تكرّ سبحة المحطات السياسية بدءاً من اليوم، وحتى نهاية الاسبوع: من جلسة الحوار الوطني في عين التينة، حيث يتجدد البحث في مجلس الشيوخ وقانون الانتخاب، عبر ترشيح شخصيات من الكتل الممثلة بالحوار لتشكل لجان متابعة لقانون الانتخاب ومجلس الشيوخ.
الأربعاء، الجلسة رقم 44 لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، والتي لن تخرج عن الرتابة المسبوقة في الجلسات الـ43 السابقة، بحيث تنتهي بتعيين موعد جديد لجلسة جديدة.
والخميس، المحطة الثالثة حيث من المقرّر أن تعقد جلسة مجلس الوزراء التي تأجلت الخميس الماضي. وهي الأولى بعد جلسة 25 آب التي قاطعها وزراء «التيار الوطني الحر» و«الطاشناق».
ولم يخف انه عازم على مقاطعة جلسة الخميس المقبل المدرج على جدول أعمالها 111 بنداً بعضها يتعلق بالتعيينات الإدارية في المراكز الأولى كرئاسة الجامعة اللبنانية، والمدير العام لوزارة الشؤون الاجتماعية، والتمديد للدكتور معين حمزة اميناً عاماً للمجلس الوطني للبحوث العلمية، وتعيين رئيس وأعضاء مجلس إدارة معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس، فضلاً عن اجراء مباراة للتعيين في المراكز الشاغرة في وحدات المديرية العام للطيران المدني، الى تصحيح مرسوم تعيين 1174 أستاذاً ثانوياً، فضلاً عن طلب الهيئة العليا للاغاثة اعطائها سلفة خزينة للتعويض عن الاضرار اللاحقة في بعض المناطق اللبنانية، اضافة الى مشاريع مراسيم نقل اعتمادات من احتياطي الموازنة العامة الى موازنات عدد من الوزارات، كالمالية، والداخلية، والتربية والشؤون الاجتماعية.
ونظرة اولية على المحطات السياسية، تكشف عن الترابط بين هذه الحلقات على نحو عضوي أو سببي.
فجلسة الحوار الوطني اليوم، يفترض أن تفتح الباب إلى ترطيب الأجواء، وإقناع التيار الوطني الحر بالعودة عن مقاطعة جلسات الحكومة.
والبحث بتشكيل مجلس شيوخ أو تسمية أعضاء اللجنة التي يمكن أن تدرس القانون الأساسي لهذا المجلس فضلاً عن لجنة قانون الانتخاب، من شأنها أن تستجيب لطلب المطالبين باجراء الانتخابات على أساس قانون جديد.
وهـذا الترابط على الرغم من مسارعة أكثر من فريق على طاولة الحوار بعدم تحبيذ منهجية الرئيس برّي، من خلال نموذج «السلة» الذي يُحاكي اتفاق الدوحة، بعد احداث العام 2008، يفرض التريث ومتابعة نتائج جلسة الحوار لمعرفة ارتداداتها على باقي الخطوات.
وتوقفت المصادر السياسية عند التحولات الجارية في ما خص الأزمة السورية، لإعادة تطبيع العلاقات الإقليمية – الدولية، وسط حديث متزايد عن إمكان التوصّل إلى اتفاق أميركي – روسي تتبين خطوطه العريضة اليوم في القمة على هامش قمّة العشرين بين الرئيسين باراك أوباما وفلاديمير بوتين.
وتساءلت هذه المصادر كيف يمكن للبنانيين استثمار ما يجري حولهم، عشية العودة إلى طاولة الحوار والبحث عن خارطة طريق تخرجهم من نفق الأزمة السياسية، وترفع عن كاهلهم وعن تقاطع طرقاتهم وشوارعهم آلاف الأطنان من النفايات المتراكمة، على خلفية حسابات فئوية مناطقية ضيقة، فرضت تعثراً قاتلاً على خطة النفايات التي اقرها مجلس الوزراء وانقلبت عليها قوى سياسية كانت وافقت عليها.
ولم يعرف ما إذا كانت هذه الأزمة ستداهم الطاولة أيضاً وإن كان رئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان بشّر بإعادة تعويم خطة النفايات خلال الاجتماعات الـ7 التي عقدت ضمن إعادة النظر في المدى الزمني للخطة وحصره بين 6 أشهر وسنة، بما في ذلك إعادة فتح مكب برج حمود الذي يطالب حزب «الطاشناق» بتوازن بمكان ما لإعادة السماح بفتحه.
