هل يختصر برّي جلسات الحوار إذا إستمرت الخلافات؟
إجتماع الحريري – جنبلاط:تنقية الأجواء والملف الرئاسي .. ومواقف متناقضة لـ بروجردي
عشية انطلاق ثلاثية الحوار اليوم تراجعت التوقعات حول إمكانية تحقيق تقدّم جدي في مسار الأزمة، نتيجة النقاشات التي ستشهدها الطاولة على مدى ثلاثة أيام، وذلك بسبب عدم حصول أي تقارب في المواقف بين الأطراف المعنية من الاستحقاق الرئاسي، حيث بقي كل طرف على موقفه منذ آخر جلسة لهيئة الحوار في حزيران الماضي، خاصة بالنسبة لتيار «المستقبل» وحلفائه الذين يؤيدون ترشيح النائب سليمان فرنجية، وكذلك الأمر بالنسبة لـ«حزب الله» وحلفائه الذين يعلنون تمسكهم بترشيح العماد ميشال عون، دون اتخاذ أي موقف على الأرض لتأمين انتخابه، كما يقول رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
ولم تستبعد بعض الأوساط المطلعة على الأجواء المرافقة لانعقاد طاولة الحوار اليوم ان يُبادر الرئيس نبيه برّي إلى اختصار جلسات الأيام الثلاثة، في حال لم تفلح مساعيه في التوصّل إلى صيغة مقبولة لتمرير الاستحقاق الرئاسي، أو على الأقل تنظيم الخلافات حول الملفات الرئيسية الأخرى، وفي مقدمها التعيينات الأمنية وأزمة النفايات وملف النفط والغاز.
وفي تقدير مصادر سياسية ان أولى جلسات الحوار اليوم من شأنها ان تقدّم صورة اولية عن أجواء حوار اليومين المقبلين، في اتجاه الاستمرار أو الاختصار، مشيرة إلى ان المواقف التي سبقت فرملت الرغبات في إخفاء صيغة للتفاهم على بنود جدول الأعمال، مع العلم ان الاتفاق يوصل إلى حوار جدي، وعدم الاتفاق سيؤدي حتماً إلى اللاحوار.
وتوقعت المصادر نفسها ان تكون هناك مداخلات أبرزها للرئيس برّي حول ما يمكن ان يبحث، والهدف من ثلاثية الحوار، مؤكدة ان معظم الأفرقاء متجاوبون مع دعوة برّي للتلاقي، لكن أي إشارة بتطبيق ذلك من خلال اتفاق أو تفاهم من المستبعد ان يحصل، خصوصاً مع احتدام التوتر الإقليمي، مصحوباً بتوتر داخلي عكسته المواقف الأخيرة للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله الذي ضخ في خطابه الأخير كمية من القنابل رماها في وجه الجميع، على حدّ تعبير مصدر مستقبلي.
ولم تستبعد المصادر السياسية ان تطرح أفكار حول ماهية البنود التي يمكن الاتفاق عليها، مع العلم ان أياً من المتحاورين ليس في جو ما يمكن ان يتم تداوله حول ما يعرف «بالسلة»، خصوصاً وأن هناك من يعتبر ان بنود جدول أعمال الحوار هي السلة، لكن ما طبيعة هذه السلة وإلى ماذا ترمي لا أحد يعرف، بحسب أحد نواب كتلة «المستقبل» الذي أوضح لـ«اللواء» ان موضوع السلة لم يتم مقاربتها في اجتماع الكتلة الاستثنائي، أمس، والذي انعقد برئاسة الرئيس سعد الحريري، من دون ان يخرج ببيان.
وفي السياق نفسه، اشارت هذه المصادر إلى ان هناك ترقباً أيضاً لحضور القيادات لجهة من يُشارك ومن يغيب، وايضاً لجهة التمني على الأقطاب المشاركة في جلسات الحوار، بحسب ما جاء في بيان حزب الكتائب، علماً ان معلومات تمّ تداولها أمس، تحدثت بأن الرئيس برّي تمنى على الرئيس الحريري خلال لقائهما مساء أمس الأوّل حضور الحوار اليوم، فأجابه بأنه يحضر إذا حضر السيّد نصر الله.
