Site icon IMLebanon

النظام النسبي» يشق طريقه: وإعتراضات في المجلس وصدامات في الشارع

النظام النسبي» يشق طريقه: وإعتراضات في المجلس وصدامات في الشارع

برّي مدافعاً: التسوية بدل الأزمة.. وغاب جنبلاط عن إفطار المشرف وردّ من الحريري

طويت صفحة، وفتحت صفحة جديدة، في 16 حزيران 2017 يُقرّ مجلس النواب قانون النظام النسبي للإنتخابات بالإجماع، وبمادة وحيدة، بعد اعتراضات، ونبرات مرتفعة، في شطب عبارات من المحضر، وما مشاكل من مواقف، لا بدّ وأن تحدث في استثمار «أرنبي» للوقت (نسبة للأرنب)، وحرصاً على أن يتاح لرئيس الجمهورية نشر القانون في الجريدة الرسمية.

ومع هذا التطور، الذي وصف بالتحوّل السياسي في النظام الانتخابي اللبناني، علی الرغم مما يعتور القانون من ثغرات قاتلة، وغامضة وغير مفهومة، حتى من الجهات المعنية بتطبيقه، أو التي تبنته، يمكن التأكيد أن البلاد تجاوزت «أزمة مصير» جرّاء التسوية التي وُلدُت، وأدّت الى اقرار قانون الانتخاب..

وعلى الرغم من أن حسابات سياسية تحكمت في ضم وفرز الدوائر، للحفاظ على الخصوصيات الطائفية، كما حصل في بيروت الأولى والثانية، وفي ضم دائرتي الشوف وعاليه لطمأنة النائب وليد جنبلاط.

فإن المؤيدين والمعارضين، اعتبروا أن اليوم يوم آخر، وانصرفوا إلى «الرياضة الانتخابية» سواء في الداخل والخارج، بحثاً عن التحالفات المكتسبة لإعادة تكوين اللوائج الكبرى، على غرار ما هي عليه الحال، في المجلس الحالي، الذي تنتهي ولايته الجديدة بعد أقل من 11 شهراً.

الجلسة

وعلى عكس ما كان يجري في محيط المجلس النيابي، حيث اشتبكت عناصر شرطة المجلس مع مجموعة من المتظاهرين من الحراك المدني، تظاهرات قبل موعد الجلسة في ساحة رياض الصلح، ثم رشقت مواكب النواب بالبيض الفاسد، احتجاجاً على التمديد الثالث للمجلس، مما حمل عناصر الشرطة الى تفريق المتظاهرين بالهراوات والعصي والضرب، مما اعاد الى الاذهان حادثة 7 أيار 2001، مع الفارق ان المتظاهرين يومذاك كانوا من ناشطي التيار العوني، اتسمت الجلسة النيابية بالنقاش الهادىء، قبل التصديق على القانون الانتخابي الجديد بالاجماع وبمادة وحيدة مع اعتراض ستة نواب فقط، وهم نواب الكتائب الخمسة والنائب بطرس حرب من اصل 115 نائباً حضروا الجلسة، وكان ابرز المتغيبين رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، فيما كان ابرز الحاضرين رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، الذي حضر متأخرا، وصوت مع القانون.

وعزت مصادر نيابية هدوء الجلسة، رغم ما تخللها من مناكفات ومشادات، وكان ابرزها المشادة الكلامية بين الرئيس سعد الحريري ورئيس الكتائب النائب سامي الجميل، والتي دفعت الرئيس الحريري للانسحاب من الجلسة ثم العودة اليها، الى امرين اثنين:

اولها: التوافق السياسي الجامع الذي انتج مشروع القانون، بعد مخاض عسير استغرق شهورا، وبمشاركة معظم الكتل النيابية والسياسية في البلد.

