شائعات عن مفاجأة جنبلاطية في تدشين كنيسة المختارة اليوم
هل يفتح «صيد الجيش الثمين» أبواب التفاوض مع «داعش» على العسكريين المخطوفين؟
سريعاً، عادت البلاد ومعها العباد، إلى مربع الأزمة الأوّل، والذي يشبه الصفر المكعب، بما يحويه من جمود قاتل وانعدام الحركة السياسية، بسبب فشل أقطاب الحوار في الوصول إلى تفاهم يفتح كوة في الجدار الثقيل، على الرغم من محاولات راعي الحوار أو مديره الرئيس نبيه برّي في احداث نقلة نوعية، تمثلت في الإصلاحات الدستورية والتي سرعان ما اصطدمت بالخوف من ان تكون بمثابة التفاف على الرئاسة الأولى، ما دفع مصادر سياسية إلى توصيف ثلاثية الحوار، بأنه كان حوار الوقت الضائع لإبقاء خطوط التواصل مفتوحة بين القوى السياسية، وأن حوار الخامس من أيلول لن يكون أفضل من ثلاثية حوار آب، ما دام شيء لم يتغيّر في الواقع السياسي، سواء على الصعيد المحلي أو على الصعيد الإقليمي الذي يزداد توتراً.
ولعل النتيجة السريعة لحوارات الأيام الثلاثة، ان جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ذات الرقم التسلسلي 43 يوم الاثنين المقبل في الثامن من آب، لن تكون أفضل من سابقاتها، لجهة تطيير نصابها والعجز عن تأمين نصاب يوفّر فرصة لانتخاب رئيس جديد، على الرغم من كل «الاحلام» التي بناها «التيار الوطني الحر» على هذه الجلسة لإيصال العماد ميشال عون إلى أبواب بعبدا، ذلك ان العقدة الخارجية باتت معروفة، ومعها أيضاً العقدة الداخلية، والتي تتمثل بنظرية «أنا أو الفراغ» مرفوعة بانتهاك فاضح للدستور تعطي أصحابه بما يشبه «الحق الإلهي» في تعطيل انتخاب الرئيس إذا لم يأت الشخص الذي يريده هؤلاء، مع ان هذا الحق لم يعطه الدستور لأحد، سوى حق النزول إلى المجلس وانتخاب الرئيس الذي يحظى بأغلبية أصوات النواب.
وبانتظار ان تنفك عقد انتخاب الرئيس، وهو أمر بالتأكيد سوف يطول، تتجه الأنظار إلى اللقاء السياسي الجامع الذي يقيمه رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط اليوم في المختارة، بعد تدشين كنيستها التي تعود ملكيتها إلى آل الخازن، في حضور ورعاية البطريرك الماروني بشارة الراعي، والذي سيكون بمثابة تكريس لمصالحة الجبل والعيش المشترك التي أرساها البطريرك السابق الكاردينال نصر الله صفير، والذي حظي أمس بالتفاتة مميزة من جنبلاط خلال اتصال هاتفي اجراه معه أمس، حيث دعاه لحضور الاحتفال، متوجهاً إليه بالقول: «أنت فتحت الطريق لوحدة الجبل».
وخارج هذا البعد الوطني الكبير لاحتفال تدشين كنيسة المختارة اليوم، ثمة ترقب للكلمة التي سيلقيها جنبلاط، وكذلك البطريرك الراعي والذي لا بدّ ان يتطرق إلى الشأن الرئاسي وضرورة ملء الشغور في المركز الأوّل في الدولة، مشفوعاً بترقب آخر يتصل بالحضور ونوعية هذا الحضور وشخصياته، إذ ان جنبلاط لم يوفّر أحداً من الشخصيات السياسية والمرجيعات الروحية، ولا سيما الرؤساء نبيه برّي وتمام سلام وسعد الحريري ورئيس تكتل «التغيير والاصلاح» ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
غير ان مصادر مطلعة توقعت ان يتمثل هؤلاء بمندوبين عنهم، ذلك لأن الرئيس الحريري خارج البلاد، فيما هناك حيثية معينة تحول دون حضور جعجع، وربما أيضاً العماد عون الا إذا فجر جنبلاط مفاجأة في الاحتفال ورشحه رسمياً وعلناً.
ومع ان أوساط الحزب التقدمي الاشتراكي تكتمت عن مضمون كلمة جنبلاط، معتبرة ان لا أحد يعرف موقفه السياسي إلاّ هو، فإنها أكدت ان خيار إعلان ترشيح عون علناً ورسمياً يعود إليه وحده، وهو من يُقرّر، علماً ان مواقفه العلنية باتت واضحة ومعروفة، وهو يؤيد أية تسوية رئاسية، ولا يضع «فيتو» على أي إسم، بما في ذلك عون نفسه، لذلك فإن كل الاحتمالات مفتوحة، ولا يمكننا إلا أن ننتظر السبت لنرى ما سيحمله من مفاجأة محتملة.
