إيرلوت يدعو اللبنانيين للتفاهم على إنتخاب الرئيس
الجلسة المالية اليوم وسط مؤشرات خطيرة.. وتزاحم بالمواعيد يطيح الجلسة الرئاسية واللجان المشتركة
لم تكن محض صدفة ان يختار وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت ان يبدأ زيارته من الجنوب، بالتزامن مع ذكرى مرور عشر سنوات على ما وصفه الوزير الفرنسي نفسه «بحرب مدمرة بين إسرائيل وحزب الله»، فالزائر الفرنسي الذي لا يحمل معه شيئاً مهماً في ما خص إنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان، حاول ان يقدم موقفاً يعتبر من الثوابت في السياسة الفرنسية تجاه لبنان، بالمطالبة بالحفاظ على «السلام الهش في الجنوب الذي يجب ان يتحوّل إلى وقف نهائي لاطلاق النار»، مضيفاً: «اتيت إلى هنا حاملاً رسالة دعم إلى قواتنا وإلى الشعب اللبناني، وإلى الإسرائيليين على الجانب الآخر من الحدود اننا نقوم بكل ما هو ممكن لضمان السلام والأمن للجميع».
وإذ وصف الوضع عند الحدود بين لبنان وإسرائيل «بالهش» و«الهادئ»، قال: ان «هناك اليوم اخطاراً تُهدّد لبنان»، في أشارة إلى الحرب في سوريا والأزمة السياسية في ظل عدم القدرة على انتخاب رئيس، داعياً إلى بقاء لبنان بمنأى عن النزاع السوري.
ولئن كانت أولى لقاءات الوزير الفرنسي مع رئيس تيّار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري، والذي التقاه في قصر الصنوبر مساء أمس، في حضور السفير الفرنسي ايمانويل بون، قبل ان يتوجه الرئيس الحريري في رحلة عمل إلى الخارج، فإن الاجتماعات اللاحقة سواء السياسية أو الرسمية تركزت على ثلاث نقاط:
1- المرحلة التي بلغتها الاتصالات في ما يتعلق بالملف الرئاسي، ودور فرنسا على هذا الصعيد.
2- كيفية مواجهة النزوح السوري، ان لجهة رفض التوطين والحد من النزوح والمساعدة في إعادة الاعداد التي يمكن اعادتها إلى مناطق آمنة في سوريا.
3- الحفاظ على الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي بما في ذلك دعم الحوار القائم، سواء على طاولة الحوار، أو الثنائي بين «المستقبل» و«حزب الله» لدرء المخاطر الإقليمية والارهابية عن لبنان.
ومن استقبالات ايرولت مساء أمس كلاً من المرشحين الرئاسيين رئيس تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية الذي رافقه إلى قصر الصنوبر وزير الثقافة روني عريجي، ورئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب ميشال عون، اللذين شاركا مع رؤساء الكتل النيابية في العشاء المحدود الذي اقامته السفارة الفرنسية على شرف ايرولت، وشارك فيه أيضاً رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد.
ومن المقرر ان يزور الوزير الفرنسي اليوم كلا من رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة تمام سلام والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على ان ينتقل عصرا الى وزارة الخارجية للقاء نظيره اللبناني جبران باسيل ويعقدان مؤتمرا صحافيا مشتركا في السابعة مساء يتحدث خلاله عن نتائج زيارته الى لبنان. وبعد عشاء تكريمي يعود الى بلاده.
وفي المعلومات ان الوزير ايرولت أكّد للقيادات اللبنانية اهتمام فرنسا بالوضع في لبنان، ولا سيما أزمة الفراغ الرئاسي، واطلعها على محصلة اللقاءات التي أجراها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع كل من ولي ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سليمان ومع وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف، مشدداً على ان المهم ان يحصل نوع من التفاهم بين هذه القيادات على إنهاء الشغور الرئاسي، لكي تستطيع فرنسا ان تفعل شيئاً على هذا الصعيد.
مجلس الوزراء
ويسبق لقاء الرئيس سلام مع الوزير ايرولت جلسة يعقدها مجلس الوزراء مخصصة للوضع المالي في ظل التقرير الذي اعده وزير المال علي حسن خليل، والذي وصفته أوساط الوزير بأنه يتضمن ارقاماً مخيفة، وهو بمثابة دق ناقوس الخطر، ما لم تتخذ إجراءات جذرية سياسية ومالية وتشريعية واقتصادية، بما في ذلك إقرار الموازنة، وإنهاء الصرف على الطريقة الاثني عشرية، وضبط النفقات، والحد من التوظيف العشوائي والتهرب الضريبي.
وعلى الرغم من خطورة التقرير، فإن عدداً من الوزراء لم يكونوا قد اطلعوا على الأرقام التي تضمنها وتشخيص الحالة المالية للدولة والموزعة على 41 صفحة فولسكاب.