والثاني: دوزنة النقاشات من قبل رئيس المجلس نبيه بري الذي ترك للمعترضين الحق في الكلام، وكذلك لممثلي الكتل الذي سبق وشاركوا في المشاورات الانتخابة، ثم كانت له مداخلات في اكثر من محطة لتأكيد التمسك بالاتفاق الساسي، وعدم الافساح في المجال امام اي خرق يحصل من جهة، والحفاظ على حق النواب في القراءة الموضوعية التي لا تفسد في تفصيلات القانون اي قضية، وعلى هذه القاعدة دعا الجميع الى «الواقعية»، وقال في مداخلاته «كنا سنصل الى ازمة مصير وهذا القانون هو افضل الممكن والتسوية التي اوصلت الى اقراره قد تكون انقذت ما يمكن انقاذه»، لافتا الى ان «التسوية التي حصلت لا تضر» وانه «حريص على حقوق الطوائف وليس الطائفة». واذا اشار الى ان «هذا التمديد غير مرغوب به»، امل من الحكومة «فتح دورة استثنائية في اسرع وقت للبت بأمور تشريعية وقضايا ملحة كسلسلة الرتب والرواتب والموازنة واستعادة ثقة الناس».

اما المشادة الكلامية بين الحريري والجميل، والتي عكرت صفو التوافق، فقد جاءت على خلفية اتهام الاخير الحكومة بفرض التمديد لتقديم رشاوى انتخابية والتعويض عن فشلها في صفقات الفساد، فرد الحريري بحدة، مقاطعاً الجميل لينفي عن الحكومة قيامها بتقديم اي رشاوى انتخابية او غير انتخابية، لكن الجميل رد على الحريري طالبا عدم مقاطعته، فانسحب الحريري من الجلسة، عندئذ طلب الرئيس بري شطب كلام الجميل من المحضر، ثم اوعز الى الوزير علي حسن خليل ونائب الرئيس فريد مكاري، اللحاق بالحريري، ففعلا مع الوزير غطاس خوري وعدد من النواب، وعاد الحريري الى الجلسة.

وسبق هذه المشادة، اعتراض من قبل النائب عاصم قانصوه عل القانون الذي تم خلاله الالتفاف على النسبية الكاملة وسأل عن اقتراح سبق وتقدم به حزب البعث للنسبية الكاملة، فرد عليه بري «انك اكثر الرابحين لان بالقانون خطوة نحو ما تريدون، فذكره قانصوه أن الاقتراح كان حلم جميع الاحزاب الوطنية ومن ضمنها حركة امل وهو منذ عهد الراحل كمال جنبلاط، فجاء جواب بري الحاسم. في لبنان لا يمكن صدور القانون الا توافقيا، الا اذا اردتم ان تؤسسوا لخلافات في البلد، وانسحب قانصوه من الجلسة ولم يعد.

في كل الأحوال، أنقذ التوافق المجلس النيابي والبلد من الفراغ، قبل 3 أيام من انتهاء ولايته الممددة، وإن بتمدد جديد ولكن هذه المرة تقنياً إلى 5 أيار 2018 العام المقبل، ما يفسح المجال أمام تمهيد الأرضية لترجمة القانون من جهة، لترجمة التوافق الذي سبقه بين القوي السياسية لينعكس على مختلف الملفات السياسية والحياتية والتشريعية في المرحلة المقبلة، بما في ذلك إمكانية تعدي القانون فسه، ولا سيما ما يتصل بإلغاء البطاقة الممغنطة، بحسب ما ألمح وزير الداخلية نهاد المشنوق، ولكن بهدوء، وبعيداً عن الضجة إلى حل حالياً، خصوصاً بعد ان عجزت المعارضة في البرلمان والتي كان الجميل أحد أبطالها، في إسقاط الصوت التفضيلي في القضاء والبطاقة الممغنطة في المشروع، ونجحت فقط في إعادة العمل بالمغلفات في صندوقة الاقتراع.

شغب ساحة المجلس

وبالنسبة إلى حادث الاشتباك بين ساحة ورياض الصلح مع المتظاهرين، فق أوضحت قيادة شرطة المجلس، بأن بعض المتظاهرين عمدوا إلى رشق سيّارات عدد من النواب بالحجارة والبيض والبندورة، وحاولوا اقتحام الحاجز الأمني والاعتداء على عناصر الحملة وتجريد أحدهم من سلاحه بالقوة وأوقفوه أرضاً، ما أضطر عناصر حرس المجلس التدخل لتحريره من أيديهم.

