هولاند والحريري اليوم: الرئاسة والتداعيات السورية والإجراءات المالية
16 صوتاً فارق الربح والخسارة في جونيه.. وخيار ثالث في مواجهة لوائح «الثنائي» في الجنوب
المحافظ شبيب والمهندس جمال عيتاني بعد انتخابه رئيساً لبلدية بيروت المحروسة مع أعضاء المجلس البلدي
بين رمزي انطوان الاشقر آخر الفائزين في معركة بلدية جونية بـ4447 صوتاً وفرنسيس يعقوب ابي نخول اول الخاسرين في هذا «الماراتون» البلدي الطويل بـ4431 صوتاً، يكون الفرق 16 صوتاً.
وهذه النتيجة الواقعية والموضوعية والرسمية، لم ترق كثيراً للفريق العوني الذي لم يسلم بأن الوقائع حقائق عنيدة، وان النتيجة هي التي تقرر ولا احد سواها.
والمسألة تتعدّى ما وصفته محطة O.T.V الناطقة باسم «التيار الوطني الحر» في تدبيج كتب «بحبر أسود» مقارنة اياه «بالحقد الاسود»، في إشارة إلى مانشيت «اللواء»: «جونية تسقط خرافة المرشح القوي».
ولا حاجة للرد بأكثر من الوقائع، وبأن «الأناء ينضج بما فيه»، ففي عملية بسيطة يتضح كيف ان جهة ما تضع رأسها في الرمل، ولو كان على شاطئ جونية.
في معمعة هذه التقييمات الجارية لنتائج «المنازلة الكبرى» في جبل لبنان، والتي قدمت وصفاً موضوعياً لما جرى في الأقلام، وما ترتب عن الفرز من أرقام واحجام واوزان احدثت شرخاً ستتكفل بتظهيره الأيام، أو الأسابيع المقبلة، لا سيما وسط حركة سياسية ودبلوماسية، تبحث في كسر حلقة «الستاتيكو» في الواقع اللبناني، من وقائع بعضها انتخابي، وبعضها الآخر ميداني يتعلق بالتداعيات الخطيرة لاستمرار الحرب السورية على لبنان، وبعضها الثالث بطبيعة اقتصادية تتعلق بالكلام العالي النبرة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة يتعلق بمخاطر العقوبات الأميركية ضد «حزب الله» على لبنان واستقراره، وإن كان سيسعى في الخارج إلى تهدئة المخاوف من هذه العقوبات.
وهذه الملفات ستكون على طاولة المحادثات بين الرئيس سعد الحريري ومضيفه الفرنسي الرئيس فرنسوا هولاند عند الثالثة من عصر اليوم في الاليزيه، وقبل أكثر من أسبوع من وصول وزير الخارجية الفرنسي جاك مارك ايرلوت إلى بيروت لمتابعة المواضيع نفسها التي تعني فرنسا وتشغل اهتمامات اللبنانيين بعنوانها الكبير: انتخابات الرئاسة.
الحوار 18
في الداخل، تحضر نتائج الانتخابات البلدية وتداعياتها على الانتخابات النيابية، على طاولة الحوار في الجلسة 18 غداً الأربعاء، حيث يدرس الرئيس نبيه برّي تقديم اقتراح للمشاركين بتقصير ولاية المجلس الحالي، كما انه سيطلع المجتمعين على المراحل التي قطعها البحث في قانون الانتخاب الجديد قبل عودة اللجان المشتركة إلى الاجتماع بعد غد الخميس لمتابعة البحث في المشاريع الممكن اعتمادها للتفاهم على قانون للانتخابات.
وإذا كان جدول النشاطات الرسمية يتضمن جلسة لمجلس الوزراء يوم الخميس أيضاً، من دون ان تحضر على مناقشاتها الملفات الخلافية، بعد ان حقق الرئيس تمام سلام خطوة إلى الامام في اتجاه معالجة جهاز أمن الدولة، إذ كشفت وزيرة المهجرين أليس شبطيني ان مدير الجهاز اللواء جورج قرعة عاد يُشارك في الاجتماعات الأمنية، بانتظار معالجة القضايا المالية والإدارية.
