سلام لقادة العالم: لبنان ليس بلداً للتوطين
الجسر يعلن اليوم إلتزام «المستقبل» باللائحة الإئتلافية.. و«القوات» تتخلّى عن باسيل في البترون
غداً، يكتمل عامان على الشغور الرئاسي، و16 عاماً على تحرير الجنوب.
فـ 25 أيّار، وهو عيد المقاومة والتحرير الذي يحتفل به لبنان كل عام، وتقفل فيه الدوائر والمؤسسات من دون ان يكون هناك على رأس الدولة رئيس منتخب ومؤسسات تثبت الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي.
وعشية هذه المناسبة الوطنية، يمكن للمراقب تسجيل الآتي:
1- اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية للمرة الثالثة منذ العام 2004 حتى أيّار 2016، حيث تكتمل هذه الدورة بالانتخابات البلدية والاختيارية في محافظتي الشمال وعكار، وتختبر طرابلس قدرتها على التوافق، في حين تجري مواجهة من نوع مختلف بين «تحالف معراب» بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، والمرشح الشمالي رئيس تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية الذي سيطل مساء الخميس في برنامج تلفزيوني يكتسب دلالة خاصة في توقيته واهدافه، قبل أقل من 72 ساعة من التوجه إلى صناديق الاقتراع. والذي نجح في ترتيب البيت الزغرتاوي بتقاسم البلديات والمخاتير مع تيّار الرئيس الشهيد رينيه معوض والعائلات ليتفرغ لمعركة البترون بالتعاون ربما مع الوزير بطرس حرب، أو مع قوى وأطراف أخرى، ومعركة الكورة، حيث يتوقع ان يكون حليفه نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري وما يمثل من وزن سياسي وارثوذكسي وموقع في تيّار «المستقبل».
2- وفي الملف الرئاسي، حيث يتجدد الاشتباك مع مستهل الفراغ في عامه الثالث بين أولوية اجراء الانتخابات الرئاسية ليكون على رأس الدولة رئيس يحفظ الدستور، ويتولى إدارة السلطات وفق الصلاحيات التي يتمتع بها، سواء في ما خص تشكيل الحكومات أو استقالتها، أو فتح الدورات الاستثنائية لمجلس النواب، أو اجراء التشكيلات والتعيينات بحيث يكتمل معه النصاب الدستوري والسياسي، وبين الدعوات للاتفاق على قانون انتخاب جديد، حيث دعا الرئيس نبيه برّي اللجان المشتركة لمناقشة مواد اقتراح القانون المختلط بعد غد الخميس، ضمن مسار يعطي الأولوية لقانون انتخاب واجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية، كما يطالب النائب ميشال عون مدعوماً من «حزب الله».
والجديد على الصعيد الرئاسي هو الحراك الذي بدأه البطريرك الماروني بشارة الراعي، وكانت محطته البارزة في قصر الاليزيه الذي عاد واستقبل الرئيس سعد الحريري، وكان طبق الرئاسة الأولى الحاضر الأوّل.
وقالت مصادر دبلوماسية أوروبية لـ«اللواء» ان اقتراح السنتين طرح في الاجتماع بين الرئيس فرنسوا هولاند والبطريرك الراعي، ثم بين الأوّل والرئيس الحريري علي ان يكون النائب عون هو رئيس هذه المرحلة، الأمر الذي لم يلق قبولاً – وفق المعلومات الاوروبية – من الرئيس الحريري الذي قال انه لا يمانع من لقاء عون، اما مسألة انتخاب لهذه الفترة فلم تلق حماساً منه لاعتبارات عدّة أبرزها ان ولاية الرئيس ست سنوات، وأن التعديل الدستوري لمدة سنتين دونه صعوبات، والاحرى في مثل هذه الحالة اكتمال النصاب في مجلس النواب في جلسة لانتخاب الرئيس والتنافس الديمقراطي، حيث ان المعركة محصورة الآن بين النائبين عون وفرنجية وكلاهما من 8 آذار.
وبصرف النظر عن سقوط هذا الاقتراح، فإن باريس ستشهد في الأسابيع القليلة المقبلة حراكاً دبلوماسياً، حيث من المتوقع ان يزورها ولي العهد في المملكة العربية السعودية الأمير محمّد بن نايف فضلاً عن وزير الخارجية الإيرانية محمّد جواد ظريف، وكلا العاصمتين الرياض وطهران معنيتان بالاستحقاق الرئاسي.
في هذا الوقت، تروج الرابية عبر زوارها ومواقعها الإعلامية ان حظوظ النائب عون تحسنت، من دون ان يستبعد هؤلاء الزوار ان تشهد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية رقم 40 في 2 حزيران مفاجآت على هذا الصعيد.
سلام في اسطنبول
3- وعشية هذه المناسبة، دوى من اسطنبول، حيث كان قادة العالم يجتمعون لبحث إصلاح نظام المساعدات الإنسانية، لما يربو على 130 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات، في القمة العالمية الإنسانية التي تختتم اليوم، صوت الرئيس تمام سلام معلناً باسم كل اللبنانيين، وبصفته رئيس مجلس الوزراء اللبناني، ان «لبنان ليس بلداً لتوطين الآخرين على ارضه»، مضيفاً ان هذا الرفض مكرساً بقاعدة ثابتة في نص الدستور اللبناني وبحكم الإجماع اللبناني.
