وفي اليوم الثالث سقط الرهان: لا رئيس ولا قانون إنتخاب ولا إصلاحات
فضيحة الانترنت تهز مجلس الوزراء مجدداً والبعض يريد يوسف «كبش محرقة»
كأن امراً ما، يشبه «تعويذة فشل» هبطت على رؤوس الجميع، فحالت دون تحقيق أي إنجاز محلي، لا في «ثلاثية الحوار» التي انتهت أمس، من دون ان تحقق أي اختراق، لا في انتخاب الرئيس، ولا في قانون الانتخاب، ولا حتى في الإصلاحات الدستورية، التي كانت بمثابة «أرنب الحوار»، فيما الحديث عن «السلة الكاملة» و«الدوحة اللبنانية» تبخر مع طي أقطاب الحوار اوراقهم بانتظار الجولة الجديدة بعد شهر بالتمام والكمال، بعدما ادركوا ان كل بلد يحترق في المنطقة يحتاج إلى دوحة، على حدّ تعبير راعي الحوار الرئيس نبيه برّي.
أما مجلس الوزراء فهو لم يستطع بدوره ان يخطو خطوة واحدة نحو الامام في ملف الاتصالات، فأرجأ البحث فيه للمرة الثالثة أو ربما الرابعة، ريثما تنضج نتائج التحقيقات المرتبطة بفضيحة الانترنت غير الشرعي، حيث شكل المدير العام لهيئة «اوجيرو» المهندس عبد المنعم يوسف نجم الجلسة، إلى حدّ توقع وزير الزراعة اكرم شهيب ان يدخل «موسوعة غينيس»، فيما أحدث التقرير الذي قدمه وزير الاتصالات بطرس حرب، في سياق رده على ملاحظات الوزراء «صدمة» لدى عدد من الوزراء بسبب كونه جاء حاداً على حدّ تعبير وزير الزراعة ميشال فرعون الذي كشف لـ«اللواء» ان التقرير فتح «ملفات مخيفة» تتعلق بهدر أموال عامة بين العامين 2008 و2009.
وحيال ذلك، قرّر الوزير حرب عقد مؤتمر صحفي اليوم يكشف فيه كل شيء، بما في ذلك قرب صدور القرار الظني في فضيحة الانترنت غير الشرعي.
«ثلاثية الحوار»
ولم ينفع «تكتيك» الرئيس برّي بالاكثار في طرح موضوعات للنقاش على طاولة الحوار في التخفيف من صدمة الفشل والعجز التي انتهت إليها ثلاثية الحوار دون تحقيق أي إنجاز، أو حتى أي تقدّم، بالنسبة للملفات والبنود التي تمت مناقشتها على مدى الأيام الثلاثة الماضية.
وكان واضحاً منذ اليوم الأوّل عجز الأطراف السياسية اللبنانية عن عزل الملفات الداخلية عن أزمات المنطقة وتداخلاتها الإقليمية من جهة، فضلاً عن غياب كامل للمبادرات المدروسة والتي كان توفرها يمكن ان يخففم ن حجم الفشل المريع.
وتساءلت أوساط سياسية متابعة للأجواء الخلافية التي سادت الحوار عن مبررات المضي في طرح الاستحقاق الرئاسي على طاولة الحوار، في ظل هذا العجز الداخلي عن التوصّل إلى توافق مقبول، وإخراج هذا الملف من الضغوطات والتدخلات الخارجية.
واعتبرت هذه الأوساط فشل الاتفاق على قانون جديد للانتخابات بمثابة مؤشر جديد على تواطؤ الأطراف السياسية لإبقاء قانون الستين نافذاً بحجة عدم إمكانية التوافق على قانون جديد.
وانتقدت الأوساط نفسها طريقة طرح موضوعي مجلس الشيوخ واللامركزية الإدارية في ظل المواقف المتباعدة، ودون توفير الوقت اللازم لمناقشة آلية تنفيذ هذين البندين من اتفاق الطائف، واللذين لم يحظيا بتوافق على إخراجهما إلى حيّز التنفيذ طوال أكثر من ربع قرن، فكيف يمكن الاتفاق على الآلية المطلوبة في أقل من ساعتين؟
إزاء هذه التساؤلات الواقعية والمنطقية، لم تجر رياح أقطاب الحوار كما كانت تشتهي سفن الرئيس برّي التي لم تستطع أن ترسو على شاطئ التفاهم على الملفات المطروحة للخروج من نفق الأزمة التي طال أمدها، حتى أن الإيجابيات التي تحدث عنها أقطاب الـ8 آذار في الجولة الثانية من ثلاثية الحوار، سرعان ما تلاشت في الجولة الثالثة، بحسب هؤلاء أنفسهم، حيث أخفق المتحاورون في تحقيق أي خرق جوهري في المواضيع التي طُرحت، باستثناء الاتفاق على استمرار الحوار في الخامس من أيلول المقبل، حيث ستخصص الجلسة لتسليم المتحاورين أسماء شخصيات من مجلس النواب أو خارجه سينتدبونها لتمثيلهم في لجان أو ورش عمل تقرّر تشكيلها لمتابعة ملف مجلس الشيوخ وقانون انتخاب المجلس النيابي خارج القيد الطائفي، فيما تقرر إحالة اقتراحات قوانين في شأن اللامركزية الإدارية إلى اللجان المشتركة للبدء في دراستها.
وبحسب مصادر مطلعة على الجلسة الختامية والتي غاب عنها الأقطاب الثلاثة: ميشال عون ووليد جنبلاط وسليمان فرنجية، فإن النقاشات فيها دارت في حلقة مفرغة في الدستور والقانون، على الرغم من أن البحث كان مفتوحاً وهادئاً مقارنة باليوم الأول لهذه الثلاثية.
