إطفاء عاصفة السنيورة – خليل.. والتعيينات الأمنية على الطاولة
الحريري لإيرولت: إيران تعطّل الرئاسة.. ومستمر بدعم فرنجية
في موازاة عدوى التعطيل التي انتقلت إلى اللجان النيابية التي لم يكتمل نصابها العددي أمس، بعد استمرار غياب النصاب السياسي في جلسات انتخاب الرئيس، والتي تجاوزت الـ42 جلسة وضرب لها الرئيس نبيه برّي موعداً جديداً في 8 آب الذي هو، من حيث المبدأ شهر العطلات النيابية، صمدت «فترة التهدئة» المستمرة من قبل شهر رمضان الماضي.
وتمثل هذا الصمود، عشية جلسة مجلس الوزراء التي تنعقد اليوم بجدول أعمال من 59 بنداً، بملاحظتين:
الاولى: إطفاء «العواصف الفنجانية» التي هبت بتأثير من تقرير وزير المال علي حسن خليل، وتوصيف كتلة «المستقبل» التي انعقدت برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة في اليوم نفسه وانتقدت ما اسمته تقاعس وزارة المال عن ضبط الهدر وعدم إقرار الموازنة في موعدها الدستوري، الأمر الذي أدى أيضاً إلى ردّ من الوزير خليل تجاوز خط التهدئة.
والثانية: تمسك «التيار الوطني الحر» بسياسة التهدئة والابتعاد عن المواقف التصعيدية، سواء عبر بيانات التكتل أو نوابه، أو المواقف التي اتسمت بها اجابات رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل في مقابلته التلفزيونية مع محطة M.T.V والتي ابتعد فيها عن مواقف تثير اطرافاً سياسية حليفة أو خصمة، سواء في ما يتعلق بالتمديد لعقدي الخليوي المدرج على جلسة مجلس الوزراء اليوم، أو الاستحقاقات المقبلة في قيادة الجيش أو الأجهزة الأمنية، أو حتى ملف النفط الذي دافع الوزير باسيل عن خلفيات التفاهم حوله مع الرئيس نبيه برّي.
ماذا قال ايرولت؟
وعلى الرغم من الرسالة التي نقلها وزير الخارجية الفرنسية جان مارك ايرولت للقيادات اللبنانية التي التقاها، من ان لا أحد في الخارج يمنع اللبنانيين من التوصّل إلى تفاهم لحل الأزمة السياسية والدستورية في البلاد، انطلاقاً من ان الأزمة السورية ليست وحدها التي أدّت إلى استمرار الشغور الرئاسي، وأن فرنسا وضعت على جدول أعمالها الاهتمام بالمسألة اللبنانية كأولوية فرنسية في الأشهر المقبلة، فإن الجلسة 42 لانتخاب الرئيس أسفرت عن تحديد موعد للجلسة 43، على وقع مواقف وكلام معاد رتيب وممل، وأجوف في ما خص تبادل التهم وتحميل مسؤوليات الفراغ.
وما لم يقل على ألسنة النواب أمس، قيل في الغرف المغلقة بين الوزير ايرولت والقيادات المعنية بالاستحقاق الرئاسي.
ففي المعلومات التي كشفت عنها مصادر سياسية بارزة لـ«اللواء» ان الوزير الفرنسي لم تكن لديه اقتراحات محددة لمعالجة التعطيل المتعمد للاستحقاق الرئاسي من قبل «حزب الله» والتيار العوني.
وتركزت المحادثات على محاور خمسة تقدمها الشغور الرئاسي ومخاطر استمراره، وتأثيرات الأزمة السياسية على الاستقرار اللبناني بما في ذلك موضوع اللاجئين السوريين، فضلاً عن تأكيد استمرار فرنسا دعم المؤسسات العسكرية والأمنية لمواجهة الإرهاب.
وفي ما خص الاستحقاق الرئاسي، كشفت المعلومات ان الرئيس سعد الحريري ورداً على سؤال حول المقترحات المطلوبة لحل أزمة الرئاسة، قال لأيرولت انه قام بأكثر من مبادرة منذ مغادرة الرئيس ميشال سليمان قصر بعبدا، ومنها ترشيح النائب سليمان فرنجية الذي لا ينتمي إلى تحالف 14 آذار.
واضاف: ان هذه المبادرة قوبلت بالتطعيل أيضاً، وأن حزب الله يرفض اجراء الانتخابات الرئاسية لحسابات ومصالح خارجية لصالح النظام الإيراني، وهو لتغطية سياسته يتلطى وراء ترشيح النائب ميشال عون، ولو كان جدياً لاقنع النائب فرنجية بالانسحاب لصالح لعون.
وأكد الرئيس الحريري للوزير الفرنسي انه متمسك بدعم وترشيح النائب فرنجية لمنصب الرئاسة الأولى، وسيكون أوّل من يهنئ من ينتخب حتى لو كان عون، مكرراً ان من يعطل انتخابات الرئاسة هي إيران، وداعياً فرنسا إلى التحدث مع المسؤولين الإيرانيين لتسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان، انطلاقاً من دور فرنسا ومسؤولياتها.
وفي سياق مقابل، كشفت مصادر مقرّبة من حزب الله لـ«اللواء» أن أيرولت جسّ نبض الحزب في محاولة لمعرفة نوع الضمانات التي قد يقدّمها الرئيس الحريري إذا قبل بالتصويت للجنرال عون.
