Site icon IMLebanon

كمَّاشة الجيش تُطبِق على «داعش» من محوري القاع ورأس بعلبك

كمَّاشة الجيش تُطبِق على «داعش» من محوري القاع ورأس بعلبك

إجماع على النجاح الباهر للجيش.. و3 شهداء بلغم أرضي.. وغموض يلفّ مصير المخطوفين

لا صوت يعلو على صوت معركة «فجر الجرود» التي أطلقها الجيش اللبناني فجر السبت، لتحرير جرود رأس بعلبك والقاع من مسلحي تنظيم «داعش» الارهابي، ولا حديث الآن في أي شيء، الا في ضرورة تحقيق الانتصار، وفي توفير كل مقومات المعركة، سياسيا واقتصاديا وشعبيا للوصول إلى هذا الهدف، بعد ان بدأ الجيش بدفع ثمنه الغالي من دماء شهدائه وجرحاه، يعضده إجماع لبناني رسمي وشعبي وسياسي قل نظيره.

سيادة الدولة غالية، وكذلك تحرير الأرض من مغتصبيها الارهابيين، وبينهما هدف آخر لا يقل أهمية وهو كشف مصير العسكريين التسعة الذين اختطفهم تنظيم «داعش» في معركة 14 آب 2014، ودون كل هذه الأهداف تهون كل التضحيات، وهو ما حدده قائد الجيش العماد جوزيف عون عند انطلاق العملية، عندما أعلن انها «باسم لبنان والعسكريين المختطفين ودماء الشهداء الابرار وباسم ابطال الجيش اللبناني العظيم».

ولانه القائد الذي لا يكتفي بالتخطيط ورسم الاستراتيجية والاشراف على العمليات من مكتبه، حرص العماد عون على ان ينتقل إلى ميدان المعارك في يومها الثاني حيث تفقد الوحدات العسكرية التي تواصل تنفيذ عملية «فجر الجرود» في مناطق رأس بعلبك والقاع، وزار غرفة عمليات الجبهة واطلع من قائدها وقادة الوحدات على سير العمليات العسكرية، ثم جال في المراكز التي تمّ تحريرها والتقى الضباط والعسكريين واطلع على أوضاعهم وحاجاتهم وزودهم بالتوجيهات اللازمة متمنياً الشفاء لرفاقهم الجرحى.

ميدانياً، يبدو واضحا ان الجيش ينفذ خطة عسكرية محكمة للاطباق على مسلحي «داعش» عبر فكي كماشة، بعدما نجح في ربط جرود عرسال وبجرود رأس بعلبك والقاع، فيما «حزب الله» ومعه الجيش السوري يندفع من الغرب في القلمون الغربي، باتجاه الحدود الشرقية، في عملية مماثلة أطلق عليها اسم: «ان عدتم عدنا»، لحصر «داعش» في منطقة وسطى، لكن من دون تنسيق بين الحزب والجيش، بحسب ما أكّد مدير التوجيه في قيادة الجيش العميد علي قانصو، وأن كان سير المعارك في مرحلة معينة تقتضي نوعاً من التنسيق الميداني والاتصالات، سيما بعد وصول الجيش السوري إلى مناطق التماس الحدودية مع الجيش اللبناني.

وبحسب بيان مديرية التوجيه في القيادة، فإن وحدات الجيش واصلت أمس، ولليوم الثاني على التوالي من عملية «فجر الجرود» هجومها ضد ما تبقى من مراكز تنظيم «داعش» على محوري سهلات خربة داود وضهور وادي التينة، وتمكنت من السيطرة على ستة مرتفعات وتلال ما جعلها تسيطر بالنار على أقسام واسعة من المناطق المحاذية للحدود اللبنانية – السورية.

وأعلنت ان المساحة التي حررها الجيش بلغت حوالى 30 كيلومتراً مربعاً، وبذلك تصبح المساحة المحررة منذ بدء معركة «فجر الجرود» وعمليات تضييق الطوق العسكري نحو 80 كيلومتراً مربعاً من أصل 120 كيلومتراً مربعاً.

