معلومات أميركية وراء ذعر السفارات.. والجيش يحبط مخططاً لـ «داعش»
إنزعاج لبناني من موجة الهلع.. والحريري يستعجل بت المناقصة لتوفير الكهرباء
ماذا وراء ما وصفه مصدر رسمي لبناني لـ «اللواء» بذعر السفارات؟ ولِمَ «كرجت» (كما يقال بالعامية) البيانات تباعاً تحذر من «عملية ارهابية» تستهدف أماكن في لبنان، من بينها الكازينو والضاحية ووسط العاصمة، لدرجة ان آخر البيانات، الذي صدر عن السفارة الفرنسية في بيروت، حدّدت 48 ساعة، قد تشهد خطرا امنيا، طالبة إلى رعاياها التنبه الاستثنائي عند ارتياد الأماكن العامة.
ويأتي التحذير الفرنسي بعد تحذيرين يوم أمس الأوّل، الأوّل أميركي والثاني كندي لرعايا البلدين من مخاوف تحيط بالأوضاع الأمنية في لبنان..
واهتمت المراجع الأمنية اللبنانية بهذه التحذيرات، آخذة مضامينها على محمل الجد من التقصّي، لتبين المعطيات التي استندت إليها السفارات، لا سيما السفارة الأميركية منها، التي تُشير بعض المصادر إلى ان الأجهزة الأمنية الأميركية لديها معلومات بهذا الخصوص، زودت بها السفارات الحليفة والصديقة.
ونسب موقع «ليبانون ديبايت» إلى ما وصفه بمصدر دبلوماسي مطلع ان تحذير السفارة الفرنسية، مبني على معلومات السفارات الأميركية، من دون أية اضافات، سواء حول طبيعة الاستهداف أو «الخلايا النائمة» أو حول ما إذا كان المنفذون من نوع «الذئاب المنفردة».
وسارع وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في تغريدة «تويتر» إلى التحذير من الهلع لدى اللبنانيين والمقيمين»: «تخوف بعض الدول على رعاياها يسبب الهلع لكل اللبنانيين والأجانب، الدولة مدركة للمخاطر وتتصدى لها كما تفعل هذه الدول على أرضها. نتعاون لننجح».
عدا عن ذعر السفارات الأجنبية في لبنان من احتمال تعرض رعاياها لعمل إرهابي في لبنان، تبعا للاعتداءات الإرهابية التي ضربت أمس باريس ولندن، وكان لها صدى ديبلوماسي لبناني، عبر عن انزعاج وزارة الخارجية من الهلع الذي سببته بيانات هذه السفارات، توزع الاهتمام الرسمي أمس على عدد من الملفات الساخنة، تصدرها ملف مصير الانتخابات العامة المقرّر اجراؤها في أيّار من السنة المقبلة.
وفي هذا السياق ترأس الرئيس سعد الحريري بعد الظهر اجتماعا في السراي الحكومي للجنة الوزارية المكلفة البحث في تطبيق الانتخاب.
وأفادت مصادر شاركت في اجتماع اللجنة انه تمّ الاتفاق على التسجيل الالكتروني للمنتشرين بهدف تسهيل عملية اقتراعهم، كما تقرر السير بالبطاقة الممغنطة. علما ان التيار الوطني الحر كان قد شدّد على اعتماد البطاقة وفي حال عدم اعتمادها طلب اجراء انتخابات فورية في غضون شهرين.
اما لناحية التسجيل المسبق للناخبين في أماكن سكنهم، فأكدت المصادر ان التيار الوطني الحر ما زال على رفضه التسجيل المسبق والجديد في الاجتماع ملاقاة «القوات اللبنانية» التيار في هذا الأمر بعدما طالبت به في السياق.
وعن موقف حزب الله أكدت المصادر ان موقف الحزب ليس قاسيا، فيما تبقى حركة «امل» متمسكة بالتسجيل المسبق، وبقيت هذه النقطة غير مبتوتة.
وكان الرئيس الحريري عشية مجلس الوزراء غدا قد اجتمع أمس بعيدا عن الإعلام، برئيس إدارة المناقصات في هيئة التفتيش المركزي جان العلية، وبحث معه موضوع إطلاق مناقصة بواخر الكهرباء، في ضوء القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء أمس الأوّل، بهذا الخصوص، مؤكدا على ضرورة السير بهذه المناقصة، نظرا لحاجة البلاد إلى التيار الكهربائي.
وفهم ان إدارة المناقصات، لم تتبلغ دفتر شروط المناقصة والذي عدله مجلس الوزراء، من وزارة الطاقة، بسبب انتهاء الدوام الرسمي، وأن عليه تعهد بإطلاق المناقصة وفق الشروط الجديدة يوم الاثنين المقبل.
اما ثالث هذه الملفات، فتركزت على موضوع الطعن بقانون الضرائب والموارد المالية لقانون سلسلة الرتب والرواتب، على الرغم من تأجيل المجلس الدستوري اجتماعه الذي كان مقررا أمس إلى الاثنين المقبل.
