الأعلى للدفاع يستعيد القرار السيادي ولا تنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري
حزب الله مع الجيش سياسياً وميدانياً.. ومجلس الوزراء يبت اليوم مصير الانتخابات الفرعية
هل يمكن القول ان خيار التفاوض مع تنظيم «داعش» تقدّم على خيار المعركة، للقضاء على هذا التنظيم في أماكن تواجد مسلحيه في جرود القاع ورأس بعلبك، أم ان السيناريو الذي اتبعه «حزب الله» مع جبهة «النصرة» في جرود عرسال وفليطة السورية، مرشّح لأن يتكرر مع «داعش»، بمعنى ان المعركة لا بدّ منها لدفعه الى القبول بالاستسلام، وبالتالي فتح مفاوضات معه، لتأمين ممرات آمنة للانسحاب من جرود القاع ورأس بعلبك؟
هذا السؤال يجد مشروعيته في ضوء الاجتماع الذي عقده المجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا، برئاسة الرئيس ميشال عون ومشاركة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والوزراء المعنيين وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، وفي ضوء الخلوة التي جمعت الرئيس عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بعد الاجتماع، وكذلك في زيارة قائد الجيش العماد جوزاف عون للرئيس الحريري في السراي الحكومي.
ورغم التكتم الذي احيطت به كل هذه اللقاءات والاجتماعات، بداعي الالتزام بسرية مقررات مجلس الدفاع، تنفيذاً للقانون، ولضمان نجاح العملية العسكرية في الجرود، فإن المعلومات التي رشحت أفادت ان العماد عون عرض للواقع الميداني والاستعدادات التي اتخذها الجيش لمعركة تحرير الجرود في القاع ورأس بعلبك، فيما عرض اللواء إبراهيم للاتصالات التي أجراها في الخارج لفتح قناة تفاوض جدية مع «داعش»، مؤكداً ان إمكانية التفاوض ليست معدومة، لكنه لفت إلى ان العقدة تكمن في صعوبة الوجهة التي يمكن ان يغادر إليها مسلحو التنظيم، إضافة إلى الشرط الذي يتمسك به المفاوض اللبناني، وهو معرفة مصير العسكريين التسعة المحتجزين لدى «داعش» منذ الثاني من آب 2014، وهو الشرط الذي كرره العماد عون امام مجلس الدفاع، موضحاً انه ارجأ زيارته المقررة لواشنطن في 12 آب الحالي، وأن الجانب الأميركي تفهم أسباب هذا التأجيل.
وبحسب المعلومات التي تملكها «اللواء» فإن المفاوضات على انسحاب «داعش» سلماً من الجرود، ومن ضمنها الكشف عن مصير الأسرى العسكريين قائمة «على السخن»، بمعنى أن عمليات قضم التلال المشرفة على مواقع «داعش» والتي لجأ إليها الجيش في الأيام الأخيرة، بالاضافة إلى القصف المدفعي والصاروخي الذي عنف في اليومين الماضيين، كان من ضمن استراتيجية المواجهة العسكرية، وأن الهدوء الذي شهدته جبهة الجرود أمس، ربما كان بمثابة الفرصة الأخيرة امام التنظيم للتسليم، اما باستمرار المواجهة في الميدان، أو الرضوخ لشروط الانسحاب بالتفاوض خصوصاً وأن الجيش جهز كل مقتضيات المعركة، بالعناصر والسلاح والذخيرة، ولم يعد امامه سوى تحديد ساعة الصفر، التي بالتأكيد لم تعد بعيدة.
وأكدت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان اجتماع مجلس الدفاع والذي أتى مواكباً لمتابعة السلطة السياسية لإجراءات الجيش استعرض بالتفصيل الوضع الأمني والوقائع الميدانية المتصلة بتحرك الجيش المقبل من خلال خرائط عرضت حول معركته ضد الإرهابيين في رأس بعلبك وجرود القاع.
وقالت المصادر إن تأكيدا برز على أن الجيش موجود على الأرض وهو ممنوح الغطاء السياسي ويملك كامل الصلاحيات للتصرف وفق ما يراه مناسبا لإنجاز مهمته في أقصر وقت ممكن وخسائر أقل.
