التمديد يخترق مجلس الوزراء .. والرئاسة بعد 24ت2
مفاوضات تحرير العسكريِّين تتقدّم .. ودفعة أولى من المساعدات المالية لطرابلس والشمال
مر قانون التمديد لمجلس النواب إلى النشر في الجريدة الرسمية ليعمل به قبل انتهاء ولاية التمديد الأولى في العشرين من الشهر الحالي غير عابئ بـ«تبولة» وزير السياحة ميشال فرعون، ولا بتصريح وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، بأن ما حصل هو «سرقة جديدة لصلاحيات رئيس الجمهورية»، وكأن جلسات مجلس الوزراء اصبحت تنعقد في ظل تحكم سياسي رافض لأي اهتزاز في التركيبة الحكومية التي تبقى الإطار الوحيد الجامع لكل الكتل والتيارات السياسية في البلاد، في ظل استمرار الخلاف على شخصية رئيس الجمهورية وبرنامجه، والخلاف على التمديد للمجلس النيابي الذي صار امراً واقعاً، فضلاً عن الخلافات القديمة – الجديدة حول الملفات الحكومية العالقة ومنها عقود الخليوي والنفط وتجزئة مشاريع وزارة الاشغال.
وكالعادة، وبعد أن ذكّر الرئيس تمام سلام في استهلاليته بأن الوضع في لبنان لا يستقيم الا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية كأولوية، تمكن من ابعاد النقاط الخلافية، وأعاد التأكيد على الثقة بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في إدارة ملف التفاوض مع جبهتي «النصرة» و«داعش» في ملف تحرير العسكريين المخطوفين وبالآلية السرية التي يرتأيها لضمان نجاح المفاوضات المتعددة المداخل، لا سيما في ضوء اقتراح جبهة «النصرة» انها توافق على أن يشمل ملف التبادل إطلاق سجينات محسوبات على المعارضة السورية، وعلى جبهة «النصرة» وغيرها من التنظيمات ذات النهج المتطرّف، والقابعات في سجون النظام السوري.
وكشف وزير بارز لـ«اللواء» مساء أمس أن الرئيس سلام نجح في احتواء ثلاث نقاط كان من شأنها أن تربك الجلسة التي استغرقت مع ذلك 7 ساعات:
1- احتواء النقاش بين وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق المعني مباشرة باجراء الانتخابات النيابية ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي أصرّ من دون سابق تنسيق أو اعلام لا لرئيس الحكومة ولا وزير الداخلية على مراسلة البعثات اللبنانية في الخارج، وفي كل من الكويت وسيدني، فيما كان مجلس النواب يصوت لمصلحة التمديد سنتين وسبعة أشهر لنفسه.
2- احتواء السجال الخلافي بين وزير الاشغال العامة غازي زعيتر المحسوب على الرئيس نبيه برّي والوزير باسيل حول تجزئة مشاريع الاشغال في الوزارة، وهو سجال قديم – جديد انتهى بموافقة الرئيس سلام إلى طلب زعيتر سحب هذا البند، وهذا ما حصل أيضاً في ما خص تقرير وزير الاتصالات بطرس حرب في شأن دفتر شروط المناقصة الجديدة، لأن بعض الوزراء تأخروا في تقديم ملاحظاتهم المكتوبة على ملاحظات الوزير حرب، وايضاً في ما يتعلق بتوريد شحنات النفط لزوم مؤسسة الكهرباء رغم أن وزير المال علي حسن خليل أعلن انه استطاع تأمين وفر بحدود 50 مليار ليرة، مؤكداً اصراره على متابعة الملف وفق الأصول.
3- فضل الرئيس سلام عدم الاسترسال في الكلام على التمديد في ما خص اقراره والتوقيع على مرسوم يجيز بنشره، منعاً لتبادل التهم والنقاشات الاستفزازية التي كان يخشى معها خلق أجواء متوترة، الا انه طلب من الوزراء التوقيع على المرسوم، فامتنع 9 وزراء يمثلون كتلة رئيس الجمهورية السابق (3 وزراء) وكتلة حزب الكتائب (3 وزراء) والكتلة العونية – الأرمنية (3 وزراء) عن توقيع المرسوم مطالبين برد القانون، فيما وقعه باقي الوزراء الحاضرين وعددهم 13 وزيراً مع رئيس الحكومة في غيام الوزير وائل أبو فاعور الموجود في موسكو مع النائب وليد جنبلاط والوزير اشرف ريفي الموجود في الجزائر.
