«جدل مائي» في مجلس الوزراء.. وأزمة الرئاسة تهدِّد مكاسب البلديّات
المشنوق: تصحيح خلل طرابلس عبر القضاء.. والجيش يُجهِض خليّة لداعش في خربة داود
كلما يقترب مجلس الوزراء من أزمة، ينقذه رئيسه تمام سلام «بحنكته وصبره ويبقي الأمور ضمن السيطرة»، ويذهب البند المأزوم من تأجيل إلى تأجيل، فالإرجاء سيّد الأحكام، والوقت كفيل بتبريد الأعصاب وتقريب وجهات النظر، وحتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
ذهب النقاش في جلسة مجلس الوزراء أمس، كما أشارت «اللواء» إلى جدل وصفه أحد الوزراء المعنيين بأنه جرى على طريقة: «دق الميّ وهي ميّ»، في معرض تحديد مصير سدّ جنّة الذي يدافع «التيار الوطني الحر» عن بقائه مدعوماً بوزير الزراعة أكرم شهيّب في مواجهة توجّه وزير البيئة محمّد المشنوق لوقف العمل بهذا المشروع، استناداً إلى تقارير الخبراء البيئيين من ألمان وأوروبيين ولبنانيين، باعتباره يقع على خط زلازل، وبالتالي لا يجوز تعريض هذه المنطقة لأثقال مائية وأعباء مالية غير قابلة للاستمرار.
طال الوقت، واقترح الرئيس سلام إبعاده عن جلسات مجلس الوزراء لمدة أسبوعين، معتبراً أن الأولوية الآن تتصل لإنجاز الانتخابات الرئاسية والانتخابات النيابية المرتقبة.
في هذا الوقت، بقيت أزمة انتخاب رئيس الجمهورية في الواجهة، وسجلت الجلسة 40 حضور 40 نائباً فقط، في ظل سجال وتجاذب مفتوحين على إعادة اصطفاف سياسي وطائفي في البلاد من شأنه أن يقضي على الروح الإيجابية التي انبعثت من جرّاء إجراء الانتخابات البلدية.
وتحدّد موعد الجلسة 41 بعد يومين من جلسة هيئة الحوار الوطني التي تنعقد في 21 حزيران الحالي، والتي تواجه هي الأخرى أزمة من شأنها أن تطيح بمبادرة الرئيس نبيه برّي، في وقت عاد فيه اللاعبون كل إلى فريقه وملعبه:
1- تحالف معراب، «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» تجاوز اهتزازات الانتخابات البلدية التي خاضاها في أماكن ومتحدين في أماكن أخرى ومتواجهين في أماكن ثالثة، واستعاض عن فشل ترتيب مؤتمر صحفي مشترك لكل من رئيس تكتل الإصلاح والتغيير النائب ميشال عون ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع، باعتبار مرور سنة على توقيع اتفاقهما، بمثابة «حدث تاريخي» من شأنه أن يُعيد للمسيحيين حقوقهم!
ويأتي هذا الاحتفال الكلامي في السنوية الأولى، في ظل تباينات بين الطرفين واستقالات حزبية واعتكاف نواب، واشتعال مواقع التواصل، في ظل حملة غير مسبوقة على رئيس التيار الوطني الوزير جبران باسيل، انضمّ إليها بقوة وزير الاتصالات بطرس حرب الذي تحدث عن «أقزام السياسة».
2- عكس الرئيس فؤاد السنيورة في تصريحاته، على هامش مشاركته في الجلسة الأربعين، اعتراضاً على ما وصفه «تعيين» عون رئيساً للجمهورية، من دون أن يمانع من أن ينزل إلى الجلسة، فإذا فاز فهو الرئيس، مؤكداً أن لا أولوية تتقدّم على انتخاب الرئيس.
أما بالنسبة إلى قانون الانتخاب، فإنه أكد أن أقصى ما يمكن الوصول إليه هو القانون المختلط، مؤكداً أن الموقف واحد في تيّار «المستقبل» والأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية، كاشفاً أنه على اتصال بوزير العدل أشرف ريفي، وأن نتائج انتخابات طرابلس على طاولة التقييم المفتوح لدى تيّار «المستقبل».
3- فرضت شظايا الانتخابات البلدية أجواء غير صحيّة بين تيّار «المستقبل» و«القوات» وبين تيّار «المردة» وحلفائه في 8 آذار، لا سيما «التيار الوطني الحر»، وحتى بالنسبة للنائب وليد جنبلاط فهو يواجه إشكالات مع التيار الأرسلاني داخل الطائفة الدرزية، فضلاً عن تمرّد في أوساط حزبيين إشتراكيين.
4- وبالنسبة للاعتراض العلوي، فالمعالجة وضعت على سكة التنفيذ عبر المراجعة التي أعدّها النائب في كتلة المستقبل خضر حبيب أمام مجلس شورى الدولة على خلفية نتائج إنتخابات المخاتير والبلدية، باعتبار أن عدم تمثيل العلويين تنقض البند «ي» من مقدمة الدستور التي تنص: «لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك».
ودعم وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق هذه الخطوة باعتبار أن الطريق القضائي هو الذي يمكن أن يصحّح الخلل إذا ارتأت المحكمة أن هناك خللاً وليس أي إجراء آخر.
