اللجان تعيد الكرة إلى برّي.. والضغط الإقليمي يتجدَّد على الإستقرار
نواب المستقبل يؤكِّدون التمسك بالعلاقة التاريخية مع السعودية.. والحريري يردّ متهماً الأسد «بالإرهاب»
أعادت اللجان النيابية كرة قانون الانتخاب إلى الرئيس نبيه برّي، في اجراء ليس روتينياً، ليضعه على جدول أعمال طاولة الحوار التي تنعقد بعد أسبوعين، أي في 21 حزيران الحالي.
ولا يُخفي ممثلو الكتل المشاركة في إفشال التفاهم على مسودة قانون انتخاب كان يؤمل أن تنتهي إليه المناقشات، ولو أخذت وقتاً، تشاؤمهم بالجملة والمفرق من مجرى المناقشات، والمواقف المتصلبة المبررة وغير المبررة، على مدى ما يزيد على شهر ونصف الشهر.
وتأتي هذه الخلاصة النيابية في ظل أجواء داخلية وإقليمية متشنجة، فلبنانياً تتجه الأنظار إلى سلسلة المواقف التي سيعلنها الرئيس سعد الحريري في الإفطارات الرمضانية التي يستضيفها في «بيت الوسط» وبعضها يتصل بنتائج الانتخابات البلدية في مدينة طرابلس التي انتهت بفوز اللائحة المدعومة من وزير العدل المستقيل اشرف ريفي، وبعضها الاخر يتعلق بالمضاعفات التي ترتبت على تحميل وزير الداخلية نهاد المشنوق السياسة السعودية السابقة مسؤولية ما تعرض له تيّار «المستقبل»، وردود الفعل الرافضة والمستهجنة والداعية للمحاسبة.
إقليمياً، لم يتأخر الرئيس الحريري في الرد على ما جاء في كلمة الرئيس السوري بشار الاسد لمناسبة افتتاح عمل مجلس الشعب السوري الجديد، حين وصف الرئيس السوري بأنه «أكبر إرهابي»، مغرداً عبر «تويتر»: «حين يخرج هذا المجرم من سوريا فسنرى كيف يتوقف الإرهاب، فهو مَن صنع «داعش» وأخواتها».
ولم يستغرب الحريري أن يشكر الأسد أسياده من إيران و«حزب الله»، مؤكداً «ان الشعب السوري سوف ينتصر عليهم جميعاً لأنه على حق».
وعكس خطاب الأسد في مجلس الشعب، حجم المواجهة الإقليمية – الدولية، حيث أن محافظة حلب هي ساحتها المباشرة، عندما اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتزامن مع تفجير إرهابي في اسطنبول «بالأزعر السياسي»، متعهداً أن «تكون حلب مقبرته».
وتخوفت مصادر أمنية لبنانية من ارتدادات سلبية لمعركة حلب، ليس فقط في ظل حجم العنف والتدمير الذي تتعرض له، بعدما سقطت الهدنة الدولية هناك، وإنما أيضاً بحجم النزف والخسائر البشرية، حيث أن هناك حصة للبنانيين من بين هؤلاء.
ولاحظت هذه المصادر أن الاهتمام اللبناني بالتطورات السورية من شأنه أن يحجب الاهتمام في متابعة الاستحقاقات المطروحة، ويؤدي إلى تجاذبات جديدة، قد تترك ذيولها على الحوارات الثنائية وطاولة الحوار نفسها.
كتلة «المستقبل»
وفي ما خص إزالة الآثار السلبية للتصريحات التي أدلى بها وزير الداخلية، أعادت كتلة «المستقبل» العلاقات اللبنانية – السعودية إلى نصابها الصحيح.
وقالت بعد الاجتماع الأسبوعي الذي غاب عنه الوزير المشنوق «ان الشعب اللبناني لن ينسى الدور الكبير والاستثنائي للمملكة العربية السعودية في الدفاع عن استقلال لبنان وسيادته وسلمه الأهلي، وعن صيغته الفريدة، وفي مساعدته والوقوف إلى جانبه في شتى المجالات السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية والمالية»، وذلك برعاية مباشرة من المسؤولين فيها، وفي مقدمهم «الملك فهد بن عبدالعزيز وبعده الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وما زالت مستمرة في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز».
كما نوّهت الكتلة «بالدور الاستثنائي الذي قام به وزير الخارجية الراحل الأمير سعود الفيصل، وهي الجهود التي تكللت بالاتفاق التاريخي في الطائف الذي تمت فيه إعادة صياغة وتجديد الميثاق الوطني اللبناني الذي تحول دستوراً وأنهى الحرب الداخلية اللبنانية».