غير ان وزير الدفاع يعقوب الصرّاف فعبر عن استيائه لتصرف العسكريين بضرب المتظاهرين وغرّد على حسابه على «تويتر» مؤكداً انه سوف يتم استدعاء الجنود والمدنيين للاستماع الى إفاداتهم، مشيراً إلى ان مؤسسة الجيش هي «لجميع اللبنانيين من دون تمييز، وهي ستتخذ الاجراءات لمعالجة ما حصل ومعاقبة مفتعلي الشغب.

ترحيب دولي

على أن اللافت، بعد سلوك القانون طريقه إلى الإقرار بمباركة النواب، مسارعة المجتمع الدولي إلى الترحيب بهذه الخطوة، وكان أبرزها من مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، فاعتبرت الاتفاق حول إطار انتخابي جديد خطوة اضافية نحو إعادة تفعيل مؤسسات الدولة اللبنانية والحياة السياسية الطبيعية، وشددت انطلاقاً من وحي هذا التقدم السياسي على اجراء انتخابات سلمية وشفافة وفقاً للدستور، وعاكسة تقاليد البلاد الديمقراطية، واكدت على اهمية التعامل مع التمديد التقني بفعالية للتمكن من تنظيم الانتخابات على وجه السرعة، مبدية الاستعداد لتقديم المساعدة التقنية للبنان في هذا المجال.

اما الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني فوصفت بدورها إقرار القانون بأنه خطوة مهمة نحو التوصّل الى مؤسسات ديمقراطية عاملة بالكامل، مشيرة إلى ان اجراء انتخابات ديمقراطية سيمكن الحكومة من المضي قدماً في تنفيذ الإجراءات الاقتصادية والهيكلية الضرورية وسيساهم في إرساء الاستقرار في البلاد وتحفيز نمو اقتصادي أسرع.

وأعادت موغيريني تأكيد التزام الاتحاد تقديم الدعم للاعداد للانتخابات وإجرائها.

ومن جهتها، رحّبت فرنسا بالقانون، وقالت وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية في بيان وزعته السفارة في بيروت أن اعتماد قانون انتخابي يمثل مرحلة جديدة في عملية إعادة تشغيل المؤسسات اللبنانية، والتي ينبغي ان تستكمل بالانتخابات التشريعية.

وأكّد أن فرنسا تقف إلى جانب لبنان في جهوده للحفاظ على الاستقرار والديمقراطية ولتلبية التحديات الأمنية والاقتصادية والانسانية.

الحريري

في هذا الوقت، بدا أن الرئيس الحريري فتح معركة الانتخابات، مباشرة بعد تصديق المجلس على القانون الانتخابي، وهو أعلن ذلك بنفسه في الكلمة التي ألقاها غروب أمس، في افطار «المستقبل» في جامعة المشرف في إقليم الخروب، في حضور نواب المنطقة وفاعلياتها، فيما لوحظ غياب النائب جنبلاط عن المأدبة، أو أي من ممثلي الحزب التقدمي الاشتراكي، حيث أعلن أن الاتفاق على قانون الانتخاب يفتح موسم الانتخابات، واعداً ان لقاءاته ستتواصل وتكثر الى يوم الانتخابات.

ورد الحريري على ما وصفه «محاولة التأثير علي معنويات أهل الإقليم، بأن وضع الشوف وعاليه في دائرة واحدة من شأنه أن يضعف صوت أهل الإقليم أو يذيب إرادتهم الانتخابية، مؤكداً انهم سيبقون الرقم الصعب وان صوتهم هو الحاسم وارادتها لا يهزها شيء.

