أجندة ما بعد الفطر: لماذا سقطت سلّة برّي وتقدُّم النفط
الرياض تُحبط شروط إيران لإنتخاب الرئيس والإبقاء على الأسد في سوريا
تدخل البلاد فعلياً بعد ظهر اليوم في عطلة عيد الفطر السعيد، الذي إن لم يصادف غداً فبعده على أبعد تقدير، لكن الأسبوع لن يحفل بأي أجندات حكومية أو سياسية، ما خلا رفع مستوى المتابعة الأمنية، على وقع عدم السماح بتكرار ما حصل في القاع، ومواصلة الإجراءات الاستباقية ضد مخيمات ونقاط تجمّع النازحين السوريين في الجنوب والبقاع والشمال والجبل.
ولئن كانت الأحداث الجارية في سوريا والعراق، ومعالم تحالفات إقليمية – دولية جديدة، في ضوء الإنفتاح التركي على كل من إسرائيل وروسيا وإيران، على خلفية الترتيبات الجارية، وذلك للحؤول دون قيام دولة كردية، أو لتقاسم الثروات وانتزاع مكاسب ونفوذ في جغرافيا الدول التي تشهد معارك وتفجيرات من حلب إلى بغداد، تتحكم بتداعياتها في تقديم ملفات الوضع اللبناني أو تأخيرها، فإن العملية الانتحارية في «سوق الكرادة» البغدادي بدت وكأنها حدثاً محلياً، نظراً لحجم الاهتمام «بالتفجير الكبير» ودلالاته وتداعياته.
ومع سفر الرئيس تمام سلام المتوقع بعد ظهر اليوم لتمضية إجازة العيد، تركزت الانتظارات السياسية للفترة الممتدة بين 11 تموز و2 آب، موعد جلسات الحوار الوطني المتتالية، على الاستحقاقات الآتية:
1- متابعة الخطة الأمنية بعناوينها المتمحورة حول تعزيز الإجراءات الاستباقية للحؤول دون وقوع أية «عمليات إرهابية»، وللسيطرة على تحركات النازحين السوريين، فضلاً عن إشغال يومي للجماعات المسلحة في جرود عرسال وما وراءها، واختبار قدرة هذه الإجراءات على توفير الحماية والاستقرار للبلاد والعباد.
2- متابعة الاتصالات والتفاهمات الجارية حول جلستي مجلس الوزراء المقبلتين، إن لجهة التمديد لشركتي الخليوي، أو الإجراءات الأمنية في مطار رفيق الحريري الدولي، أو لجهة ما يلزم من إجراءات في ما خصّ الوضع المالي الذي سيكون عنواناً وحيداً على طاولة الجلسة الاستثنائية في الأسبوع الذي يلي الأسبوع الحالي، فضلاً عمّا يمكن أن يطرأ على صعيد «التفاهم النفطي».
3- وفي ما خصّ المساعي السياسية، تؤكد المعلومات المتوافرة أن الوضع اللبناني، بصرف النظر عمّا ستبحثه ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة سيغريد كاغ لدى زيارتها لكل من نيويورك وواشنطن، هو في غرفة الاهتمام بين العواصم المعنية بالوضع اللبناني: إقليمياً المملكة العربية السعودية وإيران، ودولياً باريس وواشنطن وموسكو.
وقالت مصادر هذه المعلومات لـ«اللواء» أن تفاهم النفط بين حركة «أمل» و«التيار الوطني الحر» لم يأتِ من فراغ، بل هو حصيلة التحركات الجارية بين دول المركز والدول الإقليمية الكبرى، وذلك لوضع ترتيبات للوضع اللبناني، بالتزامن مع التفاهمات الكبرى في ما خصّ دول الإقليم.