ومع سياسة النأي عن الخلافات انكب الوزراء على دراسة وإقرار جدول الأعمال المؤلف من 44 بنداً، واتخذ سلسلة من القرارات أهمها إعطاء سلفة للهيئة العليا للاغاثة من 54 مليار ليرة للتعويض عن الاضرار الناتجة عن اشتباكات وانفجارات، بالإضافة إلى الموافقة على مشروع قانون يتعلق بتسوية أوضاع التلامذة الذين اعطوا إفادات ترفيع لشهادتي البريفه والبكالوريا بفروعها الأربعة (راجع ص 4).
وعلمت «اللواء» أن تعيين أعضاء مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس يمكن أن يصدر عن جلسة مجلس الوزراء الاسبوع المقبل، ولفت وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الى أن الاتصالات الجارية في هذا الصدد أوشكت على الانتهاء، آملاً أن يحرك المشروع مرحلة النهوض الاقتصادي للمدينة، في حال اكتماله بإعادة تشغيل مطار رينيه معوّض في القليعات، ومشروع سكةالحديد، وهي جميعها مشاريع يفترض أن تؤمن فرص عمل للشباب العاطل عن العمل، بما يبعدهم عن أجواء السلاح وإغراءات التطرف والغلو في انتقاد الدولة غير الراعية لأحلامهم وتطلعاتهم نحو مستقبل يليق بهم وعائلاتهم المنكوبة بجولات الاقتتال العبثي.
ما بعد عاصفة التمديد
وبسرعة قياسية، هدأت عاصفة التمديد، وتوقفت الحملات على هذه الخطوة التي مهما قيل فيها يبقى أنها شكلت «الدرع الحصين لمنع الفراغ في المؤسسات» وانهمك «التيار الوطني الحر» الذي شكل رأس حربة من بعيد ضد التمديد في دراسة خيار من اثنين: إما الاكتفاء بالتعبير عن الرفض المبدئي للتمديد، أو تقديم طعن أمام المجلس الدستوري لإبطال القانون بعد نشره في الجريدة الرسمية، مع أن نواباً في تكتل «الاصلاح والتغيير» يبدون تشاؤماً إزاء النتيجة المرتجاة، علماً أن عضو التكتل النائب سليم سلهب أبلغ «اللواء» أن الطعن ما يزال فكرة مطروحة، وأن حسم هذا الاتجاه يفترض أن يعلن الثلاثاء المقبل بعد صدور القانون في الجريدة الرسمية.
في هذا الوقت كانت بكركي ترسل رسائل مباشرة وغير مباشرة الى القيادات المسيحية «الأكثر تمثيلاً» محمّلة إياها مسؤولية ما آل إليه ملف الرئاسة وقانون الانتخابات، فضلاً عن الانتخابات نفسها.
واستبعد مصدر كنسي توجيه دعوة لهذه القيادات لمراجعة المرحلة الماضية والتفاهم على اسم رئيس جديد للجمهورية لتجاوز مرحلة التمديد والمطالبة بإجراء الانتخابات، خاصة وأن قانون التمديد يتضمن إشارة الى ذلك في أسبابه الموجبة.
وقال المصدر أنه بعد عودة البطريرك الماروني بشارة الراعي غداً من أوستراليا، فإن الصرح سيشهد سلسلة من اللقاءات لإطلاق حملة مفتوحة من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
تجدر الإشارة الى أن الموفد البابوي الذي وصل الى بيروت مساء أمس للمشاركة في مؤتمر حول العائلة في الربوة، وهو الأمين العام لمجمع أساقفة العالم الكاردينال لورانزو بالديساري يحمل رسالة من البابا فرنسيس الأول الى القيادات المسيحية التي سيلتقيها لحضهم على تجنيب هذا البلد المزيد من أزمات الانقسام، والذي من شأنه أن يعطّل الدور المسيحي في الشرق.
أما على صعيد مرحلة ما بعد التمديد فتوجز مصادر سياسية معالمها بالآتي:
1- اقتراب العماد ميشال عون من نقطة الخروج من السباق الرئاسي، في ضوء توليد معطيات لا تخدم إمكانية وصوله الى بعبدا، وهو الأمر الذي أصبح بحكم المتفاهم عليه بين كتل «المستقبل» و«التنمية والتحرير» و«اللقاء الديمقراطي»، فضلاً عن الكتلتين المسيحيتين اللتين دعمتا التمديد، وهما كتلة لبنان الموحد برئاسة النائب سليمان فرنجية، وكتلة «القوات اللبنانية».
2- لا ينصح «حزب الله» بالتسرع في دفع الأمور الى مواجهة التكتل العوني، بل تطالب قيادته بمفاتحة النائب عون بالقناعات المتولدة عن التمديد الجديد، وإقناعه بأن الرياح لا تهب لصالح ترشيحه.