الا انه، وخلافا للتأجيل، عقد ثمانية أعضاء من المجلس الدستوري جلسة مذاكرة استمرت نحو ساعة للاطلاع على تقرير المقرّر المكلف النظر في طبيعة الطعن المقدم من عشرة نواب، على ان يعقد المجلس جلسة مكتملة النصاب نهار الاثنين بعد عودة رئيسه الدكتور عصام سليمان وعضو المجلس الدكتور انطوان مسرة من زيارة عمل إلى ليتوانيا حيث يشاركان في مؤتمر دستوري دولي هناك، وتخصص الجلسة للاستماع والمذاكرة في تقرير المقرّر ودرس تفاصيل الطعن تمهيدا لاتخاذ القرار سواء برد الطعن أو قبوله وابطال القانون كليا أو ابطال بعض المواد فيه، علما ان المجال يبقى مفتوحا امام المجلس حتى نهاية الشهر الحالي.
تحذير السفارات
وكانت تحذيرات السفارتين الأميركية والكندية لرعاياهما في لبنان من احتمال تعرضهم لتهديدات إرهابية، في بعض المواقع العاماة مثل كازينو لبنان في جونية احدثت حالة من الهلع لدى الأجانب واللبنانيين على حدّ سواء، اعترف بها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وزاد من منسوبها، خصوصا، انضمام السفارة الفرنسية في بيروت، إلى هذه التحذيرات من مخاطر إرهابية، طالبة من رعاياها التزام الحيطة والحذر في اليومين المقبلين.
لكن اللافت في التحذير الفرنسي، هو ما ورد في الرسائل النصية القصيرة التي بعثت بها القنصلية الفرنسية في بيروت لرعاياها، وفيها «تنبيه استثنائي عند ارتياد الأماكن العامة، نتيجة وجود خطر أمني خلال الساعات الـ48 ساعة المقبلة»، مما كشف أسباب ذعر هذه السفارات، وهي ان عملاً ارهابياً كان يتم الاعداد له، وكان – ربما – وراء إلغاء «مهرجان النصر» في ساحة الشهداء، والذي كانت تعده وزارتا الدفاع والسياحة، للاحتفال بالانتصار الذي حققه الجيش اللبناني في «معركة الجرود» لكن تقاطع معلومات مع استخبارات أجنبية سمح لمخابرات الجيش بضبط خيوط لهذا العمل الإرهابي، سمح بتعطيله وتوقيف عدّة أشخاص بلغ عددهم 19، من الذين أطلق عليهم قائد الجيش العماد جوزاف عون في وقت سابق اسم «الذئاب المنفردة».
وفيما أوضحت وزارة الداخلية والبلديات، في بيان صدر عن المكتب الإعلامي للوزير نهاد المشنوق، ان «التحذيرات الصادرة عن سفارات أجنبية مبنية على معلومات من أحد أجهزة الاستخبارات الأجنبية، وأن الأجهزة الأمنية اللبنانية تقوم بمتابعتها للتحري عن صحتها ودقتها، وبالتالي فإنه لا داعي للخوف وتضخيم الخبر واعطائه ابعاداً أكبر من حجمه، غرد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل عبر «تويتر» معترفاً بالهلع الذي سببه تخوف بعض الدول على رعاياها، لكنه استدرك بأن «الدولة مدركة للمخاطر والتصدي لها، كما تفعل هذه الدول على ارضها»، خاتماً: «نتعاون لننجح».
ولاحقاً، أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين بياناً لفتت فيه نظر بعض السفارات الأجنبية المعتمدة في لبنان، إلى وجوب الأخذ بعين الاعتبار الهلع الذي تسببه بيانات هذه السفارات على كافة المقيمين لبنانيين واجانب.
وإذ أبدت الخارجية تفهمها حرص هذه السفارات على سلامة رعاياها من احداث قد تطالهم، رأت ان «هكذا بيانات يجب ان تدرج ضمن التنسيق القائم اصلاً مع وزارة الخارجية واجهزة الدولة الأمنية خصوصاً وأن هذه الأجهزة قامت ولا تزال بالتعاطي مع التحذيرات والتهديدات الإرهابية، وفق سياسة ردّعية مبنية على تنسيق أمني فعّال مع الدول الصديقة، معتمدة العمل الاستباقي الذي أدى إلى إحباط عدد كبير من المخططات الإرهابية، من خلال تفكيك هذه الخلايا وتوقيف أعضائها.
وأكّد البيان إدانة الخارجية للارهاب طعناً في فرنسا وتفجيراً في انفاق لندن، مؤكدة تضامن لبنان مع جميع ضحايا الإرهاب في العالم، وأن الدولة اللبنانية بكل اجهزتها، كما هي الحال في كل الدول الحرة، تضع نصب عينيها حماية المواطنين وسلامة جميع المقيمين على أراضيها من دون استثناء.
وذكرت مصادر امنية ان التحذير ربما كان اجراء روتينيا بناء لمعلومات ادلى بها اعضاء شبكات ارهابية جرى توقيفهم في لبنان واعترفوا بنيتهم اوتخطيطهم في فترات سابقة لاستهداف اماكن عامة في بيروت وبعض المناطق ومنها كازينو لبنان والضاحية الجنوبية ومناطق سياحية.
