محادثات الحريري الناجحة تتوَّج بلقاء بوتين: إهتمام لبناني بالتسوية السورية
«اللواء» تكشف أسباب إلغاء مهرجان الإنتصار غداً
يتوّج الرئيس سعد الحريري زيارته، وهي الأولى، بعد عودته إلى رئاسة الحكومة، إلى موسكو، بلقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي على البحر الأسود.
وقال دبلوماسي روسي، شارك في الاجتماع الذي عقده الرئيس الحريري مع وزير الخارجية سيرغي لافروف، ثم مع نظيره رئيس الحكومة فلاديمير ميدفيديف لـ«اللواء» ان النتائج تجاوزت المتوقع، وهي ستنعكس إيجاباً على لبنان، في ضوء الدعم الروسي في أكثر من مجال، لا سيما لجهة إعادة وضع ملف دعم الجيش وتحديث تسليحه على طاولة المتابعة.
وكشف مساعد وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لـ«اللواء» رداً على سؤال حول تقييمه للمحادثات، انها «تناولت الأمور التفصيلية المتعلقة بالأوضاع والمستجدات والعلاقات الثنائية بين لبنان والاتحاد الروسي».
وقال مصدر لبناني ان موسكو أكدت حرصها على استمرار الاستقرار، وتقديم ما يلزم من مساعدات تدعم هذا الاستقرار.
وأضاف المصدر ان الزيارة التي قام بها الرئيس الحريري، والتي ستعقبها زيارة للرئيس ميشال عون، أعادت تعويم العلاقات بين البلدين، وتنشيط الاتفاقيات الموقّعة سابقاً والتي وقعت في مقر رئاسة الحكومة الروسية، بعد اجتماع الرئيس الحريري وميدفيديف.
الحريري في موسكو
ولاحظت مصادر الوفد اللبناني ان المحادثات الرسمية التي أجراها الرئيس الحريري اتسمت بحفاوة لافتة، لا سيما من قبل رئيس الحكومة الروسية ميدفيديف ووزير الخارجية لافروف، في حين ينتظر ان يعطي لقاء اليوم مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مدينة سوتشي، دفعاً قوياً لتعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، وتفاهماً بما يتصل بالشؤون السياسية والأمن والاقتصاد والوضع الإقليمي.
وفيما وصف مساعد وزير الخارجية الروسية لشؤون الشرق الأوسط بوغدانوف لـ«اللواء» زيارة الحريري واجتماعاته بالمسؤولين الروس «بالممتازة»، ولا سيما اجتماعه المطوّل مع الرئيس ميدفيديف، متوقعاً ان تكون لهذه الزيارة نتائج إيجابية، ستنعكس قريباً من خلال دعم روسيا للبنان على الاصعدة كافة، أكّد الرئيس الحريري ان هذه المحادثات كانت «جيدة وايجابية»، وانه لمس جدية حقيقية لتطوير وتقوية العلاقات الثنائية بين البلدين، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي والتجاري وتشجيع الاستثمارات، كما انه وجد تجاوباً كاملاً في مسألة تسليح الجيش اللبناني، ولا سيما ما يتعلق بمنح لبنان التسهيلات اللازمة لشراء هذه الأسلحة، والتي يملك الجيش بعضاً منها لكنها باتت قديمة.
وفي هذه النقطة، توقع السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبكين، الذي شارك في محادثات الحريري مع الوزير لافروف، ان تعقد اللجنة العسكرية المشتركة بين البلدين اجتماعاً يخصص لبحث حاجات لبنان العسكرية، كاشفاً عن زيارة متوقعة للرئيس ميشال عون إلى موسكو لم يُحدّد موعدها بعد، وعن اجتماع آخر سيعقد للجنة الاقتصادية المشتركة في وقت لاحق.
ولاحظ السفير زاسبكين لـ«اللواء» ان مذكرات التفاهم الخمس التي وقعت بين البلدين في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والصناعة والتعاون في مجالات الثقافة والرياضة وحماية البيئة، ستعطي دفعاً كبيراً نحو تعزيز العلاقات الثنائية.