التعيينات العسكرية
في هذا الوقت، ومع اقتراب موعد انتهاء مُـدّة خدمة عدد من القادةالعسكريين، وأبرزهم قائد الجيش العماد جان قهوجي في نهاية شهر أيلول المقبل، أكدت مصادر معنية بالملف لـ«اللواء» أن موضوع تأجيل تسريح العماد قهوجي أصبح شبه محسوم وذلك من أجل استمرار عمل المؤسسة العسكرية، في ظل عدم التوافق على إسم قائد جديد للجيش، لا سيما أن الأمن هو أولوية في هذه المرحلة الدقيقة والحسّاسة.
وتوقّعت المصادر أن يتم طرح ملف القادة العسكريين على طاولة مجلس الوزراء قبل نهاية شهر آب الحالي، وذلك بسبب انتهاء مُـدّة خدمة الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء محمّد خير في 25 آب، مع ترجيح تمديد فترة خدمة خير مُـدّة إضافية، علماً أن التمديد للواء خير التابع مباشرة لرئيس الجمهورية ولرئيس مجلس الوزراء يمكن أن يتم دون العودة إلى مجلس الوزراء.
وتُشير المصادر إلى أن نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل يُصرّ على عرض الموضوع على مجلس الوزراء كسلّة واحدة تشمل تأجيل تسريحالعماد قهوجي واللواء خير وتعيين رئيس للأركان، حيث تنتهي ولاية رئيس الأركان الحالي نهاية أيلول المقبل.
وجددت المصادر تأكيدها أن العميد الركن حاتم ملاك لا يزال الأوفر حظاً لتولي منصب رئيس الأركان رغم العلاقة القوية التي تربط النائب جنبلاط مع العميد الركن مروان حلاوي ولكن ملاك لديه أقدمية عسكرية عن حلاوي.
في غضون ذلك، أعطت العملية النوعية التي حققها الجيش اللبناني في عرسال، بتوجيه ضربة قوية ونوعية إلى تنظيم «داعش»، عبر استهداف أكبر رأسين محليين له في عرسال، بإصابته سامح البريدي المعروف في بلدته عرسال بلقب «سامح السلطان»، وهو أخطر المطلوبين لدى الجيش، وقتل طارق محمّد الفليطي وتوقيف عدد من المطلوبين السوريين الذين ينتمون إلى هذا التنظيم، أعطت هذه العملية أملاً بأن تشكّل فرصة لتحريك ملف العسكريين التسعة الذين ما زال تنظيم الدولة الإسلامية يحتجزهم منذ أكثر من سنتين، من دون أن يتوفّر طرف يتولى التفاوض لإطلاق سراح هؤلاء.
وأوضح رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري لوكالة الأنباء «المركزية» أن وضع البلدة هادئ بعد عملية الجيش، وأن الجيش يقوم بمهامه كالمعتاد داخل البلدة ومحيطها.
واستبعد الحجيري أن تكون المعلومات التي تحدثت عن عودةالوسيط القطري في قضية العسكريين المخطوفين إلى بيروت، مرتبطة بالعملية النوعية التي نفّذها الجيش أمس الأول، مرجحاً أن تكون «صدفة»، لكنه شدّد على أهمية السرّية في هذا الملف الدقيق والحسّاس.
وتوازياً، نفّذ فوج المجوقل منذ صباح أمس عملية واسعة النطاق في مشاريع القاع والحدود الشرقية شملت تفتيش المخيّمات وتنظيفها من السلاح والمشبوهين والإرهابيين وتمكن من توقيف عدد من النازحين السوريين في هذه المداهمات التي أسفرت عن إبقاء 19 سورياً قيد التحقيق لعدم حيازتهم أوراق ثبوتية.
ومن جهته، أكد مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم ان توطين النازحين «يساوي مباشرة الحرب»، مشيراً الى ان «المطلوب هو الكف عن المراهنات الخارجية وإستجداء الحلول المستوردة». وقال: «نعمل على بناء الدولة الآمنة لا الدولة الأمنية البوليسية».واكد «اننا سننتصر في المعركة على الإرهاب، لأن الهزيمة تعني نهاية لبنان». ولفت الى ان «الأمن اولوية ثابتة لأنه ضمان بقاء الدولة وإستمرارها».