واشارت المصادر الى ان أحد الاجهزة الامنية الغربية ربما يكون قد تلقى معلومة ما عن عمل ارهابي وعممه على باقي الاجهزة في الدول الاخرى حتى صدرت تباعا التحذيرات من اربع سفارات.لكنها اعتبرت ان هذه التحذيرات اثارت بلبلة لا لزوم لها، خاصة ان الاجهزة الامنية اللبنانية تتابع الامور بدقة كبيرة وتلاحق كل شبكات الارهاب، وهي تزود الاجهزة الغربية بكل المعلومات عن هذه الشبكات ومخططاتها.
وأصدرت قيادة الجيش ليلاً، بياناً كشف بعض المعلومات عن أسباب ذعر السفارات، وفيه انه «توفر لمديرية المخابرات معلومات عن قيام خلية تابعة لتنظيم «داعش» الارهابي يترأسها المصري فادي إبراهيم أحمد علي أحمد الملقب بـ«ابو خطاب» المتواري داخل مخيم عين الحلوة، بالتخطيط والتحضير للقيام بعمل إرهابي، فقامت مديرية المخابرات بتنفيذ عدّة عمليات دهم، أدّت إلى توقيف 19 شخصاً لارتباطهم بشكل أو بآخر بالخلية المذكورة».
وأوضح البيان ان التحقيقات لا تزال مستمرة مع الموقوفين باشراف القضاء المختص، وقد اتخذت وحدات الجيش التدابير الاحترازية اللازمة.
وفي السياق، ترددت معلومات عن اعتذار الوزير السابق اشرف ريفي عن عدم استقبال الوفود الشعبية، كما جرت العادة غداً، بعدا بلاغه من جهاز أمني غربي بضرورة الاحتياط الأمني والحد من تنقلاته، بعد تقاطع معلومات استخباراتية تفيد بتحضيرات لاغتياله.
عون في نيويورك
وإلى نيويورك يتوجه غداً الرئيس ميشال عون للمشاركة في أعمال الدورة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة وإلقاء كلمة لبنان في 21 أيلول الحالي، في أوّل إطلالة دولية له في سنته الرئاسية الأولى التي تقترب من الانتهاء في 31 تشرين الأوّل.
وأعدّ للرئيس عون الذي يرافقه وفد وزاري يضم وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، على ان ينضم إلى الوفد مندوب لبنان الدائم في الأمم المتحدة السفير نواف سلام، برنامج لقاءات مع عدد من رؤساء وقادة الدول العربية والغربية، والأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس ورئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير، والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، وسيحضر حفل الاستقبال الذي سيقيمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على شرف رؤساء الدول المشاركة، وكذلك الغداء الرسمي الذي يقيمه غوتيريس.
اما الكلمة التي سيلقيها الرئيس عون الخميس المقبل، فقد وصفتها مصادر مطلعة بأنها ستكون شاملة، وستتركز على ستة عناوين أساسية، من ضمنها:
– ملف النزوح السوري لجهة التأكيد على أهمية تحقيق العودة الآمنة غير المشروطة بأمور أخرى.
– أهمية تقديم الحل السياسي في سوريا على الخيار العسكري الذي أثبت عقمه وزاد في المأساة السورية.
– الحرب التي يخوضها لبنان ضد الإرهاب وما تتطلبه من دعم غير محدود للمؤسسة العسكرية، خصوصاً وانه أثبت انه في طليعة النماذج الناجحة في هزيمة الإرهاب.
– التهديدات الإسرائيلية واستمرار الانتهاكات وأهمية ان تتحمل الأمم المتحدة مسؤولياتها الأخلاقية لجهة إلزام إسرائيل بتطبيق القرارات الدولية.
– التأكيد على أهمية إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة وتحقيق تسوية سلمية عادلة وشاملة.
– الدور الذي يطمح لبنان ان يكون عليه في حوار الحضارات والاديان، خصوصاً وانه الباب الذي تدخل منه الحرية إلى الشرق الأوسط.
وعلمت «اللواء» من مصادر وزارة الخارجية ان الوزير باسيل سيسبق رئيس الجمهورية، بزيارة الى كندا حيث يغادر قبل ظهر اليوم السبت، للقاء عدد من المسؤولين الكنديين وابناء الجالية اللبنانية من ضمن لقاءاته التي يعقدها في اميركاالشمالية كل سنة، على ان يغادر كندا الى نيويورك صباح الاثنين حيث يلتحق بالرئيس عون والوفد الرسمي.
ومن المقرران يعقد باسيل في نيويورك عددا من اللقاءات مع نظراء عرب واجانب، قبل ان ينتقل الى لاس فيغاس في ولاية تكساس، حيث يُعْقَدْ مؤتمرالطاقة الاغترابية السنوي يومي 23و24 من الشهر الحالي للاضاءة على احوال الجالية واوضاعها ومتطلباتها.