حصار مسلّحي القلمون عبر وادي حميد.. وتصاريح عبور للعرساليين
قهوجي يؤكّد لسلام الحرص على الأهالي.. والمستقبل يُشكّل لجنة لحل الإشكالات
خطفت الإجراءات الميدانية التي اتخذها الجيش اللبناني لضرب حصار محكم على المناطق الفاصلة بين عرسال وجرودها، المتابعة الرسمية والسياسية سواء في العاصمة أو في البقاع، على خلفية أن هذا النوع من الإجراءات متروك لتقديرات القيادة العسكرية، وفي الوقت نفسه، محكوم بمراعاة مصالح المواطنين العرساليين لا سيما أولئك الذين يعبرون ممر وادي حميد حيث يعملون في المقالع والكسارات، وهناك اكثر من مائتي منزل لمواطنين يسكنون هناك.
وبصرف النظر عن الاعتبارات التي لا شبهة حولها، والتي حدت بالجيش لاتخاذ هذا القرار الاستراتيجي، فان الاتصالات التي جرت مع قائد الجيش تركزت حول مصالح المواطنين وأهالي عرسال، وليس مصالح «المسلحين» وفقاً لمصادر رسمية رفيعة، فيما كانت منسقية تيّار «المستقبل» في عرسال تعقد اجتماعاً طارئاً في مكتب التيار في البلدة، اثر «الإشكال المؤسف» الذي حصل صباح أمس، بين بعض المواطنين والجيش عند حاجز وادي حميد، وذلك لمعالجة الصعوبات الناجمة عن حركة الاهالي عبر المعبر المستحدث.
وكشف بيان المنسقية أن الاجتماع ضم اشخاصاً يمثلون المقالع وآخرين السكان، حيث جرى التأكيد على ما يلي:
1 – أن الفتنة بين الجيش وأهالي عرسال مرفوضة رفضاً قاطعاً.
1 – أن قطع الطرقات والاشتباك مع الجيش ليس من شأنه معالجة ما ترتب على القرار العسكري بمنع دخول وخروج أحد، عبر معبر وادي حميد من دون ترخيص.
3 – انطلاقاً من ذلك، التسليم بأن مسؤولية الأمن عند المعابر وضبط الحدود تقتصر فقط على الجيش وهي من مسؤوليته الوطنية امنياً وعملياً.
4 – تسهيلاً لانتقال العمال والسكان من عرسال إلى المقالع وبالعكس، جرى اتفاق مع القيادة العسكرية على فتح معبرين هما: حاجز وادي حميد وحاجز المصيدة وذلك من الساعة السادسة حتى الثامنة صباحاً.
5 – تشكيل لجنة تنسق مع التيار وتجتمع في مكتبه لمعالجة أي اشكال أمني أو غير أمني.
وعلى صعيد المعالجة، أجرى الرئيس تمام سلام اتصالاً بقائد الجيش العماد جان قهوجي، أثناء الاجتماع مع وفد من نواب البقاع في كتلة «المستقبل».
وكشف مصدر مطلع لـ «اللواء» أن الرئيس سلام طلب من العماد قهوجي تفهم الوضع الذي نشأ، وأبلغه ما جرى التداول بينه وبين النواب لجهة توفير كل ما يلزم من دعم لإجراءات الجيش، من دون حدوث أي احتكاكات مع الشارع العرسالي.
ووفقاً للمصدر عينه، فان الاتصال اتسم بالايجابية، وسمع رئيس الحكومة من قائد الجيش كلاماً مطمئناً حول تقدير القيادة العسكرية لمواقف أهالي عرسال الذين قدموا عشرات الشهداء في صفوف الجيش اللبناني والقوى الشرعية الأخرى، والذين احتضنوا دخول الجيش إلى عرسال بوصفه خشبة الخلاص من الوضع الاستثنائي الذي فرض على البلدة.
وجرى التداول أثناء الاتصال باقتراحات عملية لحل الاشكال تقضي بحصول الأهالي أصحاب المصلحة على تصاريح أو بطاقات تعريف من أقرب مركز للمخابرات اللبنانية، وليس من ثكنة ابلح نظراً لبعد المسافة، وحراجة التنقل في هذه المرحلة.
وكشف النائب عاصم عراجي لـ «اللواء» أن هذه التصاريح تخدم لمدة شهر من تاريخ استصدارها، وهي قابلة للتجديد.
وتشير معلومات «اللواء» الى أن الهدف ليس الأهالي المعروفين جيداً من قبل الجيش، بل العناصر الغريبة التي يمكن أن تستغل سهولة حركة المرور للإنتقال من الجرود الى عرسال وبالعكس.
ونسبت وكالة «فرانس برس» الى مصدر عسكري لبناني قوله أن صدور القرار بمنع التنقل بين عرسال والجرود إلا بموجب ترخيص من قيادة الجيش، دخل حيز التنفيذ، والهدف منه وفقاً للمصدر «ضبط حركة الارهابيين الذين يستغلون الطريق للتنقل بين البلدة وجرودها والحصول بذلك على مؤن لهم وأغراض أخرى».