وقد أستشهد خلال العمليات العسكرية ثلاثة عسكريين من الجيش وأصيب عسكري رابع بجروح بليغة نتيجة إنفجار لغم أرضي بآلية عسكرية في جرود عرسال، كما أصيب عسكريان اثنان بجروح غير خطرة أثناء الاشتباكات، فيما أسفرت هذه العمليات عن مقتل نحو 15 إرهابياً وتدمير 12 مركزاً تابعاً لهم تحتوي على مغاور وأنفاق وخنادق اتصال وتحصينات وأسلحة مختلفة.

كما تمكّنت قوّة من الجيش من تفجير سيارة ودرّاجة نارية مفخختين تقلّان انتحاريين على طريق وادي حورتة ومراح الدوار في جرود رأس بعلبك، في أثناء محاولتهم استهداف عناصر الجيش، من دون وقوع أيّ إصابات في صفوف العسكريين.

اما الهجوم الشامل الذي بدأه الجيش فجر السبت، فقد تمّ على محاور تلة الحمرا – حقاب خزعل – حرف الجرش، وتمكنت من السيطرة على مجموعة تلال ومرتفعات ما جعله يسيطر بالنار على مسالك التحرك وخطوط الإمداد اللوجستية لـلتنظيم في كامل بقعة القتال، وبلغت المساحة التي حررها الجيش بتاريخ السبت حوالى 30 كلم2 أي ما يعادل 25% من مساحة إنتشار التنظيم المذكور.

وقد أسفرت عمليات الجيش في يومها الاول عن دحر المجموعات الإرهابية ومقتل نحو 20 إرهابياً وتدمير 11 مركزاً تابعاً لهم تحتوي على مغاور وأنفاق وخنادق اتصال وتحصينات وأسلحة مختلفة، فيما أصيب عشرة عسكريين بجروح مختلفة، إصابة أحدهم حرجة.

واعلنت القيادة أن وحدات الجيش تواصل تقدّمها السريع تحت دعم ناري مكثف من المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والطائرات، فيما سجلت حالات انهيار وفرار كبيرة في صفوف الإرهابيين.

احتضان شعبي ورسمي

سياسياً، كان اللافت للانتباه، هو هذا الاحتضان الرسمي والسياسي والشعبي الجامع لعملية الجيش، وبرز هذا التضامن من خلال إجماع لبناني كبير في المواقف التي عبر عنها سياسيون ورسميون وشعبيون، في مقدمهم الرئيس سعد الحريري الذي عبر في تغريدة له عبر «تويتر» بسبب وجوده خارج لبنان عن «مواكبته العملية بكل اشكال الدعم والتأييد لطرد فلول الإرهاب من الأراضي اللبنانية، متوجهاً «بالتحية إلى قيادة الجيش وإلى الضباط والجنود البواسل الذين يخوضون معركة الدفاع عن سلامة لبنان وابنائه».

اما الرئيس ميشال عون، فقد انتقل عند الخامسة والنصف من صباح السبت، وفور تبلغه بانطلاق عملية «فجر الجرود» إلى غرفة العمليات المركزية في قيادة الجيش في اليرزة، واطلع من قائد الجيش وكبار الضباط على سير العملية كما واكب بالصورة المباشرة والنقل الحي، مراحل التقدم الذي تحققه الوحدات العسكرية ميدانياً في مواجهتها مع الارهابيين.

وخلال وجوده في غرفة العمليات، اجرى عون اتصالا مباشرا مع قائد القوى العسكرية لعملية «فجر الجرود» متمنيا التوفيق للعسكريين في مهمتهم الوطنية ومؤكدا وقوف جميع اللبنانيين الى جانبهم. وقال خلال الاتصال: «انا معكم، اتابعكم من غرفة العمليات، عقلنا وقلبنا معكم. احييكم ولبنان باسره يتطلع اليكم، وينتظر منكم تحقيق الانتصار. احيي كل عسكري يقاتل معكم وانا على ثقة ان امال اللبنانيين لن تخيب. كل شيء يجري حتى الان في شكل جيد، وان شاء الله تستمر معركتنا من دون خسائر مهما كانت الظروف. يعطيكم العافية وسنبقى معكم طوال الوقت».