«مبادرة السلة»
وربطت هذه المصادر بين «مبادرة السلة المتكاملة» التي طرحها الرئيس نبيه برّي على طاولة الحوار وقبلها، ومسارعة التيار العوني للإعلان عن نيته السير بمبادرة السلة، في حين عارضتها قوى أخرى، أو على الأقل تحفّظت عليها، لا سيما قوى 14 آذار.
وأشارت مصادر المعلومات هذه إلى أن ما كشفته المواقف التي أعقبت المحادثات التي أجراها قصر الإليزيه مع كل من وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف وولي ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان، لجهة بحث جدّي وتفصيلي بالملف اللبناني والاستحقاق الرئاسي، و«بازار» المكاسب التي سعت إيران لانتزاعه، فيما لو سارع بتسهيل إنتخاب رئيس جديد للجمهورية.
واعتبرت هذه المصادر أن مبادرة برّي التي تضمنت الحاجة إلى تفاهم على سلّة متكاملة تشمل انتخاب رئيس جديد للجمهورية ووضع قانون جديد للانتخاب يجري على أساسه انتخاب مجلس نيابي جديد، وتشكيل حكومة جديدة، والتفاهم على وضعية المقاومة والعلاقة مع سوريا، وموقع لبنان العربي في المرحلة المقبلة، لم تكن منفصلة عن الحراك الدولي – الإقليمي حول لبنان في المنطقة.
ووفقاً لمصادر ديبلوماسية أوروبية، فإن طهران تحرّكت عبر الوسيط الفرنسي، في محاولة منها لاستباق الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين المقبل، من خلال ربط التسوية السياسية في لبنان بالحل السياسي المنتظر في سوريا، وذلك عبر سلّة من المكاسب تُعزّز نفوذ اللاعب الإيراني في كل من لبنان وسوريا، بغطاء دولي توفّره الإدارة الأميركية الحالية برئاسة الرئيس باراك أوباما.
وتتضمّن سلّة المكاسب الإيرانية التي عرضها الوزير ظريف على الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند تسهيل إنتخاب رئيس للجمهورية في لبنان يكون صديقاً لسوريا، مع إسقاط الشرط العربي المدعوم أوروبياً، والتي تتولى التعبير عنه دولياً المملكة العربية السعودية بأن لا حل في سوريا مع بقاء الرئيس بشار الأسد.
ومن الشروط التي وضعتها إيران لقبولها بانتخاب رئيس أن يكون إسم الرئيس متفاهماً عليه مع أسماء ثلاثة مواقع كبرى في النظام اللبناني: رئيس مجلس الوزراء العتيد، قائد الجيش الجديد وحاكم المصرف المركزي.
وإذا كانت الإدارة الأميركية أوكلت إلى الرئيس هولاند التفاوض مع الجانب الإيراني حول هذه السلة، حيث تفيد المعلومات أن الجانب الفرنسي مدعوماً بغطاء أميركي أبدى استعداداً للتفاهم مع السلة الإيرانية، إلا أن – والكلام للمصادر الأوروبية – زيارة الأمير محمّد بن سلمان أدّت إلى إفشال الطرح الإيراني، وإبلاغ الجانب الفرنسي عدم الموافقة على إعطاء جوائز ترضية لإيران في سوريا ولبنان، وأن مسألة بقاء الأسد أو رموز نظامه في سوريا الجديدة مسألة غير قابلة للبحث.
وعبّر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن الرفض السعودي والعربي للطرح الإيراني، عندما أشار في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الفرنسي جان مارك أيرولت إلى اتهام إيران و«حزب الله» بعرقلة انتخاب الرئيس في لبنان، وأن على بشار الأسد مغادرة السلطة طوعاً أو كرهاً، الأمر الذي يعني من وجهة نظر المصادر هذه أن مبادرتي برّي والجانب الإيراني لم يكتب لها النجاح، ولم توضعا على الرف، بل سقطت من التداول.
