IMLebanon

باسيل بعد لقاء برّي: لسنا متمسِّكين بترشيح عون

باسيل بعد لقاء برّي: لسنا متمسِّكين بترشيح عون

إنكفاء فرنسي عن الملف الرئاسي وتشجيع دولي لمواصلة الحوار

باستثناء الدخول الأميركي على مفاعيل قمّة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في شأن معركة حلب والأزمة السورية المعقدة، بالتزامن مع تسليم الجيش اللبناني معدات عسكرية أميركية، وباشراف وحضور شخصي من قبل السفيرة الأميركية الجديدة اليزابيث ريتشارد، لم يسجل على الصعيد المحلي اللبناني أي حراك سياسي ذي تأثير جدي على مسار الأحداث، وإن كان اللقاء المتجدد بين الرئيس نبيه برّي ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، شكل في حدّ ذاته حدثاً، يمكن توظيفه في تحريك ملف النفط المتعثر لدى رئاسة الحكومة، رغم التفاهم الذي تمّ بين الرجلين قبل ثلاثة أسابيع على بلوكات النفط بدءاً من الجنوب باتجاه الشمال.

وإذا كان البيان الرسمي الذي صدر عن عين التينة، لم يشر إلى مسألة النفط، مكتفياً بالاشارة إلى الأوضاع الراهنة والبحث في عدد من الملفات الحيوية، فقد لوحظ ان الوزير باسيل لم يتطرق إلى هذا الموضوع في البيان الذي تلاه بعد اجتماع تكتل «التغيير والاصلاح» ولا في كلمته امام الملتقى الاغترابي اللبناني، مما يشير إلى ان هذا الملف ما زال متعثراً، أقله على خط عين التينة – المصيطبة، حيث ما زال الرئيس تمام سلام يمتنع عن دعوة اللجنة الوزارية ومن ثم مجلس الوزراء إلى إقرار المرسومين العالقين.

ولم تستبعد مصادر وزارية معنية، ان يكون اللقاء الثاني بين الرئيس برّي وباسيل، تناول في جزء منه الرسالة الجوابية التي تلقاها رئيس المجلس، عبر السفيرة الأميركية، من مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الطاقة أموس هوكشتاين على العرض الذي تقدّم به لمعالجة مسألة ترسيم الحدود البحرية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل.

وفي معلومات وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج وعضو اللجنة الوزارية المكلفة درس ملف النفط، ان لا اجتماع قريباً للجنة التي يرأسها الرئيس سلام، موضحاً ان لا مشكلة في مضمون المرسومين، وإن كان الخلاف السياسي في شأنهما قد زال بعد اللقاء الأوّل بين الرئيس برّي والوزير باسيل، لكن المشكلة تكمن في ان البنك الدولي والشركات التي ستتولى التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية تشترط نوعاً من الاستقرار الضريبي غير الموجود، ومن هنا فإن المشاورات ما تزال مستمرة بين المسؤولين، من دون ان تغيب عنها الصفقات والمحاصصة.

باسيل: لسنا متمسكين بعون

وخارج مسألة النفط، كانت للوزير باسيل مجموعة مواقف، أهمها إعلانه بأن تكتل «الاصلاح والتغيير» ليس متمسكاً بشخص العماد ميشال عون مرشحاً للرئاسة الأولى، لكنه اشترط بأن «أي خيار آخر للشعب اللبناني سنوافق عليه»، في إشارة إلى الاستفتاء الذي سبق ان تحدث عنه عون مراراً.

وإذا كان موقف باسيل لا يمكن صرفه في أي مكان، على حدّ ما علق عليه أحد الوزراء، مشيراً إلى ان الهدف منه، هو الإمساك بالتيار في ظل بروز تيارات وانقسامات داخل التيار نفسه، فإن مصادر في التيار أوضحت لـ«اللواء» ان اجتماع تكتل «التغيير والاصلاح» تناول في قسم لا بأس منه نتائج جلسات الحوار الثلاثية، وأن التركيز كان منصباً على أهمية رئاسة الجمهورية، باعتبار أن هذا الملف يُشكّل أولوية ويرتكز على الميثاقية التي شدّد عليها باسيل نفسه عندما اعتبر ان «اي رئيس بالنسبة لنا غير مقبول، إذا لم يكن الرئيس ميثاقياً».

