عشاء سلام: مصالحة بين الحريري وميقاتي.. وطرابلس حاضرة
معارك طاحنة في الجبل الأحد.. ومواجهة بين حزب الله وسلامة بعد الإجراءات الأميركية
عشية الجولة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية في جبل لبنان، والتي تحظى باهتمام دبلوماسي غربي وعربي، استضاف الرئيس تمام سلام، في مبادرة وصفت بأنها تهدف إلى تمتين الوحدة الداخلية في مواجهة ما يجري في المنطقة، الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي، على مأدبة عشاء اقيمت في دارته في المصيطبة، شارك فيها مدير مكتب الرئيس الحريري السيّد نادر الحريري وكل من ماهر وعزمي ميقاتي (نجله وابن شقيقه طه).
وبنتيجة المداولات، والتي استمرت حتى قبيل منتصف الليل، صدر عن مكتب الرئيس سلام بيان تناول ما جرى التداول فيه، تضمن الآتي:
«بدعوة من رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، التقى الرئيسان نجيب ميقاتي وسعد الحريري مساء اليوم (امس) الى مائدة عشاء في منزله في المصيطبة، وتم البحث في الأوضاع السياسية العامة والتشديد على ضرورة تعزيز اللحمة بين مكونات النسيج اللبناني من دون استثناء أو استبعاد أحد، لأن لبنان يحتاج الى تحصين جبهته الداخلية في ظل الاوضاع المتفجرة في المنطقة التي بلغت حداً غير مسبوق في خطورته.
ونوّه الرئيسان ميقاتي والحريري بمبادرة الحكومة الى اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية.
وأمل المجتمعون أن ينسحب هذا الأمر على الاستحقاقات كافة لا سيما منها انتخاب رئيس للجمهورية، وأن تتعاون كل الاطراف من أجل اطلاق عجلة عمل مجلس النواب واقرار قانون جديد وعصري للانتخابات النيابية».
وفي معلومات «اللواء» ان البحث تطرق بعد تحضيرات دامت اكثر من ثلاثة أسابيع إلى التوافق البلدي الانتخابي في مدينة طرابلس بين رئيسي الحكومة السابقين وتيارهما، مع كل من النائب محمّد الصفدي والوزير السابق فيصل كرامي ونواب المدينة.
وكان الرئيس سلام، أكّد في كلمة له في المنتدى الاقتصادي العربي أهمية الاستقرار السياسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية لتحسين سمعة لبنان في الخارج وتقوية الاقتصاد.
وامام مجلس الوزراء اعرب سلام عن أمله في ان تكون الانتخابات البلدية التي تمت في مرحلتها الأولى بنجاح حافزاً لإتمام سائر الاستحقاقات الدستورية بما يؤمن انتظام عمل المؤسسات.
اما الرئيس الحريري فلاحظ امام المؤتمر الاقتصادي نفسه ان لبنان وعلى الرغم من الحرائق الإقليمية يشهد اجمل مظاهر الديمقراطية في انتخابات بلدية في كل مدينة وقرية تجرى بنزاهة وشفافية وهدوء تحت أعين العرب والعالم، وأكدت فيها بيروت تمسك أهل العاصمة بنهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري والعيش الواحد في مواجهة التطرف» (راجع ص 7).
مجلس الوزراء
وبعد ثلاث ساعات من النقاش «الحاد» و«البيزنطي» و«القانوني – الكيدي» أنهى البند 73 جلسة مجلس الوزراء، الذي لم يبحث سواه، وتقرر بالنتيجة ارجاء الملفات الخلافية من التعيينات سواء في مجلس إدارة تلفزيون لبنان إلى «أمن الدولة»، فضلاً عن اتخاذ ما يلزم من قرارات إزاء ما يلوح من انه أزمة مقبلة جديدة وداهمة في ملف النفايات الذي أصبح في عهدة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق.
ومع هذه النتيجة تعددت الاوصاف التي أطلقت على الجلسة، فبعض الوزراء وصفها بأنها «غير منتجة» والبعض الآخر قال انها «مفلسة»، وبعضها الثالث قال عنها: «جلسة مكهربة»، تيمناً بالبند الذي استأثر على كامل الجلسة، وهو البند 73 والذي يتعلق بملف معمل دير عمار الكهربائي، حيث دارت سجالات بين وزير المال علي حسن خليل الذي دعا إلى فرض ضريبة T.V.A على مناقصة إنشاء المعمل، الأمر الذي استدعى رداً وصف بالمتشنج من وزير الخارجية جبران باسيل تحدثت مصادر المعلومات الوزارية عن ان وزير التربية الياس بو صعب انضم إليه، وكذلك وزير الاقتصاد آلان حكيم ووزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمّد فنيش، فضلاً عن وزير الطاقة ارتيور نظريان المعني الأوّل بهذا الموضوع.