وأكدت الكتلة أن «واجب الصدق والصراحة والوفاء والانصاف التاريخي يقتضي الاعتراف بما كان للمملكة العربية السعودية من اياد بيضاء على لبنان واللبنانيين»، معيدة التأكيد على «التمسك القوي بالعلاقات الأخوية والوثيقة التي تربط لبنان بالمملكة العربية السعودية».
ولاحظ نائب في الكتلة لـ«اللواء» أن بيان الكتلة في شأن الإشادة بالمملكة العربية السعودية، كان هدفه إظهار إجماع نواب الكتلة على رفض التصريحات الأخيرة للوزير المشنوق، موضحاً أن النقاش حول تصريحات المشنوق مرّ مرور الكرام ولم يأخذ وقتاً، باعتبار أن موقف الكتلة من هذه التصريحات محسوم، وهو أن هذه التصريحات غير مقبولة.
وكشف المصدر أن الكتلة تابعت درس وتقييم نتائج الانتخابات البلدية، وأبدى النواب آراء منفصلة في هذه الدراسة، مشيراً إلى أن الأمر قد يحتاج إلى عقد جلسة خاصة للموضوع، وأنه من الأفضل أن يكون الرئيس الحريري حاضراً في هذه الجلسة.
في هذا الوقت، واصل سفير المملكة في بيروت علي عواض عسيري جولته على القيادات اللبنانية الرسمية والروحية، وكانت المحطة الأبرز لقاؤه مع الرئيس تمام سلام في السراي الكبير، بعد لقائه الرئيس فؤاد السنيورة ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، حيث قالت المعلومات الرسمية أنه جرى عرض للتطورات المحلية والإقليمية، من دون الإفصاح عن مضامينها، مع الإشارة إلى أن السفير عسيري قدّم التهاني لرئيس الحكومة بحلول شهر رمضان المبارك.
وعلمت «اللواء» أن الرئيس سلام شدّد خلال اللقاء على ثبات موقف الدولة من تقدير دور المملكة التاريخي ووقوفها الدائم إلى جانب المصلحة اللبنانية، وسيكرر الرئيس سلام هذا الموقف في الخطاب الذي سيلقيه غروب يوم الجمعة المقبل في إفطار جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في «البيال».
نصائح أميركية
وعشية مغادرته مركز عمله في بيروت، وقبل مجيء السفيرة الجديدة إليزابيت ريتشارد، تحوّلت الزيارة الوداعية التي قام بها القائم بأعمال السفارة الأميركية السفير ريتشارد جونز للرئيس سلام في السراي، إلى مناسبة لإطلاق سلسلة من النصائح والإستشرافات، في مقدمها الإعراب عن الأمل بأن لا تؤجّل الإنتخابات النيابية مرّة جديدة، داعياً اللبنانيين إلى عدم التوقف عند أولوية نيابية أو رئاسية، فالمهم إنتخاب رئيس وإجراء الإنتخابات، وعدم الانتظار لما بعد ربيع عام 2017، معترفاً أن مهمته انتهت من دون أن يتمكن من تحقيق ما كان يصبو إليه، مطالباً السياسيين اللبنانيين بخطاب أفضل مع ناخبيهم.
وبعيداً عن أمنيات السفير جونز وتأملاته، كشفت صحيفة «واشنطن تايمز» أن مسؤول الاستخبارات المالية في الخزانة الأميركية دانيال غلايزر الذي زار بيروت قبل أيام سلّم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لائحة بمائة إسم من المستهدفين بالعقوبات المالية «لحزب الله» بعضها على صلة بالإعلام، وبعضها على صلة بالسياسة.
تكتل التغيير
وعلى صعيد الاستحقاق الرئاسي، توقف اجتماع تكتل «الاصلاح والتغيير» عند ما وصفه «بالواقعية السياسية» في إشارة إلى تصريحات النائب وليد جنبلاط الأخيرة.
واعتبر مصدر في التكتل أن الوقت قد حان لترجمة هذه الواقعية بإعلان التفاهم علىانتخاب العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية قبل الأول من آب عيد الجيش، بمعزل عمّا يجري في المنطقة.
وتحدثت مصادر في التكتل عن حركة في اتجاه الرابية بشأن الملف الرئاسي، من حديث عن مواعيد محددة لها، مبدية تفاؤلها حيالها، وهو ما أشار إليه عضو التكتل النائب سليم سلهب الذي كشف لـ«اللواء» عن إتصالات تتم بعيداً عن الإعلام، معتبراً أن المواقف التي صدرت لا سيما من النائب جنبلاط أظهرت قبولاً بالعماد عون كمرشح للرئاسة بعدما كان هناك رفض تام في ترشيحه.
وتوقع أن تحصل مفاوضات لكن من دون الإعلان عنها.
