تمرير التعيينات الأمنية تحت ضغط الضرورة بمواصلة المعركة ضد الإرهاب
بدا واضحاً، أمس، أن المراوحة، أو بتعبير أوضح، حالة الجمود السياسي الراهنة مستمرة طوال عطلة شهر آب، وحتى عشية موعد انعقاد طاولة الحوار في الخامس من أيلول الذي يؤمل أن يشهد نوعاً من حلحلة ما، تبعاً للحراك الإقليمي المتفاعل على صعيد الأزمة في سوريا، بين كل من أنقرة وطهران وموسكو، وكل ما عدا ذلك لا يخرج عن عملية إلهاء للرأي العام واستهلاك للمواقف السياسية، حيث ما زالت الأبواب موصدة أمام الاستحقاق الرئاسي والملفات الأخرى، وخاصة بالنسبة لقانون الانتخاب، من دون استبعاد إمكان حدوث اختراق يتصل بتمرير التعيينات الأمنية تحت ضغط الضرورات الطارئة على جبهة المواجهة العسكرية مع التنظيمات المتطرّفة على حدود الجبهة الشرقية، علماً أن زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى بيروت الثلاثاء المقبل، يمكن أن تعطي مؤشراً إلى نوع من ضغط عربي لتحريك مسألة الاستحقاق الرئاسي وصولاً إلى إنهاء الفراغ.
وفي تقدير مصادر سياسية، أن الإطلالة المنتظرة اليوم للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، في الذكرى العاشرة لانتصار المقاومة في حرب تموز 2006، يمكن أن تشكّل مؤشراً لاحتمالات المرحلة المقبلة على صعيد أزمة الفراغ الرئاسي، في حال تطرّق نصر الله في كلمته إلى الشأن السياسي الداخلي، خلافاً لما حصل في آخر إطلالة له، حيث تجاهل هذا الشأن بالمطلق، مكتفياً بالتركيز على الوضع الإقليمي، ولا سيما الوضع في سوريا واليمن والعراق، متحاملاً بعنف على المملكة العربية السعودية، مما استدعى ردّاً على نفس المستوى من الرئيس سعد الحريري ونواب المستقبل.
وبحسب هذه المصادر، فإن نصر الله لا بدّ وأن يتطرّق في خطابه إلى الأوضاع الداخلية، بدءاً من رمزية الإنتصار التاريخي، مروراً ببعض الملفات السياسية المطروحة على طاولة الحوار ولما أنتجته في الجلسات الثلاث الأخيرة في عين التينة بالنسبة لطرح الإصلاحات الدستورية والذي جوبه بمعارضة أو رفض مسيحي لإدخال تعديلات على الطائف في غياب رئيس الجمهورية.
أما بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية التي يعتبرها الحزب رأس حربة ضد المشروع الإيراني القائم ضد بلدان المنطقة، فإن التجاذب الذي يمكن أن يتجدّد بين الحزب وتيار «المستقبل» في حال حمل عليها نصر الله مجدداً، من باب ما يجري في معركة حلب التي سيعتبرها «معركة وجود»، أو في اليمن، واتهامها برعاية الإرهاب، فلا يتوقع أن ينعكس أو أن يؤثّر على جلسة الحوار الثنائي المرتقبة بين الطرفين في عين التينة يوم الثلاثاء المقبل، وهي الجلسة التي تحمل الرقم 32، حيث أن الطرفين ما زالا حريصين على استمرار الحوار بينهما، على الرغم من استمرار الاختلافات في وجهات النظر، أو الحملات والاتهامات المتبادلة.
التعيينات
وفي شأن سياسي آخر، أوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن ما ألمح إليه وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب في جلسة مجلس الوزراء أمس الأول بأنه قد لا تكون هناك جلسة الأسبوع المقبل، يؤشر إلى أن الهدوء الذي ساد جلسة الخميس سيتحوّل إلى تشنج.
وأكدت المصادر نفسها أن أي طرح يتصل بسلة التعيينات الأمنية لم يتبلغه الوزراء حتى الساعة، مشيرة إلى أن هناك انتظاراً لما سيتقدّم به وزير الدفاع الوطني سمير مقبل، في حين أن تعيين أي بديل عن الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمّد خير يعود إلى رئيس الحكومة.
وأعربت المصادر عن اعتقادها أن التوقعات بجلسة حامية للحكومة في حال طُرح ملف التعيينات الأمنية قد يكون في محله، متحدثة عن عدم وجود أكثرية وزارية ممانعة للتمديد لقائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي الذي أثبت في التمديد الأول والثاني له عن قدرة قوية بالإضافة إلى امتلاكه لاستراتيجية ومخططات لمواجهة الإرهاب، ولذلك فإن التمديد يبقى أفضل الخيارات الممكنة، وإذا كان الوزراء لم يتلمسوا أي توجه معيّن في الجلسة السابقة بفعل غياب وزير الدفاع، فإن المصادر نفسها توقعت قيام مشاورات معينة حول هذا الملف قبل مناقشته داخل الحكومة.