وفي ظل هذا الترقب، وتأكيد مصدر وزاري مطلع لـ«اللواء» أن الجولة حالياً لن تكون أفضل من سابقاتها لجهة الانتاجية، كيف بدا الموقف أمس، عشية الجولة الحوارية الجديدة:
1 – أوساط الرئيس برّي نقلت عنه انه سيسعى لالتقاط ارضية مشتركة لا تذهب بالحوار وتخفف من الانتقادات والمواجهات، على خلفية إدراكه لحساسية الوضع وتعقيداته وفقاً لما نقل الزوار عنه.
وأشار هؤلاء إلى أن رئيس المجلس سيتسلم أسماء لجنة المتابعة النيابية ومجلس الشيوخ اذا كانت جاهزة، مع العلم أن هذه الخطوة لن تبرّد الأجواء المتوترة بين القوى السياسية المجتمعة حول الطاولة.
2 – رئيس الحكومة تمام سلام الذي عاد من إجازة خاصة، ستكون له مواقف وفقاً لما أبلغته مصادر وزارية لـ«اللواء» ليلاً على طاولة الحوار في ضوء المقاطعة العونية والهجوم على الحكومة ورئيسها.
وتوقعت المصادر أن لا يبقى سلام مكتوف الأيدي في ظل الهجوم المستمر عليه خصوصا اذا اثير موضوع الميثاقية لا سيما أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يدعمه ويدعم إستمرار عمل الحكومة في هذه الظروف الدقيقة.
ولفتت المصادر الى أن هناك مستجدات كثيرة حصلت منذ آخر جلسة حوار حتى اليوم، من هنا تشير المصادر الوزارية الى أن المواضيع التي ستطرح قد لا تكون مدرجة بالضرورة على الجدول الذي كان مقررا سابقا.
وشددت المصادر على ضرورة انعقاد جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل لأهمية الظروف ولتسيير شؤون المواطنين لا سيما أن لا جلسة للمجلس الاسبوع المقبل وربما الاسبوع الذي يليه بسبب سفر سلام لحضور قمة عدم الانحياز في كراكاس والجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك.
ودعت المصادر لانتظار ما سيتم بحثه ومناقشته اليوم لتبيان مسار الاجواء السياسية المقبلة وما يمكن أن يسلكه عمل الحكومة في الفترة المقبلة ومدى إمكانية إستمرارها في ظل شلل عمل المؤسسات.
واستبعد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في اتصال مع «اللواء» أن يصل «التيار الوطني الحر» إلى طريق مسدود، وكذلك الحال بالنسبة لرئيس الكتائب النائب سامي الجميّل، معرباً عن اعتقاده أن يتم التوصّل إلى تسويات لمجمل المستجدات، وأن لا أحد من الأفرقاء يريد أخذ البلد إلى الفوضى.
واعتبر أن الحكومة ليست هي من تخرق الميثاقية داعيا جميع الاطراف للمشاركة في جلسة مجلس الوزراء خصوصا من يُغيب نفسه عنها، وأعتبر أن بغياب الاحزاب المسيحية تعتبر الحكومة محتضرة.
وقال درباس: نحن لا نزال نعمل في الحكومة رغما عنا إحساسا منا بمسؤولياتنا ولكن إذا أستمرت الامور على ما هي عليه الان فالافضل لنا الذهاب الى منازلنا وإذا ارادوها حكومة تصريف أعمال فلتكن، ولكن هل يعوا ما يعني حكومة تصريف أعمال؟
فحكومة تصريف أعمال تعني ان لا هبات ولا مساعدات ولا رواتب ولا إنفاق الا بادنى ما يمكن خصوصا ان الدولة هي المنفقة الاكبر فأنا كوزير لا أستطيع تحمل ذلك.
وردا على سؤال حول ما اذا تأكدت مقاطعة وزراء تكتل الاصلاح والتغيير لجلسة الخميس المقبل قال»لكل حادث حديث».
3- أما الرئيس فؤاد السنيورة، فاستبق الجلسة بإعلان ثوابت «تيار المستقبل» فيما خص الأولويات السياسية وآلية إنتاج السلطات العامة.
وقال في معرض رده على خطاب رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع خلال قداس شهداء المقاومة اللبنانية في معراب والذي شدد خلاله على ان الحل يكمن بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية والرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة، بالقول: «الدستور حدد كيفية انتخاب الرئيس وهو لا يتحدث عن فرض او تعيين، كما ان انتخاب رئيس الحكومة له اصول من ناحية التسميات، والمسألة ليست توزيع مغانم خارج الدستور».