وفي الشق السياسي من المحادثات، لفت الرئيس الحريري إلى انه أكّد امام المسؤولين الروس تأييده للحل السياسي في سوريا، وأن تكون مسألة عودة النازحين السوريين جزءاً من هذا الحل، مشيراً إلى ان الجانب الروسي يسعى حالياً لتعميم مناطق خفض التوتر لتشمل جميع المناطق السورية، تمهيداً للانطلاق منها لإيجاد حل شامل للمشكلة هناك.
ولاحظ انه لمس ارتياح المسؤولين الروس وثقتهم بصيغة الحكومة الائتلافية التي يرأسها وتشارك فيها جميع الأطراف السياسية، وقال ان هذا الأمر يشجعهم على زيادة التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
مجلس الوزراء
وينتظر ان يغادر الرئيس الحريري موسكو، مباشرة بعد انتهاء محادثاته اليوم مع الرئيس بوتين، عائداً إلى بيروت، للمشاركة في جلسة مجلس الوزراء، التي ستعقد غداً في بعبدا برئاسة الرئيس عون، من دون ان يكون على جدول أعمالها أي بند خلافي أو مثير للاهتمام، باستثناء بند يتعلق بمعالجة ملف النفايات، خصوصاً تلك التي تلوث البحر، وكذلك المشروع المتعلق بقانون الكسارات والمقالع والذي توقع الرئيس عون إقرار المشروعين في خلال تلك الجلسة، علماً ان ملف النفايات في حال تمّ إلغاء مطمري «الكوستا برافا» وبرج حمود في نهاية السنة يفترض ان يؤمن مطامر بديلة، أو اعتماد خطة جديدة لمعالجة النفايات قبل ان تداهم أزمة مماثلة لازمة العام 2014.
ومن المواضيع المهمة في الجلسة، موضوع تطويع الضباط العسكريين إلى المدرسة الحربية، والذي كان ارجئ من الجلسة الماضية، لدرسه مطولاً في المجلس الأعلى للدفاع الذي انعقد الجمعة الماضي، ووضع قيودا مشددة لقبول التلامذة الضباط، بعدما تسرب عن صفقات ورشاوى مالية كانت تدفع لتأمين دخول هؤلاء التلاميذ إلى المدرسة الحربية.
يُشار إلى ان قائد الجيش العماد جوزف عون تفقد أمس الكلية الحربية في الفياضية، لمناسبة بدء العام الدراسي فيها، مؤكدا على ضرورة اعتماد معايير الكفاءة وحدها في امتحانات الدخول إلى الكلية، وفي الترفيع خلال السنوات الدراسية، لأن هؤلاء التلاميذ هم مستقبل الجيش وعلى عاتقهم ستقع مسؤولية الحفاظ على مكانته ودوره الوطني.
و أوضحت مصادر وزارية لـ «اللواء» أن مناقصة بواخر الكهرباء غير مدرجة على جدول الأعمال ،مستبعدة بحثه من خارج الجدول، إلا إذا كان وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل وضع المجلس في أجواء رده على ملاحظات لجنة إدارة المناقصات حول دفتر شروط المناقصة.
إلغاء «مهرجان الانتصار»
وفي تقدير مصادر سياسية، ان إلغاء مهرجان الانتصار الذي كان مقررا اقامته غدا الخميس في ساحة الشهداء وسط بيروت، شكل نكسة لوزير الدفاع يعقوب الصرّاف الذي استعجل بالدعوة إليه مع زميله وزير السياحة افاديس كيدانيان من دون التشاور مسبقاً مع المعنيين به أو التحضير له لوجستياً وسياسياً ومالياً.
وأوضحت هذه المصادر ان سبب تأجيل المهرجان، ليس كما أعلنت وزارتا الدفاع والسياحة بأنه «لوجستي» فقط، علما أنه تقرر في خلال خمسة أيام، ومن الصعوبة ان يُشارك الجميع فيه نظرا لوجود عدد كبير من السياسيين خارج البلاد.