ورفضت المصادر الجزم بحضور رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد عون جلسة الحوار اليوم، رغم ان مصادر مقربة منه كانت اوحت بذلك قبل التصريح الأخير للنائب فرنجية، والذي وصف بأنه قضى على آمال عون بالوصول إلى الرئاسة.
جنبلاط في «بيت الوسط»
مهما كان من أمر، فقد سجل عشية التئام طاولة الحوار، حدثان استأثرا بالاهتمام، تمثل الأوّل بزيارة رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط يرافقه وزير الصحة وائل أبو فاعور لـ«بيت الوسط» حيث استقبله الرئيس الحريري في حضور النائب السابق غطاس خوري.
ومع ان المكتب الإعلامي للرئيس الحريري اكتفى بأنه جرى في اللقاء عرض للأوضاع العامة وآخر التطورات، فإن مصادر معنية في الحزب التقدمي الاشتراكي لفتت إلى ان اللقاء هدف إلى تنقية الأجواء بين الزعيمين من الغيوم الباردة التي صاحبت العلاقة بينهما نتيجة الانتخابات البلدية الأخيرة وأزمة النفايات في إقليم الخروب، بالإضافة إلى البحث في الاستحقاق الرئاسي في ضوء المواقف الأخيرة لجنبلاط التي احدثت نوعاً من الانعطافة باتجاه احتمال تأييد النائب عون، مع ان أوساط الأخير حرصت على التأكيد بأن ما يهمه هو الرئاسة وليس شخص الرئيس.
وفي معلومات «اللواء» ان جنبلاط حضر إلى «بيت الوسط» فيما كان الرئيس الحريري مجتمعاً إلى نواب الكتلة، والذين حضروا جميعهم باستثناء النائب سيبوه كلبكيان بسبب وجوده في استراليا.
على ان اللافت لهذا الاجتماع الاستثنائي للكتلة والذي حضره الرئيس فؤاد السنيورة، هو ابقاء مداولاته بعيداً عن الإعلام، حيث لم يصدر عنه أي بيان يشي بطبيعة المداولات التي جرت، سواء لجهة موضوع الحوار، أو المواضيع الأخرى المطروحة.
غير أن مصادر نيابية في الكتلة، كشفت لـ«اللواء»، أنه ليس هنام من شيء ممكن أن يحدث نقلة نوعية في مسار الأزمة السياسية، واصفة الاجتماع بأنه كان جولة أفق حول المرحلة الراهنة بعناوينها الرئيسية، بالإضافة إلى نقاش في الخيارات الأساسية للمرحلة التي نمر بها، بالنسبة لوضع البلد والناس والمنطقة وانعكاساتها على لبنان.
وأوضحت أن موضوع الحوار كان واحداً من العناوين التي طرحت، مشيرة إلى أن ما يعني الكتلة في هذا الموضوع هو رئاسة الجمهورية والدستور، ولا علاقة لنا بالسلة ولا بجدول الأعمال، بمعنى أن الأولوية بالنسبة للكتلة هو انتخاب رئيس الجمهورية وهي في هذا الصدد ما تزال تدعم النائب فرنجية، وترفض المسّ بالطائف الذي أصبح دستوراً.
ونفت المصادر أن يكون الرئيس الحريري وضع النواب في تفاصيل لقائه بالرئيس برّي با ستثناء حديث في العموميات، كاشفة بأن جميع النواب الحاضرين كانت لهم مداخلات وآراء، وهو ما يفسّر طول المدة الزمنية للإجتماع الذي استغرق قرابة أربع ساعات (إنتهى في السابعة والنصف مساءً).
