بكركي تقاطع عون و«حزب الله» لترميم العلاقة مع الرابية
سلام لعدم تصريف الأمور بلا رئيس .. وفصل مفاوضات العسكريين عن القرار الإتهامي
.. وفي اليوم الثالث على التمديد، عاشت البلاد استراحة المحارب، فيما كان القضاء العسركي يسطر قراراً اتهامياً بحق 28 متطرفاً موزعين بين «داعش» وتنظيمات أخرى، منهم من قتل، ومنهم من هو موقوف، ومنهم من هو مطارد، والذين عرفوا بأنهم أفراد خلية فندقي «نابليون» و«دي روي» في الحمرا والروشة، وكانت وحدات الجيش والقوى الأمنية تواصل مطاردة عناصر متورطين أو مشمولين بلوائح الانتماء إلى الجماعات المتطرفة، سواء في عكار أو شرقي بعلبك، وفي إطار إجراءات استباقية خوفاً من عمليات استهداف أو الهاء لمقرات وحواجز الجيش ودورياته ومراكزه في غير منطقة من الأراضي اللبنانية.
لقد تجاوز الوسط السياسي من كتل وتيارات ملف التمديد الذي اعتبر انجازاً بمعايير سياسية ودبلوماسية للحفاظ على المؤسسات في مرحلة لا تبدو أن الحلول متوفرة لازماتها، سواء في سوريا أو العراق أو سائر دول الجوار. وصعّد البطريرك الماروني بشارة الراعي عشية عودته إلى بيروت من سقف انتقاداته للنواب المسيحيين داعياً اياهم إلى الاستقالة إذا كان لا يرضيهم التمديد، مقفلاً أبواب بكركي امامهم، ومراهناً على تفاهم دولي أو إقليمي، يفتح الباب امام اجراء انتخابات لرئاسة الجمهورية، في الوقت الذي ذهب فيه نواب تكتل «الاصلاح والتغيير» إلى الترويج لقرار قد يصدر عن المجلس الدستوري الذي يتأهب للاجتماع بكامل أعضائه للنظر في الطعن الذي سيقدم إليه الثلاثاء المقبل من قبل عشرة من نواب التكتل، ويقضي بوقف العمل بقانون التمديد ريثما تجري دراسة الطعن بتفصيل وتعمق.
ترميم التحالفات
على هذا الصعيد، كشف مصدر قيادي في 8 آذار لـ «اللواء» أن تريث تيّار «المستقبل» في التعليق على دعوة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله للحوار كان له وقع سلبي، الأمر الذي دفع بالحزب إلى الاسراع بترميم العلاقة مع النائب ميشال عون، وابلاغ حليفه حركة «امل» انه ليس في وارد النيل من الجنرال، على الرغم من عتب التيار العوني على الثنائي الشيعي في موضوع التمديد.
وذهب وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمّد فنيش إلى الإعلان بأن ترشيح الحزب لحليفه العماد عون يُؤكّد جدية تبني الحزب له باعتباره الأكثر شرعية في الوصول إلى سدة الرئاسة، مطالباً قوى 14 آذار بفتح حوار مع عون، وكاشفاً في الوقت نفسه أن لا خطوات إجرائية لترجمة دعوة نصرالله للحوار مع «المستقبل» حتى الآن.
اما النائب العوني عن بعبدا حكمت ديب فعبر عن عدم موافقته عن التقييم الذي يقول أن النائب عون خسر معركة الرئاسة بسبب رفضه التمديد.
وأكّد ديب لـ «اللواء» أن نواب ووزراء «التيار الوطني الحر» لن يستقيلوا، ولن يتركوا الساحة للاخرين مطالباً بأن يفهم كلام السيّد نصر الله على حقيقته وليس بالمقلوب، فهو تأييد صريح وواضح لترشيح عون، وهو موقف جديد على حدّ ما لاحظ النائب سليمان فرنجية بعد اللقاء الذي جمعه بالرئيس نجيب ميقاتي في دارته في بنشعي.
