ما بعد إجازة العيد: السلسلة والتحالفات الإنتخابية
الحريري إلى الرياض.. وهجوم نصر الله إنتكاسة «لوثيقة بعبدا»
دخلت البلاد في اجازة عيد الفطر السعيد، واتجهت الانظار الى كيفية ترجمة ما يمكن ترجمته من «وثيقة بعبدا 2017» بدءاً من الاربعاء المقبل، حيث لا جلسة لمجلس الوزراء ولا امكانية لعقد أية جلسة تشريعية قبل تموز.
على أن إجازة العيد لم تخل من «انتكاسة» تمثلت بارتفاع منسوب حملة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على المملكة العربية السعودية، وسوق الاتهامات «غير المبررة» ضدها، سواء في ما خص تهمة «التطبيع» او ما شاكل، رابطا مصير الاستقرار اللبناني بلعبة محاور، ومهدداً على ابواب الصيف بآلاف من المقاتلين العرب ومن العالم الاسلامي اذا اندلعت حرب بين اسرائيل ولبنان او اسرائيل وسوريا.
والبارز، ان الرئيس سعد الحريري في افطار اقامه في بيت الوسط على شرف عناصر سرية رئاسة الحكومة وحرسه الخاص، تجنب الرد على السيد نصر الله، مؤكدا انه سيواصل مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مشيرا الى اننا «مقبلون علىانتخابات نيابية، وسنخوضها بشكل ديمقراطي، لذلك سيكون لدنيا عمل كثير لتسهيل سير هذه الانتخابات والحفاظ على امن المواطن.
ويرجح ان يكون الرئيس الحريري غادر ليلا الى المملكة العربية السعودية لتهنئة ولي العهد الامير محمّد بن سلمان، وقضاء عطلة الفطر السعيد مع عائلته.
وكشفت مصادر مقرّبة من الرئيس الحريري لـ «اللواء؛ ان لقاءه مع رئيس حزب القوات اللبنانية د. سمير جعجع كان جيداً، وجرى خلاله عرض تفصيلي للمرحلة السابقة من عمل الحكومة.
وقالت المصادر: اتفقنا على تفعيل العمل الحكومي، لجهة انجاز الملفات الاقتصادية والحياتية للمواطنين، وتحريك الدورة الاقتصادية، سواء في ما خص سلسلة الرتب والرواتب الى معالجة النفايات او تأمين الكهرباء، وهي مسائل لا تحتمل اي تأخير.
وفي مجال سياسي متصل، قال مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، ان العلاقة مع النائب وليد جنبلاط ليست في احسن ايامها، مشيراً في تصريح لمحطة O.T.V ان التحالفات الانتخابية مرهونة لاوقاتها، واصفاً المرحلة المقبلة بأنها للانجاز، مشدداً على ان «العلاقة بين رئاستي الجمهورية والحكومة قوية».
وفي اطار الاهتمام بالشؤون المعيشية قال مصدر نيابي ان سلسلة الرتب والرواتب قد تتصدر اول جلسة تشريعية لمجلس النواب في العقد الاستثنائي، خلال تموز المقبل.
ولم يستبعد ان يكون حصل تفاهم سياسي على اقرارها، بعدما أدرج تحويلها في صلب موازنة لعام 2017.
وثيقة بعبدا
في هذا الوقت، بقي اللقاء التشاوري الذي استضافه قصر بعبدا، امس الاول، وتمخضت منه وثيقة، كانت في الاصل ورقة عمل اقترحها الرئيس ميشال عون، موضع اهتمام ومتابعة، سواء على محور المعارضة التي اعتبرت اللقاء تجاوزا للمؤسسات واقراراً بفشل الحكومة الحالية، ووصفه الرئيس امين الجميل بأنه «اجتماع سلطوي»، او على محور الحكومة نفسها، حيث شكك كثير من الوزراء بامكان تنفيذ بنود الوثيقة، وخرج وزراء ومعهم سياسيون مكررين عبارة «العبرة في التنفيذ» في سياق الاشادة او التنويه بما تضمنته على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
واذا كان الجانب السياسي من الوثيقة والذي تناول القضايا الميثاقية والدستورية لم يشهد اتفاقاً بين المجتمعين، مما دفعهم الى تحييد موضوعي انشاء مجلس الشيوخ والتحضير لالغاء الطائفية السياسية، ما يعني ان التوافق السياسي على تحقيق البنود الاصلاحية في اتفاق الطائف ما زالت دونه عقبات وحواجز سياسية، فإن المسائل الاقتصادية والانمائية بحاجة ايضاً الى توافقات سياسية مسبقة عليها داخل الحكومة، على اعتبار ان الحكومة هي المسؤولة عن تنفيذ مشاريع النهوض الاقتصادي، وبدا من خلال الاختلاف على ملف الكهرباء، مثلا في آخر اجتماع الحكومة ان التوافق ايضا على هكذا مسائل ليس بالامر اليسير ودونه صعوبات، ربما كانت هي ايضا في خلفية «سحور معراب» الذي جمع الرئيس الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ليل امس الاول.
