IMLebanon

إفطار بعبدا غداً: مصارحة رئاسية تحت قِبّة الفراغ!

إفطار بعبدا غداً: مصارحة رئاسية تحت قِبّة الفراغ!

«التيار العوني» ينقل الإنتقادات السياسية إلى القضاء: وزير الطاقة يدّعي على حرب والجميل وريفي

حددت الأوساط الإعلامية والسياسية، عملاً بالمأثور السائر، ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل، غداً الخميس موعداً لتحقيق «المعجزة»، المتمثلة بالتوصل الى قانون انتخابات جديد، يملأ الفراغ، وينهي السجالات، والخلافات والاجتهادات الدستورية، وينقل البلد الى مرحلة جديدة، قوامها تجديد الدم النيابي، وإطلاق الدورة الاقتصادية على نطاق مغاير لما هو حاصل اليوم.

وبقدر ما كانت بعبدا تقترب من وصف الافطار الرئاسي «بالتاريخي» لان على هامشه سيثبت التقدم الحاصل في قانون الانتخاب، وتحفظ الفرصة المتاحة من الضياع، كانت مصادر قريبة من «الثنائي الشيعي» تعرب عن مخاوف جدّية على مصير الحراك الانتخابي، متخوفة من ان يكون السقف الذي رفعه وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، يتعدّى اطار التفاوض الى الاطاحة بجهود النائب جورج عدوان، وسائر الجهود الاخرى التي بذلت الشهرين الماضيين.

وتجزم المصادر المطلعة ان اي خرق لم يطرأ على الاتصالات، مشيرة الى ان النائب آلان عون التقى مدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري، وجرى التداول في المواقف التي صدرت امس عن تكتل الاصلاح والتغيير.

وتشير هذه المصادر الى ان العودة الى نغمة التصويت في ما يخص قانون الانتخاب، من شأنه ان يسقط التوافق، ويذهب بمجلس الوزراء الى أزمة، قبل الفراغ النيابي.

ولكن المصادر عينها، ما تزال تعلق آمالاً على المصارحة الرئاسية، لا سيما بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، والتي وان شهدت عتابا، الا ان الاتجاه هو لفتح الطريق امام صدور مرسوم الدورة الاستثنائية لمناقشة قانون الانتخاب واقراره، او على الاقل التعهد بعدم دعوة المجلس لأية جلسة لتمديد للمجلس.

وتكشف المصادر المطلعة ان شبح الفراغ بات ينافس جدياً قانون الانتخاب، الذي قطع 95 بالمئة من الطريق الى النور، على حد تعبير رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع.

وتوقف مصدر نيابي عند رفض كتلة المستقبل بعد اجتماعها بشدة للفراغ في المؤسسات الدستورية لانه سيُحدث اختلالاً خطيراً في البلاد ويعرضها لمخاطر كبيرة.

«كباش» عون – بري

وعلى الرغم من دخول حزب الله على خط معالجة التوتر السياسي بين الرئيسين عون وبري، والذي انعكس سجالا اعلاميا حول دستورية انتفاضة بري بالدعوة الى جلسة للمجلس النيابي في الخامس من حزيران قبل اصدار الرئيس عون مرسوم فتح دورة استثنائية، والذي ظهر من خلال اعلان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد من دارة الرئيس سليم الحص ان «تفاؤلنا لا يزال قائما حول نقاش قانون الانتخاب، وهو سيتأكد بعد افطار القصر يوم الخميس»، معتبرا ان «النقاط الباقية يمكن تجاوزها»، فإن هذا التفاؤل لا تزال دونه صعوبات، على اعتبار ان الاشتباك السياسي الحاصل بين الرئيسين، ليست مسألة خلاف على اجتهاد دستوري، او على القراءة السياسية لكل منهما، بل هو ابعد من ذلك، وتتصل بذيول علاقات شخصية متوترة منذ ما قبل الانتخابات الرئاسية.

وفي هذا السياق، نقل نائب كان يعتبر من الصقور عن نائب القوات اللبنانية جورج عدوان، قوله في مجلس خاص، انه حتى لو حضر الرئيس بري افطار بعبدا غد، للتأكيد على ان لا شيء شخصيا بينه وبين الرئيس عون، فإن العلاقة الشخصية ليست عادية، وتحتاج الى جهود سياسية كبيرة للملمة الوضع، ولا سيما بعد ما جرى في شأن مرسوم الدورة.

ولفت عدوان، ودائما حسب ما نقل عنه، الى ان القصة ليست نظيفة، وامر معالجة تداعياتها ليست سهلة، خاصة وان كل الامور المتصلة بقانون الانتخاب جمدت لا بل عادت الى الوراء.

