الحوار الحاسم اليوم: ضمانات المبادرة والقانون المختلط
ردّ وجداني من قزي على قرار فصله من الكتائب.. وإجراءات أمنية استثنائية لموسم الصيف
إذا كان حزب الكتائب طوى نهائياً قضية استقالته من الحكومة، بقرار قضى بفصل وزير العمل سجعان قزي نهائياً من الحزب، بعد مطالعة معللة قدمها الأمين العام جوزيف أبو خليل وانطوت على عشر مخالفات تنظيمية وسياسية، تحفظت الأوساط الكتائبية عن ذكرها، وإبلاغ وزير الاقتصاد آلان حكيم «اللواء» انه سيمتنع عن تصريف الأعمال، وانه ملتزم كلياً بقرار الاستقالة من الحزب، فان الحكومة أصبحت أمام وضعية جديدة، إذ هي خسرت وزيراً وحيداً، إذ لم يبق امام الوزير قزي إلا العودة عن الاستقالة، وفي أقل تقدير تصريف العمل. في حين قال وزير العدل المستقيل اللواء اشرف ريفي انه لم يستقل للمناورة، وانه ينتظر تبلغه مرسوم قبول الاستقالة حتى يتوقف عن توقيع معاملات الوزارة والبريد.
وفي ضوء هذه الوضعية، نشّطت الحكومة مهامها، فترأس الرئيس تمام سلام يوم أمس اجتماعين على غاية من الأهمية، أحدهما يتعلق بالوضع الأمني الذي حضره وزيرا الدفاع والداخلية سمير مقبل ونهاد المشنوق، وقائد الجيش العماد جهان قهوجي والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم والامين العام لمجلس الدفاع اللواء محمد خير ومفوض الحكومة القاضي صقر صقر ومدير المخابرات العميد كميل ضاهر، وغاب عنه المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص بسبب وفاة نجله، ومدير عام جهاز أمن الدولة اللواء جورج قرعة للأسباب المعروفة، والثاني يتصل بملف النازحين السوريين من أجل توحيد الرؤية لمواجهة التدفق المستمر وتزايد أعداد النازحين عددياً بالتناسل، في ضوء ارتفاع نسب الولادات، وذلك بالتزامن مع «اليوم العالمي للاجئين».
وحول هذا الملف الذي غاب عنه وزير العمل سجعان قزي ووزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لأسباب صحية، قال وزير الخارجية عضو اللجنة جبران باسيل لـ«اللواء» ان الملف لا يزال يحتاج إلى مزيد من الدراسات والإحصاءات.
وفي ما خص الملف الأمني، كشفت مصادر المجتمعين لـ«اللواء» انه جرى استعراض الإجراءات المتخذة في كل المناطق اللبنانية، حول المصارف وعند مداخل الضاحية وفي الشوارع والمطاعم التي يرتادها اللبنانيون في مواسم الإفطارات والسهرات.
وأشارت هذه المصادر إلى أن المخططات التي تستهدف زعزعة الاستقرار الأمني في لبنان تستوجب رفع الجهوزية والتنسيق بين مختلف الأجهزة، في ضوء موجة الإرهاب التي تضرب عواصم العالم والمنطقة، وتهدد لبنان.
وقالت هذه المصادر انه مع دخول البلاد فصل الصيف بدءاً من اليوم، فان إجراءات اتخذت لحماية المناسبات الفنية والسياحية والمهرجانات التي تشهدها العاصمة ومختلف المناطق اللبنانية، من خلال شخصيات فنية لبنانية وعربية ودولية.
وفي هذا الإطار، تخوفت مصادر دبلوماسية من أن تؤدي الاحداث المتوقعة في البحرين في ضوء تهديدات رئيس «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني العميد قاسم سليماني الذي هدّد بثورة مسلحة تطيح بسلطات المملكة على خلفية نزع الجنسية من الشيخ عيسى القاسم، وبعد البيان العنيف الذي أصدره «حزب الله» (الخبر في مكان آخر)، إلى تحميل لبنان أعباء إضافية من التجاذب الخليجي – الإيراني، والذي يتزامن مع أوضاع معقدة في العراق، في ضوء معارك الفلوجة التي لم تنته بعد، والمعارك الطاحنة في أرياف حلب الشمالية والشرقية والجنوبية، وما يتردد عن خسائز مني بها «حزب الله» وتركت تداعيات لدى اهالي الضحايا الذين يتساقطون بالعشرات منذ اكثر من أسبوعين، واندلاع سجالات وتهديدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين أصوات تدعو لوقف تدخل «حزب الله» في سوريا، وأخرى تعترض على هذه الدعوات وتعتبر انها تضعف جبهة الحزب والعمليات.
ومن المتوقع أن تضاف هذه المعطيات إلى لائحة النقاط التي سيثيرها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله في خطابه يوم الجمعة المقبل والذي يعقبه خطاب غروب الجمعة للرئيس سعد الحريري، توقعت مصادر نيابية ان يتضمن رداً على ما سيقوله نصرالله، مع العلم أن الجلسة رقم 30 للحوار الثنائي بين «المستقبل» و«حزب الله» ستعقد بعد غد الخميس، وعلى جدول أعمالها البند الأمني بشكل رئيسي من زاوية الحفاظ على الاستقرار، وإبعاد النار الإقليمية من أن تمتد إلى لبنان، لا سيما بعد تفجير «بلوم بنك» قبل أكثر من عشرة أيام.