الا أن مصدراً سياسياً في 14 آذار، اعتبر أن تسمية نصر الله لعون تهدف فقط إلى رفع المسؤولية عن فريقه المتهم دائماً بتعطيل انتخابات الرئاسة بالتنسيق مع «التيار الوطني الحر».
الدعوة إلى انتخاب رئيس
من الربوة إلى موسكو وعواصم أخرى، بقي البحث في انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل نحو من عشرة أيام من الدعوة إلى جلسة لانتخاب رئيس في التاسع عشر من الجاري، وعلى مرمى حجر من الاحتفال بالعيد 71 لاستقلال لبنان في 22 تشرين الثاني الحالي.
فمن الربوة، وفي كلمة أمام مؤتمر العائلة وتحديات العصر الذي نظمته بطريركية الروم الكاثوليك، شدد الرئيس تمام سلام على الأهمية الكبيرة للمسارعة الى انتخاب رئيس للجمهورية، وهو الرئيس المسيحي اللبناني الماروني، وأن أي تأخير في إنجاز هذه الخطوة هو إساءة كبيرة للبنان، مؤكداً أنه من غير الجائز القبول بعدم وجود رئيس للجمهورية، والاستسلام لفكرة أننا قادرون على تصريف أمورنا بشكل طبيعي من دون انتخاب رئيس، مؤكداً أن المسيحيين ليسوا جالية أجنبية في هذا الشرق، وأنه لا يجوز لهم التصرف على أن وجودهم مؤقت، مطالباً المسلمين اللبنانيين والعرب بتنقية صفوفهم وتثبيت اسلامهم المعتدل والمنفتح.
ومن موسكو، حيث بدا أن الاستحقاق الرئاسي تصدّر محادثات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ما بلغته التطورات المتصلة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وكشف جنبلاط، في مقابلة مع وكالة «تاس» الروسية أن موسكو حريصة على انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، معرباً عن أمله أن يأتي الوقت اaلقريب للقاء بين الرئيس سعد الحريري والسيّد نصر الله، مطالباً بأن تترافق العملية الأمنية في الشمال مع تنمية شاملة لتلك المنطقة، مكرراً رأيه في مصير النظام السوري، معتبراً أن الأسد لن يكون له مكان بعد المرحلة الإنتقالية.
وفي إطار سياسي آخر، طالب النائب محمد رعد من النبطية بتوفير المناخ الملائم لتحقيق الاستقرار في الداخل، والتفاهم والتوافق لإقامة دولة قوية عادلة، مشيراً الى أن زمن الوعيد الاسرائيلي قد ولى، وأن المقاومة جاهزة للتصدي لأي عدوان، مطالباً بتوفير القوة والعتاد والسلاح للجيش والقوى الرسمية لتقوم بمهامها الوطنية من دون أي شرط ينتقص من أمننا الوطني.
مؤتمر العائلة
على أن اللافت في مؤتمر الربوة أنه جمع سياسيين ورؤساء طوائف مسيحية وإسلامية، وجمهوراً غفيراً من السياسيين، بمشاركة فاتيكانية فاعلة، وأبرزت الكلمات التي تتابعت على المنبر على دور لبنان نموذجاً في المشرق العربي، حيث تعاقب على الكلام بعد الرئيس سلام كل من وزراء الخارجية جبران باسيل، والعدل اللواء أشرف ريفي، والثقافة روني عريجي، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، والمفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان ممثلاً والده نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، وشيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نعيم حسن، ورئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ أسد عاصي، وبطريرك بابل على الكلدان مار لويس روفائيل ساكو، والأمين العام لمجمع أساقفة العالم الكاردينال لورانزو بالديساري، والمطران أنطوان عينداري ممثلاً البطريرك الماروني بشارة الراعي، قبل أن يختتم احتفال افتتاح المؤتمر الذي سيتابع أعماله اليوم وغداً البطريرك غريغوريوس الثالث لحام.
وتركزت الكلمات على أهمية دور العائلة باعتبارها أحد أركان المجتمعات الشرقية، وأساس الثقافة في الكتب المقدسة، ووجوب حمايتها والحفاظ على دورها الروحي والاجتماعي وانخراطها في الاطار الأوسع الذي تمثله الدولة.
