الجيش يضيِّق الخناق على المسلّحين.. وإجتماع طارئ لمجلس الدفاع في بعبدا اليوم
ملفّات ساخنة تنتظر مجلس الوزراء: بواخر الكهرباء وإستقالة صادر والإنتخابات الفرعية
لا صوت يعلو على صوت معركة تحرير جرود رأس بعلبك والقاع، رغم كل الضجيج السياسي والانشغالات، سواء بما يتعلق بمصير سلسلة الرتب والرواتب، نشراً أو رداً، بحسب صلاحيات رئيس الجمهورية الذي يملك مهلة شهر لم يبق منها سوى نصفه، إضافة إلى التعيينات وبواخر الكهرباء، والانتخابات الفرعية وصولاً إلى تداعيات إقالة القاضي شكري صادر من مجلس شورى الدولة مما دفعه إلى الاستقالة، فضلاً عن تداعيات ذكرى مصالحة الجبل التي خلفت شكوكاً حول قدرة «تفاهم معراب» على الصمود في وجه تراكم التباينات بين حزبي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، ذلك ان كل الأنظار ما تزال مشدودة إلى ساعة الصفر لبدء المعركة، والتي هي بيد قيادة الجيش وحدها، بحسب تقديراتها لظروف الأرض والمواجهة، وهو ما دفع الرئيس ميشال عون إلى دعوة المجلس الأعلى للدفاع الى اجتماع يعقد قبل ظهر اليوم في بعبدا، لمواكبة التحضيرات والاستعدادات لهذه المعركة، والاطلاع من قائد الجيش العماد جوزاف عون على تقديراته لظروف واحتمالات المعركة التي تدل كل المؤشرات على ان وقتها لم يعد بعيداً، خصوصاً وأنها ستجري وسط احتضان شعبي واجماع وطني غير مسبوقين، وفرا غطاءً سياسياً للجيش لم يتحقق منذ سنوات للقضاء على التنظيمات الإرهابية في جرود السلسلة الشرقية من الحدود اللبنانية – السورية.
واللافت ان اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، والذي سيشارك فيه بطبيعة الحال الرئيس سعد الحريري الذي عاد ليلاً من اجازته في الخارج، والوزراء المعنيون وقادة الأجهزة الأمنية، يأتي بعد ارتفاع وتيرة المواجهة في الجرود بفعل خطة قضم التلال التي سيطر عليها الجيش مؤخراً لشد الخناق على مسلحي تنظيم «داعش» في جرود القاع ورأس بعلبك.
وأعلنت قيادة الجيش في بيان مساء أمس، ان وحداتها استهدفت براجمات الصواريخ والمدفعية مراكز تنظيم «داعش» الارهابي في جرود رأس بعلبك والقاع، وذلك بعد تعرض أطراف بلدة القاع لسقوط 8 قذائف مصدرها المجموعات الإرهابية في جرود البلدة.
وفيما علم ان اجتماع المجلس الأعلى سيعرض تقارير أمنية في ضوء ما جرى في جرود عرسال وتحرك الجيش في رأس بعلبك والقاع، أكّد الرئيس عون ان الوحدة الوطنية التي تعززت في الفترة الأخيرة حمت لبنان ومكنته من مواجهة الإرهاب بإرادة وطنية جامعة، وطمأن خلال استقباله وفداً من الانتشار اللبناني إلى ان الأوضاع تتجه نحو الاطمئنان والخير.
الا ان الرئيس عون اعتبر في المقابل، ان لبنان يتحمل المآسي التي سببتها الحروب المشتعلة حوله وأبرزها النزوح السوري الكثيف إلى أراضيه، والذي شكل حوالى 50 في المائة زيادة على عدد سكانه، شاكياً من ان الأمم المتحدة لا تقدّم مساعداتها للدولة اللبنانية لتمكنها من حمل عبء هذا النزوح، بل تقدمها بشكل مباشر إلى النازحين، ما يعتبر من أهم الصعوبات التي يواجهها لبنان حالياً، خصوصاً وأنه يعيش أزمة اقتصادية نسعى دائماً وبجهود مكثفة لوضع حلول لها عبر تغطية العجز الذي تعاني منه المالية العامة كي لا يبقى رازحاً تحت نتائج هذه الأزمة الصعبة.