5- على أن قراءة «المستقبل» لنتائج انتخابات طرابلس، بقيت بدورها موضع متابعة لكثير من الأطراف السياسية، خصوصاً بعدما أهدى الوزير ريفي من دار الفتوى إنتصاره هدية لروح الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكل من يسير على هذه الطريق من شهداء ثورة الاستقلال وكل الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن لبنان، معتبراً نفسه مقاتلاً شرساً للدفاع عن «الحريرية السياسية في وجه كل من توهّم أنه يمكن أن يزيلها».
لكن وزير الداخلية نهاد المشنوق، أعلن مساء أمس على مسؤوليته الشخصية أنه لا يوافق على استعمال أسماء الشهداء كوسيلة من وسائل العمل السياسي، كاشفاً بأن ترشح النائب سليمان فرنجية جاء أساساً من وزارة الخارجية البريطانية، ثم انتقل إلى الأميركان ومنهم إلى المملكة العربية السعودية، فالرئيس سعد الحريري، انطلاقاً من قراءة دولية بأن الرئيس الضمانة أفضل من رئيس بلا ضمانة، مشيراً إلى أن ترشيح فرنجية لم يأتِ نتيجة خيارات شخصية، بل نتيجة خيارات وطنية لها علاقة بضمان استقرار البلد بضمانة دولية.
مجلس الوزراء
ومهما كان من أمر، فقد وصف وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس جلسة مجلس الوزراء لـ«اللــواء» بأنها عبارة عن «جلسة تضييع وقت»، مشيراً إلى ان كل فريق «تخندق» عند مواقفه، من دون أن يتزحزح عنها. موضحاً بأن الجلسة انتهت إلى لا شيء، وبقيت الأعمال في سد جنة، وأن كانت غير مسهلة، إلا انه أكد ان الحكومة لم تغرق في مياه السد، في إشارة إلى ان الجلسة كانت هادئة، لم يتخللها سجالات أو «مناوشات» بين الوزراء.
وقالت مصادر وزارية لـ«اللــواء» ان النقاش في البند المتعلق بالسد طير البحث في سائر البنود المدرجة على جدول الأعمال، لافتة إلى ان النقاش كان تقنياً وفنياً، لكن باطنه كان سياسياً، لا سيما بين وزراء «المستقبل» و«التيار الوطني الحر».
ولاحظت المصادر ان الوزراء العونيين لم يفسحوا في المجال أمام أي اقتراح من شأنه أن يحسم الخلاف في الرأي، بين من يجزم ان لا أضرار بيئية للسد، وبين من يظهر الآثار السلبية للسد بيئياً، في حين ان الوزيرين الاشتراكيين أكرم شهيب ووائل أبوفاعور كررا أهمية استكمال العمل في السد، بينما أوضح وزير الكتائب آلان حكيم الذي حضر الجلسة وحيداً من الحزب بسبب سفر الوزيرين سجعان قزي ورمزي جريج، ان موقف الحزب ينطلق من المحافظة على البيئة وإقامة سدود في أماكن مدروسة بيئياً.
وعلمت «اللــواء» ان وزير الدولة للشؤون الإدارية نبيل دو فريج قدم اقتراحاً لمعالجة المشكلة، من خلال الاستعانة بالبنك الدولي الذي يمول أضخم مشاريع السدود في كل أنحاء العالم، والتي تبلغ مساحتها أضعاف حجم سد جنة، وقال انه بالإمكان الطلب من البنك تكليف شركة هندسية عالمية يتعاطى معها اجراء دراسات جديدة للسد، بعد أن يتم وقف العمل فيه لمدة شهرين، إلا أن الوزراء العونيين لم يشأوا سماع الاقتراح ورددوا عبارات بأن هناك قراراً في التلزيم وأن التأخير سيرتب علينا غرامات، رغم ان دو فريج شرح بأن هذه الغرامات بالإمكان تحملها، لكن يجب التنبه إلى ان منطقة السد (وادي نهر ابراهيم) تقع ضمن إحدى الفيالق..
خربة داود
وكان الوزير المشنوق، في سياق مقابلته مع برنامج «كلام الناس» في تلفزيون lbci، وصف العملية الاستباقية والنوعية والتي نفذتها وحدات من الجيش ضد خلية تابعة لتنظيم داعش في قرية «خربة داود» في عكار، بأنها مهمة جداً، وإنها تأتي في سياق العمليات الاستباقية التي تقوم بها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي ومخابرات الجيش، كاشفاً بأن تنظيم «داعش» لديه أمر عمليات دائم في لبنان، وأن قوى الأمن استطاعت أن تحبط في المرة الأخيرة ثلاث خلايا إرهابية كانت تحضر لاستهداف مراكز وأحياء في الضاحية الجنوبية وخطف سياح أجانب.
وأوضح بيان مديرية التوجيه في قيادة الجيش أن قوة خاصة من الجيش دهمت صباح أمس، نتيجة الرصد والمتابعة، خلية تابعة لتنظيم داعش في القرية المذكورة، حيث بادر عناصر الخلية إلى إطلاق النار على القوة التي ردّت على النار بالمثل، وتمكنت من قتل إرهابي والقبض على ثلاثة آخرين من دون تسجيل اي إصابة في صفوف العسكريين، كما تم ضبط مخزن سلاح يحتوي على حزام ناسف وكمية من القاذفات الصاروخية والأسلحة الرشاشة والقذائف والمتفجرات والقنابل اليدوية والصواعق ومعدات عسكرية… إلخ.
وكشف البيان أن الخلية المذكورة مسؤولة عن قتل ثلاثة عسكريين، من خلال كمائن نفذتها في منطقة البيرة والريحانية في عكار، نتج عنها إصابة رتيب من شعبة المعلومات.