«نصف حلحلة» تمهّد للتفاوض .. و«خلية الأزمة» تٌطيح جلسة مجلس الوزراء
المشنوق يحسم اللغط حول الدليمي وعقيلي .. وهيئة العلماء تطالب الخاطفين بتعهد بوقف القتل
انهى الايضاح الذي اصدره وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، ساعات عصيبة من البلبلة حول الوضع القانوني والقضائي لكل من سجى الدليمي مطلقة ابو بكر البغدادي والمتزوجة حالياً من الفلسطيني كمال محمد خلف والحاملة منه، وعلا العقيلي زوجة ابو علي الشيشاني المسؤول في جبهة «النصرة» فهو اعلن بما لا يقبل الجدل، ان الدليمي صدر بحقها مذكرة توقيف عن القضاء وهي موقوفة في السجن، اما العقيلي فهي موجودة لدى الامن العام، وكل كلام غير ذلك يقصد به التشويش على المساعي والمفاوضات المكلف بها المدير العام للامن العام عباس ابراهيم.
وكشف مصدر قضائي لوكالة «فرانس برس» ان ترك العقيلي التي كانت اوقفت قبل اكثر من اسبوع جاء بناء على امر من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر، بعدما تبين ان ليس لديها اي نشاطات مشبوهة، لكن – والكلام للمصدر – اصدرت قاضية التحقيق العسكري نجاة ابو شقرا مذكرة توقيف بحق مطلقة البغدادي الدليمي بتهمة الانتماء الى تنظيم ارهابي.
وجاءت هذه التطورات مترافقة مع انعاش الآمال بالتوصل الى تفاهم ضمني على تجميد قتل العسكريين المحتجزين، مقابل ترتيبات تتعلق باوضاع الاسلاميين بما في ذلك الزوجتين الموقوفتين، تتولاه هيئة العلماء المسلمين التي وسعت من دائرة اتصالاتها، فشملت وزيري الداخلية المشنوق والعدل اللواء اشرف ريفي، والنائب وليد جنبلاط واللواء ابراهيم ومدير عام قوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، وهؤلاء معنيون مباشرة بملف العسكريين ورجال قوى الامن الداخلي.
وحصيلة اتصالات الهيئة، كما اكد عليها مصدر قريب منها، رست على ما يلي:
1- ترحيب لبناني مبدئي بعودة الهيئة الى النشاط على خط العسكريين.
2- اعلان الهيئة انها خارج التكليف الرسمي تدعم مهمة اللواء ابراهيم في ادارة ملف التفاوض بناء على تكليف خلية الازمة، وانها تضع كل امكانياتها بتصرفه.
3- اما موضوع التكليف الرسمي فسيعرض امام اول اجتماع لخلية الازمة واول جلسة لمجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب، وذلك بعد ان تكون الهيئة قد التقت رئيس مجلس الوزراء تمام سلام بعد عودته من زيارته الى فرنسا.
4- ابلغت الهيئة الوزيرين المشنوق وريفي وجنبلاط واللواء ابراهيم انها تجري اتصالات عبر القنوات الخاصة بها لاقناع الخاطفين بتقديم تعهد للهيئة تنقله للحكومة اللبنانية، اشترط ابراهيم ان يكون ممهوراً وخطياً ودقيقاً، بعدم قتل العسكريين،لاعتباره اساساً يبنى عليه في استئناف عملية التفاوض، وتسهيل مطلب الهيئة للافراج عن النسوة والاسراع ببت وضع عدد من الموقوفين الاسلاميين في سجن رومية من غير المتورطين في «اعمال ارهابية».
على ان الاهم في غمرة هذا المخاض هو ما ابلغه وفد الهيئة لاهالي العسكريين من ان وضع زوجة الشيشاني في عهدة الامن العام تمهيداً لاطلاق سراحها من شأنها ان يحقق تقدماً على صعيد اراحة نفوس الاهالي، لا سيما وان الشيشاني سبق وصرح بان وقف التعرض بالاذى للعسكريين متوقف على اطلاق زوجته.
الجلسة الاستثنائية
رسمياً، علمت «اللواء» من مصدر وزاري واسع الاطلاع أن جلسة استثنائية لمجلس الوزراء كادت تعقد قبل سفر الرئيس سلام إلى باريس، لكن البلبلة الإعلامية، وما رافقها من تصريحات وبيانات حول مصير الدليمي والعقيلي، اطاحت بالجلسة، لئلا تنتقل البلبلة إلى داخل الجلسة وتحدث ارباكاً كان بالغنى عنه، لا سيما وان رئيس الحكومة على سفر الى العاصمة الفرنسية في زيارة وصفت بأنها بالغة الأهمية والحيوية بالنسبة للمصالح اللبنانية في هذه المرحلة.