وأبرز الوزير ريفي في كلمته، أن لبنان يعيش أزمة بشقين: الأول داخلي ناتج عن تعطيل دور الدولة، معرباً عن خشيته بأن يقود هذا الأمر الى فرض مؤتمر تأسيسي يؤدي الى المثالثة، معلناً رفضه لهذا الأمر، مؤكداً على المناصفة التي ضمنها اتفاق الطائف، والشق الثاني هو ما نتعرض له من جراء التداخل مع الأزمة السورية، مكرراً الدعوة الى انسحاب حزب الله وكل لبناني يقاتل في سوريا، ونشر الجيش اللبناني على الحدود وفي الداخل ونزع كل سلاح غير شرعي.
التفاوض
وعلى صعيد التفاوض لتحرير العسكريين المخطوفين لدى تنظيمي «النصرة» و«داعش»، كشفت مصادر متابعة أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بدأ اتصالاته مع الجانب السوري في موضوع الإفراج عن سجينات تطالب بإطلاق سراحهن «النصرة»، بعد تفويض من الحكومة في هذا الشأن.
ولم تشأ المصادر الوزارية الكشف عن آلية عمل اللواء إبراهيم، معتبرة أن هذا الموضوع يتعلق بسرية التفاوض، والثقة التي أولتها الحكومة للمفاوض اللبناني، وأن البحث الآن يتركز على دراسة متأنية للاقتراح الثالث من مطالب «النصرة»، وأن ثمة فصلاً بين الحفاظ على الامن في لبنان ومحاكمة الموقوفين وعملية التفاوض التي تخضع لمسالك سياسية وعملية الهدف الاساسي منها تحرير العسكريين وفقاً لمصالح الدولة اللبنانية العليا، ووفقاً لما ترسمه خلية الأزمة، وعبر قنوات التفاوض، لا سيما قطر وغيرها.
وبحسب ما نقل رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن عن اللواء إبراهيم، فان السلطات السورية أبدت تجاوباً مبدئياً على دعم ملف تحرير العسكريين، فيما ربطت مصادر هذه الموافقة بموافقة الحكومة اللبنانية على مبدأ المقايضة، علماً ان هذا الأمر بحث في اجتماع خلية الأزمة الأربعاء، وتقرر الموافقة على المقايضة، وتحديداً البند الثالث المقترح في البيان الأخير لجبهة «النصرة» والذي يتحدث عن مبادلة كل عسكري مخطوف وكل جثة في مقابل خمسة موقوفين اسلاميين غير محكومين في سجن روميه وخمسين سجينة في سجون النظام السوري.
وذكرت معلومات أن الوسيط القطري أبلغ النصرة بشكل غير رسمي قرار الجانب اللبناني، في انتظار عودته إلى لبنان خلال الساعات المقبلة، حيث يتوقع أن ينتقل إلى جرود عرسال لإبلاغ «النصرة» جواب الحكومة اللبنانية بشكل رسمي ونهائي.
تزامناً، أصدر قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا قراره الاتهامي، ظهر أمس، بقضيتي فندقي «دوروي» و«نابوليون» حيث بينت التحقيقات في قضية فندق «دوروي» في الروشة، أن الانتحاريين اللذين يحملان الجنسية السعودية، ينتميان إلى التنظيم «داعش». وانهما كانا يخططان لعملية انتحارية بالضاحية تستهدف مطعم «الساحة» خلال تواجد عناصر من الأمن العام ومواطنين أثناء متابعة مباريات كأس العالم.
أما في ما خص التحقيقات، في ملف فندق «نابوليون» في الحمرا، فأشارت المعلومات إلى أن الانتحاري الفرنسي الجنسية، فايز بوشران، كان سينفذ عملية انتحارية «ضد الشيعة لتلقينهم درساً بسبب قتالهم في سوريا».
واتهم أبوغيدا في القضيتين 24 شخصاً آخرين بجناية يُعاقب عليها بالإعدام.