وجاء خطابه هذا الذي لقي ترحيباً في أوساط الحاضرين، موجهاً إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي نسب إليه في تقريره انه يدعو لتوطين النازحين السوريين حيث هم لتحسين ظروف حياتهم، وبعد ان كان بان دعا في قمّة اسطنبول قادة الحكومات والأعمال ومنظمات الاغاثة والمانحين إلى «الالتزام بتقليل عدد النازحين إلى النصف بحلول عام 2030 وإيجاد حلول أفضل لتقاسم المسؤوليات بصورة أكثر عدلاً».
4- وإذا كانت الانتخابات البلدية أكسبت «حزب الله» غطاءً شعبياً لطالما كان متوافراً له، فإن انخراطه في الحرب السورية أحدث انقساماً داخلياً أطاح بالإجماع الوطني الكبير الذي رافق اندحار آخر جندي إسرائيلي من أكثر من 95 في المائة من الأراضي الجنوبية في 25 أيار عام 2000.
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل تعداه إلى شبح أزمة تلوح في الأفق، من شأنها، إذا لم تتمكن السلطات النقدية وحزب الله والحكومة من إيجاد صيغة تلائم بين التزام لبنان بالقانون الدولي وحماية شريحة واسعة من اللبنانيين من ضغوطات الإجراءات الأميركية على المصارف اللبنانية، والتي كشف النقاب السبت الماضي عن أنها طالت جمعية المبرّات الخيرية الإسلامية التي تتكفل باليتامى والمساكين على مختلف الأراضي اللبنانية.
5- وبقدر ما حظيت الانتخابات البلدية باهتمام ديبلوماسي أميركي وأوروبي وعربي بوصفها تعكس قدرة اللبنانيين وتمسكهم بالنظام الديموقراطي بمعزل عن ثغراته وسلبياته، فإن النتيجة الكبيرة لهذه الانتخابات أن العائلات واجهت الثنائيات أو الإحتكارات الحزبية التقليدية التي تحكمت بالمقدرات بعد الطائف، وأن توازناً ما حجّم هذه الثنائيات الحزبية من دون أن يتمكن من إزاحتها لا عن المشهد البلدي ولا السياسي.
6- وفي المدن الكبرى من بيروت إلى صيدا وصولاً إلى طرابلس الأحد المقبل، بدا أن النيل من الإرث السياسي والإنمائي للرئيس الشهيد رفيق الحريري صعباً، فبعد نجاح «لائحة البيارتة» في العاصمة، فازت «لائحة إنماء صيدا» بفارق كبير عن اللائحة الثانية المدعومة من النائب السابق أسامة سعد.
7- وفي ما خصّ جزّين، وبعد الاهتزاز الذي تعرّض له تحالف معراب في جونيه، فإن اهتزازاً آخر حصل بعد الاستيقاظ على رسوب رئيس اللائحة المدعومة من عون خليل حرفوش وخرق قوى من اللائحة المدعومة من إبراهيم عازار نجل النائب السابق سمير عازار، وانتقال القضية إلى مجلس شورى الدولة، حيث وجهت أصابع الاتهام إلى الماكينة القواتية بدعم اللائحة المنافسة.
ومع ذلك، استبعد مستشار رئيس حزب «القوات» العميد وهبة قاطيشا في تصريح لـ«اللواء» أن لا عودة عن المصالحة لأي سبب كان، في حين تحدثت مصادر قواتية أن التشطيب الذي تعرّضت له لائحة حرفوش لم يكن بقرار من الحزب، فالمعركة حصلت بين أهل العائلة الواحدة.
ومع النتيجة التي سينتهي إليها تكتل الإصلاح والتغيير اليوم بعد اجتماعه الأسبوعي تتوضح صورة المتغيّرات المحدقة بالتحالفات، والتي من المستبعد أن تخرج إلى النور، قبل انتهاء الانتخابات البلدية الأحد المقبل.
طرابلس
واتجهت الأنظار إلى طرابلس والشمال باعتبارها ليست فقط المحطة الأخيرة، بل ذات صلة بالانتخابات الرئاسية، وباكتمال النصاب التمثيلي لتيار «المستقبل» في المدن الكبرى.
وفيما يعلن النائب في كتلة المستقبل سمير الجسر اليوم التزام التيار ومؤيديه باللائحة الائتلافية التي يترأسها الدكتور عزام عويضة كاملة، لقطع الطريق على أي محاولات لشوشرة الكتلة الانتخابية لتيار «المستقبل» مع دعم وزير العدل أشرف ريفي لائحة المجتمع المدني، وعجز النائب السابق مصباح الأحدب عن تشكيل لائحة من 24 عضواً، أعلنت القوات اللبنانية في مدينة البترون عن عدم المشاركة في اللائحة التي شكلها «التيار الوطني الحر».
ويأتي هذا الموقف في خضم البلبلة بين الطرفين حيث من غير المستبعد أن ينعكس لمصلحة مرشحي حزب الكتائب وتيار «المردة» والوزير حرب الذي أعلن لائحة قرار تنورين أمس.