IMLebanon

ما بعد إستقالة الكتائب: جنوح إلی الرئاسة أولاً أو إلى المؤتمر التأسيسي؟

ما بعد إستقالة الكتائب: جنوح إلی الرئاسة أولاً أو إلى المؤتمر التأسيسي؟

سلام: خطوة خاطئة وانتقاد عوني.. وموقف قريب لنصر الله من الأزمة مع المصارف

بقلم المحرر السياسي

ما إن احتوى الوسطان السياسي والمصرفي تداعيات انفجار «بلوم بنك»، حتى ألقى رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل بحجر استقالة وزيريه سجعان قزي وآلان حكيم من «حكومة المصلحة الوطنية»، في «بركة الهريان» في الدولة، على أمل إحداث «صدمة إيجابية» في بلد ينوء تحت أعباء ثقيلة: فاقتصاده هبط نموه إلى ما دون الصفر ومؤسساته الدستورية بين التعطيل والشلل من الرئاسة الأولى إلى مجلس النواب إلى الحكومة التي يجاهر رئيسها ليل نهار بأن لا شيء يبقيه على رأسها سوى الحرص على البلد وتجنيبه مخاطر «الفراغ الكبير»!

ومع تتالي الصدمات، وعضّ الرئيس تمام سلام على الجراح، حيث أبدى أمام زواره، كما نقلوا لـ«اللواء» «إنزعاجه الشديد من موقف الكتائب في هذه الظروف الدقيقة والصعبة التي تمر بها البلاد»، معتبراً أن «الوقت غير مؤاتٍ للقيام بمثل هذه الخطوة»، يمكن القول أن البلاد وضعت أمام المنعطف: ضغط بكل الاتجاهات، والهدف تسريع انتخاب الرئيس للخروج من النفق المظلم الذي يكثر ما تبقى من سفراء أوروبيين وعرب من الدعوة إلى تدارك الدخول فيه، أو ترك الوضع يتآكل، وينتقل من خطر إلى خطر، بحيث لا يبقى من مجال سوى تحوّل المجلس النيابي إلى مؤتمر تأسيسي.

الأوساط المعنية بالوضع اللبناني لا تسقط من حسابها كلا الاحتمالين، وإن كانت تعتبر أن مستقبل الوضع السياسي اللبناني يتوقف إلى حدّ كبير على نتائج معركة حلب، والتي تلقي الدولتان الكبريان ودول الاتحاد الأوروبي لا سيما فرنسا وألمانيا وبريطانيا بثقلها لحجز مكاسب لها في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب، أو مرحلة ما بعد الأزمة.

وفي ما خصّ الاحتمال الأول، اعتبرت هذه الأوساط أن مفاعيل انفجار «بلوم بنك» لم تقف عند الحدود الاقتصادية، حيث أن المصارف اللبنانية تعرف تماماً مسؤولياتها تجاه كافة شرائح المجتمع اللبناني وبالتالي فلا تغيير لا في نمط الأداء ولا في الامتثال لقانون العقوبات التي فرضها القانون الأميركي، بل إن تداعياتها المباشرة تتصل بالاستحقاق الرئاسي، حيث يعاد خلط الأوراق من جديد، سواء على مستوى الأقطاب الأربعة الذين تضمنتهم لائحة بكركي، أو على مستوى موظفي الفئة الأولى، لا سيّما الموارنة الثلاثة الأقوياء منهم.

وتكشف هذه الأوساط أن النقاشات تجددت بقوة حول التوجه نحو حسم إسم الرئيس العتيد سواء كان من داخل الحلقة السياسية، أو على مستوى موظفي الفئة الأولى.

وتربط هذه الأوساط بين التداعيات الأولى للانتخابات البلدية من بروز حالة اللواء أشرف ريفي إلى ما بعد تصريحات الوزير نهاد المشنوق وما تلاها من مواقف للرئيس سعد الحريري، وتأكيده على أنه قرّر مواجهة التحديات والبقاء في بيروت، مشدداً على تفاؤله في إمكان الخروج من المأزق الراهن، وفاتحاً نقاشات تتعدّى تيّار «المستقبل» إلى التجمعات والتكتلات الحزبية الأخرى، ووقوع الانفجار في مصرف «لبنان والمهجر»، ثم استقالة الكتائب، بحيث فقدت الحكومة لغاية الآن ثلاثة من وزرائها لدرجة يمكن اعتبارها مستقيلة مع وقف التنفيذ.

وعلى هذا الصعيد، لم تقلّل هذه الأوساط من احتمال تجدد البحث في موضوع النائب ميشال عون ضمن صفقة متكاملة تشمل رئاسة الحكومة وقانون الانتخاب ومصير حزب الله في سوريا.

