تشييع رئاسي لشهداء الجيش العشرة في اليرزة غداً
الحريري لتحقيق يكشف الجناة.. و«القوات» تثير صفقة الجرود في مجلس الوزراء
اقفل رسمياً، ملف العسكريين الشهداء، الذين قتلهم تنظيم «داعش».
وغداً، يكرّم لبنان، الرسمي والسياسي والشعبي «الشهداء الابرار» في اليرزة، تحت علم لبنان والجيش اللبناني، الذي زفَّ جنوده شهداء لذويهم، بعد نتائج فحوصات الحمض النووي D.N.A.
ومن مكتب قائد الجيش العماد جوزاف عون إلى خيمة ذوي العسكريين الشهداء في وسط بيروت، إلى السراي الكبير حيث استقبل الرئيس سعد الحريري أهالي وذوي العسكريين الشهداء، واستمع إليهم، ووقف على خاطرهم، وأكد امامهم إصرار الدولة على القيام بالتحقيقات اللازمة لمعرفة الجناة الذين ارتكبوا هذه الجريمة البشعة بكل المقاييس وإحالتهم على القضاء لينالوا عقابهم.
وجدّد رئيس مجلس الوزراء حرص الدولة على ان «تعرفوا الحقيقة حول كل ما حصل، وهذا حقكم، وهناك تحقيق قضائي بدأ، ويستكمل بكشف الحقيقة وملاحقة الجناة والمتورطين ومحاكمتهم وسيدفعون ثمن ارتكاباتهم»، ولئن اقفل ملف العسكريين على «نغص» أصاب نفوس الأهالي، وعتب في غير اتجاه، ومتابعة لمسار التحقيقات القضائية، فإن وزراء «القوات اللبنانية» في الحكومة سيثيرون اليوم في جلسة مجلس الوزراء في السراي الكبير، موضوع الصفقة التي أدّت إلى خروج عناصر «داعش» من الجرود، والتي عقدت بين حزب الله والتنظيم، فضلاً عن عدم التنسيق مع الجيش اللبناني، وفقاً لما أكده وزير الإعلام ملحم رياشي في لقاء تلفزيوني ليل أمس.
وكشف مصدر وزاري «قواتي» ان الوزراء لن يتجهوا إلى التصعيد، أو احراج الحكومة، بل لممارسة قناعاتهم في ما خص دور حزب الله داخل سوريا.
الوضع الحكومي
وفي سياق متصل، وفي تقدير مصادر سياسية رسمية ان الوضع الحكومي سيبقى بمنأى عن التصعيد السياسي الحاصل بين المملكة العربية السعودية وإيران، طالما ان ابعاده إقليمية أكثر مما هي محلية، ما يجعل انعكاساته الداخلية محدودة، وإن اتخذ طابعاً سجالاً أو تصعيداً في المواقف، واعتبرت المصادر نفسها ان هذا الوضع ما زال تحت السيطرة، خاصة وأن تطيير الحكومة بقرار إقليمي غير وارد في هذه المرحلة، نظراً لاستحالة تشكيل أي حكومة أخرى في ظل المناخ المتوتر والمتصاعد.
وتبعاً لهذه التقديرات، تعتقد مصادر وزارية لـ«اللواء» ان تبقى الحكومة تعتمد سياسة النأي بالنفس تجاه التصعيد الحاصل، وأن تكون جلسة مجلس الوزراء اليوم عادية الأجواء وغير متشنجة رغم بعض البنود الساخنة في جدول الأعمال، والتي اعتاد اللبنانيون على تمريرها بأقل خسائر ممكنة، إن لم يكن بلا خسائر.
وتوقعت المصادر ان يتجنّب الوزراء طرح الملفات الخلافية، سواء بالنسبة لتداعيات معركة الجرود، احتراماً لارواح الشهداء العسكريين الذين سيجري تكريمهم غداً في وزارة الدفاع، في ظل الحداد الوطني الرسمي الذي اعلنته الحكومة، أو بالنسبة للمواقف المعلنة من قبل نواب «حزب الله» على اعتبار ان الهدوء هو المطلوب في هذه المرحلة التي تستوجب وضع المصلحة الوطنية العليا، فوق أي اعتبار ومهما علت السقوف.
ولا تخفي المصادر ان رئيسي الجمهورية والحكومة سيسعى كل من موقعه لمعالجة واستيعاب التصعيد الحاصل وحصره في مكانه وحجمه، لتفعيل عمل مجلسي النواب والوزراء، وعزل لبنان عن التجاذب الإقليمي الذي لا أفق له حتى الآن، في ضوء المتغيّرات الميدانية والسياسية السريعة بين يوم وآخر، لا سيما في سوريا. ولذلك رجحت المصادر عدم ادراج أي بند أو موضوع خلافي خلال جلسة مجلس الوزراء اليوم، خاصة ان الجلسة تعقد في السرايا الحكومية وليس في القصر الجمهوري.
