سلام يربط إنتخابات الرئاسة بصفقة النووي.. وأسهم قهوجي ترتفع
عاصفة التلوُّث الغذائي توتِّر مجلس الوزراء اليوم.. ومعارك جرود عرسال تقترب من أمكنة احتجاز العسكريين
بندان متفجران استجدا على بساط البحث اليوم في مجلس الوزراء: أولهما فضائح التلوث الغذائي الذي كشف عنه وزير الصحة وائل أبو فاعور واعترض عليه وزيرا الاقتصاد آلان حكيم والسياحة ميشال فرعون، والثاني إعلان أهالي شكا رفضهم إقامة مطمر للنفايات في نطاق بلدتهم، استباقاً لأي قرار يأخذه مجلس الوزراء، في إطار الاستراتيجية الوطنية لمعالجة النفايات الصلبة واقفال مطمر الناعمة.
واستبقل الرئيس تمام سلام الجلسة التي تعقد قبل ظهر اليوم بسلسلة من الاتصالات بعضها جرى على هامش اجتماع خلية الأزمة الذي عقد في السراي، وبعضها الآخر مع الوزراء المعنيين لعدم تحول الجلسة التي سيثار فيها هذان الموضوعان، إلى مناكفات ومساجلات توتر الأجواء من دون أي جدوى، وللحؤول دون إضافة عقبات امام حكومة الرئيس سلام الذي اعترف بوجودها، مؤكداً أن حكومته تعمل بنصف قدرتها «وانه يبذل قصارى جهده باعتماد تسويات مؤقتة بين الأطراف المكونة للحكومة من أجل تحقيق بعض الانجازات».
وربط الرئيس سلام في تصريحات نقلتها عنه وكالة «رويترز» بين انفراج قضية رئاسة الجمهورية وتفاهم أميركي – إيراني على الملف النووي الإيراني، ومن ثم حل نهائي للأزمة في سوريا، وذلك بالتزامن مع مناشدة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حزب الله وغيره من العناصر اللبنانية إلى التراجع عن المشاركة في النزاع السوري، حرصاً على استقرار لبنان، والتزاماً بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر عام 2006. واصفاً (أي بان) احتفاظ حزب الله بسلاحه خارج نطاق سيطرة الدولة، بأنه «يشكل عائقاً» امام قدرة الدولة اللبنانية على ضمان ممارسة كامل سلطتها على أراضيها ويتناقض مع التزامات لبنان التي ينص عليها القراران 1559 و1701.
تقدّم قهوجي
وخلافاً للأجواء التي حاولت دوائر عين التينة الايحاء بها على صعيد توفّر إشارات إيجابية في ما خص الاستحقاق الرئاسي، ربط الرئيس سلام مسألة الرئاسة في لبنان بحل مشاكل المنطقة، لكنه قال «إنه في الوقت الراهن لا يوجد شيء ظاهر حتى الان».
وتوقفت أوساط سياسية عند الزيارتين المتلاحقتين لحزب الله وتيار «المستقبل» لقائد الجيش العماد جان قهوجي في فترة زمنية واحدة امس الأوّل، في ضوء التطورات الأمنية الداخلية الأخيرة، وخاصة في طرابلس والشمال، وما سبقها من زيارتي العماد قهوجي إلى كل من واشنطن والرياض.
وأشارت هذه الأوساط، إلى أن قائد الجيش أجرى في واشنطن سلسلة اجتماعات مع كبار المسؤولين عن ملفات المنطقة، وبقيت تفاصيلها طي الكتمان، في حين أن زيارته للعاصمة السعودية كانت لحضور توقيع عقود الهبة السعودية لتسليح الجيش اللبناني مع المؤسسات الفرنسية رغم أن لبنان ليس طرفاً مباشراً في هذه العقود.
واعتبرت هذه الأوساط أن اسهم العماد قهوجي تتقدّم في السباق الرئاسي على حساب السفير في الفاتيكان جورج خوري خاصة بعد إعادة وصل ما انقطع بين اليرزة وحارة حريك.
وربطت مصادر سياسية بين تصعيد لهجة الخطاب السياسي العوني والمعطيات التي يجري تداولها في المقرات ذات الصلة بالاستحقاق الرئاسي، في إشارات اعتراضية من قبل التكتل العوني على أي تفاهم على شخص غير العماد ميشال عون.
