دعم أميركي لمبادرة برّي.. وعون يعود للأرثوذكسي
مجلس وزراء ساخن غداً.. وحسين الحجيري شهيداً على يد والد الجندي الشهيد محمّد حميّة!
خرق القتل المتعمد للشاب حسين محمّد الحجيري على يد والد العسكري الشهيد محمّد حمية، في عملية ثأرية مدانة، الهدوء الذي اتسمت به الانتخابات البلدية.
وأرخت جريمة الاغتيال بدم بارد بظلال ثقيلة على الأمن والاستقرار في البقاع، بين عرسال مسقط رأس الشهيد الحجيري وطاريا واللبوة البلدتين الجارتين والمتصلتين بعرسال الحدودية بمصالح حيوية وجيرة، وحتى مصاهرة.
ولئن تمكنت القوى الأمنية من جيش وقوى أمن من ضبط الوضع على الأرض، في حين تحرّكت الأجهزة القضائية والأمنية لمحاسبة المسؤول عن ارتكاب الجريمة، بعدما أعلن معروف حمية والد الجندي الشهيد محمّد تحمله المسؤولية، رافضاً تسليم نفسه، في حين ربط شقيقه عملية التسليم بتسليم الشيخ مصطفى الحجيري المعروف بـ«ابو طاقية» نفسه للقضاء، فإن هذا الحادث الأمني الخطير بظروف وقوعه ودلالاته التي تعتبر الدولة وكأنها غير قائمة، تحول إلى بند يومي على جدول الاهتمام السياسي، وحتى جلسة مجلس الوزراء التي أضيف إلى جدول أعمالها ثلاثة بنود ذات صفة مالية، من بينها استحداث وزارة للنفط، مع توثب مسيحي لافتعال أزمة على خلفية وقف الأعمال في مشروع سد جنة الذي قرّر تكتل الإصلاح والتغيير فرض رأيه حوله في مجلس الوزراء لجهة تنفيذه، في حين أعلن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل رفضه للمشروع، وأن وزراء الحزب الثلاثة سيعارضونه لأن مساوئه أكثر من فوائده، ويلتقي معهم وزراء «المستقبل» ووزيرا البيئة والزراعة محمّد المشنوق واكرم شهيب.
ومن دون استبعاد ان تقود المناقشات الحامية في هذا الموضوع، إلى إعادة فتح ملف المناقصات في ما يتعلق بملف النفايات المطروح اساساً ضمن جدول الأعمال.
وتأتي هذه التوترات الأمنية والوزارية قبل استكمال انتخابات طرابلس والشمال البلدية الأحد المقبل، حيث يمضي الائتلاف السياسي والنيابي، لا سيما بين الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي للاتيان بمجلسين بلدييين كفوءين لكل من طرابلس والميناء.
وكان لافتاً للانتباه بيان نواب المدينة الذي شارك فيه الرئيس ميقاتي، وجرى التنسيق حوله مع النائب محمّد الصفدي والوزير فيصل كرامي، والذي تضمن دعوة للنزول بكثافة الأحد لانتخاب أعضاء اللائحتين المذكورتين، مشيدين (أي النواب) بالكفاءات المتوافرة في لائحتي «لطرابلس» و«الميناء حضارة».
مبادرة برّي
وخارج هذه اليوميات، كشفت الاتصالات واللقاءات ان مبادرة الرئيس نبيه برّي للخروج من المأزق الرئاسي والنيابي، ومن الشلل العارم الذي يضرب البلاد، كانت محور اتصالات الساعات الماضية، حيث كشف القائم بالأعمال الأميركي السفير ريتشارد جونز من «بيت الوسط» بعد لقائه الرئيس الحريري ان الاقتراح الذي قدمه رئيس البرلمان «مثير للاهتمام»، داعياً الجميع لأخذه «جدياً بعين الاعتبار»، معرباً عن اعتقاد ان الرئيس الحريري «يفعل ذلك».
واعتبر جونز ان ترهل المؤسسات بات يُشكّل خطراً كبيراً على لبنان، ومن الضروري ان يجد اللبنانيون حلاً لانتخاب رئيس للجمهورية.