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في تصريح لـ«اللواء» أن تعيين قائد جديد للجيش يحتاج إلى توافق، وأنه إذا كان هناك 16 وزيرا متفقون على ذلك، فإن هذا الأمر يتم، مؤكداً أن معظم ضباط الجيش اللبناني ممتازون ويقومون بواجباتهم على أكمل وجه، ملاحظاً أن العماد قهوجي قام بواجبه مشكوراً في المسؤوليات الملقاة على عاتقه وأن تأجيل تسريحه يعود إلى وزير الدفاع الوطني.
ولم يشأ الوزير درباس إطلاق تكهنات مسبقة عن أجواء جلسة الخميس المقبل.
ولفت وزير الإعلام رمزي جريج في تصريح لـ«اللواء» إلى أنه في ظل غياب التوافق على تعيين قائد للجيش، فإن التمديد له في ظل الظروف الحالية يبقي وارداً منعاً للشغور، معلناً أن لا نيّة لدى أي فريق بإصابة الحكومة بأي انتكاسة، في إشارة إلى ما يمكن أن يفعله وزيرا «التيار العوني» رداً على ذلك.
ومن جهتها، لا ترى الوزيرة أليس شبطيني لـ«اللواء» أي مانع من التمديد لقائد الجيش الحالي، مرجحة أن لا تمر الجلسة المقبلة بهدوء في حال طُرح ملف التعيينات الأمنية.
أما مصادر تكتل «التغيير والاصلاح» فأكدت لـ«اللواء» أن وزراء «التيار الوطني الحر» لن يقدّموا هدية «إنسحابهم» من الحكومة إلى أحد، وبالتالي لن يقدموا على خطوة الانسحاب كما يريدها البعض، مؤكدة أن لا مشكلة لدى التيار في موضوع السلة ضمن احترام الدستور.
وتحدثت هذه المصادر عن اتجاه للتعطيل لكنها لم تشر إلى ماهية الخطوة، مكررة رفضها التمديد ومعلنة أهمية احترام التراتبية العسكرية.
ولفتت إلى أن لجوء وزير الدفاع إلى «المسرحية» نفسها عند التمديد الأول والثاني سيعقّد الأمور أكثر، مذكّرة أن موقف التيار مبدئي وصريح ولا عودة عنه،
سليمان في السراي
وكان سجّل أمس، على هذا الصعيد، زيارة لافتة للرئيس ميشال سليمان للرئيس سلام في السراي الكبير، حيث اعتبر من هناك أن المطالبة بتعيين قائد جديد للجيش محقّة مائة في المائة، لكن الأولوية تبقى أولاً وأخيراً لانتخاب رئيس للجمهورية وهو الذي يعيّن قائد الجيش، مشيراً إلى أنه حتى لو حصل تمديد اضطراري فإن رئيس الجمهورية يستطيع القيام بتعيين جديد في مجلس الوزراء.
وأوضح سليمان أنه في الأساس مع التعيين، وكان كذلك في المرة الماضية، لكن وزير الدفاع لم يتوصل إلى تأمين التعيين لأنه يحتاج إلى ثلثي الأصوات، وهذا بذاته أمر صعب في الأيام العادية.
وأشاد سليمان بالدور المهم الذي يقوم به الرئيس سلام على صعيد الوطن، لأنه يساهم بشكل كبير في حفظ الاستقرار في البلد، مشيراً إلى أنه ناقش معه المواضيع المطروحة على مجلس الوزراء من مواضيع الجيش والأمن والتعيينات الأمنية، وصولاً إلى المواضيع المتعلقة بشؤون النّاس الحياتية التي تشاهدون التعبير عنها يومياً.
أزمة طريق المطار
وعلى صعيد آخر، بقيت أزمة الازدحام على طريق مطار رفيق الحريري الدولي على حالها لليوم الخامس على التوالي، من دون أن تبادر أية جهة إلى معالجتها، رغم أن وجوه الأزمة أو أسبابها باتت معروفة، وهي تتصل بالإجراءات المشددة التي يتخذها الجيش عند مداخل المطار، تبعاً للتعليمات الصادرة عن وزير الأشغال العامة غازي زعيتر، بما خص مواقف السيّارات، ومنع السيّارات العمومية من إيصال الركاب والمسافرين إلى المطار أو نقلهم منه، وحصر هذا الأمر بـ«تاكسي المطار» ذي الأجرة المرتفعة.
تجدر الإشارة، إلى أن مداخل الضاحية الجنوبية، خاصة الغربية، أي تلك الواقعة على طريق مطار بيروت القديم، باتت بدورها تشهد ازدحاماً خانقاً للسير منذ فترة الظهيرة، حيث تتكدس السيّارات على طول الخط، من الكوكودي نزولاً حتى دوار شاتيلا، تبعاً للإجراءات التي يتخذها الجيش على مداخل المطار والضاحية، فضلاً عن النشاط المروري في هذا الوقت من النهار مما يرفع من حدة الازدحام.
وأشار مراسل لموقع «ليبانون ديبايت» الالكتروني، إلى أن الازدحام كان أساساً على مدخلين اثنين: الأول عند الغبيري – حارة حريك، أما الثاني فهو مدخل حارة حريك – المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، حيث كانت حركة السير بطيئة نسبياً على هذا الخط، وهو ما انعكس على كامل الطريق، فيما لم تكن الإجراءات على مدخل العاملية – مخيم البرج، ومدخل الكوكودي – التحويطة اللذين يشغلهما فوج التدخل الرابع أقل نسبة.