وقالت إنه قادر على حسم المعركة التي تكتمت المصادر عن إعلان شيء عنها لضمان نجاحها بعدما تم تناول أهمية أبعاد أي معلومات عن الجيش وتحركاته الميدانية بما قد لا يخدم الهدف ويؤثر سلبا على المهمة.
وعلم أن الجيش سيأخذ وقته في كل ما هو مرتبط بعملياته والعمل على إحراز التقدم المطلوب والحد من الأضرار. وقالت المصادر إن الحديث تناول الإجماع على دور الجيش والابتعاد عن الشائعات والحذر منها، ولفتت إلى أن قائد الجيش قدم شرحا كاملا عن المعطيات العسكرية والاستعدادات اللوجستية للجيش الذي يعمد وفق استراتيجية معينة الى قطع الإمدادات عن الإرهابيين والتنسيق مع الأجهزة الأمنية في هذا السياق.
ولم تشا المصادر الإفصاح عن إمكانية التنسيق مع الجيش السوري بشأن المعركة ضد الإرهابيين، وقالت إن التقدير العسكري يعود لقيادة الجيش وهو أمر محسوم، إلا انها أوضحت انه ليس هناك من غرفة تنسيق مشتركة بين الجيشين اللبناني والسوري حول معركة الجرود، لكن بحكم تداخل الأراضي بين لبنان وسوريا، فإن التعاون العسكري قائم.
وعلم أيضاً ان المداولات تناولت مسألة المواكبة الإعلامية للمعركة، وضرورة الطلب إلى وسائل الإعلام التعامل بواقعية مع الأحداث، وسيكون هناك ناطق اعلامي للجيش للحديث عن وقائع سير المعركة.
اما المعلومات الرسمية التي وزّعت عن الاجتماع فقد جاء فيها أن الرئيسين عون والحريري أكدا «بأن الحكومة ملتزمة تحرير الأراضي اللبنانية من الارهاب كما تلتزم التحالف الدولي ضد الارهاب، ولن تتهاون ولن تضّيع اي فرصة لمكافحته والتصدي له وردعه»، ثم تم عرض الأوضاع العسكرية والأمنية لاسيما في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع وتم اتّخاذ التوصيات والقرارات اللازمة في شأن نجاح العملية العسكرية للقضاء على الارهابيين. وابقى المجلس على مقرراته سرية تنفيذاً للقانون».
حزب الله
وعلى ضفة «حزب الله» الذي وبحسب المعلومات «انهى إستعداداته الميدانية واللوجستية للمعركة، ونقل قوات من النخبة، خصوصاً من فرقة التدخل إلى جرود قارة والجراجير السورية، حيث سيخوض إلى جانب الجيش السوري المعركة مع «داعش»، ذكّر وزير الشباب والرياضة محمد فنيش عبر وكالة الانباء «المركزية» «بأن الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله كان واضحاً في خطابه الاخير لجهة تأكيده جهوزية المقاومة والجيش السوري من الحدود السورية لمساندة الجيش اللبناني في معركته ضد «داعش»، موضحاً «ان الجيش السوري اتّخذ قراراً بالتخلّص من «الجيوب» التي يتمركّز فيها الارهابيون ضمن الاراضي السورية في جرود السلسة الشرقية، وهذا الامر يحتاج الى «التنسيق الميداني» لتحقيق الاهداف المشتركة سورياً ولبنانياً»، وقال «كل الدعم (السياسي والشعبي) للجيش في تحرير جرود الرأس والقاع من الارهابيين، وتوقيت بدء المعركة بيده حصراً، ولا عوائق امامه للقيام بدوره. المقاومة مع الجيش سياسياً وميدانياً وبحسب ما تريد قيادة الجيش»، واعتبر «ان الجيش ادرى بفتح قنوات التنسيق مع الجيش السوري، لكن لا يجوز ان نضع امام مهامه العسكرية عوائق سياسية».
وبطبيعة الحال، لن تغيب معركة جرود رأس بعلبك عن إطلالة السيّد نصر الله الأحد المقبل في ذكرى انتصار المقاومة في حرب تموز 2006.