اما «الملف المكهرب» المتعلق بصفقة بواخر الكهرباء فسيجد طريقه إلى الحل بطريقة أو بأخرى أو ستبقى الأمور كما هي عليه في حال التيار الكهربائي لفترة وقد تضع الحكومة يدها على كامل الملف بعدما جاء تقرير إدارة المناقصات حول دفتر الشروط الجديد لبواخر الكهرباء مناقضاً لتقرير وزير الطاقة، علماً ان أحد الوزراء قال ان هذا الملف غير مطروح، وأن المطروح بند آخر يتعلق بالمخطط التوجيهي لنقل الكهرباء، وفق البرنامج المقترح والذي يمتد إلى العام 2023.
وتوقع هذا الوزير ان يغيب على الارجح ملف الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس، لاعتبارات تتعلق بشروط التسوية السياسية، على ان يكون الحاضر الأبرز ملف تعيين مدير عام التعاونيات في وزارة الزراعة، فيما لا تزال المديرة الحالية غلوريا أبو زيد في إجازة قسرية على خلفية الخلاف بينها وبين الوزير غازي زعيتر.
وفي السياق، نقل النواب عن الرئيس نبيه برّي قوله بعد «لقاء الأربعاء» النيابي أمس، ان عدم اجراء الانتخابات الفرعية هو تجاوز وانتهاك للدستور، مترحماً على هذه الانتخابات.
ودعا برّي إلى عقد جلسة تشريعية عامة عند الحادية عشرة من قبل ظهر يومي الثلاثاء والاربعاء في 19 و20 أيلول الحالي نهاراً ومساءً لدرس وإقرار مشاريع اقتراحات القوانين المدرجة على جدول الأعمال، وبينها اقتراح قانون يتعلق بالضرائب على الشركات النفطية، واقتراح قانون تعديل بعض بنود قانون الأحوال الشخصية لدى الطائفة الدرزية، إضافة إلى مجموعة اقتراحات معجلة مكررة يتعلق جزء منها بسلسلة الرتب والرواتب والاتفاقات التي حصلت لتصحيح بعض الشوائب في قانون الضرائب الممولة للسلسلة وقانون السلسلة نفسها.
وأوضح عضو هيئة مكتب المجلس النائب انطوان زهرا بعد اجتماع المكتب برئاسة برّي ان موعد الجلسة التشريعية غير متعلق بقرار المجلس الدستوري حول الطعن بقانون الضرائب للسلسلة، بل بتوفر الظروف الملائمة لعقد الجلسة بوجود رئيس الحكومة، نظرا لسفر الرئيس الحريري إلى موسكو الأسبوع المقبل.
إلغاء البطاقة الممغنطة
وعلى صعيد آخر، أكدت مصادر وزارية شاركت في اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة بحث تطبيق قانون الانتخاب، الذي انعقد مساء أمس برئاسة الرئيس الحريري، ان هناك نقاطاً كثيرة لا تزال بحاجة إلى اجراء مناقشات وبحث حولها، مشددة على ضرورة الإسراع في اتخاذ القرارات المطلوبة لرفعها إلى مجلس الوزراء لدرسها وإعطاء ملاحظاته من أجل اقرارها قبل نهاية الشهر الحالي.
وكشفت المصادر لـ «اللواء» ان موضوع البطاقة الممغنطة لم يعد ضمن مباحثات اللجنة، بعد التوافق على اعتماد «الهوية البيومترية» في الانتخابات النيابية.
وكشفت هذه المصادر ايضا ان وزير الداخلية نهاد المشنوق وزّع على أعضاء اللجنة قبيل انعقادها بقرابة الساعة دراسة نهائية حول آلية الانتخابات والكلفة المالية الإجمالية وتفاصيلها التقنية والحاجة إلى أجهزة كمبيوتر وشبكة انترنيت متطورة، لكن الوزراء لم يتسن لهم الاطلاع عليها بشكل مفصل، فتقرر عقد الاجتماع المقبل يوم الخميس المقبل بعد عودة الرئيس الحريري من موسكو، لأجل هذا الغرض، وبعد ان يكون قد تمّ عرضها على الماكينات الانتخابية التابعة لكل منهم، والقادة السياسيين أيضاً.
وأملت المصادر ان يكون الاجتماع المقبل هو الأخير لإنجاز مهمة اللجنة ورفع الملف إلى مجلس الوزراء، علما ان الوزير المشنوق أكّد لأعضاء اللجنة ان وزارة الداخلية تحتاج إلى ثلاثة أشهر من أجل إنجاز بطاقات الهوية الجديدة.
