سلام يُعيد الحرارة للعلاقة مع الإمارات: عودة السفير الإماراتي وزيارة مقبل والمشنوق
ثورة أبوفاعور على أبواب نقابة الأطباء .. وإبراهيم يعود بأجواء تعاون من دمشق حول قضية العسكريين
على مرمى ساعات قليلة من جلسة مجلس الوزراء التي تنعقد في السراي الكبير غداً، بعد عودة الرئيس تمام سلام من زيارة إلى دولة الإمارات العربية، أعاد خلالها الحرارة إلى العلاقات بين لبنان والامارات، في إطار التعاون العربي لمواجهة لارهاب والتحديات الخطيرة التي تشهدها المنطقة، افاض وزير الصحة وائل أبو فاعور في كشف ما يمكن وصفه بفضائح تناولت إلى التلوث الغذائي المياه والأدوية والمزروعات، وصولاً إلى مراكز التجميل والأدوية، في مشهد اختلطت فيه صور تقشعر لها الابدان من جرّاء العمليات الجراحية التجميلية المدمرة لوجوه البشر والملوثة لاعضائهم ودمائهم، وهي تبعث على الاسى والحزن، وفي الوقت نفسه على الضحك والتسلية، وكأن المأساة تحوّلت إلى ملهاة.
كل شيء على السطح في ظل ارتفاع نبرة الوزير أبو فاعور الذي هدّد نقيب الأطباء ومجلس النقابة بالادعاء عليهم امام القضاء إذا لم يلتزموا بالوصفة الطبية، فيما تحدثت معلومات عن اتجاه لدى محافظ بيروت بإقفال مسلخ بيروت المعروف بمسلخ الكرنتينا، مؤقتاً إلى حين انتهاء أعمال التأهيل.
وكان أبوفاعور قد أعلن خلال مقابلة ملتهبة مع المؤسسة اللبنانية للإرسال LBC انه أقفل جميع مراكز التجميل، هي التي تعمل بدون ترخيص، واقفال مسلخ بيروت رسمياً بقرار من محافظ بيروت، لافتاً إلى ان أرقام الأشخاص الذين يعالجون على حساب وزارة الصحة قد تضاعفت أربع مرات خلال سنة، بسبب المياه غير النظيفة التي يشربها النّاس، واعداً بفحص شركات المياه المرخصة بعدما أعلن أسماء شركات المياه غير المطابقة للمواصفات الصحية والمدعومة سياسياً، كاشفاً بأن جزءاً كبيراً من مياه الدولة ملوّثة، وأن القسم الأكبر من شركات المياه غير المرخصة تحتوي على مياه مجاري.
وكشف أبوفاعور أيضاً عن أسماء مؤسسات جديدة مخالفة للأمن الغذائي، لافتاً إلى ان 95٪ من المطاعم التي زارتها الوزارة لا تملك شهادة صحية أو ترخيصاً من البلدية، وانه أحصى نحو ألف حالة تسمم خلال فترة 7 أشهر.
على ان الأخطر بروز عوامل سياسية خلافية انعكست في بياني كتلة «المستقبل» وتكتل «الاصلاح والتغيير» وامتدت ذيولها إلى بروز خلافات حول الجلسة التي طالب بانعقادها العماد ميشال عون لتفسير المادة 24 من الدستور، حيث لا يُبدي الرئيس نبيه برّي حماساً لها، ويعتبرها النائب عون شرطاً لانتاج قانون انتخاب جديد، مع العلم ان النائب القواتي انطوان أبو خاطر لا يُبدي تفاؤلاً، بإمكان عقد جلسة للتصويت على مشاريع قوانين الانتخاب خلال شهر أو شهر ونصف، لأن ما لم يُنجز خلال خمس سنوات لا يمكن إنجازه خلال خمسة أسابيع.
وعلى هذا الصعيد، تخوفت مصادر وزارية ان تقتحم الملفات الخلافية جلسة مجلس الوزراء هذه المرة، في ضوء ما تردّد من ان بعض الوزراء يرغبون في إثارة هذا الموضوع، في وقت يكاد صدر الرئيس سلام يضيق بالتجاذبات والخلافات وهو الذي يردد في أكثر من مناسبة ان الحكومة تعمل بنصف قدرتها، وأن الحاجة باتت أكثر من ملحة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لأن وضع الجسد لا يستقيم من دون رأس.