والمبادرة التي رأى الدبلوماسي الأميركي انها «تفتح الباب امام انتخاب الرئيس»، كانت على جدول أعمال الزيارة التي قام بها الرئيس الحريري إلى عين التينة ليل أمس، حيث استبقاه الرئيس برّي إلى مائدة العشاء، في حضور مدير مكتبه نادر الحريري ووزير المال علي حسن خليل، وكلاهما يُشارك في الحوار الثنائي بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله».
وعلمت «اللواء» ان المبادرة التي تنطلق من الانتخابات النيابية، سواء من قانون جديد للانتخاب أو قانون الستين ستكون عنوان المرحلة المقبلة، على ان يعقبها انتخاب فوري للرئيس، بعد توقيع تعهد من نواب المجلس المنتخب بتوفير النصاب للجلسة الأولى التي ستستمر دون انقطاع لانتخاب رئيس، حتى ولو استمرت أكثر من يوم، بحيث تفتح الجلسة بنصاب الثلثين وتحصل الانتخابات بالنصف زائداً واحداً.
وذكرت معلومات ان انتزاع توقيع من الكتل أو تعهد مدون في الجلسة المقبلة للحوار أو قبلها، هو الذي تدور حوله المناقشات، حتى إذا ما ضمن الرئيس برّي هذه الخطوة من «حزب الله» والتيار العوني والمدعوم اميركياً واوروبياً وعربياً، فإنه سيُصار إلى فتح دورة استثنائية للمجلس ليتمكن اما لإقرار قانون جديد للانتخابات أو إقرار قانون بتقصير ولاية المجلس، بحيث تعلن وزارة الداخلية جهوزيتها لاجراء انتخابات نيابية قياساً على نجاح الانتخابات البلدية، بحيث ينتخب المجلس الجديد الرئيس الجديد، سواء حصل اتفاق مسبق على شخصه أو خضع الأمر لمنافسة ديمقراطية.
وأضافت المعلومات لـ«اللواء» ان تيّار «المستقبل» بات امام الخطوة الأخيرة لاعلان دعمه لمبادرة الرئيس برّي شرط الحصول على ضمانات اكيدة من ان نصاب انتخاب الرئيس سيكون ممكناً بعد إتمام سلسلة الخطوات المشار إليها، انطلاقاً من ان الوضع بات لا يحتمل ان يستمر على ما هو عليه من تراجع النمو الاقتصادي وزيادة المخاطر الناجمة عن العجز في الميزان التجاري، فضلاً عن غياب الموازنة لأكثر من عقد كامل، وهو أمر لم يحصل في تاريخ لبنان الحديث، في ظل تزايد الضغوطات المالية وخلافها على الوضع الداخلي الذي انعشته نسبياً الانتخابات البلدية، ويخشى ما لم يستكمل مسار العملية الديمقراطية من إضاعة الفرصة لإخراج البلد من ازمته.
وستناقش اللجان النيابية قانون الانتخاب مع بروز عقدة قد تعيد عقارب الساعة إلى الوراء وتتمثل بإعلان تكتل «الاصلاح والتغيير» بأنه عاد إلى القانون الارثوذكسي الذي سقط في جلسة نيابية عامة.
وتخوفت مصادر نيابية من أن يكون هذا الموقف إطلاق نار مباشر على مبادرة الرئيس برّي وعودة إلى التجاذب السياسي في ما خصّ عمل المجلس الذي ينتهي عقده العادي الثلاثاء المقبل.
وكان الرئيس برّي أكد أمام زواره، أمس، أن لا جديد على صعيد المبادرة التي أطلقها على طاولة الحوار الأربعاء الماضي، وأنه ما يزال ينتظر أن تأتيه ردود القوى السياسية في جلسة الحوار المقررة في 21 حزيران المقبل، مشيراً إلى أن التركيز الآن هو على جلسات اللجان النيابية المشتركة التي ستعاود اجتماعاتها غداً الخميس، والتي يفترض أن تدرس صيغاً لقانون الانتخاب نتمنى أن تصل إلى نتيجة.
وأعرب الرئيس برّي عن ارتياحه لمسار العملية الانتخابية لبلديات النبطية والجنوب، مرحباً بالنتائج التي اعتبرها دليل وعي عند الجنوبيين، لافتاً إلى أن الإقبال على الاقتراع كان جيداً، لكنه تمنى لو كان أكثر، عازياً ذلك إلى التحالفات والتفاهمات التي برّدت همّة النّاس.