إلى ذلك أوضحت أن موقف وزراء التيار الوطني الحر من ملف سدّ جنّة لم يتبدل وأن ما من وسيلة لوقف العمل في هذا السدّ، وبالتالي فإن قرار مجلس الوزراء لا يزال ساري المفعول وهناك إنتظار ما إذا كان سيُصار إلى اتخاذ قرار يلغي القرار السابق أم لا، لافتة إلى أن كل الأسباب التي تمّ ذكرها لمنع العمل في السدّ سياسية وليست تقنية، ومشيرة إلى أن الوزراء سيبلغون الموقف نفسه داخل الحكومة.
مجلس الوزراء
من جهة ثانية، علمت «اللواء» ان الامانة العامة لمجلس الوزراء وجهت صباح أمس دعوة الى الوزراء لحضور جلسة مجلس الوزراء التي تنعقد صباح غد برئاسة الرئيس سلام، ومن المقرر أن يستكمل المجلس درس بنود جدول اعماله المؤجل من الاسبوع الماضي.
ونقل زوار سلام عنه حسب ما اوضحوا لـ«اللواء» عدم أرتياحه للاجواء غير الطبيعية التي تشهدها الجلسات، متمنيا أقرار بنود جدول الاعمال بشكل مريح لتسيير شؤون البلاد والعباد.
وفي شأن اللغط الذي دار حول بند النفايات في جدول الأعمال، وما تردّد أن وزير الداخلية طلب من مجلس الإنماء والاعمار إخراج بيروت من مناقصة جبل النفايات في برج حمود، أوضح رئيس مجلس الإنماء والاعمار المهندس نبيل الجسر في اتصال مع «اللواء» أن المناقصة المتعلقة بموضوع الجمع والكنس في بيروت وعدد من المناطق والتي كان من المقرّر إجراءها في السادس من الشهر الحالي تمّ تأجيلها إلى 20 الشهر من أجل إعطاء المجال لمجالس البلديات المنتخبة والتي ستتسلم مهامها في التاسع من الشهر الجاري ما إذا كانت ستتولى هي هذا الأمر، ولفت الجسر أن لا علاقة لهذه المناقصة بملف مطمر برج حمود أو غير ذلك.
وكانت مصادر في بلدية بيروت أشارت إلى أن البلدية تسعى لمعالجة ملف النفايات بشكل مستقل عن خطة الحكومة، لكن العملية تحتاج إلى سنة.
لجنة النازحين
إلى جانب ذلك، كشف وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«اللواء» أن اجتماعاً آخر للجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف النازحين السوريين سيعقد في 20 الشهر الحالي، لبحث مقاربة جديدة للملف في لبنان تراعي أمرين:
– القوانين اللبنانية المعمول بها.
– وإلحاح المجتمع الدولي على بعض الأمور التي لها علاقة بسلامة النازحين السوريين.
وأكد الوزير درباس أن الدولة اللبنانية مسؤولة عن اللاجئين وهي ملتزمة وحريصة على حسن الضيافة، خلافاً لما تعلنه مؤسسة «هيومن رايتس ووتش» التي تنكل بلبنان، علماً أن لبنان لم يطرد سورياً واحداً، والسوريون يتجولون فيه بحرية، ولم يعامل أحداً بفظاظة ومما يتناسب مع واجبات الضيافة.
وشدّد درباس على أن السياسة اللبنانية تجاه السوريين مقررة منذ مُـدّة ولا خلاف عليها، لكن في المسار الطويل ممكن أن تكون هناك نيّات للتوطين نحن نواجهها ونحاول في الوقت نفسه أن نطوّر وسائل التعاطي مع المجتمع الدولي، مع التأكيد بأننا لن نكون شركاء في جريمة تجريد الشعب السوري من هويته وأرضه.
اللجان
أما في شأن قانون الانتخاب، فلم تفلح اللجان النيابية المشتركة، بتأمين توافق الحد الأدنى على القانون المختلط، بعد ان تحول النقاش الى معركة معايير، حيث غاب المعيار الموحد بين النسبي والأكثري، ودخل النقاش في نفق الخصوصيات والهواجس من دون أن يثمر عن اي جديد على صعيد قانون الإنتخاب، وإن بقي كل فريق يرفض قانون الستين أو الدوحة، كما يرفض التمديد، إلا أنه من الواضح ان هذين الخيارين، قد يكونان وحسب الظروف الحل الوحيد لتفادي الفراغ الكبير في ظل غياب رئيس الجمهورية.
وفي تقدير نائب في كتلة المستقبل أن اللجان تتجه إلى الفشل، باعتبار أن علاج القانون يكون بالسياسة وليس بالتقنيات.
ولفت النائب أن موضوع النسبية الكاملة مرفوض من المستقبل، وأن القانون المختلط هو أقصى ما يمكن أن توافق عليه.