وتأمل مصادر مطلعة ان تتم في لقاء القصر معالجة الاشكالات الدستورية حول جلسة 5 حزيران ومرسوم الدورة الاستثنائية، كاشفة عن محاولات للتوصل الى اتفاق على ان يصدر مرسوم الدورة قبل الخامس من حزيران، كي لا يضطر الرئيس بري الى تأجيل الجلسة مجددا لحين صدور المرسوم، ويكون موضوعه الاساسي اقرار قانون الانتخاب.

على ان مصادر مرموقة في الثنائي الشيعي، لفتت الانتباه، الى ان الرئيس بري عندما اعلن قبوله بالنسبية على اساس 15 دائرة، كان يتحدث باسمه وباسم حزب الله وكذلك عندما اعلن ايضا بأن هذا الامر لن يكون الا بتنازل الثنائي المسيحي (التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية) عن شروطه المسبقة بنقل المقاعد المسيحية في طرابلس والبقاعين الغربي والشمالي وبيروت الثالثة الى البترون وجبل لبنان والاشرفية الاولى.

وفي تقدير هذه المصادر، ان الاجتهاد الدستوري بخصوص المادة 59 من الدستور وان تأجيل انعقاد المجلس لمدة شهر هو دين للسلطة التشريعية، لم يكن الثنائي الشيعي بعيدا عنه، وفيه تبنيه واضح للرئيس وغيره بأنه «ممنوع تجاوز الرئاسة الثانية او التعدي على صلاحياتها»، وهو ايضا بمثابة اعفاء الرئيس عون من فتح دورة استثنائية بعدما ربط موافقته عليها باقرار قانون جديد.

ومع ذلك، فان المصادر ذاتها رأت في كلام بري منفذا للحل، شرط ان يتروى الجميع، لان لا مصلحة لاحد بالوصول الى 19 حزيران من دون قانون انتخابي جديد.

واعتبرت المصادر ان الخلاف الاساسي حول القانون الانتخابي تم حله بعد موافقة جميع الافرقاء على اعتماد النسبية على اساس لبنان 15 دائرة، وبالتالي فإن الباقي مجرد تفاصيل ثانوية غير مهمة ويمكن حلها بالاتصالات وليس بالنكايات، وعلى حد تعبير المصادر «خير ان شاء الله» اذا اتفقنا او لم نتفق على اعتماد الصوت التفضيلي في القضاء او على نقل مقعد او اثنين او حتى على تخفيض عدد النواب في المجلس الى 108 او على التمديد للمجلس النيابي لمدة سنة او اكثر.

من جهتها، أوضحت مصادر تكتل «التغيير والإصلاح» لـ «اللواء» أن عون لم يبلغ أحدا رفضه أو ممانعته التوقيع على مرسوم فتح الدورة الاستثنائية، ورجحت أن يعمد إلى ذلك لتسهيل الحل.

وقالت إنه في حال لم تفتتح الدورة الاستثنائية فإن الرئيس بري قد يعمد إلى أرجاء جلسة 5 حزيران المقبل.

ولفتت إلى أن الرئيس عون مع تسهيل الوصول إلى إقرار القانون الانتخابي ويرى انه اذا كان فتح الدورة سيسرع الاتفاق فلن يتردد في ذلك.

وكشفت المصادر نفسها أن العناوين العريضة لمشروع قانون الاتفاق أضحت منجزة ولكن ثمة تفاصيل مرشحة أن تستغرق الوقت لا سيما ما يتعلق منها بـ «اللوائح» وكيفية احتساب الأصوات، وقالت ان لا توقعات بقيام خربطة في الاتفاق على الوصول إلى القانون، لكنها رأت أن الوقت لم يحن للإعلان عن الاتفاق.

إلى ذلك نفى عضو التكتل النائب سليم سلهب في تصريح لصحيفة «اللواء» أن يكون «التيار الوطني» الحر قد طالب بنقل المقاعد، وقال: لم نذكر هذا الموضوع ولكن طالبنا بتطبيق الطائف في ما خص عدد المقاعد.

وكان رئيس التكتل الوزير جبران باسيل، جدد بعد الاجتماع الأسبوعي قبوله بالنسبية، لكنه اشترط حصول إصلاحات وضمانات ومن بينها تخفيض عدد النواب إلى 108، بحسب ما جاء في الطائف، نافياً ان يكون طالب بنقل المقاعد المسيحية، ملمحاً بأن حصول تصويت في مجلس الوزراء ما زال وارداً، وهو ما يرفضه «الثنائي الشيعي» ومعه النائب وليد جنبلاط.

اما كتلة «المستقبل» فقد أكدت من ناحيتها أن الفراغ في المؤسسات الدستورية سيحدث اختلالاً خطيراً في البلاد، ودعت لالتزام الجميع بالطائف وروح الدستور من دون تأويلات وتفسيرات ظرفية.