واعتبرت هذه الأوساط أن تمسك «المستقبل» و«حزب الله» كليهما باستمرار الحوار، حيث ستعقد الجلسة الثلاثون في 23 الشهر الحالي، أي الخميس الذي يلي غداً الخميس، مؤشر على استمرار الجهود لمنع انزلاق لبنان إلى ما لا تحمد عقباه.

ولم تستبعد مصادر عليمة من أن تكون استقالة الكتائب في توقيتها وسياقها وشكل إعلانها، تحمل في طياتها ترشيحاً لرئيس الحزب النائب الجميّل للرئاسة الأولى.

وتنسب هذه المصادر إلى مصادر كتائبية قريبة من الجميّل أن فريقي 8 و14 آذار أعطيا الفرصة لكل من النائبين عون وسليمان فرنجية وقبلها للدكتور سمير جعجع فلماذا لا تعطى الفرصة للنائب الجميّل وهو من بين الأربعة (كحزب) في لائحة بكركي.

وتوقفت هذه الأوساط عند اللهجة المعتدلة في كلام النائب الجميّل عندما شدّد على «أننا نضع يدنا بيد كل الشباب من كل الطوائف والطبقات لتحقيق التغيير الصحي والصحيح لمصلحة كل اللبنانيين».

أما بالنسبة للاحتمال الثاني (المؤتمر التأسيسي) فتلتقط مصادر نيابية مؤشراته من الوقائع التالية:

1- قلة الاكتراث الدولي بمساعدة لبنان على تجاوز مأزق الشغور الرئاسي.

2- إصرار الولايات المتحدة الأميركية على تنفيذ جامد لقانونها في ما خصّ العقوبات على حزب الله في توقيت مُريب وغير مفهوم، ومن شأنه أن يحدث مزيداً من الشقاق في الجسم اللبناني المريض.

3 – ربط مصير التسوية في لبنان بمسار التسوية في سوريا، باعتبار أن ما يعد لأحدهما يترك تأثيراته على الآخر، سواء في ما خص نظام الحكم (نظام برلماني أو رئاسي في دولة واحدة) أو كونفدرالية أو فيدرالية في كلا البلدين.

4 – شعور معظم النواب بأن لا إمكانية للتوصل إلى قانون جديد للانتخابات أقله قبل انتخاب رئيس للجمهورية، وإعلان التكتل العوني في اجتماعه أمس أن «عرقلة الوصول إلى قانون انتخاب جديد للتمديد للوضع الحالي نيابياً، استناداً إلى قانون الستين، وفي حال حصل ذلك، سيكون لنا موقف حاسم بحجم المخالفة الدستورية والميثاقية التي يتم تثبيتها منذ الطائف»، في إشارة لا تقبل التأويل الى مقاطعة الانتخابات النيابية على اساس قانون الستين، مما يعني مرور الفترة المتبقية من ولاية المجلس من دون حصول انتخابات، وبالتالي تحوّل المجلس الى مؤتمر تأسيسي، في ظل غياب رئيس الجمهورية، وربما استقالة الحكومة.

استقالة الكتائب

وعلى وقع هذه الأجواء بإيجابياتها وسلبياتها ادخل حزب الكتائب الحكومة ومعها البلاد والساحة المسيحية في نفق خلافات جديد، إذ اعلن النائب الجميل بصفته رئيس الحزب استقالة وزيريه وترك الحرية لوزير الاعلام رمزي جريج المقرب من الحزب اتخاذ القرار المناسب، وهو كان زار السراي امس والتقى الرئيس سلام وأبلغه انه لن يستقيل ولن يشترك في ضعضعة الوضع الحكومي.

وإذ برر الوزير حكيم الاستقالة بقوله رداً على سؤال لـ«اللواء»: نريد أن تحدث صدمة، ولن نقبل أن نلعب لعبة أن كل شيء ماشي، واصفاً الاستقالة بأنها «خيار عندما شعرت الكتائب أن بقاءها يساوي عدمه في الحكومة، رابطاً هذه الاستقالة برفض منطق الصفقات وملف النفايات والاتجاه للتمديد لنائب مدير جهاز امن الدولة العميد محمّد الطفيلي وإصرار الحزب على وقف التهجم على المصارف، معرباً عن أمله في أن تؤدي إلى الضغط لانتخاب رئيس للجمهورية، ومؤكداً ان المقاومة من داخل الحكومة باتت بلا جدوى.

