تفاهمات لبنانيّة – فرنسيّة حول المسعى الرئاسي وتسليح الجيش
إستئناف الإتصالات لعقد جلسة حوار بين المستقبل وحزب الله .. ومجلس الوزراء يُعيد النظر بخليّة الأزمة
اعرب الرئيس تمام سلام عن ارتياحه لنتائج المحادثات التي أجراها مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ومع نظيره رئيس الحكومة الفرنسية ايمانويل فالس ووزير الدفاع جان ايف لودريان.
ووصف سلام، الذي يعود إلى بيروت اليوم، ما لمسه من القيادات الفرنسية من دعم وتفهم للمطالب اللبنانية والرغبة في تقديم ما يلزم في مختلف المجالات، بأنه يصب في إطار دعم هذا البلد الصديق للاستقرار اللبناني.
وأكّد في مؤتمر صحافي عقده لدى خروجه من الاليزيه ان «فرنسا مستعدة لأن تساهم مباشرة في دعم انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، واضاف: «ان فرنسا تبذل جهوداً مميزة لدعم لبنان في مختلف المجالات، وهي تتواصل وتتحرك مع دول أخرى لمساندته، لكنها في المقابل، لا تريد التدخل في اوضاعنا الداخلية.
وكشف سلام ان باريس ستبدأ قريباً الاستعدادات لتسليم الأسلحة للجيش اللبناني ليتمكن من مواجهة الإرهاب الذي لا بيئة حاضنة له في لبنان، منوهاً بهبة الأربعة مليارات التي قدمتها المملكة العربية السعودية، لتسليح الجيش اللبناني بما يلزمه من آليات وطائرات ومدفعية متطورة.
وناشد سلام المجjمع الدولي مشاركة لبنان في مواجهة العبء الكبير الواقع عليه بوجود 1.5 مليون نازح سوري.
وتوقع مصدر في الوفد اللبناني ان تترجم باريس الخطط الموضوعة والمتفق عليها مع الجانب اللبناني إلى أجندة تنفيذية، سواء في متابعة التحرّك لانضاج طبخة انتخاب الرئيس، حيث سينتقل الموفد الفرنسي جان فرنسوا جيرو الاثنين إلى طهران في إطار جولة جديدة على الدول المعنية لتسهيل انتخاب الرئيس، ربما تقوده لاحقاً إلى المملكة العربية السعودية، والفاتيكان أو بالنسبة إلى إنجاز ترتيبات صفقة السلاح للجيش اللبناني من هبة الثلاثة مليارات من السعودية.
وذكرت مصادر دبلوماسية فرنسية، ان الاجتماعات التقنية التي عقدها وزيرا دفاع البلدين، أي لبنان وفرنسا، قبل الاجتماع الذي عقده الرئيس سلام مع وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان انجزت بروتوكولات الصفقة، وأن فرنسا ارسلت هذه البروتوكولات إلى السعودية، مع لائحة نهائية بالعتاد المطلوب امداد الجيش اللبناني به من الجانب الفرنسي واجندة التسليم.
وتوقعت المصادر ان توقع الرياض هذه البروتوكولات وتعيدها إلى الجهات الفرنسية المختصة قبل 30 الجاري ليتسنى للجانب الفرنسي بدء التنفيذ.
لكن مصادر أخرى قريبة من الوفد اللبناني، لفتت إلى ان عملية التوقيع النهائية على عقود تسليح الجيش اللبناني قد تكون الأسبوع المقبل في بيروت، على ان يتم إرسالها إلى السعودية خلال شهر واحد.
وقالت انه بعد توقيع العقود من الجانبين الفرنسي واللبناني ستدفع السعودية 20 في المئة من قيمة الهبة الممنوحة لتسليح الجيش، لكي تباشر فرنسا إرسال طائرات توريل ومنظومة القتال البحرية وشبكة الاتصالات المشفرة.
حوار «المستقبل» – «حزب الله»
وفي موازاة التحرّك الفرنسي – الدولي – العربي، علمت «اللواء» ان مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري سيكون في بيروت خلال الساعات المقبلة، بعدما التقى الرئيس سعد الحريري حاملاً معه توجهات تقضي بمتابعة الاتصالات مع الرئيس نبيه برّي، تمهيداً للاتفاق على موعد لبدء الحوار مع «حزب الله» على ان يُحدّد الأسبوع المقبل موعد انطلاق الحوار.