وأكدت المصادر ان التماسك الحكومي ضروري في هذه المرحلة، لكن هذا لا يمنع من المكاشفة والمصارحة لإيجاد الحل الممكن للمواضيع المؤجلة.
سلام
وفي تصريح خص به «اللواء» أبدى الرئيس سلام ارتياحه للأجواء التي طبعت زيارته إلى دولة الإمارات، معتبراً انها جاءت لتشكل استمراراً لتوحيد الصلات العريقة ولتعيد الحرارة إلى العلاقات بين لبنان والامارات، معتبراً ان هذه الخطوة تكتسب أهمية مضاعفة ولا سيما في ظل الظروف التي يمر بها لبنان في مواجهة الإرهاب، وتلك التي تشهدها المنطقة، وما تتطلبه من تضامن عربي ومن تعزيز للتعاون والثقة في ما بيننا.
وكشفت مصادر في الوفد اللبناني المرافق للرئيس سلام ان الهدف الرئيسي من الزيارة تحقق حيث تمكن رئيس الحكومة من إعادة بناء الثقة بين لبنان والامارات تمهيداً لإعادة الحرارة للعلاقة بين البلدين.
وقالت أن عودة الحرارة ستتمثل بانفراجات في الأسابيع القليلة المقبلة، سواء من خلال الزيارات المرتقبة لوزيري الدفاع سمير مقبل والداخلية نهاد المشنوق، لمتابعة المحادثات المتعلقة بطوافات «غازيل» التي كانت الإمارات قدمتها للبنان ،أو من خلال عودة السفير الاماراتي إلى بيروت والتفاهم على حل الإشكالات المتعلقة بسفر الأفراد بين البلدين وتأشيرات العمل والاقامة للبنانيين في الإمارات العربية، حيث أبدى المسؤولون الإماراتيون استعداداً لبحث هذه المواضيع والتفاهم حولها، فيما تفهم الجانب اللبناني الاعتبارات التي قضت بسحب السفير قبل تأليف حكومة الرئيس سلام، والهواجس إزاء احتمالات تسلل عناصر مرتبطة بتنظيمات ملاحقة من قبل دولة الإمارات.
«المستقبل»
وفيما كان وزير الدفاع سمير مقبل يُقابل الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله لاطلاعه على أجواء زيارته الأخيرة إلى طهران، وفي ما يختص بالمعوقات التي تعيق تلبية الهبة العسكرية الإيرانية للجيش اللبناني، كانت كتلة «المستقبل» النيابية تصعد لهجة بيانها الاسبوعي حيال «حزب الله» وتكتل عون، في سياق تحميل الطرفين مسؤولية استمرار الشغور في موقع الرئاسة الأولى، والذي يسهم في استمرار حالة الارتباك والفوضى السياسية والامنية في البلاد، لافتاً النظر إلى ان هذه الحالة تكبر وتتوسع مع تقدّم التقارب والاندماج والتكامل السياسي بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» المسؤولين المباشرين عن تعطيل الانتخاب واعاقة عمل المؤسسات الدستورية، وبالتالي تفاقم الاوضاع في البلاد، بسبب الاستمرار في مقاطعة جلسات مجلس النواب لانتخاب الرئيس الجديد.
وجاء هذا الموقف عشية الجلسة الخامسة عشرة التي من المقرّر أن تعقد اليوم لانتخاب رئيس الجمهورية، والتي لن تشهد جديداً باستثناء انها الأولى بعد تمديد ولاية المجلس النيابي للمرة الثانية، وهو سبب تعوّل عليه أوساط سياسية لتحريك الملف الرئاسي استناداً إلى ما تمّ الاتفاق عليه بين المسؤولين، بأن تكون الأولوية بعد التمديد لانتخاب رئيس الجمهورية.
ونفى نائب في كتلة «المستقبل» أن يكون البيان جواباً على الخطاب الاخير لنصرالله الذي مد فيه يده للحوار مع «المستقبل»، مؤكداً أن الكتلة لا تزال تدرس دعوة نصرالله للحوار، لكنه أشار إلى ان تصعيد لهجة الكتلة حيال التقارب الحاصل بين الحزب و«التيار الحر»، هو توصيف للمشكلة التي يعتقد التيار الأزرق، انها زادت الأمور تعقيداً، خصوصاً وان الاندماج بين الطرفين يخالف طبيعة المبادرة التي طرحها السيّد نصرالله، من خلال البحث عن حلول وسط تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية.