كتلة المستقبل
وفي سياق البحث عن قانون الانتخاب، اعتبرت كتلة «المستقبل» في اجتماعها أمس، أن القانون المختلط بين النظامين النسبي والأكثري هو القانون الأكثر واقعية وتمثيلاً، وجددت تمسكها بالاتفاق الموقع مع «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي والذي اعتبرته بأنه «بمثابة تسوية معقولة تعبّر عن أقصى الممكن».
ولمناسبة مرور عامين على شغور منصب رئاسة الجمهورية كررت الكتلة دعوة القوى السياسية على اختلاف اتجاهاتها التوجه لانتخاب رئيس الجمهورية، مشددة على أولوية انتخاب الرئيس كونه رئيس البلاد ورمز وحدة الوطن وحامي الدستور، إلا أن البيان لم يتطرق إلى مبادرة الرئيس برّي، على اعتبار أن النقاش في شأنها لم يستكمل بعد.
واعتبرت الكتلة أن استمرار تعطيل عملية انتخاب الرئيس من قبل «حزب الله» وحليفه التيار العوني مستعيناً بقوة السلاح الخارج عن الشرعية، يُشكّل جريمة كبرى مستمرة بحق لبنان، بما ينعكس سلباً وبشكل كارثي على البلاد من مختلف النواحي الوطنية والسياسية والأمنية والاقتصادية والمعيشية والإنمائية.
العقوبات الأميركية
ودعت الكتلة، في موضوع العقوبات الأميركية على «حزب الله» الى ضرورة التعامل بحكمة وتبصّر والتزام مع مقتضيات مشاركة لبنان وعضويته في النظام المالي العالمي.
ومن المقرّر أن يصل إلى بيروت بعد غد الجمعة نائب وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب دانيال غلايزر للإطلاع على المراحل التي قطعها التزام المصارف اللبنانية بالإجراءات الأميركية التي نص عليها قانون الكونغرس، في حين يواصل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اتصالاته الهادئة على صعيد معالجة الإشكالات التي آثارها «حزب الله».
وسيلتقي الحاكم سلامة اليوم رئيس الحكومة تمام سلام في حضور وزير المال الذي كان زار الولايات المتحدة لاستطلاع الموقف الأميركي من العقوبات عينها.
ويعقد سلامة غداً اجتماعاً مع لجنة الرقابة على المصارف، بعدما كان التقى أمس مجلس إدارة جمعية المصارف برئاسة جوزف طربيه بناء على طلبه، بغية تحديد تفاصيل آليات تطبيق العقوبات.
سدّ جنّة: مشروع مشكل
من ناحية ثانية، اعتبر مصدر وزاري لـ«اللواء» أن جلسة مجلس الوزراء الخميس ربما تكون مشروع مشكل بفعل وجود مواضيع أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها «نارية»، مثل مشروع سد جنّة وتوطين النازحين السوريين ومشاريع تتعلق بالصحة والأشغال تدور حولها إشكاليات. لكن المصدر استدرك قائلاً: لطالما كنا ندخل إلى جلسات نارية وتنتهي هادئة، وندخل إلى جلسات هادئة وتنتهي نارية.
وقال المصدر أنه سيكون للرئيس تمام سلام الذي عاد إلى بيروت أمس من اسطنبول، كلام في مقدمة الجلسة، كالعادة حول الاستحقاق الرئاسي، لكن هذه المرة مع دخول الشغور الرئاسي عامه الثالث اليوم.
وبالنسبة لمشروع سد جنّة كشف مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» أن وزراء «المستقبل» في الحكومة سيقفون ضد المشروع باعتباره «كارثة» من جميع النواحي، فضلاً عن كونه غير قانوني، مشيراً في هذا السياق إلى أن بناء السدود هي من صلاحية وزارة الطاقة والمياه حصراً، وليس من صلاحيات مؤسسات المياه المعنية بالشبكات وليس بالسدود.
ولفت إلى أن كل التقارير الدولية أشارت إلى أن السد كارثة من شأنه أن يلحق بوادي نهر ابراهيم الموجود على التراث العالمي مجزرة بيئية.
وكشف المصدر النيابي المتخصص، أن تقديرات باسيل بأن السد يستطيع أن يجمع 30 مليون متر مكعب من المياه، غير واقعية، باعتبار أن الدراسة المائية أكدت أن السد لن يجمع أكثر من 7 ملايين متر مكعب.