وأكد القيادي في التيار العوني الوزير السابق ماريو عون لـ«اللواء» ان التيار متمسك بترشيح عون لرئاسة الجمهورية، ولن يقبل بأي طرح آخر في ظل المعطى الحالي.

وعلم ان التكتل توقف أمس، عند المعلومات حول البحث الذي جرى داخل كتلة «المستقبل» حول الملف الرئاسي، وما تردّد عن وجود من يؤيد طرح عون ومن يعارضه، ولفتت مصادر عونية إلى ان الآمال معلقة على ان يتم الإقلاع عمّا وصفته بالأنانيات، مشيرة إلى ان هناك اصراراً على الوفاق واحترام الشراكة الوظيفية، نافية ما قد يفسّر في موقف التكتل لجهة تفضيله اجراء الانتخابات النيابية المبكرة على الرئاسية، مؤكدة في الوقت نفسه انه من دون رئيس الجمهورية لا يمكن تمرير العديد من الملفات التي طرحت في طاولة الحوار.

التعيينات الأمنية

أما في ما خص الموقف من التعيينات الأمنية، فذكّرت المصادر برفض التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، ونفت أن يكون التيار طرح إسماً معيّناً لقيادة الجيش، مشيرة إلى أن كل الاحتمالات تبقى واردة في ما خصّ التحرّك إذا حصل التمديد.

ورداً على سؤال من «اللواء» قالت المصادر العونية: «ليس بالضرورة أن ينسحب وزراء التيار من الحكومة، لكن هناك استعداداً للتعطيل»، متحدثة عن وجود أسماء لها ثقلها في الإمكان أن تُطرح للتعيين، مؤكدة أن التيار لن يقبل بأي مسّ بالدستور.

وكان باسيل قد أعلن رفض التكتل تكرار الخطأ الذي حصل بالتمديد لقائد الجيش بشكل غير قانوني، معلناً أن الموقف لم يتغيّر، «نحن مع تعيين قائد جديد للجيش، وعندما يصبح هناك خلل سيكون لنا الموقف المناسب الذي سنعلن عنه في وقته».

إنكفاء فرنسي

تزامناً، كانت لوزير الداخلية نهاد المشنوق مواقف سياسية مهمّة أيضاً، سواء في خلال تفقّد مراكز إصدار الجوازات البيومترية الجديدة، لدى الأمن العام، أو في الملتقى الاغترابي اللبناني، حيث أكد أن صورة مستقبل لبنان ليست سوداء، معرباً عن قناعته بأنه سيكون هناك انتخاب رئيس قريباً، راصداً ما وصفه بـ«حيوية» تتمثّل في بدء نقاشات داخلية جدّية في كل الأحزاب ستصل إلى نتائج أفضل ولو متأنية، داعياً إلى عدم الاستخفاف بأهمية الاستقرار الأمني ورغبة الجميع في استمراره.

وكشف المشنوق أن القوى الأمنية، وتحديداً شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي وجهاز الأمن العام استطاعا أن ينفّذا عمليتين استباقيتين خلال سنة واحدة لمنع قيام أعمال إرهابية كبرى في لبنان، في وقت أن دولاً كبيرة جداً تملك معلومات مسبقة وجدّية لم تستطع القيام بعملية استباقية كما حصل في بروكسل.