3- ومع ذلك، لا يسقط عون من حساباته أن هذا المجلس الذي عارض التمديد له هو نفسه سينتخب رئيس للجمهورية في فترة زمنية يبدأ العد العكسي لها بعد 24 تشرين الثاني، وهو التاريخ الذي ستتوضح فيه معالم المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران في ما يتصل بالملف النووي الإيراني، وانعكاساتها على صعيد الوضع في المنطقة، ومنها لبنان.
ومع أن بعض المصادر الديبلوماسة ما تزال تراهن على احتمال تحسن العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران، مستفيدة من المناخات التي يمكن أن يولدها الاتفاق الاميركي – الايراني، إلا أن مصادر أخرى حاذرت من الرهان على هذا الأمر حالياً، مشيرة الى أن الحاصل الآن على صعيد العلاقات بين الدولتين هو عبارة عن نوع من ترطيب أجواء، من دون أن يكون لها علاقة بمفاوضات الملف النووي، خاصة بعد تجاوب القيادة السعودية مع نداء هاشمي رفسنجاني بالعفو عن الشيخ نمر النمر المحكوم بالإعدام.
غير أن مصادر نيابية تنتمي إلى فريق 14 آذار استبعدت احتمال تطوّر الملف الرئاسي إيجاباً، بعد الهزيمة التي مني بها الرئيس الأميركي باراك أوباما في انتخابات مجلس الشيوخ الأميركي بفوز الجمهوريين، متوقعة أن تفرمل هذه الهزيمة أي اندفاعة نحو توقيع الاتفاق النووي في 24 الشهر الحالي، حيث بات من الصعب تقديم المزيد من التنازلات الأميركية في هذا المجال.
وتبعاً لذلك توقعت المصادر بقاء الملف الرئاسي في دوّامة الجمود، الا إذا طرأ موقف ما يكون فيه النائب عون خارج الحلبة الرئاسية، بعد أن فقد فرصته الأخيرة للوصول إلى بعبدا، وسألت انه إذا كان عون يعتبر أن المجلس النيابي الممدد له غير شرعي ولا دستوري، فإن اعتباره هذا يضعه امام مسارين يتوجّب عليه سلوكهما، الأوّل، استقالة نوابه من مؤسسة لا يراها دستورية، والثاني سحب ترشيحه لرئاسة الجمهورية ما دام مصدر شرعيته في حال انتخابه مطعوناً فيه.
ونقل عن أحد زوّار الرابية قوله قبل يومين انه لمس لدى عون ملامح اقتناع بانعدام حظوظ وصوله إلى بعبدا، غير أن الأمر لا يعني تنازله عن الترشح مقابل لا شيء، إذ أن الثمن في حال تمت التسوية السياسية وحان موعد نضوج الطبخة الرئاسية سيدفعه الفريقان الحليف والخصم مكاسب سياسية كبيرة للتيار في حصصه الوزارية وموقعه في السلطة.
الهبة السعودية
في هذا الوقت، سجلت أمس زيارة لافتة للسفير الفرنسي باتريس باولي للرئيس سلام في السراي، بقصد اطلاعه على تفاصيل الاتفاق بين السعودية وفرنسا على عقد هبة الثلاثة مليارات دولار للجيش اللبناني، معلناً «أننا نتقدم لوضع ما هو ضروري موضع التنفيذ لدعم الجيش في وقت يواجه فيه البلد تهديداً أمنياً خطيراً في معركته ضد الارهاب».
ولوحظ أن السفير باولي حرص على تأكيد تمسك بلاده بالمؤسسات اللبنانية وتعلقها باتفاق الطائف الذي «يشكل المرجعية الدستورية اللبنانية»، لكنه أسف لقول أحد الوزراء في الحكومة أمس الأول (يقصد الوزير باسيل) أن فرنسا تؤيد إعادة النظر في الطائف، مشيراً الى أن فرنسا الى جانب اتفاق الطائف ولم تفكر أبداً بإعادة النظر في توازناته، وهو ما أبلغه الى الرئيس سلام خلال الزيارة.
وذكرت مصادر مطلعة أن أحد دوافع السفير الفرنسي لزيارة السراي أمس، كان يقصد توضيح الموقف الفرنسي والاعتراض على ما قاله الوزير باسيل في مؤتمره الصحافي أمس الأول، عندما اتهم الجانب الفرنسي بطرح فكرة المثالثة على الجانب الإيراني، علماً، بحسب معلومات السفير أن طرح المثالثة جاء من الجانب الإيراني، أثناء مؤتمر سان كلو وليس العكس.