الحوار: المستقبل و«حزب الله» وجهاً لوجه بحثاً عن «تفاهمات وطنية»
لاريجاني يستعجل المسيحيين حسم موضوع الرئاسة .. وتكليف الفليطي أمام مجلس الوزراء اليوم
السادسة من مساء اليوم، وفي قاعة اعدت باتقان، يجلس فريقا الحوار بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله» لمناقشة جملة من الملفات الساخنة، تبدأ بخمسة، وقد تتسع من أجل تطوير العملية السياسية في لبنان التي بدأت مع «حكومة المصلحة الوطنية» وينظر إليها على ان تتوج بالتفاهم على قانون انتخاب جديد وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
يفتتح جلسة الحوار الأولى، الرئيس نبيه برّي وإلى جانبه معاونه وزير المال علي حسن خليل، وعلىجانبي الطاولة يجلس وفد «المستقبل» المؤلف من وزير الداخلية نهاد المشنوق ونائب طرابلس عضو كتلة المستقبل النيابية سمير الجسر ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري، ووفد «حزب الله» المؤلف من وزير الصناعة حسين الحاج حسن والنائب عن بنت جبيل عضو كتلة الوفاء للمقاومة حسن فضل الله والمعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل.
وفي مشهد تغيب عنه الاحتفالية، ولكن ينتظر اللبنانيون ان يشاهدوا ولو صورة الجلسة الأولى، يفتتح الرئيس برّي الكلام، من دون استفاضة، وهو يحرص على ان تأتي مداخلته قصيرة التي يمتزج فيها الغبطة باللقاء والترحيب بالحاضرين، والتأكيد على الآمال العراض المتوقعة من حوار طال انتظاره بين الفريقين الكبيرين، يتوقف على تفاهمهما أو تنازعهما مصير الوضع السياسي في لبنان.
تُشير المعلومات إلى انه بعد خروج الرئيس برّي، يستمر الوزير خليل في متابعة وقائع الجلسة الأولى، حيث سيتحدث ممثلو الفريقين عن النقاط التي يجب ان تدرج على جدول الأعمال.
وفي المعلومات أيضاً ان المجتمعين سيناقشون فكرة إصدار بيان حول نتائج الجلسة وما بحث فيها، منعاً لأية تأويلات أو اجتهادات تؤثر سلباً على الجلسات المقبلة.
وعشية الجلسة، أكّد النائب الجسر لـ«اللواء» ان وفد «المستقبل» سيتوجه إلى عين التينة، بعقل منفتح واستعداد طيب لمناقشة الملفات الخلافية.
وفي السياق، استبعد مصدر في كتلة «المستقبل» ان يتبلور في الجلسة الأولى جدول الأعمال، واصفاً إياها بأنها جلسة تمهيدية للجلسات المقبلة.
ويعوّل مصدر في «حزب الله» وكذلك في تيّار «المستقبل» على المفاعيل المباشرة للحوار على صعيد تخفيف الاحتقان المذهبي، واحداث نقلة نوعية في عمل الحكومة، في إطار تفعيل المؤسسات بما في ذلك المجلس النيابي، على ان يبقى انتخاب الرئيس في رأس أولويات الطرفين، على الرغم من سقف التوقعات في هذه المسألة ليست كيبرة، وتكاد تكون منخفضة.
وفيما أكّد الرئيس برّي على ان الحوار اكثر من ضرورة، وانه كان يجب ان يحصل في الأمس الا ان يتأخر إلى اليوم، ذكرت مصادر في الحزب انه جدي ومنفتح وواقعي في الحوار، ولا سيما في الظروف التي يمر فيها لبنان، مشيرة إلى ان جدول الأعمال سيكون مرناً، وأن الحوار مفتوح، وانه ليس من المقرّر الدخول في الملفات الخلافية، وهو ما أكّد عليه أيضاً الرئيس برّي، وأن كان موضوع الخطة الأمنية سيطرح في سياق البحث في خطوات تنفيس الاحتقان المذهبي، الأمر الذي سيفتح الباب في المقابل، بما يطرحه الحزب من إجراءات لمكافحة الإرهاب.
لاريجاني
في هذا الجو الانفراجي، تلا رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني على مسامع الوفد المرافق له ومسامع المسؤولين اللبنانيين والشعب اللبناني ونِخبِه أن إيران تؤيد ما يتفق عليه الأفرقاء السياسيون اللبنانيون.