فإن الأجندة السياسية من الممكن أن تشهد سجالاً جديداً بين وجهتي نظر: الأولى تعتبر أن المهمة الآن «إكتمال النصاب السياسي الدستوري»، بتعبير وزير الداخلية نهاد المشنوق، وذلك من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن، والثانية يتمسك بها التيار العوني مستفيداً من حلفه مع «حزب الله» للذهاب إلى الانتخابات النيابية لتعيد رسم لوحة التوازنات في المجلس الجديد تسمح بانتخاب رئيس للجمهورية، سواء قصر عمر المجلس الحالي، وهذا مستبعد، أو عجز الطبقة السياسية عن التمديد مرة ثالثة للمجلس النيابي، رغم المخاوف الكثيرة على نتائج هذه العملية إزاء مراحل تكوين السلطة.
وعلى جدول اللقاءات، بعد نتائج بلدية جونية، وفشل محاولات جمع النائبين ميشال عون وسليمان فرنجية، قبل الحملة العونية على جيلبرت شاغوري وبعدها، وعتب رئيس مؤسسة الانتشار الماروني نعمة افرام مما وصفه بـ«حملة تجييش عونية ضده تتخطى مدينة جونية»، متسائلاً عن علاقة ذلك بالانتخابات النيابية أو الاستحقاق الرئاسي، فالكلمة ليست لكسروان وحدها في موضوع انتخاب الرئيس، لقاء مرتقب بين عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي يتكتم الطرفان على موعده لأسباب أمنية، لكن أوساطهما تُشير إلى أنه قد يسبق انتخابات الجنوب أو يلي انتخابات الشمال في 29 أيار الحالي ليجري الطرفان تقييما سياسياً، وتقويماً للعلاقة التي تعرّضت للاهتزاز ليس في جونية وحدها، بل في أقضية وبلدات متعددة، لا سيما في كسروان، حيث الثقل الرئيسي لكلا القوتين المسيحيتين.
ويسعى التيار العوني إلى تسليط الضوء على انتخابات جزّين، سواء البلدية، أو الفرعية النيابية، والتي ستجري الأحد المقبل، لتعويض «الإنتكاسة» التي مُني بها في الانتخابات البلدية في المتن وكسروان.
تقييم مسيحي
وفي التقييم المسيحي للنتائج البلدية، لاحظ وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم أن الانتخابات دلت على تجذر حزب الكتائب في الأرض، وأن نسبة المشاركة المرتفعة دلت على انفتاح الحزب على الجميع، وأن هناك أعداداً توّاقة إلى برنامجه المتعلق بإدارة الدولة ومكافحة الفساد، متحدثاً عن انتصار كبير في أكثر من منطقة في جبل لبنان، معتبراً أن اللامركزية هدف الحزب، آملاً أن تكون الانتخابات النيابية المقبلة على صورة البلديات.
ولاحظ النائب في كتلة «الاصلاح والتغيير» سليم سلهب أن من نتائج انتخابات جبل لبنان أن العائلات لم تنتهِ.
وعلمت «اللواء» أن اجتماع التكتل اليوم سيناقش الإشكالات التي حصلت في المتن بين كل من النائبين إبراهيم كنعان ونبيل نقولا، حيث يرفض الأخير مصادرة دوره كنائب وإلغاء علاقاته مع العائلات، لا سيما في أنطلياس وجل الديب والزلقا.
ولم ترَ مصادر في «القوات اللبنانية» مجالاً للكلام عن انتصار أو خسارة، رافضة أن تكون الأحزاب المسيحية في مواجهة العائلات، معتبرة أن الفائز الأول هو الاحتكام إلى الديمقراطية.