وكانت وجهة نظر هؤلاء الوزراء ان من شأن فرض الضريبة على القيمة المضافة انعكاسات سلبية على حماية الكهرباء ومصلحة البلد، وخشية ان تؤدي إلى قرارات جزائية تحكيمية، وانقسم المجلس بين مؤيد ومعارض، وادلى أكثر من وزير برأيه، في ظل جدل بيزنطي لم يترك لأي وزير فرصة للزحزحة عن موقفه، مما دفع بالوزير حكيم إلى الإشارة إلى استنسابية في القرار، مطالباً بعدم السير في فرض الضريبة، بسبب اعتراض مكون واحد داخل الحكومة، مع الإشارة إلى ان ديوان المحاسبة في الرأي الذي ابداه، أشار إلى عدم جواز فرض الضريبة، لكنه عاد واجاز فرضها بعد مطالعة الهيئة العامة للديوان.
وأدى النقاش غير المثمر إلى إشاعة أجواء من الملل، في ضوء تكرار الآراء والآراء المضادة، فتدخل وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس وقال للمتساجلين: «نحن هنا، لسنا في هيئة محلفين، والوجهة القانونية بفرض T.V.A أو عدمها يمكن ان ترفع اما إلى هيئة التشريع والقضايا في وزارة العدل أو إلى مجلس شورى الدولة»، ثم غادر الجلسة معرباً عن شعوره بالملل من غياب الانتاجية واستنزاف الوقت، لا سيما وأن مشاريع أخرى كانت مطروحة على جدول الأعمال ولم يجر التطرق إليها.
وليلاً غرّد الوزير خليل قائلاً: «موقفنا في مجلس الوزراء أمس كان واضحاً من مشروع الكهرباء، ولن نسمح بمخالفة القانون ولن نغطي صفقات»، في إشارة إلى أن العقد الموقع بين الدولة اللبنانية وشركة J&P-AVAX متعهدة أعمال معمل دير عمار، ينطوي على صفقة مالية لم يرغب وزير المال بتمريرها، إلا أن الوزير بوصعب تساءل بعد الجلسة: «بتحرز أن تجري كل هذه النقاشات ويبقى الناس من دون كهرباء والمعمل متوقف»، داعماً وجهة نظر باسيل الذي قال أنها موثقة من خلال العقود التي أظهرها، والتي تؤكد أنها لم تكن تُشير إلى الضريبة على القيمة المضافة، والتي لا تطبق على معملي الذوق والجية.
العقوبات الأميركية
أما الموضوع الثاني الذي أثير في الجلسة والذي حظي أيضاً بنقاش فهو المتعلق بلجوء مصرفي «لبنان والمهجر» و«سوسيته جنرال» إلى إغلاق حسابين لنائبين من كتلة الوفاء للمقاومة، فضلاً عن حساب لإبنة نائب سابق من نواب «حزب الله»، فقد استأثر بجانب من الأخذ والردّ، بعدما أثار الوزيران حسين الحاج حسن وفنيش موضوع العقوبات الأميركية والتزام مصرف لبنان بها، بعد التعميمات الأخيرة التي أصدرها والتي أدت إلى بدء تطبيق الإجراءات ضد «حزب الله».
وكان هذا الموضوع أثير في اجتماع كتلة «الوفاء للمقاومة» التي وصفت تعاميم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة «وفقاً للقانون الأميركي السيّئ الذكر إنصياع غير مبرر لسلطات الانتداب الأميركي النقدي على بلادنا، ومن شأنها أن تزيد تفاقم الأزمة النقدية وتدفع البلاد نحو الإفلاس بسبب ما سينتج من قطيعة واسعة بين اللبنانيين والمصارف، الأمر الذي يعرّض البلاد لانهيار نقدي خطير ولفوضى عارمة غير قابلة للإحتواء»، داعية حاكم مصرف لبنان إلى «إعادة النظر في تعاميمه لتتوافق مع السياسة الوطنية»، مطالبة الحكومة «باتخاذ الإجراءات المناسبة لتفادي التداعيات الخطيرة التي ستنجم عنها».
