوضح وزير العمل سجعان قزي لـ«اللواء» انه بموجب هذا التفاهم يستمر العمل بمرسوم الوزير حرب الى حين العودة الى مجلس الوزراء بعد اجتماعه بممثلي شركات الاتصالات والانترنت لمعرفة ضرورة تعديل ما صدر، مؤكداً ان هذا الامر مكن من ابقاء القديم على قدمه، وساهم في انقاذ ماء الوجه، بحيث تم الابقاء على مرسوم سبق ان صدر الى حين العودة الى الحكومة مجدداً، وفي المقابل تمكن وزراء عون من نيل توقيع الوزير حرب على مراسيم عائدة الى وزاراتهم، وبينها مرسوم تعيين عمداء الجامعة اللبنانية.

وكشف المصدر ايضاً ان الرئيس سلام وضع الوزراء في صورة ما تجمع لديه من معطيات وانطباعات سواء عبر محادثاته مع امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومع نظيره القطري ايضاً، وما عاد به مدير الامن العام اللواء عباس ابراهيم في ما خص الوساطة القطرية لتحرير العسكريين المحتجزين.

واوضح الرئيس سلام انه شرح لاهالي العسكريين الذين التقاهم في السراي الكبير ما تقوم به الحكومة اولاً لوقف تهديدات الخاطفين بقتل العسكريين، او لجهة الاسراع بدرس المطالب التي نقلت الى الحكومة من الجهات الخاطفة، كما اخبر الاهالي ان الموفد القطري المكلف من امير الدولة سيصل اليوم الى بيروت.

ولمس احد الوزراء ان الرئيس سلام والوزراء ابدوا توجساً من نيات المسلحين والاساليب المتبعة من قبلهم، سواء عبر التهويل بالقتل، وتسريب الاشرطة الضاغطة على

 الأهالي ودفعهم الى التحرك في الشارع، وابتزاز الحكومة اللبنانية.

كما استمع مجلس الوزراء الى تقرير من وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل عن مؤتمري جدة وباريس المخصصين لحشد ائتلاف إقليمي – عربي – دولي لمحاربة «داعش» وإنهاء سيطرته على الأرض في العراق، ومنع امتداده الى أي مساحة جغرافية جديدة.

وقال الوزير باسيل في تقريره: نحن دولة معتدى عليها من الارهاب، وذهبنا الى هذين المؤتمرين بهدف الاستفادة من هذه الحرب لتحصين لبنان من دون أن نكون طرفاً في الصراعات، ومنع امتداد الخطر الداعشي إليه، ولبنان سيربح من هذه المشاركة، من دون أن يقدم أرضه قواعد عسكرية أو أجواءه لانطلاقة الطائرات الأميركية، أو أن يكون طرفاً مباشراً في الحرب البرية.

ومن هذه الزاوية، كشفت مصادر وزارية أنه تم الاتفاق بعد نقاش مستفيض ومداخلات مطولة لكل من وزراء حزب الله وأمل والحزب التقدمي الاشتراكي، على استراتيجية سياسية يحملها الرئيس سلام الى نيويورك الأسبوع المقبل تمثل موقفاً موحداً لمجلس الوزراء، قوامها:

1- استفادة لبنان من ضرب «داعش» من دون تحمّل أية أعباء أو المساهمة بأخذ أي حصة أو تعهد بعمل ميداني خارج الأراضي اللبنانية.

2- الاكتفاء بالمشاركة في الاجتماعات التي تعقد ومتابعة الاجراءات من دون الالتزام والانضمام الى أي حلف على غرار ما هو حاصل بالنسبة الى العراق وبعض الدول الأخرى.

3- يعتبر لبنان نفسه معنياً بمكافحة الارهاب بكل الوسائل، لكنه في الوقت نفسه حريص على تحييد نفسه عن سياسة المحاور وعن الصراعات داخل الدول.

وفي شأن متصل بموضوع النازحين السوريين، كشف وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ «اللواء» أن الرئيس سلام عرض للوزراء نتائج اجتماعه بممثلي الأمم المتحدة في ما يتعلق بأوضاع النازحين السوريين، توصلاً لوضع حد لهذا النزوح، وإمكانية إنشاء مراكز تجمع للنازحين، أو ما يسمى بالمخيمات التجريبية، وأنه بنتيجة التداول تقرر سحب مسألة المخيمات التجريبية بعدما تبين أن لا اتفاق على إقامة هذه المخيمات، على أن يتم تخصيص جلسة استثنائية لمناقشة هذا الملف بعد عودة الرئيس سلام من نيويورك، والتي سيتوجه إليها في 22 أيلول الحالي، حيث سيمضي هناك حوالى الأسبوع.

وعلمت «اللواء» أن الوزير قزي أكد في مداخلة له عدم جواز القبول باستمرار الانتشار العشوائي للنازحين، بما يترتب عليه من مخاطر أمنية، مقترحاً في هذا السياق الانتقال الى مرحلة أخرى تقضي بجدولة عودة النازحين.