وفي خطوة رمزية أراد منها تأكيد دعمه للجيش في حربه ضد الإرهاب، عقد المجلس السياسي في «التيار الوطني الحر» اجتماعاً استثنائياً في رأس بعلبك، أعلن بعده رئيس التيار الوزير جبران باسيل، ان «الجيش اللبناني سيقوم بتحرير الأرض من الارهابيين، وانه هو من يخوض معركة تحرير الجرود»، مؤكداً «انه قرار لبناني مائة في المائة وبتشجيع من رئيس الجمهورية والحكومة وتلاقى أيضاً مع احتضان الشعب وغطاء من القوى السياسية».
وقال: «ان المعركة لن تهدأ حتى تحرير كل الأراضي اللبنانية وسيخوضها الجيش اللبناني وحده وله كامل القرار».
وزار باسيل بعد الاجتماع قيادة اللواء التاسع في اللبوة، ثم انتقل إلى بلدة القاع حيث أكّد من هناك اننا «لا نحتاج إلى اذن أحد لتحرير ارضنا ومواجهة الإرهاب التكفيري».
ولوحظ انه كانت لباسيل التفاتة تجاه «حزب الله» حينما أشار إلى ان الحزب أخذ أكثر من مبادرة وحرر أراضي ودافع عنا جميعاً وعن أهل المنطقة.
وسيكون للأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله إطلالة جديدة، حيث سيتحدث في الاحتفال بذكرى الانتصار في حرب تموز 2006، في مهرجان «زمن النصر» الذي سيقام في الخامسة من عصر الأحد المقبل في محلة الدردارة سهل الخيام، ويتوقع ان يتطرق نصر الله إلى الوضعين الداخلي والأمني في ضوء المواجهة الحاصلة مع الإرهاب، والإقليمي من زاوية تطورات الميدان السوري وأزمات المنطقة.
مجلس الوزراء
ووفقاً لما توقعته «اللواء» وزّع أمس على الوزراء جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي تقرر ان تعقد قبل ظهر الأربعاء في السراي الحكومي، برئاسة الرئيس الحريري، وهو يتضمن 34 بنداً عادياً، خلا من أي ملفات ساخنة، إذ ان معظمها يتعلق بشؤون إدارية ومالية، الا ان مصادر وزارية لا تستبعد ان يجري نقاش حول التطورات الميدانية في الجرود، وملف بواخر الكهرباء في ضوء تقرير إدارة المناقصات والانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس، حيث يتوجّب بت مصيرها قبل 17 آب الموعد الأخير الذي حدده وزير الداخلية نهاد المشنوق لصدور مرسوم دعوة الهيئات الناخبة.
الا ان مصدراً وزارياً أكّد لـ«اللواء» ان ملفات التعيينات والانتخابات الفرعية ستغيب عن الجلسة، وسيقتصر البحث على جدول الأعمال، وأبرز بنوده المؤجلة من جلسة سابقة، مشروع مرسوم يرمي إلى تسمية محافظ ونائب محافظ لدى البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية، واقتراح قانون يتعلق بالجرائم المرتكبة في المناطق البحرية، ومشروع قانون يرمي إلى حماية المواقع والابنية الأثرية، ومشروع مرسوم يرمي إلى إنشاء شركة مقفلة في بورصة بيروت، وعرض وزارة الداخلية تلف الأراضي المزروعة بنبتة الحشيشة ضمن محافظتي البقاع والشمال.