وكشفت المصادر أن موضوع مجلس الشيوخ الذي ينتظر قرار الأفرقاء السياسيين لبتّه أم لا، نوقش دستورياً، بحيث عرض المجتمعون لنصّ إنشائه استناداً إلى المادة 22 من دستور الطائف، ورؤية الدستوريين حوله وصلاحياته، في الوقت الذي لم يقدّم أي من المتحاورين رأياً نهائياً في إنشائه، خصوصاً بعد مطالعة رئيس الكتائب النائب سامي الجميّل الذي اعتبر أن ليس من صلاحية طاولة الحوار التحضير لمجلس الشيوخ وقانون الانتخاب لأن هذه الأمور من مهام مجلس النواب، مشدداً على أن الأولوية يجب أن تُعطى لانتخاب رئيس الجمهورية، وتساءل: إذا وصلنا إلى تشرين الثاني من دون التوصّل إلى قانون انتخاب، فأي قانون سنعتمد لإجراء الانتخابات؟
جلسة الإتصالات
في هذا الوقت، وكما كان متوقعاً، لم تخرج جلسة مجلس الوزراء بأي حل لملف الاتصالات والذي زاد من قرف بعض الوزراء، بحسب ما أعلنوا لـ«اللواء»، حيث دارت النقاشات في حلقة فارغة، رغم ان تبادل كرة الاتهامات والسجالات لم تخرج عن إطار التهذيب رغم حدتها.
ولاحظت مصادر وزارية ان جلسة الاتصالات لم تخرج بأي قرار أو نتيجة سوى تظهير الخلاف القديم بين وزير الاتصالات بطرس حرب ووزراء «التيار الوطني الحر» حول عمل هيئة «اوجيرو» ودور رئيس الهيئة المهندس عبد المنعم يوسف، والذي دخل على خطه مجدداً وزيرا الحزب التقدمي الاشتراكي اللذان اشارا بوضوح إلى قيادة يوسف لجهازين اداريين ما جعله أكثر تسلطاً، وانه الموظف الوحيد في الدولة اللبنانية الذي يحمل صفتين حيث توكل إليه مهمة مديرية «اوجيرو» والمديرية العامة للصيانة والاستثمار.
ومع ان المصادر نفت ان تكون هناك حملة منسقة قادها وزراء «التيار العوني» والاشتراكي ضد يوسف، الا انه في محطات النقاش في الجلسة التي استغرقت أربع ساعات بدا الأمر صحيحاً، خصوصاً في الحديث عن تجاوزات يوسف والسكوت عن الانترنت غير الشرعي.
اما «مايسترو» الجلسة الرئيس تمام سلام فكان موقفه ذكياً، كما وصفه أحد الوزراء لـ«اللواء» إذ انه ترك الوزراء يتحدثون ويطرحون على الوزير حرب ما يشاؤون من أسئلة دون أن يتدخل الا في ختام الجلسة حين طلب من الوزير حرب تحضير تصور مؤسساتي من أجل تطبيق القانون رقم 431 معتبرا أن العلة في ملف الاتصالات هو عدم تطبيق القانون.
وأشار سلام بأنه لا يجوز ان يشتكي أحد من خروقات من عدم تطبيق القانون خصوصا أن هناك عدداً من الوزراء لم يطبق القانون، لافتا الى أنه لا يحق لاحد أخذ موقف معيّن من أي شخص لا يزال يحاكم ولم يدان.
فرد الوزير حرب مستجيبا لطلب سلام، كاشفا عن قرب صدور القرار الظني في موضوع «الانترنت غير الشرعي»، وأعلن انه فور صدور هذا القرار سيقدم اقتراحاته بخصوص يوسف.
وفي اتصال مع «اللواء» رفض حرب التعليق على ما جرى في الجلسة، لكنه كشف انه سيعقد مؤتمراً صحفياً ظهر اليوم لتفنيد ملف الاتصالات والتوضيح للرأي العام حقيقة ما جرى، وانه سيعرض في هذا المؤتمر التقرير الذي طرحه على الوزراء.
العملية النوعية
أمنياً، نفذت مخابرات الجيش اللبناني، عصر أمس عملية نوعية في وادي عطا في جرود عرسال، تمكنت خلالها من أسر أربعة عناصر من تنظيم «داعش»، بعد تبادل لاطلاق النار دام نصف ساعة، والموقوفون الأربعة هم اللبنانيان: سامح البريدي وطارق الفليطي، والسوريان أحدهما يدعي محمّد المحمد وهو مطلوب لمشاركته في أعمال إرهابية وقتال الجيش.
اما الفليطي الذي اصيب خلال العملية، فهو شقيق رنا الفليطي زوجة الشهيد علي رامز البزال وهو أحد المتهمين بقتل صهره.
وافيد لاحقا ان الموقوف سامح البريدي قد توفي متأثرا بجراحه في مستشفى دار الحكمة في بعلبك.
يشار الى ان الفليطي والبريدي نفذا عددا من الاعتداءات على الجيش اللبناني والمواطنين في بلدة عرسال، وكان آخرها الاعتداء على المختار محمد علولي. وهما متهمان ايضا بادارة كل العمليات العسكرية والامنية والارهابية، بما فيها الاعتداءات على الجيش اللبناني والاهالي وعمليات الاعدام والتصفية وتفخيخ السيارات وادخالها الى لبنان، بالاضافة الى اغتيال الشهيدين الرائد بشعلاني والرقيب زهرمان.
وليلاً، استهدفت مدفعية الجيش تحركات المسلحين في وادي الخيل في جرود عرسال.