وقال مصدر قريب من الاتصالات لـ«اللواء» ان قرار الحوار لا عودة عنه، وأن التطورات التي حدثت في الأسبوع المقبل، سواء في البقاع بعد مقتل الدركي علي البزال، أو تعمير عين الحلوة سرعت الحاجة إلى استئناف الجهود والحوار، فضلاً عن الحاجة إلى مواكبة تنشيط الحركة الخارجية لانتخاب رئيس الجمهورية، ومساعي بكركي لتذليل العقد المارونية من أمام هذا الاستحقاق.
ومن جهته، أكّد مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» لـ «اللواء» أن القرار بإطلاق الحوار مع حزب الله نهائي ولا رجوع عنه، نافياً وجود فتور، أو ضعف حماسة لهذا الأمر نتيجة تعثر حركة الموفدين الأوروبيين في إيجاد مخرج لمأزق إنهاء الشغور الرئاسي، مشيراً إلى أن فترة المراوحة التي يشعر بها الجميع مردها وجود نادر الحريري في الخارج، مؤكداً أن أي شيء لم يتغيّر لحين عودة نادر الحريري، حيث يفترض الانتهاء من وضع جدول أعمال الحوار، وموعد انطلاقه بالشكل.
واستناداً إلى هذا المعطى، توقع المصدر أن يتأخر انطلاق الحوار إلى مطلع السنة الجديدة، مثلما كانت «اللواء» قد اشارت إلى ذلك في حينه.
حركة بكركي
في موازاة ذلك، أكدت مصادر مطلعة لـ «اللواء» أن اللقاءات الثنائية التي يعقدها البطريرك الماروني بشارة الراعي مع القيادات المسيحية تصب في إطار تسريع إنجاز الاستحقاق الرئاسي وإعادة وصل ما انقطع بين هذه القيادات وبكركي، وهي أتت في أعقاب تلويح البطريرك الراعي منذ فترة باستخدامه العصا.
ولفتت المصادر إلى أن سيّد بكركي الذي كان التقى العماد ميشال عون الاثنين والنائب سليمان فرنجية أمس الأوّل، يعمل على ترتيب لقاء بين عون وبين رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع.
وأوضحت أن الراعي يُشجّع كلاً من جعجع وعون على عقد هذا اللقاء بينهما بهدف بحث الحلول الممكنة، مؤكدة انه ما لم يتم هذا اللقاء، فان نكسة ما ستصيب، ما يتصل بحساباتهما الرئاسية والانتخابية.
وقالت أن الرجلين اللذين ابديا رغبة في اللقاء يفترض بهما أن يتحركا سريعاً لاجرائه لأن التأخير في ذلك يؤدي إلى حصول إحباط مسيحي ماروني من دون ان تشأ المصادر نفسها الحديث عن رعاية بكركي لهذا اللقاء أو للحوار بين القيادات المارونية.
ومن جانبها، أعربت مصادر كتائبية عن اعتقادها بأن حركة بكركي مفيدة، لكنها لاحظت انه من الصعب الوصول إلى نتيجة في ظل تصلب المواقف من كل الفرقاء المعنيين.
ولفتت النظر إلى انه على الرغم من الحركة الدبلوماسية على صعيد الموفدين الأوروبيين، فان لا شيء يبشر بحلحلة على صعيد أزمة الاستحقاق الرئاسي، مشيرة الى أن الرئيس أمين الجميل، الذي يزور الجنوب اليوم، سبق أن زار بكركي، ولا يوجد سبب لزيارتها إلا اذا كان البطريرك يرغب بذلك في حال وجد ان الاتصالات توصلت الى إخراج صيغة يمكن أن يتم التفاهم عليها برعايته.
بوغدانوف في بيروت مجدداً
تجدر الإشارة هنا إلى أن الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط وافريقيا، نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف، واصل، أمس، وبعد عودته من سوريا، جولته على القيادات المسيحية التي لم يتمكن من لقائها في زيارته الأولى يوم الجمعة الماضي، بسبب قطع طرقات وسط العاصمة، من قبل اهالي العسكريين المخطوفين، فجال على كل من البطريرك الراعي في بكركي وجعجع في معراب والنائب سليمان فرنجية في بنشعي، والتقى في مقر السفارة الروسية وفدين من اللقاء الارثوذكسي والحزب السوري القومي الاجتماعي، حاضاً اللبنانيين على اهمية اجراء حوار شامل يضمن مصلحة لبنان الكبرى، معرباً عن قلق موسكو من التطورات في المنطقة، ومشدداً على وجوب انتخاب رئيس للجمهورية في اسرع وقت ممكن.
وزار بوغدانوف مساء النائب وليد جنبلاط الذي أقام على شرفه مع ضيوفه مأدبة عشاء.
الا أن مصدراً في الحزب القومي كشف لـ «اللواء» أن المسؤول الروسي أبدى خشيته من ان يكون إنجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني سيتم سريعاً.