وفي هذا السياق، لفت وزير التربية مروان حمادة نظر «الدولة» الى ان وثيقة بعبدا ليست وثيقة تأسيسية وليست خطاب قسم ولا بياناً وزارياً، بل مجرد اعلان نوايا لتحفيز العمل الحكومي، خصوصا على المحور الاقتصادي والاجتماعي، مشددا على ان هذا الجانب من الوثيقة هو من اختصاص وعمل الحكومة اذا اردنا ان نكون دستوريين ونحترم الصلاحيات، ملاحظاً بأن هناك خلطاً للامور، فالنهوض الاقتصادي والاجتماعي هو من مسؤوليات وواجبات الحكومة، لافتا الى ان ما يحكم عمل الحكومة هو المجلس النيابي من الآن وحتى أيار المقبل.
ودعا حمادة الحكومة في حديثه لـ «اللواء» الى التروي في مقاربة الامور وتنفيذ مشاريع قابلة للتمويل والتنفيذ، طالما ثمة حاجة اليها في السوق الانتخابي، وتساءل: «اذا كنا نعول على القطاع الخاص للمساهمة في ورشة النهوض الاقتصادي فأين القوانين اللازمة لتحفيز القطاع الخاص؟ واذا كنا سنتكل على التمويل العربي، فإن علاقات لبنان مع العرب ليست على احسن ما يرام حالياً، والغرب لا يملك اموالاً للمساعدة، تبقى الصناديق العربية والبنك الدولي، التي تقدم مساعدات مالية بفوائد متدنية، لكننا لا نعلم لماذا يرفض وزراء «التيار الوطني الحر» اللجوء الى الصناديق العربية والاسلامية ويفضلون الاستدانة لمشاريع الكهرباء، فيضطر مصرف لبنان الى سد الدين بسندات خزينة بفوائد مالية تصل الى 7 في المائة؟
الجميل
في المقابل، شكك الرئيس امين الجميل بفعالية لقاء بعبدا، واصفاً اياه بأنه اجتماع «سلطوي»، وقال لوكالة «الانباء المركزية»: «اعرف الى اي مدى عزز اجتماع بعبدا شعور الناس بالتفاؤل، معتبرا بأنه جاء بمثابة «خطوة الى الوراء» فالحواران السابقان لدى الرئيس السابق ميشال سليمان والرئيس نبيه بري، كان اشبه بجمعة وطنية كبيرة تجلت فيهما الوحدة الوطنية، اما الاجتماع الاخير فكان ناقصاً على رغم اعطائه رهجة، واتى منقوصاً بحجة انه يجمع الكتل المشاركة في الحكومة، وكأنه اجتماع سلطوي بدلاً من ان يكون وطنياً، وهو ما يخفف من رهجته، اضافة الى ان البيان الختامي تضمن عموميات وخلا من النقاط التي يمكن البناء عليها والتوقف عندها».
وشدد الجميل على ان عزل حزب الكتائب لا يخيفه، ففي مراحل سابقة خرجت الكتائب اقوى على الصعيدين السياسي والشعبي.
نصر الله
واذا كان السيد نصر الله غيّب الشأن الداخلي اللبناني، عن كلمته في «يوم القدس العالمي» فإن الهجوم العنيف الذي شنه على المملكة العربية السعودية، واتهامها بفتح الابواب امام اسرائيل، وبأنها رأس الارهاب، من شأنه ان تكون له تداعيات سياسية لبنانية، بدأت مؤشراته تظهر من خلال ردود الفعل عليه، والتي صوبت بدورها على ايران، وعلى الحروب التي تشنها على العرب سواء في اليمن او العراق او البحرين.