تشييع الشهداء العسكريين
إلى ذلك، أعلنت قيادة الجيش انها ستقيم في العاشرة من قبل ظهر غد الجمعة في باحة وزارة الدفاع في اليرزة احتفالاً رسمياً لتشييع العسكريين الشهداء العشرة الذين جرى التعرف على هويات جثامينهم رسمياً،وسط حداد رسمي على أرواحهم وتنكيس الاعلام على الادارات والمؤسسات العامة والبلديات وعلى كل السفارات اللبنانية في الخارج واقفال عام في كل مرافق الدولة والمؤسسات الخاصة، وفق المذكرة الإدارية التي اصدرها الرئيس الحريري.
ويحضر احتفال اليرزة الرؤساء الثلاثة عون وبري والحريري ووزير الدفاع يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جوزاف عون وأركان القيادة واهالي الشهداء وشخصيات رسمية وروحية وإجتماعية، على ان يتم بعد ذلك نقل الجثامين في مواكب ستمر في ساحة رياض الصلح حيث خيم الاهالي قبل توجهها الى قراها لتوارى الثرى.
وستشارك في مراسم التشييع في اليرزة والتي ستتحول الى مراسم تكريم،فصائل رمزية من كل قطع الجيش اللبناني البرية والجوية والبحرية،والتي بدأت امس تمارينها على الاحتفال في اليرزة،فيما استعدت بلديات وفعاليات واهالي قرى عكار والبقاعين الغربي والشمالي والشوف لاستقبال الشهداء خلال انتقال مواكب التشييع الى قراهم حيث سيوارون الثرى.
وكان الرئيس الحريري، أكّد خلال لقائه أهالي وذوي العسكريين الشهداء، الذين زاروه في السراي الحكومي، بعد تبلغهم من قائد الجيش رسميا مطابقة فحوصات الحمض النووي D.N.A لابنائهم العسكريين إصرار الدولة على القيام بالتحقيقات اللازمة لمعرفة الجناة الذين ارتكبوا جريمة خطفهم وقتلهم، واحالتهم على القضاء لينالوا عقابهم.
وخاطب الأهالي قائلاً انه حريص على ان يعرفوا الحقيقة حول كل ما حصل، وهذا حقكم، وهناك تحقيق قضائي بدأ، وسيستكمل لكشف الحقيقة وملاحقة الجناة والمتورطين ومحاكمتهم وسيدفعون الثمن.
اما الأهالي، فأكدوا بلسان المتحدث باسمهم حسين يوسف والد الشهيد محمّد يوسف، بأنهم لن يسمحوا لأحد بأن يلعب بقضيتهم، وقال: ان «ما يعزينا ان ابناءنا رفعوا رؤوسنا، وتحملوا كل المآسي والوجع والألم والضغط والإرهاب، واختاروا ان يموتوا بكرامتهم وشرفهم وفي ملابسهم العسكرية، مكررا المطلب الأوّل للاهالي وهو محاسبة الموقوفين عمر وبلال ميقاتي اللذين لهما علاقة مباشرة باستشهاد العسكريين، لافتا إلى ان قضية العسكريين أصبحت اليوم أمانة في عنق الرئيس الحريري ووعدنا بمتابعة الموضوع حتى النهاية، ولن نقبل الا ان يتكرم الشهيد بقتل من قتله.
تجدر الإشارة إلى ان يوسف أعلن انه طلب من الرئيس الحريري عدم حضور الوزير المشنوق مراسم التشييع بسبب مواقفه في العام 2015.
ولاحقاً، ردّ المكتب الإعلامي لوزير الداخلية، موضحا ان ما نسب إلى المشنوق قوله عن العسكريين انهم قتلوا ونعتبرهم شهداء وسنعلق صورهم على الحيطان، غير صحيح وهو لم يرد على لسانه لا كتابة ولا شفهياً ولا هذا اسلوبه في الكلام أو الكتابة، مشيرا إلى ان العملية الأمنية في المبنى «ب» من سجن رومية تمت بعد إعلان المجموعة التكفيرية الإرهابية عن اعدام الجندي علي البزال، مؤكدا انه لا يشاطرهم الرأي بوجود رابط بين تحرير سجن رومية من احتلال الموقوفين وادارتهم الإرهاب من المبنى «ب» وبين قتل العسكريين الشهداء.
وكشف المشنوق أنّ التحقيقات الرسمية المبدئية التي رافقت الكشف عن مصير العسكريين، أفادت بأنّ «أمير داعش الشرعي ولقبه أبو بلقيس قتل العسكريين المخطوفين قبل عامين، (أي بعد عام من تنفيذ عملية تحرير سجن رومية) بعدما جاء خصيصاً من الرقّة لتنفيذ حكم الإعدام بهم، ولمنع التفاوض بشأن مصيرهم، وغادر بعدها إلى الرقّة مصطحباً معه قيادات داعش التي شاركت في خطفهم وتخلّص هناك من تلك القيادات حتى لا يبقى أثر ولا قدرة على المتابعة».