مواقف داعمة
ومن جهتها، أكدت كتلة «المستقبل» النيابية بعد اجتماعها الدوري أمس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة على موقفها «الثابت والداعم للجيش اللبناني في القيام بمهامه الوطنية في حماية لبنان والدفاع عنه في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والتصدي للارهاب بكل أشكاله». ورأت «في المرحلة الحاضرة التي يتصدى فيها الجيش لتنظيم داعش الإرهابي استنادا إلى قرار السلطة السياسية المتمثلة بمجلس الوزراء، وجوب تخويل الجيش تحديد القرار المناسب في الشكل والتوقيت والأدوات المناسبة من أجل الدفاع عن لبنان بعيدا عن لغة الإملاء أو التوريط».
اما تكتل «الاصلاح والتغيير» فلم يبخل بدوره عن دعم الجيش في كل ما يقوم به والوقوف إلى جانبه، ودعا التكتل بعد اجتماعه الأسبوعي برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل، إلى الالتفاف حول الجيش ووقف السجالات السياسية والمزايدات السياسية والكلام الجانبي والتركيز على الأساس وهو الوقوف جميعاً كشعب واحد في هذا الاستحقاق الذي يواجهه الجيش باسمنا كلنا».
السلسلة والانتخابات
سياسياً، استبعدت مصادر سياسية لـ«اللــواء» أن يلجأ مجلس الوزراء الى حسم مسأل الانتخابات الفرعية في طرابلس وكسروان، في جلسته المقررة اليوم في السراي برئاسة الرئيس الحريري، باعتبار انها ليست مطروحة في جدول الأعمال، علماً أن وزير الداخلية نهاد المشنوق كان قد حدد لنفسه مهلة حتى 17 آب الحالي لدعوة الهيئات الناخبة، في حال أتخذ قرار سياسي في هذا الشأن.
وكان الرئيس الحريري قد ترأس عصر أمس اجتماعا للجنة الوزارية الذي كلفها مجلس الوزراء المباشرة بتطبيق قانون الانتخاب الجديد الذي يقوم على النظام النسبي.
وأوضحت المصادر إن الوزراء اعضاء اللجنة دخلوا في التفاصيل التقنية لتطبيق هذا القانون، من دون التطرق الى مسألة البطاقة الممغنطة، باعتبار ان مهمة اللجنة تحتاج الى أكثر من اجتماع.
وسيرأس الرئيس الحريري عصر اليوم، اجتماعاً للجنة وضع خطة لنهوض الاقتصادي، تمهيداً لاحالتها لاحقاً الى مجلس الوزراء.
في غضون ذلك، لوحظ أن تكتل «الاصلاح والتغيير» دعا في بيانه أمس، الى مبادرة حول مسألة سلسلة الرتب الرواتب من أمل خلق تفاهم سياسي حول التعديلات التي ستجري على قوانين السلسلة وعلى قانون الايرادات، معتبراً ان المطلوب هو المحافظة على أمرين لا رجوع عنهما وهما: حقوق الناس في السلسلة والتي نعيد النظر فيها، والتوازن بين السلسلة والايرادات والذي لا نريد أيضاً اعادة النظر فيه، لهذا المطروح هو تعديلات على بعض المواد وليس نسف المشاريع برمتها.
وأوحی موقف التكتل ان الرئيس عون ليس في وارد رد قانون السلسلة وايراداتها، في وقت نقل عن الرئيس نبيه بري قوله أمام زواره انه لا يصدق ان رئيس الجمهورية سيرد قانون السلسلة، لأنها حق، ولكن من حقه الدستوري أن يوقع أو أن يردها، والمجلس ساعئذٍ يدرس الموضوع كالعادة».
وفي السياق، أوضج مصدر نيابي، ان مسألة السلسلة لا تحتاج الى كثير اجتهادات، والحل يكون إما بتوقيع القانون وبالتالي نشره ليصبح نافذاً، أو رده، مشيراً الى انه في هذه الحالة، يستطيع الرئيس عون أن يورد الأسباب التي دفعته الى رد القانون ويقترح تعديلات لإدخالها في صلب القانون لتحقيق التوازن المطلوب، لا فتاً الى ان المجلس يمكنه أن يأخذ باقتراحات رئيس الجمهورية أو ان يرفضها بأكثرية النصف زائداً واحد أي بأكثرية 65 نائباً.