اما عن محاولات الإساءة لتيار «المستقبل» والطعن اليومي بالحريرية، والقول انه سيكون أكبر الخاسرين في الانتخابات من خلال فبركة نتائج على قياس تمنياتها، فرد بكل بساطة قائلاً للجميع: «ما من قوة يمكن ان تكسر الحريرية الوطنية، والايام بيننا، وسترون أن تيار المستقبل رأسه مرفوع في الانتخابات واقوى الارقام في المعادلة السياسية»، مؤكداً أن جمهور «المستقبل» في كل لبنان «اكبر من ان يُقزم وأقوى من ان يُكسر».

مواقف لبنانية

داخلياً، رأى الرئيس ميشال عون أن اعتماد قانون جديد للانتخابات على أساس النسبية للمرة الأولى في لبنان سوف يحدث تغييراً مهماً في الحياة السياسية وينتج طبقة سياسية ذات قدرات على تحقيق التغيير المنشود والإصلاح.

وإذ أعرب امام زواره في قصر بعبدا، أمس، عن أسفه لعدم تضمين القانون «كوتا» نسائية، لفت إلى أن تعويض ذلك ممكن من خلال إقبال النساء على الترشح إلى الانتخابات طالما أن الدستور لا يُميّز في تقديم الترشح بين الرجل والمرأة.

وأكّد عون أن اعتماد البطاقة الممغنطة في التصويت يُخفّف من مشقة الانتقال للناخبين من مناطق سكنهم إلى بلداتهم وقراهم الأساسية، كما يضع حداً لأي تزوير او استغلال أو ممارسة ضغوط على الناخبين. ولفت الرئيس عون إلى ان مرحلة ما بعد اقرار قانون الانتخابات في مجلس النواب سوف تفسح في المجال امام متابعة العمل التشريعي من خلال درس وإقرار العديد من القوانين التي لم يتم التصويت عليها، كما ستتحرك اكثر عجلة التطوير والتنمية من خلال برنامج اقتصادي يفعل القطاعات الانتاجية المختلفة، وقطاع السياحة، لا سيما وان الاستقرار الامني السائد في البلاد سوف يُساعد على تحقيق المزيد من التقدم.

وعلى هامش الجلسة النيابية، بارك رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة للبنانيين قانون الانتخاب الجديد، بغض النظر عن بعض سيئاته، ولا سيما في بيروت، معتبراً ان «الترانسفير» الذي حصل في دوائر بيروت يُعيد الى الأذهان مرحلة انقسام بيروت الطائفي، لكنه دعا الى مشاركة الجميع لتخطي التداعيات الناتجة عنه.

كما بارك رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع اللبنانيين بالقانون، معتبراً أن الوصول إليه كان بطولة في ظل التعقيدات، واصفاً اياه «بالمثالي»، انطلاقاً من التعددية الموجودة في لبنان.

اما الرئيس نجيب ميقاتي، فاعتبر أن مشروع حكومته كان أكثر توازناً واعتدالاً وابتعاداً عن التطرف من القانون الحالي الذي وصفه «بالهجين»، لافتاً إلى انه كان من الأفضل تكبير الدوائر للحفاظ على روحية التعايش، واقترح الإبقاء على صوتين تفضيليين بدلاً من صوت واحد على أساس الدائرة لا القضاء، مشدداً على اعتماد المكننة في فرز الاصوات حتى لا ندخل في «مغارة علي بابا».

من ناحيته، اعتبر الوزير السابق اللواء اشرف ريفي أن القانون يعيدنا خطوة الى الوراء، وطالب بتشكيل حكومة انتقالية تشرف على الانتخابات من دون ان يكون فيها أي مرشّح حفاظاً على الحيادية والاستقلالية، لافتاً أن أكثر من نصف أعضاء الحكومة الحالية مرشحون.

نصر الله

وفي سياق المواقف، يطل الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله بعد ظهر الجمعة في 23 الجاري، في مناسبة يوم «القدس العالمي»، ليتحدث عن جملة تطورات، بعضها يتعلق بالتهديدات الإسرائيلية والوضع الفلسطيني، وسيتطرق إلى التطورات الإقليمية في ضوء المتغيّرات الميدانية في العراق وسوريا.

وسيتطرق السيّد نصر الله إلى الوضع في لبنان بعد اقرار قانون الانتخاب على أساس النظام النسبي.