ريفي
وفي ردّ مباشر، أراد منه وزير العدل اللواء اشرف ريفي توضيح ما أثاره تكتل «الاصلاح والتغيير» في بيانه، لجهة ما يسعى إليه ريفي من إلغاء للمحكمة العسكرية والمجلس العدلي، أو تخفيف العقوبة القضائية على الموقوفين الإسلاميين، شدّد ريفي، الذي انتقل أمس من دبي، حيث رافق الرئيس سلام الى جدّة في المملكة العربية السعودية للمشاركة في مؤتمر لوزراء العدل العرب، على ان الاحكام التي صدرت في حق موقوفين كانت في الأساس بالاعدام وخفضت إلى المؤبد، من دون أن يطرأ عليه اي تخفيض او تعديل، مشيراً الى ان حكم المحكمة لا يعدل إلا في محكمة، وبالتالي فليس هناك إمكانية لتعديل حكم خصوصاً إذا صدر عن المجلس العدلي.
وفي ما خص إلغاء المجلس العدلي، أكد ريفي لـ «اللواء» أن كل دول العالم ألغت المحاكم الاستثنائية، والمحاكمات على درجة واحدة، مشيراً الى أن هذا الأمر لا يعني انتقاصاً من كفاءة قضاة المجلس العدلي أو إساءة إليهم، بقدر ما تعني إساءات حصلت أثناء وضع التشريع الذي يفترض أن يعدّل.
وكشف أنه لا يعرف ما حصل بالنسبة لقاضي التحقيق الأول في الشمال، لكنه سمع بالأمر من الإعلام، وأنه طلب تحقيقاً عاجلاً بما حصل وإفادته به عند عودته من السعودية.
شهادة حمادة
ومع أن رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد قال أمس أن المحكمة الدولية لا تعني حزب الله، الأمر الذي ساهم في عدم ترك انعكاسات سلبية على المشهد المضطرب في البلاد، إلا أن ما كشفه النائب مروان حمادة في اليوم الثاني من شهادته أمام المحكمة الخاصة بلبنان، حمل إشارات عن إمكان حدوث توترات جديدة، لا سيما لجهة الاستفاضة في ما حض المضايقات والضغوطات السورية للرئيس الشهيد رفيق الحريري، والتي بلغت حداً خطيراً قبل وقت قليل من الأشهر الأخيرة من العام 2004، حيث تعرض، وفقاً لتعبير حمادة، الى إهانة، بعد أن عاد الرئيس الحريري من لقاء مع الرئيس بشار الأسد «مع نزيف في أنفه، وشعور بأنه ذلّ من قبل الرئيس السوري، إذ قال له: غير مسموح أن تخالف (الرئيس السابق) إميل لحود»، كاشفاً في نهاية العام 2003 طلب منه الأسد أن يبيع أسهمه في صحيفة «النهار» بهدف إضعافه وإضعاف الإعلام الذي يطالب باستقلال لبنان.
وأدت شهادة حمادة التي تستكمل اليوم الى طلب الادعاء للمحكمة الدولية استدعاء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط للاستماع الى شهادته في القضية، إلا أن رئيس غرفة الدرجة الأولى ديفيد راي رد عليه بالقول أن الغرفة هي التي تقرر، لكنه ترك المسألة (استدعاء جنبلاط) الى اتفاق بين الادعاء والدفاع.
وأكد جنبلاط في تغريدة له عبر «تويتر» استعداده للمثول أمام المحكمة في حال طلبت منه ذلك.
قضية العسكريين
على صعيد قضية العسكريين المخطوفين كان التطور الأبرز الزيارة التي قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الى سوريا، في إطار تفويض حصل عليه من الحكومة لقرع كل لأبواب التي تؤدي الى حلحلة عقد التفاوض المستعصية، بما في ذلك الاتصال مع الجانب السوري، خاصة وأن الجهات الخاطفة تعلق أهمية استثنائية على إطلاق سجينات تنتمين الى المعارضة السورية والمجموعات المسلحة، وهي بالآلاف في سجون ومعتقلات النظام السوري.
وكشف مصدر مطلع أن عاملاً إضافياً طرأ على التفاوض يتعلق بتبادل أو استعادة أسرى وجثث لحزب الله عند التنظيمات التي تحتجز العسكريين، الأمر الذي يشجع، وفقاً للمصدر، الجانب السوري لإبداء استعداده للتعاون في مسألة التفاوض حول العسكريين المخطوفين.