وهذا ما حصل في مجلس الوزراء حين طالب الوزيران فنيش والحاج حسن الرئيس سلام ووزير المال بالتحرك، لأن ما حصل «تجاوز الخط الأحمر إلى الأسود» على حدّ تعبير الحاج حسن، في حين رأى وزير العمل سجعان قزي أن الحل ليس عند الحكومة بل عند «حزب الله».
وأوضح الرئيس سلام أنه التقى الحاكم سلامة الذي نقل إليه تطمينات، وجدّد المجلس تكليف الرئيس سلام والوزير خليل متابعة الموضوع مع الجهات المعنية لبنانياً ودولياً.
بلديات
في هذا الوقت بقيت الأنظار مشدودة إلى بلديات جبل لبنان، حيث تُشير الوقائع إلى مواجهات في عدد من البلدات الكبرى، على الرغم من فوز 21 بلدية بالتزكية في المتن، معظمها محسوب على النائب ميشال المرّ، لكن تمثلت فيها الكتل والفعاليات الحزبية في هذه البلدات.
وفي الوقت الذي اتجهت فيه الأنظار إلى تشكيل لائحة ثانية في مواجهة لوائح «حزب الله» المتحالف مع حركة «أمل» و«التيار الوطني الحر» بعنوان: «لوائح التنمية والوفاء والاصلاح»، في بلدات برج البراجنة والغبيري وحارة حريك، احتدمت عمليات تشكيل اللوائح المتنافسة في البلدات المسيحية الكبرى، لكن اللافت ما جاء أمس على لسان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله حين دعا في كلمة له في احتفال لمناسبة «يوم الجريح المقاوم» أهل الضاحية وبقية البلدات في جبل لبنان إلى المشاركة الفعّالة في المرحلة الثانية، ودعم لوائح الحزب، كان لافتاً للانتباه تأكيده أنه ملتزم مع الحلفاء سياسياً وأخلاقياً وأدبياً، لكنه ليس ملتزماً بمن يتحالفون معهم، في إشارة واضحة إلى «تفاهم معراب»، مشيراً إلى أن الحزب ليس متحالفاً مع خصم سياسي وإنما مع حلفائه، ومع من لم يسئ إليه أو يعتدي عليه.
في جونية تتحالف «القوات اللبنانية» مع رئيس مؤسسة الانتشار الماروني نعمة افرام الذي عاد أمس من الفاتيكان، بحكم ما تردّد عن التزام أدبي للدكتور سمير جعجع معه، في مواجهة لائحة «كرامة جونية» التي يرأسها جوان حبيش مدعوماً من التيار الوطني الحر.
وفي دير القمر جرت مصالحة بين رئيس حزب «الوطنيين الاحرار» النائب دوري شمعون مع الوزير السابق ناجي البستاني لإدارة معركة انضم إليها حزب الكتائب في مواجهة تحالف «القوات» و«التيار العوني» والتي يرعاها نائب رئيس حزب القوات جورج عدوان.
وفي الدامور تتواجه لائحتا شارل غفري في وجه الياس عمار، وترددت معلومات ان الوزير السابق ماريو عون أبلغ من يعنيهم الأمر ان التيار على الحياد.
وفي سن الفيل هناك ملامح معركة حادّة بين رئيس البلدية الحالي الذي يدعمه حزب الكتائب نبيل كحالة في مواجهة جوزف شاوول المدعوم من التيار العوني.
وفي بعبدات هناك معركة بين هشام لبكي المدعوم من حزب الكتائب و«القوات» والنائب في كتلة عون سليم سلهب ومايك لبكي المدعوم من التيار العوني والتحالف العائلي.
وفي الحدث يتواجه رئيس البلدية الحالي جورج عون المدعوم من التيار العوني مع لائحة شكلها الرئيس السابق للبلدية الياس كرم مدعوماً من «القوات اللبنانية» والكتائب.
وفي ضبية تدعم «القوات» قبلان الأشقر في حين تدعم الكتائب ضياء ضوميط.
وفي الحازمية يتواجه جان أسمر رئيس البلدية الحالي على رأس لائحة الحوار والقرار مع لائحة «كرامة الحازمية» التي شكلها جورج باسيل.