وفي مقابلة مع قناة N.B.N، جدد المشنوق أنه ما زال مقتنعاً بأن انتخاب رئيس للجمهورية سيتم قبل نهاية السنة، مشيراً الى أنه لم يحصل تصويت داخل تيّار المستقبل حول ترشيح عون إنما ما حصل كان تشاوراً حول الخيارات السياسية الواجب اتباعها، مضيفاً: «نحن لسنا تيّار إنتظار سياسي بل تيّار قرار، وواجبنا مناقشة أي خيار في المرحلة المقبلة ونتصرّف على أساسه».

وحول تحذير الرئيس برّي من أن عدم التوصّل إلى تسوية سيؤدي إلى مؤتمر تأسيسي أو حرب أهلية، قال المشنوق: «الرئيس برّي صمّام أمان سياسي ووطني دائم مهما قال».

في المقابل، أكد مصدر ديبلوماسي أن حظوظ التوصّل إلى اتفاق رئاسي في الأشهر القليلة المقبلة معدومة، مرجحاً ألا يتحقق أي تطوّر على هذا الصعيد قبل نهاية العام الجاري، خصوصاً في ظل التطورات العسكرية التي تشهدها المنطقة والآخذة بالتفاقم يوماً بعد آخر، خصوصاً في سوريا واليمن.

وتتفق هذه المعلومات مع ما كشفه مصدر واسع الاطلاع بأن الانتخابات الرئاسية لن تجري قبل ربيع العام 2017، وأيضاً بما سرّبته مصادر ديبلوماسية بأن جهات دولية طلبت من الفرنسيين عدم التدخّل مجدداً في الملف الرئاسي اللبناني، تحت حجة ارتباط هذا الملف تحديداً بمجريات الحل السوري الذي تتولاه الولايات المتحدة من جهة وروسيا من جهة أخرى بتفويض مباشر من حلفائها.

واستناداً إلى هذه المعلومات، عقّبت مصادر قيادية في فريق 8 آذار، بأن الأمور المتعلقة بالرئاسة عادت إلى الوراء بعد فورة التفاؤل التي كان هذا الفريق قد تبنّاها وفقاً لمعطيات خارجية إيجابية تبلّغها في حينه.

وفي تقدير هذه المصادر أن الحوار، وتحديداً حوار عين التينة يبقى مطلوباً وطنياً طالما يحظى بغطاء وتشجيع إقليمي ودولي واسع، على اعتبار أنه يُشكّل البوابة التي سينطلق منها كل الأفرقاء إلى المجلس النيابي لانتخاب رئيس الجمهورية وإعادة تفعيل عمل المؤسسات، إلا أن هذا لا يعني بأن هناك دوراً أو قدرة للأفرقاء المشاركين في طاولة الحوار على اتخاذ أي قرار إذا لم تنجح المفاوضات أو الاتصالات العربية – الإقليمية – الدولية حول سوريا واليمن.

كتلة «المستقبل»

أما كتلة «المستقبل» النيابية فأشارت في بيانها بعد اجتماعها الأسبوعي برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة إلى أن الحوار هو الوسيلة الفضلى للتواصل بين اللبنانيين لكن تحت سقف الدستور والالتزام الكامل به، مشددة على ضرورة استمرار التمسك باتفاق الطائف كمنطلق لكل الخطوات الحوارية، انطلاقاً من جانبه الميثاقي والعمل على تطبيق ما لم يطبّق منه، وتحديداً في الشق الإصلاحي، كما شددت على ضرورة توفّر القناعة لدى جميع الأفرقاء بالالتزام بتنفيذ مقررات الحوار.

ورأت الكتلة أن «شراسة وعنف المعارك الدائرة في سوريا وتحديداً في مدينة حلب والخسائر البشرية والمادية التي يسقط بنتيجتها العشرات من اللبنانيين الذين جنّدهم «حزب الله» للمشاركة في هذه المعارك، تتطلّب من الحزب المسارعة فوراً إلى إعادة النظر بسياسته التي تعرّض الشباب اللبناني لخسائر فادحة في الأرواح وإلى إصابات وإعاقات كثيرة، وإلى تداعيات سلبية على مسيرة حياتهم المستقبلية».