وكشف المصدر أن إلغاء الجلسة مرده في الدرجة الأولى إلى الاحتقان الذي شهدته البلاد، وعبّرت عنه المعلومات التي وصلت إلى الرئيس سلام الذي عاد وأبلغ الوزراء أن الجلسة ألغيت.
وقال مصدر سياسي أن سبب الارجاء يعود على الارجح إلى التباين داخل خلية الأزمة في ما خص مبادرة هيئة العلماء ومصير الدليمي والعقيلي، مشيراً إلى ان تصريح النائب جنبلاط، بعد زيارته امس لأهالي العسكريين في ساحة رياض الصلح، كشف عن تباينات حيال هذا الأمر، اذ ان جنبلاط أعلن تأييد تكليف هيئة العلماء التفاوض مع الخاطفين من اجل المقايضة، مؤكداً ان موقفه واضح كموقف الرئيس نبيه بري، وهو المقايضة من دون قيد او شرط.
وتركت هذه الزيارة ارتياحاً لدى الأهالي، على الرغم من أن جنبلاط لم يستطع طمأنتهم، وإنما وعدهم بأنه سيبذل كل الجهود الضرورية لإيجاد حل لقضية العسكريين، وهذا أمر إيجابي يأتي من أوّل زعيم سياسي يزورهم ويقف معهم ويواسيهم في معاناتهم.
لكن وزير الإعلام رمزي جريج لم يجد في تصريحات جنبلاط جديداً، معتبراً انها «ليست المرة الأولى التي يعلن فيها زعيم المختارة تأييده للمقايضة من دون قيد أو شرط، مشيراً إلى أن أي مقايضة ستجري يجب أن تتم وفق القوانين اللبنانية».
ووصف جريج في تصريحات لـ «اللواء» استعداد هيئة العلماء المساعدة في ملف العسكريين بالجدي، وقال «انه لمس من تصريحات الهيئة رغبتها العمل من دون أي تكليف رسمي، لا سيما لجهة تأكيدها اجراء الاتصالات اللازمة لمنع قتل العسكريين والتنسيق مع اللواء إبراهيم في هذا الخصوص.
ونفى جريج، الذي كان زار صباحاً الرئيس سلام في السراي أن يكون يعرف موقف خلية الأزمة من التكليف الرسمي للهيئة في حال اصرت على ذلك.
وكشف جريج عن نيته عقد مؤتمر صحفي في اليومين المقبلين لدعوة وسائل الاعلام إلى عدم الاسراف في نقل تفاصيل المفاوضات حول ملف العسكريين، مؤكداً على أهمية التكتم حيال هذا الموضوع.
عمليات عسكرية
يُشار إلى أن الجيش نفذ ليل أمس الأوّل، عمليات وصفت بالاستباقية على مراكز وتحصينات المسلحين في جرود عرسال والقلمون السورية، وتحديداً في مناطق مار طيبا ووادي ميرا والرهوة ووادي الخيل ووادي حميد، بمشاركة الطيران المروحي والاستطلاعي، والتي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المسلحين بعد رصد تحركات وتعزيزات لهم في وادي حميد على خلفية اقفال الممرات غير الشرعية بالسواتر الترابية، ومنع الجيش دخول الجرحى الى عرسال باستثناء حالة واحدة هي حالة محمد حسن الحجيري الذي قضى مع بعض أفراد عائلته
في إحدى الغرف التي يستخدمها المسلحون في وادي عجرم.
وذكرت معلومات أن مخابرات الجيش أوقفت اثنين في مشاريع القاع لارتباطهما بجبهة النصرة، فيما أعلنت عائلة الشهيد علي البزال إزالة الحاجز الذي كانت أقامته في البزالية، وذلك إكراماً للجيش والقوى الأمنية وعائلات المنطقة وعشائرها.
مهمة جيرو
رئاسياً، أكد مصدر مطلع على مهمة الموفد الفرنسي جان فرنسوا جيرو أنه جاء بمبادرة جدية تقضي بطي صفحة المرحلة الفاصلة ما بين 25 أيار الماضي واليوم، وذلك للذهاب فوراً الى انتخاب رئيس، لأن وضع لبنان لا يحتمل وقتاً إضافياً من الفراغ.