واقترح الوزير درباس ومعه وزير الاقتصاد آلان حكيم عقد جلسة لهذا الموضوع، فوافق الرئيس سلام على أن تحدد الجلسة بعد عودته من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وتردد أن وزراء «التيار الوطني الحر» أثاروا خطر «داعش» بعد الكلام عن وصوله الى الحدود، وفهم أن تأكيداً جرى على دور الأجهزة الأمنية في إبقاء الوضع مستقراً والمحافظة على الأمن.

وأعلن الوزير حكيم لـ «اللواء» أن الجيش في جهوزية تامة من حيث العتاد والذخيرة والوجود العسكري، وهو ممسك بمناطق جرد عرسال، مشدداً على أن الجميع داخل مجلس الوزراء متفق على أهمية محاربة الارهاب بكل مشتقاته.

التمديد لمنع المؤتمر التأسيسي

 وبطبيعة الحال، وبسبب استغراق مجلس الوزراء في مناقشة أزمة توقيع المراسيم، الى جانب الملفات المتصلة بالعسكريين المخطوفين، وبالنازحين ومسألة مكافحة الارهاب، لم يتسن له التطرق الي أزمة الكهرباء، رغم حرص عدد من الوزراء، وبينهم الوزير قزي على طرح هذا الموضوع. كما أن المجلس تجنب الخوض في مسألة الانتخابات النيابية، على رغم ما ذكر من محاولة تجري لرمي كرة التمديد للمجلس الى الحكومة، استناداً الى تعذر إجراء الانتخابات لأسباب أمنية، وردّ وزراء بأن هذا الأمر من صلاحيات مجلس النواب الذي سبق أن مدد لنفسه قبل نحو سنة.

وفي هذا السياق، استأثر الموقف الذي أعلنه الرئيس سعد الحريري برفض المشاركة في الانتخابات النيابية قبل انتخاب رئيس الجمهورية، مادة أساسية من المداولات السياسية، ولا سيما في دار الفتوى حيث استكملت التهاني بانتخاب المفتي الجديد الشيخ عبد اللطيف دريان، على اعتبار ان هذا الموقف أعاد البوصلة السياسية إلی مكانها الصحيح، وأعاد تركيب الأولويات، انطلاقاً من انتخاب الرئيس لمنع الفراغ الشامل في المؤسسات الثلاث.

غير ان اللافت للانتباه أن قوى 8 آذار، ردت على تخوف الرئيس الحريري من الفراغ، بالتلويح بإعادة طرح اتفاق الطائف على طاولة البحث، باعتبار ان أزمة الحكم في لبنان باتت بحاجة إلى هيكلة سياسية جذرية أو إلى ما اصطلح على تسميته بالمؤتمر التأسيسي الذي سيسمح للبنان لاحقاً، على حد تعبير هذه القوى بالتكليف سياسياً مع إعادة هيكلة المنطقة عربياً واقليمياً.

وذهب مصدر رفيع في 8 آذار إلى حد القول لـ«اللــواء» أن المؤتمر التأسيسي لم يعد مجرد تكهنات، بل واقع لا مفر منه.

ويعتقد مصدر سياسي ان تبادل التلويح بخيارات القصوى، من شأنه بالنتيجة أن يسرّع بالخيار المتاح وهو التمديد للمجلس، باعتباره أقل الخسائر الممكنة، خصوصاً وأن الجميع بات ميالاً إلی هذا الخيار، بمن فيهم الرئيس نبيه بري الذي قال عنه عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت انه يريد «العصفور وخيطه والبرغلات» من دون تحمل أية مسؤولية، مؤكداً (أي فتفت) انه طالماِ لا يوجد رئيس جمهورية في البلد، فنحن مع التمديد بغض النظر عن أية جلسة تشريعية أخرى للضرورة».

وكشف المصدر ان سائر أجنحة فريق 14 اذار باتت تجنح إلى التمديد أيضاً، بمن فيهم الرئيس أمين الجميل الذي يبدو انه تفاهم مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط على هذا الخيار.

وأكد جنبلاط بعد زيارته للجميل في بكفيا أمس، في سياق جولته على القيادات لإحداث ثغرة في جوار الأزمة الرئيسية، استمرار التنسيق مع رئيس الكتائب للوصول إلى ما وصفه «بالمبادرة المتواضعة لتحصين المؤسسات، وفي مقدمها الجيش وسائر المؤسسات التي تحفظ الدولة، مشدداً على اننا غير قادرين على القفز في الفراغ والامتناع عن المشاركة في الانتخابات.

أما الجميل فأكد من جهته أنه وجنبلاط على الموجة ذاتها نسعى لايجاد حلول متواضعة للمشكلات القائمة، مشيراً إلى ان حصول الانتخابات النيابية قبل الرئسية يعني تهميشاً للمؤسسة الام وتأقلماً مع الفراغ الرئاسي الخطير.