الا انه لوحظ ان الرئيس الحريري تجاهل خطاب نصرالله، في الكلمة التي القاها غروب امس، في افطار «بيت الوسط» على شرف عناصر حرس سرية رئاسة الحكومة وحرسه الخاص، في حضور المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، وركز حديثه على المهمات الكبيرة التي يقوم بها الحرس الحكومي والخاص، واصفاً ذلك بانه رسالة للبلد، وهي تعطي الامل للناس، وتظهر اننا بقدراتنا اللبنانية نستطيع ان نحمي البلد.
واكد الحريري انه سيخوض الانتخابات بشكل ديموقراطي وسنعمل على تسهيل سيرها والحفاظ علىامن المواطن.
وعزت مصادر مطلعة ان تجاهل الحريري لخطاب نصر الله يأتي في ظل التهدئة السياسية التي تتحكم بالبلد بفعل التوافق على القانون الانتخابي والذي يطبع الحياة السياسية في هذه المرحلة.
وبهذا السبب استقرت ردود الفعل على بيان لعضو كتلة «المستقبل» النيابية زياد القادري، حمل فيه بعنف على إيران، من دون الإشارة إلى خطاب نصرالله، مؤكداً ان إيران التي تقول انها تريد تحرير فلسطين تخرب كل دولة عربية وتطمح إلى احتلال كل عواصم العرب، فيما فلسطين لا تجد من يقصف محتليها ولو بوردة، في حين ردّ الوزير السابق اللواء أشرف ريفي على نصرالله، بالاسم، وقال في تغريدة عبر «تويتر» انه يلحق لبنان بالمشروع الإيراني ويقول بوضوح لا وجود في لبنان لرئيس الحكومة أو لمجلس نيابي، مضيفاً: من قاتل أسياده بالسلاح الإسرائيلي في حرب الخليج لا يملك حق تخوين أصحاب القضية، مكانه ليس على قوس المحكمة بل في قفص الاتهام.
وتابع: عندما يستمر نصر الله بلعب دور الأداة الإيرانية في العالم العربي، فذلك يُشكّل ضررا فادحاً على لبنان، هل الصمت الرسمي مجرّد صمت أم تواطؤ؟ استهداف نصر الله المتكرر للسعودية مرفوض ومُدان، انه استهداف إيراني يستعمل لبنان منصة للاعتداء على الأخوة العرب، سنقاومه.
وكان السيّد نصر الله ركز خطابه على معنى «يوم القدس العالمي» وتطورات الوضع في المنطقة وإسرائيل، فلاحظ ان إسرائيل تتجنب الحرب على لبنان وغزة لأنها تعلم جيداً انها مكلفة بسب قدرة المقاومة التي ستجعل الحرب مع إسرائيل مكلفة جداً، محذراً العدو بأن أي حرب لن تكون كما في حرب تموز، إذ إن مئات الآلاف من المقاتلين والمجاهدين والمقاومين سيكونون شركاء في هذه المعركة.
وفيما أوضج ان حركات المقاومة في لبنان وفلسطين يتم تهديدها بشكل دائم بالحرب والاغتيالات والاتهام بالإرهاب وتشويه السمعة، لفت إلى ان إيران تتعرض لعقوبات اقتصادية وضغوط سياسية ومحاولات لعزلها ونقل الحرب إلى داخلها بواسطة الجماعات التكفيرية.
لكن الأمم المتحدة رفضت اتهامات إسرائيل لحزب الله بأنه يوسع مراكز المراقبة التابعة له على الحدود تحت ستار منظمة بيئية غير حكومية.. (أخضر بلا حدود).
أكدت بعثة حفظ السلام «يونيفيل» أن هذه المنظمة تزرع أشجاراً في المنطقة وهي (أي البعثة) لم تلحظ أي وجود لمسلحين غير شرعيين في هذه الأماكن أو ما يدعو إلى إبلاغ عن انتهاك لقرار مجلس الأمن 1701.