زيارة بروجردي
أما الحدث الثاني، فتمثّل بزيارة ملتبسة وربما غير مفهومة لرئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي، للبنان على رأس وفد نيابي إيراني، ذلك أن هذه الزيارة وإن كانت تهدف إلى نفي أن تكون إيران هي المعطّلة للانتخابات الرئاسية وبالتالي التسبّب في أزمة الفراغ الرئاسي، فإنها لم تخل من مواقف متناقضة حيال هذه الأزمة بالذات.
وإذ لوحظ أن بروجردي حرص بعد لقائه وزير الخارجية جبران باسيل على القول بأن «إيران لن تتردد من القيام بأي مساعي تساعد على حلحلة الفراغ السياسي في لبنان، إذا طلب منا ذلك»، لكنه شدّد في السياق نفسه على أن السياسة الثابتة لإيران تقوم على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، مضيفاً بأننا «نعرف أن النخب السياسية اللبنانية الواعية سوف تتمكن في نهاية المطاف من إيجاد المخرج الملائم لهذا الفراغ الرئاسي».
ومن المقرّر أن يزور المسؤول الإيراني الرئيس تمام سلام قبل انعقاد طاولة الحوار اليوم، ثم يلتقي الرئيس برّي بعد انتهائها أي في الثالثة بعد الظهر، وهو كان زار رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد معلناً بأن الدور الفريد والتاريخي الذي قامت وتقوم به المقاومة بقيادة السيّد نصر الله وفّر الأمن والهدوء ليس فقط للبنان ضد إسرائيل والإرهاب، بل في ترسيخ الهدوء على المستوى الإقليمي.
عيد الجيش
في مجال آخر، ومع أن مناسبة عيد الجيش الـ71 لم تخل من غصة، بسبب شغور منصب رئاسة الجمهورية، واستمرار احتجاز العسكريين التسعة لدى تنظيم «داعش»، فإن المواقف التي سجلت في هذه المناسبة عكست توجهاً كبيراً وقوياً نحو احتضان المؤسسة العسكرية، خصوصاً بعدما باتت تتقدّم صفوف الدفاع عن المصير الوطني، على حدّ تعبير الرئيس الحريري الذي أعلن بأننا جميعاً ظهر للجيش في مواجهة الإرهاب والتطرف ومشاريع الخروج عن الدولة والقانون وحماية السلم الأهلي.
وأكد أن الدعوة لحصرية السلاح بيد الجيش والمؤسسات الشرعية ستبقى العنوان الأساس لقوة الدولة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
وللمناسبة، عاهد قائد الجيش العماد جان قهوجي في «أمر اليوم» أهالي العسكريين المخطوفين لدى التنظيمات الإرهابية على مواصلة العمل بكل جهد وإصرار لكشف مصيرهم وتحريرهم وعودتهم إلى كنف مؤسستهم، معتبراً أن المواجهة الفاعلة للإرهاب تتطلب استراتيجية شاملة تأخذ في الاعتبار تنسيق الجهود الأمنية الدولية، إلا أن الجهد الأمني الوطني يبقى أساسياً في تلك المواجهة، وهذا ما أثبته الجيش وأعطى فيه المثال.
تجدر الإشارة الى أن اشتباكات قوية سجلت مساء أمس على جبهة جرود عرسال والبقاع الشمالي، حين تعرّضت مراكز الجيش في رأس بعلبك لقذائف هاون مصدرها مراكز مسلحي «داعش» في الجرود الشرقية، ورد الجيش بقوة على مصادر النيران.
وأفادت معلومات أن فوج التدخل الخامس في الجيش دمر مركزاً لجبهة «النصرة» في ضهر الصفا في جرود عرسال بالأسلحة الثقيلة والصواريخ.
وأوضح مصدر عسكري أن خطر المجموعات الإرهابية أصبح صفراً، إذ كانت هذه المجموعات تسيطر على مساحة 1500 كيلومتر على الحدود بين لبنان وسوريا، بات وجودها محصوراً في 50 كيلومتر، فيما عددها لم يعد يتجاوز الـ50 عنصراً بعدما كانوا في حدود الـ3000 عنصر.