Site icon IMLebanon

«هيئة العلماء» على خط التفاوض: هدنة بانتظار الأجوبة

«هيئة العلماء» على خط التفاوض: هدنة بانتظار الأجوبة

قطر تعلن وقف الوساطة .. وإحتضان وطني لعائلة البزال .. يحاصر الفتنة

  على وقع مشهد مأساوي تنقلت فصوله من البزالية، مسقط رأس العريف الشهيد في قوى الأمن الداخلي على البزال، الى الصيفي والمرفأ في وسط بيروت امتداداً الى القلمون في شمال لبنان، حيث تقطعت الطرقات طوال يوم السبت، عقدت خلية الأزمة اجتماعاً وصفت مناقشاته «بالصاخبة» حول أي من الخيارات أنجع لوقف قتل العسكريين الواحد تلو الآخر، وأي طريق يمكن أن تسلكه الدولة بعد ترنح الوساطة القطرية باستعادة العسكريين الأسرى، وفي الوقت عينه حفظ ماء الوجه والسيطرة على الموقف التفاوضي، بصرف النظر عن أي وسيلة تؤدي الى الغاية المنشودة لتحرير العسكريين.

ووصفت مصادر مطلعة المشهد التفاوضي بأنه «جدّي ومسؤول»، وأن القرارات التي اتخذت بعد تقييم مفاوضات الأشهر الماضية، وبعد الخطوة الاجرامية التي أقدمت عليها جبهة «النصرة» بإعدام البزال، من شأنها أن تبقي الباب مفتوحاً على مصراعيه على التفاوض عبر قنوات محلية وخارجية، بما فيه «هيئة العلماء المسلمين» التي دخلت، أمس، على الخط، عبر إطلاق «مبادرة الكرامة والسلامة» التي تتضمن نقطتين:

1- إطلاق سراح النساء والأطفال المحتجزين في إشارة الى سجى الدليمي طليقة «أبو بكر البغدادى وعلا العقيلي زوجة «أبو على الشيشاني»، والأطفال الذين في عهدتهما.

2- تعهد الجهات الخاطفة بالإقلاع عن ترويع الأهالي والكف عن تهديدهم بقتل أبنائهم.

ووفقاً للمصادر المطلعة نفسها، فإن خلية الأزمة، عبر المفاوض الرسمي، لم تسقط من حسابها إمكان التعاون مع من ترشحه الهيئة، سواء عبر رئيسها الشيخ سالم الرافعي أو من ينتدبه للتواصل مع المسؤولين عن ملف التفاوض، لا سيما المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم.

وفي تقدير مصدر قيادي في هيئة العلماء، فإن مبادرة الهيئة أصبحت قيد التداول، وأن مهلة زمنية أعطيت لإعطاء الأجوبة، سواء من الحكومة أو الخاطفين ليُبنى على الشيء مقتضاه.

وكشفت مصادر متابعة أن هذه المبادرة ملأت الفراغ الحاصل، بعدما تبين أن الوسيط القطري، لا يعمل بالجدية المطلوبة لإنجاز المهمة المكلف بها، وأن زيارته الأخيرة الى بيروت كانت لاسترجاع «امرأة قطرية» كانت محتجزة عند جبهة «النصرة».

وتأكيداً لهذه المعلومات أعلنت وزارة الخارجية القطرية بعد منتصف الليل أمس، عن عدم إمكانية استمرار قطر بلعب دور الوساطة للإفراج عن العسكريين المخطوفين بسبب فشل الجهود المبذولة.

ووفقاً للمصادر عينها، فإن تهدئة خواطر أهالي العسكريين والتي أمكن لها النجاح سواء بعودة فتح الطرقات في بيروت والشمال، والامتناع عن عمليات الخطف والثأر بين البزالية وعرسال والقرى المحيطة مردّها الى ما تناهى الى ذوي العسكريين من رغبة جدية في التعاون مع مبادرة هيئة العلماء المسلمين، وكذلك عن نفي «النصرة» ما تردد عن عزمها قتل عسكري جديد.

يشار الى أن الخلية التي اجتمعت عصر أمس الأول لمدة ساعتين ونصف في منزل رئيس الحكومة تمام سلام في المصيطبة، اعتبرت الشهيد البزال شهيداً لكل الوطن، وأعادت التأكيد في بيان مقتضب على وحدة الصف المتراص في ما وصفته «المواجهة الكبيرة من أجل إطلاق سراح العسكريين المختطفين وحماية أمننا الوطني»، معلنة تمسكها بمسؤولياتها في هذا الملف.

وأكد أحد أعضاء الخلية لـ «اللواء» بأن المناقشات على إيقاع قتل البزال، كانت عميقة ومفصلة ومسؤولة ومهمة جداً، لكنه تعهد بعدم الكشف عن طبيعة المقررات التي اتخذت باستثناء التأكيد بأن المفاوضات مستمرة، وأن أي قناة تفيد في تأمين تحرير العسكريين لن نتردد في اللجوء إليها، كاشفاً عن قنوات جديدة داخلية وخارجية.

التعازي في البزالية

 ميدانياً، كان الأبرز الالتقاء الوطني في منزل ذوي الشهيد البزال في البزالية في البقاع، حيث تقاطرت الوفود الى هناك لتقديم التعزية لوالد الشهيد وعائلته، في ظل إجماع عكسته كلمات المواساة من أن الدركي الشهيد هو شهيد الوطن، وأن المطلوب اتخاذ المواقف المناسبة من الحكومة لأن يكون على خاتمة الأحزان في هذا الملف.

وكان في مقدمة المعزّين عائلات العسكريين الأسرى الذين شاركوا العائلة المفجوعة في تقبّل التعازي.