دعاوى أبي خليل

وعلى صعيد آخر، شكلت الدعاوى التي تقدّم بها وزير الطاقة سيزار أبي خليل ضد عدد من الإعلاميين ونواب ووزير سابق بتهمة الإساءة إلى سمعته وسمعة الدولة اللبنانية في ملفي بواخر الكهرباء والشركة الإيطالية ENI، عبر وزير العدل سليم جريصاتي، مادة لبازار سياسي غير مسبوق، خصوصاً وان هذه الدعاوى تقضي برفع الحصانة عن هؤلاء النواب، بحسب ما اعلن جريصاتي، الذي لم يشأ الكشف عن أسماء المدعى عليهم.

لكن معلومات كشفت أن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل والنائب بطرس حرب والوزير السابق اللواء اشرف ريفي من بين الذين ادعى عليهم أبي خليل امام النيابة العامة التمييزية، الأمر الذي دفع حرب إلى وصف ما قام به وزير الطاقة بأنه سخيف، فيما أكّد ريفي ان لبنان لن يصبح دولة أمنية.

ورأى مصدر كتائبي مسؤول أن السلطة تتخبط في سعيها إلى الهروب من الاستحقاق الأساسي المتمثل في انتخابات شفافة على أساس قانون عصري يضمن صحة تمثيل اللبنانيين وتداولا ديمقراطياً للسلطة.

ولفت المصدر إلى أن المحاولات المتكررة للتهرب من الانتخابات تارة باثارة الغرائز الطائفة بحجة الحفاظ على حقوق الطوائف، وتارة أخرى باثارة إشكاليات قانونية ودستورية لتمرير المهل، وأخيراً بمحاولة تسخير القضاء لاستهداف المعارضة السياسية والإعلام والاعلاميين وناشطي المجتمع المدني عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كلها تشير الى أن السلطة تخاف مواجهة استحقاق الانتخابات الديمقراطية وتسعى للتهرب منها، أو لاجرائها في ظل حالة قمعية للمعارضة السياسية والرأي العام في محاولة لاجهاض التغيير المنشود.

وشدّد المصدر الكتائبي على ضرورة المضي قدما في المواجهة معتبراً أن سلطة تلجأ الى قمع معارضيها والإعلام والناس هي سلطة ساقطة سياسياً وستكرس الانتخابات المقبلة سقوطها دستوريا وقانونياً.

العقوبات المالية

على صعيد مواجهة لبنان للعقوبات المالية الأميركية التي تُهدّد الولايات المتحدة بفرضها على حزب الله والمصارف اللبنانية التي تتعامل معه، قالت مصادر مصرفية (ا.ف.ب) أن زيارة وفد جمعية المصارف كان انجح من زيارة الوفد النيابي، أن لجهة اللقاءات التي عقدها، أو لناحية الوعود التي تلقاها بأن اي عقوبات لن تطال القطاع المصرفي. وهذا ما سيعاد النظر فيه.

وتتحدث المصادر عن معلومات تخالف ما ورد على لسان عدد من أعضاء الوفد النيابي بأن صيغة العقوبات غير صحيحة وما الى هنالك. وتجزم أن العقوبات مستمرة، وقد تؤثر سلباً على الاقتصاد اللبناني. وهذا موقف ينسجم مع موقف اطلقه رئيس الجمعية جوزيف طربيه الذي اعتبر أن العقوبات المالية الأميركية قائمة وقد تؤثر على الاقتصاد الوطني والقطاع المصرفي. وحذر من مزيد من العقوبات قد يُسيء إلى مصالح الشراكة بين لبنان والولايات المتحدة.

وفي هذا السياق، تؤكد مصادر مصرفية انه تمّ تفهم وضع القطاع المصرفي. وقد شرح وفد الجمعية أن أي عقوبات ستفرض على بعض المصارف ستشمل القطاع المصرفي برمته. ما ينعكس على التعاملات المصرفية بين لبنان والخارج. وانطلق الوفد من مبدأ ان المصارف اللبنانية تلتزم التشريعات الدولية.

وتكشف المصادر أن الوفد تلقى وعوداً بان يعاد النظر في فرض عقوبات على المصارف.

في المقابل، لم يحصل الوفد النيابي الذي التقى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، إد رويس، على أي تعهد بالتراجع عن العقوبات أو بادخال تعديلات عليها، إنما وعد بتطبيقها على مراحل تصاعدية، بمعنى أن لا يتم تطبيقها بكاملها في وقت واحد.

فالفارق الجوهري بين زيارتي الوفدين، هو أن وفد الجمعية التقى السيناتور ماركو روبيو، الذي اعد مقترح التعديلات للتشدد بالعقوبات، فيما لم يستطع الوفد النيابي لقاءه، وهو ارسل احد مساعديه للقائهم. وهذه إشارة بارزة عن ان أعضاء الكونغرس مستعدون للتعامل مع المصارف للحد من تأثير العقوبات عليها، اما في السياسة فلا مجال للمجاملة، ولا شيء سيتغير.