وتفقد الرئيس عون امس، في اليوم الثاني للعملية، الجرحى العسكريين الذين اصيبوا في العملية، واطلع على اوضاعهم واطمأن الى صحتهم واستمع منهم الى ظروف اصابتهم، معرباً عن تمنياته للجرحى بالشفاء العاجل، محييا تضحياتهم ومقدرا استشهاد رفاق لهم في سبيل تحرير الاراضي اللبنانية الحدودية من الارهابيين.

وعبر كثير من السياسيين عن قناعاتهم بأن الجيش اللبناني سيخرج منتصراً من هذه المعركة لقادته. وانه سيرفع علم السيادة بأسرع وقت، بحسب الرئيس السابق ميشال سليمان الذي لاحظ أن توقيت المعركة هو التوقيت المناسب بعد أن تقهقر تنظيم «داعش» في مختلف البلدان والمدن التي سيطر عليها تنظيم «داعش» منذ العام 2014، في إشارة إلى انطلاق معركة تحرير «تلعفر» في العراق والرقة في سوريا والقلمون الغربي.

وإذا كانت قيادة الجيش، رفضت تحديد موعد لانتهاء العملية، تاركة ذلك إلى ظروفها الصعبة، فإن مصادر مطلعة توقعت ان لا تستمر طويلاً، خصوصاً وأن «تنظيم الدولة الاسلامية» بدأ يُعاني تضعضع صفوفه، سواء على الجبهة اللبنانية أو الجبهة السورية، بدليل حالات الفرار والاستسلام لعناصره، ما دفعه بحسب معلومات محطة «الميادين» إلى طلب وقف إطلاق النار، لكن الجيش رفض ذلك قبل الكشف عن مصير العسكريين المختطفين.

تزامناً، تعددت روايات حول المهمة التي يقوم بها موكب للأمن العام اللبناني في جرود عرسال، بصبحة عدد من سيّارات الصليب الأحمر، حيث تردّد ان المهمة كانت الكشف عن مغارة تحتوي جثثاً، لكن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم كشف لمحطة NBN ان لا وجود في الأساس لمغارة في عرسال لتكون غارة خالية من الجثث.

وأعلن ان الأمن العام والجيش يقومان بمهمة لها طابع القدسية الوطنية، وطلب من الاعلام عدم الخوض في التحليلات حفاظاً على نجاح المهمة، ومنعاً للتلاعب بعواطف اللبنانيين، واعداً بالإعلان عن نتائج المهمة التي لا تزال سارية إلى الآن فور إنجازها.

مجلس الوزراء وجلسة المناقشة

في غضون ذلك، ينتظر أن يتحدد اليوم، مع موعد الرئيس الحريري من الخارج، مدعو عقد جلسة مجلس الوزراء ومكانها وجدول أعمالها، بعد ان فاجأت دعوة الرئيس نبيه برّي لعقد جلسة مناقشة عامة للحكومة غداً، والأربعاء، رئيس الحكومة الذي كان يميل الي عقد جلسة للحكومة الأربعاء المقبل في قصر بيت الدين المقر الصيفي لرئيس الجمهورية، حيث كان من المقرّر ان يرأس الجلسة الرئيس عون.

وفي حين ذكرت مصادر رسمية متابعة للموضوع ان الموعد النهائي أمام الرئيس عون لتوقيع قانون السلسلة والضرائب هو يوم الأربعاء وانه سيوقع عليهما، فإن جلسة الحكومة ما زالت قائمة «مبدئياً» يوم الأربعاء إلا انه لم يعرف ما إذا ما كانت جلسة المناقشة العامة ستقتصر على يوم واحد هو غداً الثلاثاء.. أم تبقى يومين، بحسب الدعوة وسير المناقشة، وبالتالي يُصار إلى عقد جلسة الحكومة الخميس بدلاً من الأربعاء.