ولم تنفع المعالجات في ثني النائب الجميل عن المضي في هذا القرار، منذ أن تسربت المعلومات عن قرار الكتائب بسحب وزيريه في الاجتماع المطوّل للمكتب السياسي مساء الاثنين الماضي، والتي ساهمت فيها شخصيات وزارية وسياسية وروحية من دون جدوى.

وقالت مصادر سياسية مسيحية لـ«اللواء» أن الاستقالة عبثية، وأن نواب الحزب وحتى الوزراء لم يكونوا متفهمين لهذا الموقف الاعتراضي الذي لن يجدي نفعاً، وأن الحفاظ على ما تبقى من الدولة ينبغي ان يتقدّم على المزايدات والطموحات الشعبوية غير المحسوبة.

وفي حين تطرح استقالة ثلاثة وزراء سابقة دستورية ليس من الممكن إيجاد حل لها في غياب رئيس الجمهورية، عبّر الرئيس سلام عن انزعاجه مما يجري وعدم اطمئنانه إلى المستقبل، مؤكداً كما نقل عنه الوزير بطرس حرب «اننا أسرى في سجن السلطة وننتظر رئيس الجمهورية ليفتح لنا باب السجن».

وقال الرئيس سلام لـ«اللواء» أن خطوة الكتائب غلطة ولا يجوز تعطيل البلد لأي سبب.

وانتقد التيار العوني في بيانه أمس خطوة الكتائب قبل إعلانها.

انفجار فردان

وبالنسبة للانفجار الذي حصل في فردان غروب الأحد الماضي، توقعت مصادر قريبة من «حزب الله» أن يخرج الحزب عن صمته حيال استهداف «بنك لبنان والمهجر»، وأن يتولى أمينه العام السيّد حسن نصرالله شخصياً مهمة الرد على الاتهامات التي طاولت الحزب أو حاولت ربط التفجير بالحملة الاعلامية والسياسية التي استهدفت القطاع المصرفي وحاكمية مصرف لبنان.

وفي تقدير هذه المصادر أن الجهات التي تقف وراء الانفجار باتت معروفة، وأن الحزب يملك معلومات مفصلة عنها وعن الأشخاص الذين قاموا بالتنفيذ، وكشفت بأن الحزب وضع الجميع بالمعطيات التي يملكها بمن فيهم الرئيس سعد الحريري.

وأكدت المصادر أن لهجة السيّد نصرالله لن تكون هادئة خصوصاً تجاه الولايات المتحدة، ولا باتجاه أوروبا التي تتخوف المعلومات من أن تحذو حذو الولايات المتحدة في هذه العقوبات.

كتلة المستقبل

وكانت كتلة «المستقبل» النيابية قد طالبت في بيانها الأسبوعي أمس السلطات القضائية والأجهزة الأمنية اللبنانية «بالعمل بكل مهنية وجدية وحرفية وسرعة على إنجاز جميع التحقيقات اللازمة لكشف الجهات التي نفذت وتلك التي تقف وراء هذا الاعتداء الارهابي الذي استهدف القطاع المصرفي»، ووصفته بأنه «واحد من أكبر وأخطر الجرائم الإرهابية التي تستهدف لبنان منذ فترة بعيدة، ويتقصد ترهيب القطاع المصرفي وتهديد نظام المصلحة اللبناني، وبالتالي تهديد الأمن القومي والمعيشي للبنان واللبنانيين».

واعتبرت الكتلة أن «الحملة الإعلامية والسياسية العنيفة التي شنّها «حزب الله» وبعض الإعلاميين المقرّبين منه والمحسوبين عليه والتي استهدفت مصرف لبنان والقطاع المصرفي اللبناني هي التي أتاحت المجال ومهّدت الطريق والأجواء الملائمة لارتكاب هذه الجريمة الإرهابية».

إلى ذلك، كشفت مصادر أمنية أن التحقيقات بالانفجار أحرزت تقدماً بالنسبة للسيارتين اللتين رصدتهما الكاميرات الموجودة في المكان، وهما سيّارة من نوع ب.أم.دبليو وأخرى من نوع «كيا» سوداء اللون.

وبحسب المعلومات فإن السيّارة الأولى وصلت إلى الشارع الخلفي لمبنى المصرف من ناحية كورنيش عائشة بكار وتوقفت بجوار حائط ثانوية الظريف الرسمية، في حين وصلت السيّارة الثانية من جهة الكونكورد وتوقفت بمحاذاة المصرف، ونزل منها شخص لم تتبيّن ملامحه بسبب وجود شجرة في المكان، ثم غادرت السيارتان في اتجاهين متعاكسين، وبعد 4 دقائق وقع الانفجار.