وذكّر بنص المادة 74 من الدستور التي تفرض على مجلس النواب الاجتماع فوراً لانتخاب رئيس للجمهورية إذا شغر الموقع.
ولفت إلى أن «تيار المستقبل» التزم الدستور عندما أسقطت حكومة الرئيس سعد الحريري رغم ما أصابنا من غضب وزعل.
4- في هذا الوقت، كان «حزب الله» يقدّم رؤية مرنة تجمع بين السلّة أو تجزئتها.
وقال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أنه بدلاً من خوض الجدال حول ما إذا كانت السلّة جيدة أو الحلول الجزئية أفضل، فلنتفق على قانون إنتخابي يَصلُح للبنان ويكون عادلاً. وبالنسبة للرئاسة الأولى دعا للإتفاق على شخص الرئيس بدل تضييع الوقت في المواصفات والمعطيات والنظريات المختلفة.
5- «التيار الوطني الحر» الذي يشكّل عقدة العقد من الطاولة إلى ساحة النجمة إلى جلسة السراي الكبير، أعدّ ملفاً توثيقياً بالمواقف، التي تدعم معزوفة «الميثاقية» التي جعلها المدخل إما للتفاهمات أو للأنفجارات.
وكان وزير الخارجية جبران باسيل قال في عشاء لتياره في الكورة، أن ميثاقية الحكومة لا تستقيم بـ6٪ من مكوّن أساسي في البلد (في إشارة إلى أن غياب تياره عن جلسات الحكومة يفقدها الميثاقية، وبالتالي الوزراء الباقون لا يوفّرون ميثاقية الحكومة، مؤكداً وجوب المحافظة على الميثاق، ورسالة لبنان).
وعليه تخوّفت مصادر مطلعة أن تؤدي لهجة الوزير باسيل إلى التشنج وتأزيم الجلسة، لأنه من غير الممكن أن يقبل الرئيس سلام وفريقه باتهامهم باللاميثاقية.
وانتقد الرئيس ميشال سليمان بقوة من الديمان حيث التقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، التلهي بكلام عن الميثاقية أو التمثيل الناقص أو الزائد، داعياً النواب الـ128 للنزول إلى المجلس وانتخاب الرئيس في جلسات متواصلة. (راجع ص2)
على صعيد سياسي آخر، وجّه وزير العدل المستقيل أشرف ريفي كتاباً للحكومة طلب فيه رسميا طرد السفير السوري علي عبد الكريم علي من لبنان وتقديم شكوى للأمم المتحدة بحق النظام السوري، لثبوت تورط مخابراته في تفجير مسجدي «السلام» و«التقوى»، كما أرسل كتابا آخر لوزير الداخلية نهاد المشنوق يطلب فيه حل الحزب العربي الديموقراطي لثبوت تورط مؤسسه وافراد منه بالجريمة عبر إيواء منفذي الجريمة وتهريبهم، وطلب إتخاذ الإجراء نفسه بحق «حركة التوحيد الإسلامي» – فرع هاشم منقارة، في حال كانت تعمل بموجب ترخيص قانوني.
النفايات
بيئياً، توالت أزمة تكدّس أطنان النفايات في شوارع المتن وكسروان وكذلك بيروت فصولاً، بسبب استمرار إقفال مطمر برج حمود، وجديدها كان وقف نقل النفايات الطبية والتي يُشكّل بقاؤها مكدسة ضرراً كارثياً على صحة المواطن.
وفي هذا الإطار تواصل وزير البيئة محمّد المشنوق مع إدارة شركة «سوكلين» لتأمين استمرارية التخلّص من النفايات الطبية المعقمة نهائياً حسب الطرق العلمية.
توازياً، أكد وزير الزراعة أكرم شهيّب أن أزمة النفايات ستجد طريقها إلى الحل خلال 24 ساعة.
بدورها، كشفت شركة «سوكلين» في بيان أصدرته أن نفايات بيروت وكذلك النفايات الطبية المعالجة ستنقل إلى أرض الكرنتينا التي أمنتها بلدية بيروت، وأن ما تقوم به الشركة لا يتعدى نقل النفايات الطبية المعالجة لدى جمعية «آدك أون سيال»، وذلك بناء لتعليمات مجلس الإنماء والاعمار، مؤكدة أنها لم توقف نقل النفايات بل خففت وتيرة الجمع بسبب الأزمة المستجدة بإقفال موقع التخزين المؤقت في برج حمود.