Site icon IMLebanon

الإستقالات غير قائمة دستورياً.. وعناية دولية وعربية بالإستقرار

الإستقالات غير قائمة دستورياً.. وعناية دولية وعربية بالإستقرار

الحريري: لن أفرّط بالأمانة وتورّط حزب الله يضرُّ بالشيعة { عسيري: للحفاظ على عروبة لبنان

خلال إفطار السفير السعودي في مقر السفارة غروب أمس، وبدا من اليمين المفتي الشعار، الرئيس ميقاتي، الوزير زعيتر، الرئيسان سلام، الحسيني، المفتي الجوزو، السفير عسيري، المفتيان دريان والميس، الرئيس السنيورة، والمفتون: الصلح،اللدن، دلة، سوسان، والحبال (تصوير: جمال الشمعة)

ينقضي الأسبوع الثاني من شهر رمضان المبارك بأجواء مغايرة لما بدأه الأسبوع الأول: فانفجار «بلوم بنك» تمّ احتواء تداعياته، ولم تفد التحقيقات عن جديد في ما خصّ الجهة التي استهدفته، وحملة الإشاعات لم تزد الوضع سخونة، بل ربما ارتفاع درجات الحرارة، بدءاً من الخميس المقبل، ستكون الحاضرة مع نهاية فصل الربيع، والمميّزة للمناخ الطبيعي اللبناني، في حين بدا أن الاستقرار موضع عناية عربية ودولية، وتفاهم لبناني على عدم التفريط به.

فسفير المملكة العربية السعودية علي عواض عسيري يواصل من خلال الاتصالات مع مختلف الأطراف اللبنانية لتوحيد الكلمة، وحسب الإفطار الذي أقامه غروب أمس في مقر السفارة في بيروت والذي حضره ممثّل الرئيس نبيه برّي الوزير غازي زعيتر والرؤساء تمام سلام وحسين الحسيني وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ومفتو المناطق، في إطار جمع الشمل وتوحيد الكلمة، وإظهار حرص المملكة على وحدة المسلمين واللبنانيين، حفاظاً على هوية لبنان العربية واستقراره، وتأكيداً على أن «رسالة الإسلام السمحاء لم تؤثر فيها تصرفات مجموعات دخيلة على الدين الحنيف»، على حدّ تعبير السفير عسيري، في كلمة له في إفطار جمعية متخرّجي المقاصد الإسلامية غروب اليوم السابق.

واعتبر عسيري، في المناسبة عينها، أن الحوار البنّاء بين الحضارات والشعوب والأديان يلغي التعصّب والغلو والتطرّف الأعمى، ويخلق آليات جديدة للتواصل بين البشر.

ولاحظ السفير عسيري أن هناك بعض الجهات، من دون أن يسميها، «تعمل لتغيير هوية لبنان العربية ورسالته المنفتحة على العالمين العربي والغربي، وإلباسه لبوساً سياسياً وفكرياً غريباً عن تاريخه وتركيبة شعبه.

إفطار الحريري

لبنانياً، شكّل الإفطار الثاني في البقاع للرئيس سعد الحريري محطة من محطات تعزيز الوحدة الداخلية، ومرآة عاكسة لأهمية رفض الانجرار إلى ما يدور في المنطقة، ولا سيما في سوريا.

وقال الحريري في إفطار على شرف عائلات من زحلة والبقاع الأوسط وبعلبك غروب أمس في مطعم «سما شتورة»: «أنا غير مستعد لا من أجل المزايدات ولا من أجل الانتخابات ولا من أجل أي شيء في الدنيا أن أسمح لأهلي هنا في البقاع، وفي لبنان، أن يتعرّضوا لما يتعرّض له أخوتنا في سوريا».

ووصف موقفه هذا بأنه «أمانة رفيق الحريري» «ولست مستعداً لا لأن أفرّط بهذه الأمانة، أو أن أفرّط بكم».

وتطرق الرئيس الحريري، إلى الفصل ما بين الشيعة و«حزب الله»، معتبراً أن المشكلة أن حزب الله لا يعترف بالأثمان الباهطة التي أدّت إليها سياسته الأمنية والعسكرية في سوريا، والتي وصفها بأنها «لعنة يدفع ثمنها آلاف الشباب اللبناني على جبهات القتال المجنون ومئات آلاف اللبنانيين بمختلف مصالحهم».