وفي تداخل غير مباشر بين الطعن الذي سيقدم من قبل تكتل الاصلاح والتغيير أمام المجلس الدستوري ضد قانون التمديد، يسعى نواب التكتل الى إحداث خرق ما ضد التمديد دستورياً للحؤول دون التئام المجلس لانتخاب الرئيس، فيما إذا فصل الرئيس نبيه بري موقفه عن موقف حزب الله، وقرر ليس المشاركة في جلسة انتخاب الرئيس بل الاقتراع لمصلحة شخص الرئيس الذي يتم التوافق عليه.
المجلس الدستوري
ولم يتأخر رئيس المجلس الدستوري القاضي عصام سليمان بالكشف في أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده لمناسبة مرور 20 سنة على إنشاء المجلس، بالقول أن دراسة الطعن سيختلف عن المرة السابقة من زاويتين:
1- عدم مقاطعة أعضاء المجلس.
2- اعتماد المعايير القانونية فقط.
وجزم سليمان أن نصاب المجلس لن يتعطل مرة ثانية، وأنه سيتعامل وفق الأصول فور تقديم الطعن بالتمديد، معتبراً أن الحديث عن المجلس معطّل، هو تضليل للرأي العام وإساءة الى المجلس، مشدداً على أنه مستمر في ممارسة مهامه في إصدار القرارات ومتابعة نشاطه وفي المشاركة في المؤتمرات الإقليمية والدولية.
وفيما توقعت مصادر قريبة من التيار العوني أن تقدم مراجعة الطعن أمام المجلس الدستوري صباح اليوم، أو في الأيام القليلة المقبلة، وضمن المهلة الدستورية، مع توقعات لمراجع قانونية ودستورية بأن يقبل المجلس الدستوري الطعن شكلاً، ويردّه مضموناً استناداً الى الحيثيات والأسباب الموجبة للقانون، حرص الرئيس بري، في المقابل، على تعميم مناخ إيجابي في الملف الرئاسي، إذ جدد القول أمام نواب الأربعاء، أن هناك اتصالات داخلية ومؤشرات داخلية تبعث على التفاؤل في ملف الاستحقاق الرئاسي، موضحاً أن هناك أموراً عديدة لا يريد الافصاح عنها راهناً، إلا أن الجهود منصبّة على تنفيذ ما جرى الالتزام به خلال جلسة التمديد، أي السعي لانتخاب رئيس للجمهورية والعمل لإقرار قانون جديد للانتخابات.
فضيحة الأغذية الفاسدة
في غضون ذلك، أكد مصدر سياسي مطلع لـ «اللواء» أن فتح ملف الفساد الغذائي الذي أقدم عليه وزير الصحة وائل أبو فاعور فيه الكثير من الجرأة والإقدام والتأكيد على أهمية مؤسسات الدولة ودورها في حماية المواطن اللبناني من كل النواحي الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، ومن الفساد المستشري على كل الأصعدة وفي مختلف المؤسسات والإدارات العامة والخاصة على حدّ سواء.
وإذ توقع أن يكون هذا الملف موضع نقاش سياسي لا سيما بعد الدعم والتأييد الذي جاء من الرئيس سلام والغطاء السياسي من قبل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، أكّد أن هذا الموضوع سيطرح اليوم على مجلس الوزراء بهدف البحث في سبل التنسيق بين الوزارات المعنية بهذا الملف، ولا سيما بعد ردود الفعل من كل من وزيري الاقتصاد والسياحة واعلانهما أن هذه الخطوة قد تؤثر سلباً على الاقتصاد والسياحة في البلد، الأمر الذي يستدعي تشاوراً في الملف ليوصله إلى نهايته المرجوة، وعدم لملمة الموضوع كما حصل في الماضي، لأن مسألة الغذاء ليست مسألة سياسية وإنما هي قضية وجود بلد، مذكراً في هذا الإطار بالدعم الشعبي الذي حظيت به هيئة حماية المستهلك قبل سنوات، متمنياً أن تحظى حملة أبو فاعور بالدعم الشعبي من قبل هيئات المجتع المدني، لأنه من حق المواطن أن يأكل وأن يتغذى بأمان.
ومن جهته رفض وزير الاقتصاد آلان حكيم أن ينفي أو يُؤكّد لـ«اللواء» ما إذا كان سيثير حملة أبو فاعور داخل مجلس الوزراء اليوم، مع انه أقرّ أن القانون 659 ولا سيما البند 71 منه يجيز لوزارة الصحة، كما لوزراء الاختصاص التحرّك في إطار الكشف عن المخالفات وحماية المستهلك.