وأكّد في مؤتمر صحفي عقده بعد لقاءات شملت الرئيسين برّي وتمام سلام، قبل أن تتوج بلقاء تكتمت المصادر على عقده مع الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، ان فرنسا كاشفت إيران بالحاجة لملء الفراغ الرئاسي، وان جواب الجمهورية الإسلامية الإيرانية كان حاسماً لجهة أن الطرف المسيحي له دور حاسم في هذا الملف، وان طهران ليست بوارد التدخل أو استخدام نفوذها مع «حزب الله» وحلفائه في هذا الموضوع.
وأثنى الزائر الإيراني على الحوار الذي ينطلق اليوم بين «المستقبل» و«حزب الله»، واصفاً اياه «بالتعبير الإيجابي عن تعايش الشعب اللبناني وتلاقيه في الحوار».
ومن جملة المسائل التي تطرق إليها لاريجاني في مؤتمره الصحفي، وفي محادثاته مع المسؤولين الذين التقاهم، استعداد بلاده لاستخدام علاقاتها في سبيل الإفراج عن الجنود المخطوفين، منوهاً بدور الجيش اللبناني في مواجهة الإرهاب، واصفاً «حزب الله» وحركتي «حماس» و«الجهاد الاسلامي» بأن لهم أدوار فاعلة اكثر من بعض الدول في الشرق الأوسط في مقابل تيارات إرهابية مثل «داعش»، مستبعداً أن يتمدد هذا التنظيم في لبنان لأن شبحه هزم على يد الجيش اللبناني.
وفي ما يتعلق بالأزمة السورية، اعتبر انه لا يمكن تحقيق إصلاحات سياسية أو اجتماعية عبر الدبابات، لافتاً النظر إلى انه كلما حضرت أميركا واحتلت موقعاً يظهر التيار الارهابي، كاشفاً ان بعض المسؤولين الاميركيين اجتمعوا مع ارهابيين، واعلنوا دعمهم لهم في حال مواجهة الشيعة وإيران.
وفي تقدير مصادر مطلعة أن لاريجاني حرص على زيارة بيروت، في أعقاب زيارة الموفد الروسي ميخائيل بوغدانوف، لتبديد الانطباع الذي تركته المبادرة الروسية في شأن حل الأزمة السورية، لجهة أن الرئيس بشار الأسد قد لا يكون له دور في هذا الحل، على الرغم من ان الموقف الإيراني ما زال غير واضح من المبادرة الروسية.
وبحسب المعلومات، فان بوغدانوف ترك انطباعاً سلبياً لدى نصرالله، عندما قابله في بيروت، وابلغه بأن الحل النهائي للأزمة السورية قد يكون على حساب الاسد، لكنه أكّد له في المقابل، بأن حقوق جميع الطوائف في سوريا ستكون محفوظة، بما فيها العلويون، وأن اي تركيبة سياسية او نظام يخلف نظام الاسد، ستكون له علاقة جيدة مع «حزب الله».
العسكريون المخطوفون
في موازاة ذلك، فتح تكليف رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط نائب رئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي قناة تواصل مع تنظيم الدولة الاسلامية في جرود عرسال، الرتابة التي كانت تحيط بملف العسكريين المحتجزين لدى هذا التنظيم وجبهة النصرة، لا سيما وان الفليطي أكّد أمس انه نقل طرحاً من جنبلاط إلى «داعش» وانه عاد برد من هذا التنظيم، أبلغه إلى الوزير وائل ابو فاعور الذي حمله بدوره إلى الرئيس سلام خلال اللقاء الذي جمعهما أمس في السراي.
ولوحظ أن الفليطي وأبو فاعور تكتما حول الطرح، لكن الأوّل قال انه ينتظر حالياً ردّ الحكومة أو المعنيين على الرسالة التي نقلها، لافتاً الى أن جنبلاط وأبو فاعور لم يدخلا، من خلال تكليفه في تحدٍّ مع أحد، وهما بالتأكيد يحظيان بحد أدنى من الغطاء السياسي.
إلا أن اللافت في هذا السياق، هو ما نقلته وكالة «الأناضول» عن قيادي في جبهة «النصرة» من أن المفاوضات متوقفة تماماً، ولا يوجد أي وسيط يتولى التواصل معها، وذلك خلافاً لما أعلنه وزير العدل اللواء أشرف ريفي، بأن هناك قناة تواصل مع «النصرة» ليس من المصلحة الكشف عنها.