واتهم «حزب الله» بأنه يمنع مند سنين إكتمال النصاب في مجلس النواب، فالوضع الحالي قد يكون مريحاً بالنسبة إليه، دولة مشلولة واقتصاد منكوب، ولا يمكن إتخاذ أي قرار يسيّر أمور النّاس ويرمي المسؤولية على سعد الحريري.

وقال: «لن نكلّ ولن نملّ وسنناضل بالسياسة والإقناع لمنع الفتنة في بلدنا، والحلول تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية».

إستقالة الكتائب

وخلافاً للتوقعات بأن تؤثّر استقالة وزيري الكتائب سلباً على عمل الحكومة، اتجهت الأوضاع إلى تفعيل عملها، فتقرر بدل عقد جلسة واحدة في الأسبوع عقد جلستين، واحدة بجدول أعمال عادي، والثانية تنصبّ على دراسة الملفات الخلافية، والتي تحتاج الي خبراء ودراسات ومقاربة تقنية وبيئية واقتصادية.

ورأت مصادر وزارية مطلعة أن استقالة وزيري الكتائب سجعان قزي وآلان حكيم لم تأخذ مجراها الطبيعي، وبالتالي فهي غير قائمة من وجهة نظر مرسوم تشكيل الحكومة.

وخطأت هذه المصادر الموقف الذي عبّر عنه رئيس الكتائب النائب سامي الجميّل من أن استقالة الوزيرين تكون شفهية وليست خطية، نظراً لعدم وجود رئيس للجمهورية، لأن ذلك يتعارض مع مفهوم الإستقالة التي تعني الإنقطاع عن ممارسة أي عمل، وعدم المجيء إلى المكاتب، بما في ذلك، عدم إمضاء البريد اليومي، أو إصدار القرارات أيّاً كانت، وتعني كذلك، إما أن يقوم الوزير بالوكالة بالمهام الدستورية للوزير بالإصالة أو يجري تعيين بديل عن هؤلاء بعد صدور مرسوم قبول الإستقالة.

وهذه الإجراءات الدستورية تكون في حال وجود رئيس للجمهورية وانتظام عمل المؤسسات.

وغاب عن بال رئيس الكتائب الذي انتقل من السراي إلى المطار في طريقه إلى لندن، أن الاستقالة وفقاً لنظام الطائف تقدّم لرئيس مجلس الوزراء لكن مرسوم قبولها يوقعه رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء معاً، في حين أن استقالة الحكومة يصدر مرسوم قبولها عن رئيس الجمهورية فقط.

وبناء على ما تقدّم، أشارت هذه المصادر الوزارية إلى أن خطوة الجميّل تعتبر نصف تراجع عن الاستقالة، حيث أن لا الأعراف ولا الدستور تنص على أن رئيس حزب أو كتلة هو من يقدم الاستقالة للجهة المعنية، فالوزير هو الذي يقدم استقالته وليس حزبه من يمنع الاستقالة عنه، وإلا اعتبرت الاستقالة سياسية وليست عملية تنفيذية أو دستورية.

وبمنأى عن السجال اليومي بين الكتائب والتيار «العوني» الذي غالط الجميّل في ما خصّ الاستقالة الشفهية ومرجعها، تعاملت الأمانة العامة مع الوزراء: قزي وحكيم ووزير العدل أشرف ريفي كأنهم غير مستقيلين ووزعت عليهم جدول أعمال جلسة الأربعاء ذي البنود الـ49 وأخطرتهم بإمكان عقد جلسة ثانية يوم الجمعة، تكون مخصصة لمشاريع مجلس الإنماء والاعمار، بما في ذلك ملفيّ النفايات وسدّ جنّة.

وهذه ليست سابقة، فقد دأبت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، بعدما استقال منها الوزراء الشيعة على أن تبعث إليهم بجداول أعمال الجلسات كلها، وكان على الأقل وزراء حركة «أمل»، وبينهم وزير الصحة السابق محمّد جواد خليفة يواظبون على توقيع بريد الوزارات التي كانوا على رأسها.