وأبلغ المصدر «اللواء» أن المبادرة اصطدمت برفض من النائب ميشال عون الذي أكد بعد اجتماع كتلة الاصلاح والتغيير أنه ماضٍ في ترشحه وباقٍ في المعركة، وأن الدكتور سمير جعجع إن أراد أن يزور الرابية فأهلاً وسهلاً به لكنه هو لن يقدم على أي خطوة في اتجاه معراب، والتي يبدو أن الفكرة واردة في أوساط «القوات اللبنانية».
والأخطر، بحسب المصدر، هو إعلان عون انه على استعداد للتفاوض حول الجمهورية، غامزاً مرّة ثانية عن جدوى اتفاق الطائف، متذرعاً بما وصفه حقوق وشراكة لا تراعى.
ومهما يكن، فإن وزير العمل سجعان قزي الذي شارك في اجتماع جيرو مع الرئيس أمين الجميل، أكد أن الموفد الفرنسي يحث جميع القادة الذين يلتقيهم على الإسراع في انتخاب رئيس، محذراً من خطة الفراغ، موضحاً بأننا في مرحلة جديدة تنبئ بأجواء إيجابية يمكن أن تساعد اللبنانيين، إذ أن فرنسا مستعدة لبذل الجهود، ولكن من دون التورط في طرح أسماء، والمهم هو انتخاب رئيس لديه رؤية مستقبلية وقدرة على الحكم والتواصل مع الجميع.
وكان جيرو أنهى مهمته في بيروت أمس، بمأدبة عشاء في مقر السفارة الفرنسية، بعد لقاءات عقدها مع الرؤساء الجميل وميشال سليمان والنائب عون، ومسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» عمار الموسوي، وقائد الجيش العماد جان قهوجي.
وقبل ان يغادر جيرو، وصلت الى بيروت منسقة السياسة الخارجية والامن في الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغريني، التي اجرت بدورها امس، جولة اولى من اللقاءات شملت الرئيس سلام ووزير الخارجية جبران باسيل، والبطريرك الماروني بشارة الراعي، مؤكدة استعداد الاتحاد الاوروبي لمساعدة لبنان لتخطي ازمته سواء على صعيد النازحين السوريين، والاسراع بانتخاب رئيس للجمهورية، مشيرة الى ان فشل لبنان في استعادة على مؤسساته قد يشكل خطراً كبيراً على المنطقة.
ولفتت موغريني الى ان البطريرك الراعي يقوم بدور مهم جداً على هذا الصعيد على الشغور الرئاسي.
في اشارة ربما الى اللقاءات التي يعتزم اجراءها بعيداً عن الاعلام مع القادة الموارنة، حيث سيستقبل اليوم الرئيس الجميل بناءً على اتصال من الراعي الذي ابلغه رغبة في لقائه من ضمن لقاءات ثنائية مع القادة الموارنة كل على حدة، استباقاً للقاء محتمل اذا نضجت ظروفه بين القادة الاربعة.
معلومان الهيئة العامة للمجلس النيابي مدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية ذات الرقم 16 لجلسات عدم انتخاب الرئيس، حيث يتوقع ان لا يحدث اي تغيير في المشهد عن المشاهد السابقة.
كذلك تتابع اللجنة الفرعية المكلفة درس قانون الانتخاب نقاشها في القانون المختلط للانتخابات النيابية، على امل ايجاد تقارب في وجهات النظر بين الاقتراحين المقدمين من الرئيس بري، ومن كتل «المستقبل» و«القوات» و«النضال الوطني».
اما على صعيد الحوار المنتظر بين «المستقبل» و«حزب الله»، فلم يطرأ جديد، بانتظار عودة مدير مكتب الرئيس سعد الحريري المهندس نادر الحريري من زيارته الى الولايات المتحدة، حتى يتم التفاهم على جدول اعمال الحوار، وبالتالي تحديد موعد الحوار وشكله، بحسب ما اكد مصدر نيابي في كتلة «المستقبل».
واعلنت الكتلة بعد اجتماعها الاسبوعي امس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، انها ترى «اهمية المباشرة في التواصل مع «حزب الله» من اجل التحاور بهدف فتح افاق التوافق للخلاص من حالة الشغور الرئاسي، والتوصل الى انتخاب رئيس جديد للبلاد، بما يحقق عودة سريعة لجميع المؤسسات الدستورية، ويسهم بالتالي في خفض حدة التوتر في البلاد ويمهد الى التقدم على مسارات مواجهة الازمات المتفاقمة على اكثر من صعيد.