وجاء تأكيد الوزير ريفي، خلال زيارة وفد من أهالي العسكريين المخطوفين له، في أعقاب زيارة مماثلة قام بها الوفد الى وزير الداخلية نهاد المشنوق، حيث أكد الوزيران أن الرهان على الفليطي «كوسيط يتمتع بمصداقية عالية»، وعلى أن موضوع المقايضة بات مقبولاً من جميع مكونات الحكومة من دون شروط، بما في ذلك «حزب الله».
وفيما استبعد مصدر وزاري لـ «اللواء» أن يطرح موضوع تكليف الفليطي رسمياً بالتوسط مع الخاطفين في مجلس الوزراء اليوم، على اعتبار أنه لم يسبق للحكومة أن دخلت في تفاصيل مثل هذا الأمر قبل ذلك، مشيراً الى أن هذا الأمر من صلاحية خلية الأزمة، أشارت معلومات الى أن اللجنة الأمنية التابعة للخلية ستعقد اجتماعاً في الساعات المقبلة لبحث هذا الموضوع لجهة تحديد من سيكون مرجعية الفليطي، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، أم الوزير أبو فاعور العضو الفاعل في الخلية، علماً أن الشيخ السلفي وسام المصري أكد أمس أنه لم يعلّق وساطته، وأنه ما يزال ينسق مع اللواء ابراهيم، لافتاً الى أنه تمكن من لقاء أمير داعش شخصياً في جرود عرسال والذي يحمل في يده ملف العسكريين، بينما الفليطي لم يتمكن من ذلك، على حد تعبير المصري.
ملف النفايات
مهما يكن من أمر، فإن مصادر وزارية لم تشأ التأكيد ما إذا كان ملف النفايات الصلبة سيقرّ في مجلس الوزراء اليوم أم لا في ضوء اعتراضات عدد من الوزراء على المشروع المقدم من وزير البيئة محمد المشنوق، والذي يحظى بموافقة اللجنة الوزارية برئاسة الرئيس سلام.
وعلمت «اللواء» أن هناك سلسلة ملاحظات لوزراء حزب الكتائب حيال هذا الملف، وقد لخص وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم هذه الملاحظات بتأكيده لـ «اللواء» أن دفتر الشروط الذي وزع أمس على الوزراء يتضمن شوائب لجهة تحديد المستفيد أي من سيربح المناقصة، فضلاً عن أنه قد لا يتسنى للوزراء الاطلاع على تفاصيل الدفتر الذي يحوي أكثر من 30 صفحة.
وأوضح أن ما ورد في النقاط المتصلة بمعالجة النفايات ليست منطقية من ناحية التطبيق وأبرزها موضوع تقسيم المناطق، ما يوحي وكأن هناك «محاصصة سياسية»، معلناً بأن الطرح المقدم غير بيئي، لا سيما في موضوع إعادة معمل الفرز في برج حمود ومطمر الناعمة، في حين أن إعادة الفرز يجب أن تأتي من المصدر، كما أن هناك حاجة ضرورية لتعليم طريقة التدوير.
ولاحظ الوزير حكيم أن هناك استنزافاً لمالية الدولة من خلال ارتفاع كلفة الملف بحيث يصل الى 255 مليون دولار، لافتاً الى أن هناك انطباعاً تكوّن بأن معظم الشركات ستكون على شاكلة «سوكلين»،كما لاحظ أن المشروع ألغى دور البلديات، في حين انه من الضروري ان يكون لهذه البلديات قدرة على جمع النفايات، وبالتالي من المهم استشارتها.
ومن جهته، شدّد الوزير المشنوق على ضرورة الانتهاء من هذا الملف، محملاً من سيعرقله اليوم المسؤولية، خصوصاً وأن النّاس لم تعد تصدق جدية الحكومة في حمل مسؤولية التصدّي لمشكلة النفايات.
وقال المشنوق بصراحة لـ«اللواء» انا لا اعرف ماذا ستفعل إذا لم يُقرّ الملف اليوم، وما هو التدبير البديل، مستبعداً إمكانية التمديد لسوكلين من دون الدخول في المناقصات، لكنه أضاف انه من الممكن التمديد بعد المناقصة، من أجل اعطائها فرصة للانتهاء من المناقصة، وهذه تحتاج بضعة أشهر.
ولفت إلى ان جميع الوزراء يعرفون ان دفتر الشروط للمناقصات ينتهي في 20 و21 الشهر الحالي، وبالتالي لا يجوز التأخير اكثر من ذلك، مشيراً إلى انه وضع مع دفتر الشروط الذي وزعه على الوزراء ملخصاً بالمبادئ الأساسية التي يفترض ان نمشى بها، خاتماً: «عسى خيرا».