وإذ غاب ملف النفط عن أنشطة الأسبوع الجاري، كشف الرئيس سلام خلال رعايته إطلاق وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس موقع «خرائط المخاطر والموارد» في السراي الكبير، ما يمكن أن يبلغه لوزير الخارجية الفرنسي في ما خصّ موضوع النازحين، والمتعلق بدعم المجتمع للنزوح بما في ذلك إقرار سلسلة من المشاريع والتوجهات لهذه الغاية، داعياً للابتعاد عن أفخاخ الاستثمار السياسي لملف النزوج السوري، مشدداً على أن النازحين السوريين في لبنان أخوة لنا، وهم مقيمون بيننا لظروف حياتية شاقة وصعبة وخطرة مروا فيها في بلدهم، في حين حذّر الوزير درباس من الانزلاق غير الواعي في اتجاهات غير مجدية، أقلها التذمر والتأفف وأخطرها الوقوع في شرك العنصرية وحملات التحريض.
وأمل درباس أن يكون هذا الإطلاق للموقع الالكتروني الخطوة الأولى في مشروع صمود يطفئ النار ويخلق الفرص ويحكم العقل ويتمسك بالثوابت التي أجمع عليها الشعب اللبناني والتي تتوافق مع رغبات ومصالح أخوتنا السوريين لا سيما النازحين منهم، وهي أن لكل منا وطنه وهويته وأرضه ومؤسساته.
واستبعد مصدر وزاري التقى الرئيس سلام أمس انعقاد اجتماع قريب للجنة الوزارية للنفط، قبل أن يطلع رئيس الحكومة على تفاصيل التفاهم النفطي بين الرئيس برّي ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، وهذا يعني بحسب الوزير المعني، أن يعقد لقاء قريب بين الرئيس سلام والرئيس برّي للوقوف منه على التفاصيل، وعندها يدعو رئيس الحكومة اللجنة الوزارية لإقرار مرسومي النفط والغاز، ومشروع القانون الضريبي للشركات، مقدمة لوضع الملف على جدول أعمال مجلس الوزراء الذي قد يتأخر لنهاية الشهر الجاري.
لكن مصادر السراي استبعدت أن يتم لقاء برّي – سلام قريباً، مشيرة إلى أن الرئيس سلام اطلع على التفاهم النفطي من الصحف، ولم يبلغ بتفاصيله من مصادره الرسمية، علماً أنه يرى أن هذا الملف هو ملف وطني بامتياز وليس تفاهماً سياسياً بين فريقين، ويقتضي أن يناقش من كافة القوى السياسية في البلد.
جلستا انتخاب الرئيس وقانون الانتخاب
إلى ذلك توقفت مصادر سياسية عند ما أعلنه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم من تحميل المملكة العربية السعودية مسؤولية عدم انتخاب الرئيس، في موقف وصف بأنه تنصّل من الدور المسبق الذي تعرفه الدوائر الفرنسية والإقليمية من رفض إيران تسهيل الاستحقاق الرئاسي ودور «حزب الله» في الامتناع عن المشاركة في الجلسات وهو نوع من الهروب إلى الأمام، عشية الجلسة 42 لانتخاب الرئيس التي تصادف غداً في توقيت يطرح أكثر من علامة استفهام في ما خصّ التزامن مع جلسة اللجان المشتركة لمناقشة قانون الانتخاب.
ولاحظت مصادر نيابية، أن توقيت توجيه الدعوتين لعقد جلسة انتخاب الرئيس في الثانية عشرة ظهر الأربعاء، مع جلسة اللجان المشتركة في الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم نفسه، من شأنه أن يفقد نصاب اللجان سريعاً، لئلا يختلط الحضور النيابي لجلسة انتخاب الرئيس مع جلسة اللجان، لا سيما بالنسبة إلى النواب الذين يقاطعون عادة جلسة انتخاب الرئيس، وهم بمعظمهم من نواب تكتل عون وحزب الله، وبالتالي لم يتمكن النواب من متابعة البحث في جدول مقارنة بين الصيغتين المطروحتين للقانون المختلط بين النسبي والأكثري، والصيغة المطروحة من الرئيس برّي أي المناصفة بين النسبي والأكثري، والصيغة المتفق عليها بين المستقبل و«القوات اللبنانية» واللقاء الديموقراطي على أساس 68 للأكثري و60 للنسبي.
ورأت المصادر النيابية لـ«اللواء» أن الحديث منذ الآن عن توافق حول قانون للانتخاب ليس في مكانه، مستبعدة حصول أي أمر في هذا الاتجاه قبل جلسات الحوار المقبلة.
وقال عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا لـ«اللواء»: «لست في جو أن هناك توافقاً على القانون الانتخابي الجديد، إنما هناك نقاش داخل اللجان النيابية المشتركة والجميع يُقرّ أنه إذا كان هناك من حل فيجب أن يكون من خلال القانون المختلط، مذكراً بأنه في الاجتماع السابق للجان، لم تكن مواقف القوى السياسية قد تبدّلت».
وأضاف: «إن شاء الله تحلّ النعمة على الموجودين وألا يغادروا مجلس النواب قبل الساعة الثانية عشرة من ظهر غد الأربعاء لانتخاب رئيس جديد للجمهورية».
من جهتها، لا تتحدث مصادر في التيار الوطني الحر عن رفض لقانون المختلط، مؤكداً أن هناك حلحلة للوصول إلى قانون موحّد مع الاقتراب إلى النسبية.