ومن غير المستبعد أن يتطرق الرئيس تمام سلام في كلمته غروب الثلاثاء المقبل في افطار دار الأيتام الإسلامية إلى الأوضاع المحيطة بعمل الحكومة، فضلاً عن التطورات الجارية في البلاد والحاجة الملحة للاستمرار في تحمل المسؤولية الوطنية، ريثما تأتي اخبار إيجابية تتعلق بالاستحقاق الرئاسي وإنهاء الوضع الشاذ في البلاد.

أسبوع حافل

والأسبوع السياسي الذي يبدأ الثلاثاء في 21 الجاري بجلسة رقم 19 لهيئة الحوار الوطني التي عليها أن تحدد خيارات غير قابلة للتأجيل تتعلق بقانون الانتخاب الجديد شكلاً ومضموناً، وامكاناً وتوقيتاً، يختتم بخطاب تتجه الأنظار إليه للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، الجمعة، حيث يتعين عليه أن يتصدى لجملة من الأسئلة تتمحور حول أربعة أمور.

1- الأزمة مع المصارف وخيارات الحزب إزاءها، فضلاً عن الحوار مع تيّار المستقبل، وما أثاره الرئيس سعد الحريري من انتقادات تتعلق بإداء الحزب، سواء لجهة اشتراكه في الحرب السورية، وما ترتب علی هذا الدخول من خسائر بشرية وعقوبات أميركية، وقطع للاتصالات مع دول عربية، أو ما يتعلق بعدم مشاركته في جلسات انتخاب رئيس للجمهورية.

ولم يستبعد مصدر مطلع أن يتطرق السيّد نصر الله إلى الموضوع الداخلي عرضاً أو تركيزاً الی ما كشف عنه الوزير السابق وئام وهّاب، من أن لدى النائب ميشال عون تفويضا من السيّد نصر الله للتفاوض مع الرئيس الحريري حول رئيس الحكومة في إيحاء ان رئاسة الحكومة في مقابل رئاسة الجمهورية.

2 – والمحور الثاني يتعلق بارتفاع منسوب الكلام الإعلامي عن تحضيرات إسرائيلية للحرب الجديدة المقبلة مع لبنان، ومع حزب الله على وجه التحديد، لجهة عدد الصواريخ التي تقدرها الاستخبارات الإسرائيلية بين 40 و45 ألف صاروخ يمكن ان تكون منصات اطلاقها في مناطق خارج جنوب لبنان والبقاع.

3 – المعارك الجارية في سوريا والنزف البشري المستمر، سواء ما يتعلق بالحزب أو القوى المتحاربة الأخرى مع بروز داخل الإدارة الأميركية بأن تشن الطائرات الأميركية وطائرات التحالف الغربي غارات على مواقع الجيش السوري بالإضافة إلى مواقع «داعش» و«النصرة».

وإذا ما اتخذت الأمور هذا المجرى، يمكن أن تكون وحدات الحزب ومواقعة على الأراضي السورية وفي حلب عُرضة لغارات التحالف الغربي.

4 – وضعية الحزب في ضوء الضغوطات الأميركية المالية، وما يتردد عن محاصرته جدياً من الناحية المالية وداخل بيئته الشيعية، بالإضافة إلى ما يطبخ على صعيد تضييق الحصر على حزب الله سياسياً واعلامياً.

واستبق الحزب خطاب أمينه العام، ببيان نفى فيه بشكل قاطع، واعتبره ادعاءات واكاذيب عن الوضع الميداني في سوريا، ومنها حصول اشتباكات بين الجيش السوري وحزب الله واشتباكات أخرى بين الحزب وفصائل حليفة، وكذلك الادعاء بسقوط شهداء من الحزب في غارات جوية للطيران السوري على مواقعه، مشيرا الىان هذه الأكاذيب تصدر عن ماكينة إعلامية اعتادت الكذب والافتراء وتزوير الوقائع، وهي مرتبطة بأجهزة مخابرات محلية وعربية ودولية.