وفهم من المصدر نفسه أن ما من حراك روسي يتصل بهذا الملف، كما أن ما من اتفاق روسي – أميركي في هذا السياق.
ولفت إلى أن بوغدانوف تحدث عن لقاء جمعه مع المعارضة السورية في تركيا، وأن هناك تحضيرات تجري لاستضافة موسكو لقاء بين المعارضة والنظام السوري قريباً، مشدداً على ان المسؤول الروسي اكد أن الرئيس بشار الأسد هو رئيس شرعي ومفوض لاجراء الحوار، وأن الحل يجب أن ينطلق على قاعدة «جنيف – 1»، مؤكداً ان روسيا تضع الوضع السوري في اولوياتها.
إنهاء خلية الأزمة
وفي قضية العسكريين المحتجزين، أكد مصدر وزاري لـ «اللواء» وجود اتجاه لدى الحكومة بحصر المفاوضات بالعسكريين، بإشراف كل من الرئيس تمام سلام والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، المكلّف أساساً بإدارة هذا الملف.
وتوقع المصدر، إستناداً للتطورات التي أعقبت انسحاب قطر من الوساطة مع الخاطفين، أن يصار الى إنهاء عمل خلية الأزمة، وحصر الملف بالعسكريين.
غير أن مصدراً متابعاً لاجتماعات خلية الأزمة، رفض لـ «اللواء» استباق الأمور قبل عودة الرئيس سلام، والاجتماع معه، في إطار الخلية، مشيراً الى أنه في الاجتماع الأخير للخلية، الذي أعقب انسحاب القطري من الوساطة، ظهر الخلاف بالعمق بين التيارات السياسية المكوّنة منها الخلية، ولم نستطع أن نتوافق رغم الأفكار التي طرحت، وتبيّن أن التركيبة المؤلفة منها الخلية غير منتجة عملياً، إذ أننا اعتمدنا على القطري الذي كانت له أجندة أخرى، ثم دخلت «هيئة العلماء المسلمين» على الخط مبدية استعدادها لمفاوضة الخاطفين، لكنها تحتاج الى غطاء رسمي، إلا أن هذا الأمر دونه تحفظات واضحة من «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» وربما من حركة أمل، والسؤال الآن: كيف يمكن مواجهة القضية في ظل التعقيدات المطروحة.. أجاب: حقيقة لا أعرف.
ونفى أن يكون قد تحدد أي موعد لاجتماع الخلية قبل عودة رئيس الحكومة المنتظرة اليوم.
ويسري ترقب عودة الرئيس سلام أيضاً على أهالي العسكريين المخطوفين، من أجل تلمس المسار الذي ستسلكه القضية، والجهة التي ستكلّف مفاوضة الجماعات المسلحة في جرود عرسال.
وكشف المتحدث باسم الأهالي حسين يوسف عن اتجاه للأهالي لعقد لقاء مع الرئيس الجميّل وآخر مع عون لمحاولة رفع تحفظاتهما إزاء بعض النقاط المتصلة بالمفاوضات، وبالنسبة الى المقايضة.
وسيقام غدا الأحد اعتصام تضامني مع أهالي العسكريين في ساحة رياض الصلح، من أجل الضغط على الحكومة تكليف هيئة العلماء بمفاوضة الخاطفين.
ميدانياً، أقام الجيش حاجزاً في البزالية يمنع نشر مسلحين في البلدة، بعدما عمد مسلحون إلى خطف شخص من آل الحجيري فتدخلت مخابرات الجيش واعادته إلى عائلته.
ونقلت قناة «المنار» عن مصدر أمني انه تمّ إلقاء القبض على زوجة شقيق أبو علي الشيشاني ليلى عبد اللطيف منشار في منطقة البقاع، في وقت دهمت قوة من الجيش بلدة بحنين في المنية، وأوقفت شخصين للاشتباه بمشاركتهما بالاعتداء على الجيش الحوادث الأخيرة في البلدة.
وأوقفت دورية من مخابرات الجيش جعفر الشهال نجل داعي الإسلام الشهال في طرابلس للاشتباه بأنه على تواصل مع المسلحين في جرود عرسال، ونشره كتابات تحريضية تهاجم الجيش، وتدعو إلى الانتفاضة على ما أسماه الظلم اللاحق بالشباب المسلم.
غير ان والده داعي الإسلام الشهال الموجود في السعودية اعتبر توقيف ابنه عملاً كيدياً وانتقامياً بهدف إلى الضغط عليه واستهدافه، مشيراً إلى ان الاتهامات كذب وافتراء.