وفي ضوء هذه المعلومات التي اطلعت عليها أطراف لبنانية فاعلة، أصبح من غير الممكن التوصّل إلى أي تفاهم بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله»، وأن المسألة تعدّت عقدة انتخاب الرئيس إلى ظهور عقدة أكبر تتعلق بشخصية رئيس الحكومة الجديد.
لقاء الملك سلمان
ووسط هذه المعطيات تتحرك الأجندة اللبنانية المقبلة، بعد أن يكون الرئيس سلام عاد من إجازته، كذلك الحال بالنسبة للرئيس سعد الحريري الذي استقبله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في «قصر الصفا» في مكة المكرمة، حيث كان تناول طعام الإفطار إلى مائدة الملك سلمان في حضور الرئيس الأفغاني وعدد من الأمراء وكبار المسؤولين السعوديين.
وفيما تؤكد مصادر في «التيار الوطني الحر» لـ«اللواء» ان التحرك الجاري على الصعيدين الداخلي والخارجي ينظر إليه بكثير من الايجابية» ما يُعزّز الاعتقاد بأن هناك أمراً يجري تحضيره، وإن كانت الاجواء لا تزال غير كفيلة بعد للإيحاء بأن الملف الرئاسي قد حسم، قالت هذه المصادر ان رئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» العماد ميشال عون لا يزال متحفظاً عن الإفصاح ما إذا كانت في جعبته مفاجأة قد تحصل، سواء على صعيد احتمال عقد لقاء بينه وبين الرئيس برّي أو بينه وبين الرئيس الحريري، لكنها لفتت إلى أن الاجتماع بين الرئيس برّي ووزير الخارجية جبران باسيل قبل يومين ساهم في إزالة الكثير من العقبات السياسية، والعمل لإنهاء مرحلة من التباعد، متمنية أن يترجم الاتفاق على «بلوكات» النفط سريعاً، وأن ينسحب ذلك على ملفات أخرى.
لا عراقيل
وفي تقدير مصدر نيابي من كتلة «المستقبل»، انه لن تكون هناك عراقيل في مجلس الوزراء في طريق الاتفاق الذي أرساه الرئيس برّي والوزير باسيل حول استخراج النفط والغاز من البحر، مشيراً إلى أن تيّار «المستقبل» مع تسريع التنقيب عن النفط، إلا انه استدرك داعياً إلى انتظار اجتماع اللجنة الوزارية التي يفترض ان تنعقد برئاسة الرئيس سلام بعد عيد الفطر السعيد، وعودة الرئيس سلام من إجازته.
ولفت إلى أن الرئيس برّي يستعجل إقرار مراسيم النفط، بالإضافة إلى القانون الضريبي على إنتاج النفط من قبل الشركات، وهو بحاجة إلى إقرار أيضاً في مجلس الوزراء وإرساله إلى مجلس النواب للتصديق عليه، ومن أجل ذلك سيدعو الرئيس برّي إلى جلسة استثنائية لمجلس النواب، ولو بمادة وحيدة، لأنه يعتبر أن الموضوع استثنائي وخطير ومهم جداً، ولأن الشركات لا تتحرك من دون أن تعرف ما هو القانون الضريبي.
ولفت المصدر إلى أن هناك معلومات جيولوجية تؤكد ان الأحواض المشتركة بين لبنان وفلسطين المحتلة وقبرص فيها كميات هائلة من الغاز، ما يجعلنا نتحرك بسرعة لكي لا نترك اسرائيل تسرقه، خصوصاً بعد الاتفاق بين تركيا وإسرائيل على نقل الغاز، في وقت ثبت أن الاتفاق على حقل قبرص لم يكن عملياً.
أمنياً، سجل مساء أمس إشكال بين مواطنين لبنانيين وآخرين سوريين في منطقة الأحمدية في مرجعيون، أدى إلى جرح شخصين سوريين نقلا إلى مستشفى مرجعيون، وأوقف الجيش 10 سوريين واقتادهم إلى التحقيق.