ووصفت المصادر السؤال حول الضمانات بالدوران حول الموضوع، فالوزير الفرنسي لم يشرح مضمونها وطبيعتها، لكن المصادر ألمحت إلى إمكان أن تكون تتعلق «بموضوع رئاسة الحكومة وشكل القانون الانتخابي الذي يعطي حصانة نيابية وازنة للرئيس الحريري تحت سقف الطائف دون استثناء موضوع النفط وحصة الحريري والفرنسيين منه».
العواصف الفنجانية
وفيما آثر الرئيس برّي الابتعاد عن السياسة والنفط والنزاع المالي المستجد، في لقاء الأربعاء النيابي، محذّراً من تفاقم كارثة تلوّث مياه نهر الليطاني، داعياً كل الجهات والإدارات والأجهزة المعنية إلى ممارسة دورها في حماية الليطاني من كل أشكال الاعتداءات والانتهاكات لهذا النهر الحيوي أكان على صعيد المرامل أو شبكات الصرف الصحي أو غيرها، كشف مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» لـ«اللواء» أن اتصالاً جرى بين «بيت الوسط» وعين التينة، ساهم في لملمة الخلاف الذي نشأ بين الرئيس السنيورة والوزير خليل في أعقاب التقرير الذي قدّمه إلى مجلس الوزراء أمس الأول حول الوضع المالي للدولة، مؤكداً أن الرئيس الحريري تدخّل شخصياً للملمة السجال قبل أن يتفاقم إلى أزمة بين الطرفين، مشيراً إلى أن البلد لا يتحمل تراشقاً واتهامات في الموضوع المالي.
ولفت إلى أن البيان الذي صدر باسم كتلة «المستقبل» والذي تلاه النائب عمار حوري، على هامش اجتماعات اللجان وجلسة انتخاب الرئيس، ومن ثمّ التوضيحات التي حرص الرئيس السنيورة على إعلانها بعد تأجيل الجلسة، ساهمت في إطفاء الخلاف، بدليل أن الوزير خليل نفسه أعلن مساء أمس تعقيباً على التوضيحات بأن الموضوع إنتهى.
وفيما أعلن حوري في بيان الكتلة أن لا مبرر لأي مشاحنات أو تجريح، وصف الرئيس السنيورة السجال الذي اندلع حول الوضع المالي والذي طاول حكومته السابقة «بالعواصف الفنجانية» أو «زوبعة في فنجان»، مشيراً إلى أنه «لا مسلّة تنعرنا»، معتبراً توجيه الكلام بالشخصي أمر مُعيب، موضحاً أن ما جاء في بيان الكتلة لم يكن ردّاً من قريب أو بعيد عمّا قاله وزير المال في مجلس الوزراء.
ومن جهة ثانية، كشفت مصادر نيابية في كتلة «التنمية والتحرير» أن وزراء «حزب الله» وحركة «أمل» سيثيرون في جلسة مجلس الوزراء اليوم مسألة الليطاني، وسيحاولون استصدار قرار في شأن وقف التعديات على هذا النهر، وأنه إذا لم يتمكنوا من ذلك، من خارج جدول الأعمال، فإنهم سيطالبون بإدراج الموضوع على جدول الجلسة المقبلة، على اعتبار أن جلسة اليوم حافلة بموضوعات معقدة، بينها تمديد عقدي الهاتف الخليوي، وطلب وزارة المال إعفاء بعض الشركات والمصارف من غرامات تقدّر بنحو مائة مليون دولار، إلى جانب مسائل تتعلق بنفايات بيروت.
التعيينات الأمنية
في هذا الوقت، وعلى خلفية ما حدث في ملف جهاز أمن الدولة لجهة إحالة نائب رئيس الجهاز العميد محمّد الطفيلي إلى التقاعد، على الرغم من عدم تعيين بديل، فإن الأنظار تتجه إلى استحقاقات تتعلق بضباط كبار في غضون الفترة الممتدة من 21 آب 2016، وهو تاريخ ينتهي فيه قرار وزير الدفاع سمير مقبل بتأجيل تسريح أمين المجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن محمّد خير والذي صدر في 6 آب 2015، والذي شمل في الوقت نفسه تأجيل تسريح رئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان، وفي التاريخ نفسه تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي.
وبين التمديد والتعيين تبرز إشكالات قانونية وسياسية تجعل التداول بهذا الملف على الطاولة، وإن بعيداً عن الأضواء.
وإذا كان اللواء خير لم يبلغ بعد الحد الأقصى للخدمة وهي 43 عاماً، وهو لديه أربع سنوات بعد للوصول إلى سقف الخدمة، فإن العماد قهوجي سيبلغ الحد الأقصى للخدمة أي 44 عاماً في تشرين الأوّل عام 2017، وهذا ما يطرح مسألة تأجيل تسريحه بقوة على الطاولة، وإن كانت مصادر مطلعة تعتبر ان تأجيل التسريح مسألة شبه محسومة.
وفي ما خص اللواء سلمان، فإنه سيبلغ الحد الأقصى للخدمة، أي 43 عاماً في تشرين الأوّل 2016، مما يعني تعذر تأجيل تسريحه مرّة جديدة.
وفي ما يتعلق بتعيين قائد جديد للاركان تتحدث معلومات عن دعم «حزب الله» للوزير السابق وئام وهّاب لجهة المطالبة في ان يخضع اختيار رئيس الأركان (وهو من الطائفة الدرزية) لاقدمية التراتبية، وهو الأمر الذي يرفضه النائب وليد جنبلاط الذي عقد اجتماعاً أمس مع النائب طلال أرسلان في إطار ترتيب البيت الدرزي.