وإذ أكّد حكيم وجود تعاون وتنسيق بينه وبين أبو فاعور نفى أن يكون يعتزم معاقبة وزير الصحة في الجلسة اليوم، معلناً انه سيقوم بواجباته، لكنه لا يؤيد الطريقة التي تمّ اتباعها في هذا المجال، وقال «بالنسبة لي لم اكن لأقول ذلك حفاظاً على سمعة القطاع الغذائي وسمعة لبنان والاقتصاد».
واشار إلى أن ما جرى يندرج في إطار العمل الروتيني ولا يمكن القول انها «فضيحة»، مذكراً بأن ما قيل ولّد الهلع وعدم الارتياح في السوق اللبنانية، داعياً إلى الدفع في اتجاه إقرار قانون سلامة الغذاء في مجلس النواب، مشيراً إلى ان أبو فاعور لم يُحدّد ما هو غير مطابق في اللوائح التي نشرها في موضوع الغذاء.
ورداً على سؤال أوضح حكيم انه كيف يمكن الحديث عن عدم اللجوء إلى المراقبة في الوقت الذي عبر فيه المعنيون عن استيائهم من تشددها، لافتاً إلى أن فرنسا شهدت تحرير 56 ألف محضر ضبط لعدد من المطاعم من دون ذكر الأمر في الإعلام.
العسكريون الأسرى
وبعيداً عن «فضيحة الغذاء» توقعت مصادر وزارية أن يثار خلال الجلسة الحكومية اليوم، موضوع العسكريين المحتجزين لدى «داعش» و«النصرة» بالتزامن مع تعرض المواقع التي يتواجد فيها مسلحو هذين التنظيمين في جرود عرسال الشرقية، ولا سيما واديي الزمراني والشاحوط ومناطق الرهوة وجرد العجرم إلى قصف مدفعي ثقيل من الداخل السوري، من دون أن تُشير المعلومات إلى وقوع اصابات في صفوف العسكريين الأسرى لدي التنظيمات المسلحة.
وترددت معلومات أن الطيران السوري قصف موكباً للمسلحين في جرود فليطة، وأن أبو مالك التلي اصيب في هذا الهجوم، فيما نفى الجيش اللبناني أن يكون قد قصف أو استهدف أي مواقع في جرود عرسال أمس.
وكانت خلية الأزمة الوزارية لمتابعة ملف العسكريين قد اجتمعت مساء أمس في السراي برئاسة الرئيس سلام، وشارك فيه للمرة الأولى وزير المال على حسن خليل، مع الوزراء: سمير مقبل (الدفاع)، نهاد المشنوق (الداخلية)، اشرف ريفي (العدلية)، وأبو فاعور (الصحة) إلى جانب المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمّد خير.
ولوحظ أن هذا الاجتماع الذي امتد لأكثر من ساعتين احيط بستار كثيف من الكتمان، ولم تتسرب عنه أي معلومات، لا سيما لجهة الخيارات الثلاثة المطروحة امام الخلية من قبل «النصرة» للمقايضة على إطلاق العسكريين المحتجزين، في ضوء الشروط السورية لتسهيل عملية المقايضة، في حال تمّ الأخذ بالخيار الثالث الذي يقترح إطلاق سجينات سوريات لدى النظام السوري في مقابل إطلاق العسكريين وهي الشروط التي كان لها تفاعلات قوية من قبل قوى سياسية فاعلة في الحكومة.
واللافت أن أياً من اللواء أو اللواء خير لم يلتق أهالي العسكريين الذين يعتصمون في خيم في ساحة رياض الصلح، لوصفهم في صورة المفاوضات الجارية، لكن معلومات ذكرت أن هؤلاء حصلوا على تطمينات لم يكشف عن طبيعتها، من الخلية الوزارية دفعت بالاهالي إلى تأجيل التحرّك الذي كانوا يعتزمون القيام به غداً الجمعة.
تجدر الاشارة الى ان وفداً من هؤلاء لمسوا ايجابيات جدية من السفير التركي اينان اوزلديز استقبلهم أمس في السفارة التركية بالتعاطي مع ملف العسكريين واعداً بعرض الموضوع على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ونقل عن وفد الأهالي قوله أن اختيار الحكومة للخيار الثالث لاقتراح «النصرة» هو اختيار انتحاري، مشيراً إلى أنه لدينا ما يكفي من معتقلين بعد معارك عرسال ليصار إلى مبادلتهم مع المخطوفين.