ومع ان مصادر سياسية، قالت لـ «اللواء» ان اللجنة المنظمة، ارتأت إلغاء المهرجان تفاديا لأي صدام بين جمهوري 8 و14 آذار، ولابراز شعارات حزبية قد تساهم في تحريف العنوان الرئيسي لهذا المهرجان، فإن معلومات خاصة بـ «اللواء» كشفت انه من ضمن الأسباب العملية عدم توفّر الأموال اللازمة لهذا المهرجان، والمقدر بمائة ألف دولار، من قبل بلدية بيروت، حيث لم يتمكن المجلس البلدي من الاجتماع لرصد هذا المبلغ لا أمس ولا قبله.
يُشار في هذا السياق، إلى ان تداعيات ما جرى على هامش انتصار الجرود، على صعيد كشف مصير العسكريين الذين خطفهم تنظيم داعش في احداث عرسال 2014، وتحميل مسؤولية استشهادهم إلى جهات سياسية معنية كانت مسؤولة يومذاك في الحكم، ولاحقا بطلب فتح تحقيق قضائي بظروف خطف هؤلاء العسكريين ومن ثم قتلهم، كلها غير ملائمة لحشد عشرات الألوف من النّاس الذين هم بالتأكيد يؤيدون الجيش وفخرون بالانتصار الذي حققه على الارهابيين، لكنهم قد يختلفون حول ما جرى سواء على صعيد العسكريين الشهداء، أو على صعيد المفاوضات التي أدّت إلى خروج المسلحين الارهابيين من الجرود.
كتلة المستقبل
وعلى هذا الصعيد، أكدت كتلة «المستقبل» النيابية اصرارها على كشف جميع الملابسات التي رافقت المفاوضات التي أجراها فريق معين (والمقصود هنا حزب الله) لاسترجاع اسراه وجثث مقاتليه سامحاً بذلك لنفسه ما منعه عن الدولة اللبنانية واللبنانيين، وصولا في التحقيق إلى تهريب إرهابيي داعش وعائلاتهم، وهؤلاء الارهابيين بالذات هم من شاركوا في ارتكاب المجزرة بحق ابطال الجيش الشهداء.
واشادت الكتلة بالدور الوطني الكبير والحكيم والمتبصر الذي نهض به الرئيس تمام سلام خلال فترة توليه مهامه في رئاسة مجلس الوزراء، مؤكدة رفضها الاتهامات والحملات المشينة والمشبوهة التي استهدفت دور الرئيس سلام الذي ساعد في إنقاذ لبنان من شرور الفتنة الداخلية وفي إنقاذ عرسال، لافتة إلى ان بعض الأطراف أسهمت بتعنتها واصرارها على منع المفاوضات التي كان من الممكن ان تؤدي إلى إطلاق العسكريين.
وفي السياق نفسه، شدّد الوزير السابق اللواء اشرف ريفي على ان المحاسبة يجب ان تبدأ من الصفقة المكشوفة التي قام بها حزب الله لتهريب داعش والنصر، وبالتالي إنقاذ داعش من المحاكمة، معتبرا الرئيس سلام والعماد جان قهوجي وعرسال خط أحمر، داعيا إلى عدم اللعب بالنار.
وأعلن انه سيوقع طلبا رسميا إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء لكشف محاضر جلسات مجلس الوزراء في أزمة عرسال، طالبا من الرئيسين عون والحريري الكشف عن هذه المحاضر وكذلك محاضر اجتماعات الخلية الوزارية لمتابعة قضية العسكريين لتحديد المسؤوليات وكشف الاضاليل.
وفي المقابل، أكّد وزير العدل سليم جريصاتي بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح تمسكه بالتحقيق القضائي انطلاقاً من توافر العناصر الاجرامية. مشيرا إلى ان التحقيق ينطلق من توافر هذه العناصر الجرمية من خطف وأسر وقتل العسكريين.
وكان وفد من الهيئات الاقتصادية زار أمس الرئيس سلام في المصيطبة، مبديا تضامنه معه تجاه ما يتعرّض من حملة افتراءات وتجنيات.