وساهم الاحتضان الوطني في تبريد الأجواء في البلدة والمنطقة، بعد البيان التصعيدي الذي أذيع غداة شيوع خبر مقتل البزال، والذي فيه مطالبة بإعدام جمانة حميد وعمر الأطرش، ودعوة أهالي عرسال الي اعتقال الشيخ مصطفى إلى «أبو طاقية» وتحميله مسؤولية ما حصل لابنهم، فغابت المظاهر المسلحة عن البلدة، كما تمّ إطلاق سراح ثلاثة مخطوفين من عرسال، كبادرة حسن نية لتهدئة الخواطر في المنطقة.

وليلاً، تداول أهالي العسكريين باقتراح مؤداه أن تذهب بعض النسوة إلى جرود عرسال للمطالبة برؤية ابنائهم واستعادتهم، أو الإقامة هناك مع عائلاتهم واولادهم للافراج عنهم.

سلام في باريس

 سياسياً، أوضحت مصادر وزارية أن مجلس الوزراء لن يعقد جلسته العادية الخميس بسبب سفر الرئيس تمام سلام إلى باريس، بعد غد الأربعاء في زيارة تستمر ثلاثة أيام.

ولفتت المصادر إلى أن برنامجاً مكثفاً اعد للرئيس سلام في العاصمة الفرنسية يشمل لقاءات مع كل من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء مانويل فالس، ووزير الدفاع جان ايف لودريان، بالإضافة إلى رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه والجمعية الوطنية كلود بارتولون، والجالية اللبنانية. وأشارت إلى ان الرئيس سلام سيعرض لتطورات المشهد اللبناني، بما في ذلك موضوع اللاجئين السوريين والأعباء التي يتحملها لبنان لاستضافتهم، وقضية العسكريين المخطوفين، وان ملف تسليح الجيش اللبناني سيكون الحاضر الاكبر في هذه الزيارة التي يرافقه فيها نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل ووزير الخارجية جبران باسيل ووفد من ضباط الجيش اللبناني.

وأفادت المصادر أن موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية وتعذر التوافق اللبناني على اجرائها سيشكل حيزاً من المحادثات اللبنانية – الفرنسية، لا سيما مع الرئيس هولاند الذي سبق أن التقى سلام على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة في أيلول الماضي.

وتزامنت زيارة سلام مع وصول المبعوث الخاص لوزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس، مدير دائرة الشرق الأوسط وافريقيا الشمالية جان فرنسوا جيرو إلى بيروت مساء أمس، في زيارة للبنان تستمر اياماً عدة يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين اللبنانيين للاطلاع منهم على الوضع اللبناني وتطورات الوضع في الشرق الأوسط.

والمعروف أن جيرو يقوم بجولة في المنطقة، ستنقله إلى حاضرة الفاتيكان وإيران والمملكة العربية السعودية، للبحث في آخر مستجدات الملف اللبناني وتقريب وجهات النظر بين الأطراف الاقليميين والمحليين لملء الشغور الرئاسي.

وبحسب مصادر دبلوماسية، فان المساعي الفرنسية، والتي تتم بالتنسيق مع طهران، تتعلق بثلاثة ملفات داخلية مترابطة في ما بينها، بالنظر إلى أن ملء الفراغ الرئاسي بانتخاب رئيس توافقي، سيفسح في المجال امام إقرار قانون انتخابات نيابية عصرية، وتشكيل حكومة توافق جديدة يُشارك فيها جميع الاطراف.

وكشفت هذه المصادر، أن إيران عدلت موقفها أخيراً بالنسبة إلى الوضع الداخلي اللبناني، وهي تعتبر أن البحث في الملفات الداخلية أصبح ضرورياً، بمعزل عن الملفات الإقليمية، لا سيما الصراع في سوريا والعراق، وهي تدعم الاستقرار الداخلي للبنان، والذي يواجه تحديات من جراء الوضع الإقليمي المأزوم.

 .. ودرباس في جنيف

 واعتباراً من اليوم، سيكون وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في جنيف للمشاركة في مؤتمر يخصص لدرس إمكانية توطين اللاجئين في بلدان غير تلك التي لجأوا إليها، ويبلغ العدد المقترح لتوطين اللاجئين السوريين ما بين 50 إلى 100 الف لاجئ.

وأبلغ الوزير درباس «اللواء» عشية سفره انه سيلقي كلمة في المؤتمر تتناول في عناوينها الرئيسة تداعيات الوجود السوري على لبنان، والوضع المأساوي الذي يشهده هذا البلد جرّاء تحمله أعباء النزوح، والوضع الاقتصادي بشكل عام، فضلاً عن الدعوة إلى أهمية تقاسم هذه الأعباء.

وأكّد درباس انه سيثير ما يتعرّض له لبنان من أوضاع صعبة، وخسارته لشهداء في الجيش اللبناني، وسيتحدث عن العسكريين المخطوفين.

وأعلن انه سيؤكد للمشاركين في المؤتمر أن كلفة توطين السوريين أغلى من كلفة اعادتهم إلى مناطق آمنة، وانه لولا الإهمال وسوء التوقعات لكان بالإمكان أن تكون المعالجة اسهل.

وأوضح انه سيتحدث عن ضرورة قيام المجتمع الدولي بواجبه، ووضع رؤية لحل سلمي في سوريا، والبحث بالتالي عن احلال سلام يكون طويل الأمد، كاشفاً انه سيحذر من مغادرة النخب من الشعب السوري والمسيحيين لبلادهم في ضوء الحديث عن تفتيت دورهم، مشدداً على ان تركهم لمواطنهم يفقد التعددية معناها.