وفي السياق عينه، ورداً على سؤال لوكالة «فرانس برس» قال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن: «إن مسلحي المعارضة في المنطقة الجبلية في القلمون سيصبحون محاصرين تماماً في حال تنفيذ القرار، فمن جهة يقطع عليهم الجيش اللبناني الطريق، ومن الجهة الأخرى هناك الجيش السوري»، مع الإشارة الى أن عرسال لديها حدود طويلة مع سوريا ولا ترسيم للحدود ولا معابر رسمية.
اعتراض عرسالي
بدوره نفى مصدر عرسالي أن يكون لتحرك الأهالي أية خلفية على صلة بمسلحي القلمون أو سواهم، فالهدف هو فقط التنقل بحرية بين أماكن العمل وأماكن السكن في عرسال، وهو ما أكده أيضاً النائب جمال الجراح الذي كان في عداد الوفد النيابي الذي زار الرئيس سلام، الذي أشار الى أن اعتراض الأهالي هو على الأسلوب الذي اتبعه الجيش مع الأهالي، ونحن ندعوه الى تسهيل أمور المواطنين، لافتاً النظر الى أن أكثر من 4 آلاف إنسان يتوجهون يومياً الى منطقة المقالع والكسارات، وهم لا يستطيعون الحصول على تصاريح من ثكنة أبلح نظراً للظروف الأمنية السائدة.
وأوضح الجراح، أن الاحتكاك الذي حصل أمس بسبب اعتراضات الأهالي، أدى الى سقوط جريح يدعى محمد سعد الدين الحجيري بطلق ناري مباشر في بطنه وساقه وهو بحالة الخطر.
تجدر الإشارة الى أن الأهالي عمدوا الى قطع الطرق عند مدخل عرسال في عين الشعب وقرب حاجز وادي حميد، حيث اضطر عناصر الجيش الى إطلاق النار في الهواء وتوقيف عدد من الاشخاص كانوا تجمعوا قرب مركزهم العسكري وأحرقوا الإطارات، ولم يتجاوبوا مع نداءات الجيش لفض الاعتصام، إلا أن المدينة استعادت هدوءها مع تقدم ساعات النهار.
توقيف مطلوبين
وفي حادث أمني آخر، أعلنت قيادة الجيش عن توقيف ثلاثة سوريين إثر محاولتهم التسلل باتجاه بلدة بيت جن السورية عبر جرود منطقة شبعا، وقد أصيب أحدهم بجروح غير خطرة نتيجة عدم امتثالهم لإنذار عناصر الجيش.
ومساء دهمت قوة من الجيش أحد الأماكن المشبوهة في منطقة باب التبانة في طرابلس، في إطار ملاحقة المتورطين بالاعتداء على الجيش، واوقفت يوسف محمد الغمراوي الملقب بـ«مازن الغمراوي»، والذي سبق ان اقدم مع آخرين على اطلاق النار باتجاه حافلة تقل عسكريين في محلة الملولة خلال شهر آب الماضي، ما أدى إلى إصابة عدد منهم بجروح، كما انه شارك في الاعتداءات التي تعرض لها الجيش في احداث طرابلس الأخيرة.
وأوضح بيان الجيش انه ضبط في المكان كمية من البنادق الحربية والقذائف الصاروخية والقنابل اليدوية والذخائر وعدد من العبوات المتفجرة مع أجهزة تحكم عن بعد، بالإضافة إلى كمية من الأعتدة العسكرية المختلفة.
بين بعبدا والسراي
وعشية انتهاء السنة الحالية، أعلن الرئيس سلام في كلمة ألقاها امام موظفي السراي الكبير ان الشغور الذي يطال الرئاسة الأولى يُشكّل خللاً كبيراً للنظام الديمقراطي اللبناني واضعافاً للبلد وينذر بخطر كبير، آملاً ان يكون الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» مدخلاً لتذليل عقبات الاستحقاق الرئاسي، وهو ما أيده ممثّل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي المنتهية ولايته، الذي قال بعد زيارة الرئيس سلام انه يأمل من حوار المستقبل والحزب برعاية رئيس المجلس ملء الشغور في مركز رئاسة الجمهورية.
اما في بعبدا، فقد احتفل موظفو القصر بنهاية العام، على غرار ما كان يحصل لو كان الرئيس موجوداً احياءً لتقليد معمول به لسنوات، على أمل ان يحفل العام المقبل، بما يمكن ان يتيح للقصر ان يملأه رئيس جديد منتخب بإرادة وطنية، على ان تتفق القيادات المارونية أولاً على رئيس يباركه اللبنانيون، وفقاً لاشارة رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، بعد لقاء الرئيس برّي.
وعلى خط الرابية – معراب، بات مؤكداً ان لا معطى جديداً يتعلق بالحوار المرتقب بين رئيس تكتل الإصلاح والتغيير النائب ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع قبيل العام الجديد، وبالتالي فإن كلّه مؤجل إلى ما بعد رأس السنة، وهذا ما أكده رئيس قسم الاعلام في «القوات» ملحم رياشي الذي أعلن لـ«اللواء» إمكانية حصول أكثر من لقاء بين الرجلين، على شاكلة الجلسات شبه الأسبوعية التي تقرر عقدها بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله».
ونفى رياشي ان يكون البحث التحضيري للقاء قد تناول مسألة سحب العماد عون ترشيحه لكنه قال ان هذا الموضوع سيشكل انطلاقة البحث بينهما.