واستبعد المصدر ان تطرح على النقاش مسألة زيارات عدد من الوزراء إلى دمشق، موضحاً ان زيارة وزير الصناعة حسين الحاج حسن، ومعه وزير الزراعة غازي زعيتر واخرون متعلقة بحضور معرض لإعادة اعمار سوريا في 16 الجاري، تنظمه شركة خاصة بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والتجارة السورية، مشيراً إلى ان الدعوة لم تقتصر على الوزير الحاج حسن، بل هناك دعوة مماثلة وجهت إلى جمعية الصناعيين ورجال أعمال لبنانيين.
ولفت المصدر إلى انه طالما ان الزيارات لا تحتاج إلى تواقيع رسمية ولا اتفاقيات فلا ضرر منها.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس الحريري سيرأس في الخامسة والنصف من عصر اليوم اجتماعاً للجنة الوزارية لتطبيق قانون الانتخاب، بموجب التكليف الذي صدر عن مجلس الوزراء، كما يرأس في الرابعة والنصف من عصر الأربعاء، اجتماعاً للجنة الاقتصادية الوزارية التي شكلت عند تأليف الحكومة وتضم وزراء: المال والاقتصاد والصحة والتربية والاتصالات والطاقة، بهدف اجراء مراجعة للوضع الاقتصادي والنهوض به من خلال وضع خطة اقتصادية دعا إلى وضعها الرئيس عون في آخر جلسة لمجلس الوزراء.
استقالة صادر
وسط هذه الأجواء، ووفقاً لما كان متوقعاً، قدم القاضي شكري صادر إلى وزير العدل سليم جريصاتي طلب إنهاء خدماته كرئيس لمجلس شورى الدولة، قبل صدور المرسوم الذي يكرّس قرار مجلس الوزراء الذي اتخذ الخميس الماضي والمتعلق بنقله إلى رئيس غرفة في محكمة التمييز واستبداله بالقاضي هنري خوري الذي عين رئيساً لمجلس الشورى.
وعزا صادر طلبه لأسباب شخصية ولرغبة في إنهاء خدماته وتصفية حقوقه بصفته رئيساً لمجلس الشورى وفقاً للقوانين المرعية.
وعلق وزير الاشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس الذي كان اعترض على تعيين رئيس جديد لمجلس الشورى على استقالة صادر، فقال عبر «تويتر»: «يبدو ان هناك كثيراً من الطقوس وقليلاً من الإيمان، بينما المطلوب كثير من الإيمان وقليل من الطقوس. هل تصدقون ان الرئيس شكري صادر قد رفع إلى وزير العدل طلب إنهاء خدماته؟».
يُشار إلى ان هذا التطور جاء فيما كانت لجنة الإدارة والعدل تقرر الطلب من وزير العدل الاستماع إليه في موضوع إقالة صادر باعتبارها محاولة من السلطة السياسية وضع يدها على استقلالية القضاء، بحسب تعبير رئيس اللجنة النائب روبير غانم الذي أكّد على ان استقلالية القضاء ضرورية وأساسية لاستقامة العمل وتأمين حقوق المواطنين أيا كانوا.
وشدّد غانم على ان المادة 20 من الدستور تنص على ان السلطة القضائية تتولاها المحاكم والقاضي مستقل في اتخاذ قراره عندما يشعر ان هناك سلطة سياسية لا تجاريه، وعليه فإن نقل القضاة هو من صلاحية مجلس القضاء الأعلى.
واللافت أيضاً ان استقالة القاضي صادر تزامنت مع توقيع 352 قاضياً عريضة موجهة إلى رئيس وأعضاء مجلس ديوان المحاسبة تطالب باستقلالية القضاء وإلغاء سلسلة الرتب والرواتب تحت طائلة الاعتكاف الشامل، وذلك استناداً إلى المادة 44 من قانون القضاء العدلي والمادة 20 من الدستور اللبناني، والفقرة «هـ» من مقدمة الدستور التي تنص على استقلالية القضاء.