طاولة الحوار
أما طاولة الحوار التي تشخص الإنظار إليها اليوم فإنها ستركّز على بند رئيسي يتعلق بمآل مشاريع قوانين الانتخاب والأجوبة النهائية التي يحرص قادة الكتل المشاركون في الحوار على إعلانها تباعاً، وبمحاضر رسمية في الجلسة، لا سيّما من قبل كتل «المستقبل» والكتائب و«المردة» و«التيار الوطني الحر»، بعد أن كان رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط أعلن موافقته فوراً على مبادرة الرئيس نبيه برّي وكذلك الحال بالنسبة لكتلة «الوفاء للمقاومة».
وحسب المعلومات المتوافرة لـ«اللواء» فإن حزب الكتائب الذي فصل بين خروجه من الحكومة والبقاء في طاولة الحوار سيعتبر أن الأولوية الآن هي لانتخاب الرئيس، لأنه لا يمكن الاستمرار في هذا الوضع أو تبديل الأولويات، وهذا يعني أن الرئيس فؤاد السنيورة والنائب سامي الجميّل والوزير بطرس حرب ونائب رئيس المجلس فريد مكاري والوزير ميشال فرعون سيدلون بمطالعات إعتراضية على المبادرة لجهة أن الأولوية من وجهة نظرهم هي لانتخاب الرئيس وليس لإجراء إنتخابات نيابية، خلافاً لمواقف كل من الوزير باسيل والنائب محمّد رعد والنائب هاغوب بقرادونيان رئيس الطاشناق، في حين يبدو النائب ميشال المرّ أقرب إلى موقف الرئيس برّي، وكذلك الرئيس نجيب ميقاتي الذي لا يمانع من الاتفاق على قانون انتخابات نيابية، لكن إجراء إنتخابات رئاسية يجب أن يتقدّم على النيابية.
وفي ما خصّ النائب أسعد حردان فإنه سيدعم مطالبة الرئيس برّي، مع الإشارة إلى أن النائب طلال أرسلان يؤيّد المبادرة، وإن كان لن يُشارك في جلسة اليوم بداعي السفر.
وقالت المصادر أن النقاشات ستكون حادّة وجدّية، وأن ثمّة رغبة مشتركة من كل الأطراف بالوصول إلى تفاهم موصول بضمانات يفترض أن يقدمها الرئيس برّي بانتخاب رئيس للجمهورية.
فصل قزي
وبالعودة إلى فصل الوزير قزي من حزب الكتائب، فإن الوزير «الذي لم يستقل ليعود عن الإستقالة» أعرب عن حزنه لما وصفه «بالقرار الخاطئ الثاني أي فصله من الحزب»، واصفاً نفسه «بالرمز الذي كتب كتباً عن أفكار حزب الكتائب».
ولم يُخفِ قزي الإعراب عن اعتقاده أن قرار الفصل غير مرتبط بالإستقالة، بل هو قرار قديم تمّ إخراجه الآن.
ولم يغفل وزير العمل عن تأكيد علاقته الوجدانية مع كل من الرئيس بشير الجميّل ثم الرئيس أمين الجميّل الذي وصفه بأنه «أعزّ إنسان في حياته» وهو لم يعتد أن يشرب من البئر ويرمي فيه حجراً، معتبراً أنهم «أخذوا قرار الاستقالة من الحكومة حتى يتم صرفه من الحزب، بما يشبه الصرف التعسفي».
ويذكّر قرار فصل قزي بقرار اتخذه حزب الكتائب عام 1984 عندما فصل النائب والوزير السابق إدمون رزق والنائب المرحوم لويس أبو شرف من الحزب على خلفية قرار اتخذه الحزب آنذاك بالتصويت للرئيس حسين الحسيني بدل الرئيس كامل الأسعد.
لكن مصادر كتائبية خالفت تقديرات قزي وقالت أن قرار الفصل يتعلق بالإستقالة، وكشفت أن القرار اتخذ بالإجماع، مذكّرة باجتماع المكتب السياسي الذي ناقش الاستقالة من الحكومة وحضره آنذاك وزير العمل وكان هو أول من صفق له.
وتوقعت هذه المصادر أن يكون قزي تعرّض لضغط فتراجع في اجتماع المكتب السياسي 180 درجة وعاد أمس للتراجع 180 درجة أخرى، في إشارة للموقف الذي أعلنه من السراي بعد لقائه الرئيس سلام، في محاولة لتقديم الطاعة للحزب، لكن الحزب ليس مكسر عصا، كما قالت المصادر الكتائبية لـ«اللواء» ليل أمس.
يُشار إلى أن قرار المكتب السياسي الكتائبي استند إلى مطالعة الأمانة العامة للحزب والتي تضمنت مخالفات واضحة ارتكبها الوزير قزي للنظام العام في الحزب، إلا أن قرار الفصل لم يأتِ على ذكر هذه المخالفات، باستثناء الإشارة إلى أن الاستقالة الكاملة من الحكومة تشمل الامتناع عن تصريف الأعمال، وهي النقطة الخلافية، كما يبدو بين الحزب ووزيره المفصول.