وتمتنع مصادر قواتية أخرى عن اعتبار التحالف مع «التيار الوطني الحر» في البلديات يمكن أن يكون مقياساً لتصور كيف يمكن أن تكون التحالفات النيابية.
بالمقابل، لا يخفي«التيار الوطني الحر» صعوبة التحالفات النيابية في وضع آخذ بالتحوّل بسرعة في لبنان، وإن كان مقرّبون من عون يتمسكون بأن النتيجة المتقاربة بين لائحة جوان حبيش ولائحة فؤاد البواري وحلفائه ما تزال تشكّل انتصاراً من وجهة نظرهم، مع أن البواري أعلن أنه سيتقدم بطعن أمام مجلس شورى الدولة، من دون أن يعرف أن الأعضاء الأربعة الذين فازوا من لائحته سيقدمون استقالتهم، أم لا، علماً أن افرام أعلن أن لا نية للأعضاء الأربعة للإستقالة من البلدية، فيما تردّد لائحة الماكينة الإعلامية الكتائبية حملة مؤداها أنه لولا أصوات الكتائب لما نجحت لائحة عون في جونية.
وفي الجبل الدرزي، وحده النائب طلال أرسلان عقد مؤتمراً صحفياً كاشفاً عن عدم رضاه عن نتائج انتخابات الشويفات، غامزاً من قناة الحزب التقدمي الاشتراكي الذي دعم المجتمع المدني الذي وصفه أرسلان بأنه «بالون منفوخ»، وقال: «كنت أتمنى أن يحافظ أهل الشويفات على الأعراف والتنوع الاجتماعي الذي تتمتع به البلدة»، في إشارة إلى سقوط المرشحين من العرب في خلدة في اللائحة الفائزة.
الأحد الثالث
وفي أحد البلديات الثالث في 22 الحالي، تستعد صيدا المدينة إلى معركة بين «لائحة الانماء» التي شكلها رئيس البلدية الحالي محمّد السعودي والمدعومة من الرئيس فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري، ولائحة النّاس المدعومة من التنظيم الشعبي الناصري والأحزاب الحليفة له، فضلاً عن «لائحة التنمية والعدالة» المدعومة من علي الشيخ عمار.
وفي قضاء النبطية، حيث عدد الناخبين نحو 141 ألفاً سيقترعون لـ39 بلدية في 251 قلم اقتراع، يطمئن تحالف «أمل» و«حزب الله» إلى وضعه، في حين يمكن ان تكون بلدة كفررمان أم المعارك في لائحة يتجه الحزب الشيوعي إلى تشكيلها مع اليسار، في ظل توازن في توزع أصوات المقترعين بين لائحة التنمية والوفاء المدعومة من الحزب والحركة واللائحة المناهضة، في حين تندفع شخصيات عدّة لتشكيل لوائح غير مكتملة أو خوض المعارك بطريقة انفرادية.
بلدية بيروت
في غضون ذلك، دعا محافظ بيروت القاضي زياد شبيب إلى جلسة خاصة لأعضاء مجلس بلدية بيروت المنتخب، في مكتبه جرى خلالها انتخاب جمال عيتاني رئيساً بالتزكية، وايلي اندريا نائباً لرئيس البلدية، وكانت الجلسة مناسبة للتباحث في أحوال العاصمة واوضاعها وحاجات أهلها وسكانها، واتفق على وضع خطة عمل سريعة بالتعاون والتنسيق بين البلدية والمحافظ الذي أعلن ان هناك تغييراً سيحدث، وأن النّاس ستشعر بهذا التغيير الإيجابي.
ومن جهته، توجه عيتاني في بيان بالشكر إلى أهالي بيروت الذين اقترعوا لمختلف اللوائح والمرشحين، متمنياً عليهم جميعاً طي صفحة الصراع الانتخابي للانطلاق في ورشة العمل الذي يلتزم المجلس الجديد باطلاع الرأي العام على تفاصيلها، مؤكداً ان عمله سيكون انمائياً صرفاً بعيداً عن السياسة والتجاذبات.