IMLebanon

إقتراح برّي يخلط الأوراق: لماذا تقصير ولاية المجلس 5 أشهر؟

إقتراح برّي يخلط الأوراق: لماذا تقصير ولاية المجلس 5 أشهر؟

التشكيلات القضائية على النار.. وقرار المجلس الدستوري خلال أسبوع

استبق الرئيس نبيه برّي الجلستين التشريعيتين للمجلس النيابي اليوم وغداً، بجدول أعمال مثقل بالبنود الضريبية والأعباء المالية والانشطة البترولية، بما فيها الضرائب والصندوق السيادي ومنح الحكومة حق التشريع في الحقل الجمركي، بمؤتمر صحفي كشف خلاله عن أن الكتلة النيابية التي يرأسها «تقدمت باقتراح قانون معجّل استناداً إلى المادة 18 من الدستور، ويقضي بتقصير ولاية المجلس الحالي استثنائياً، لتنتهي في 31/12/2017».

وتجري الانتخابات قبل نهاية العام، على ان يعاد النظر بالمهل والإجراءات التنفيذية.

وقال الرئيس برّي ان اقتراح تقديم الانتخابات خمسة أشهر، يأتي «انسجاماً مع المصلحة الوطنية.. والتزاماً بروح القانون الذي يفرض اجراء الانتخابات في أقرب فرصة عند انتفاء الأسباب الاستثنائية التي دعت إلى تمديد هذه الفترة».

ولاحظت الأوساط المراقبة (رويترز) ان السياسات في لبنان تعاني من الانقسامات الطائفية التي زادها الصراع السوري حدة والتنافس الإقليمي تعقيداً، وكانت الاضطرابات الإقليمية تستخدم كذريعة لتجنب اجراء الانتخابات النيابية منذ العام 2009، مع الإشارة إلى ان الحكومة أقرّت قانوناً جديداً مدد ولاية البرلمان 11 شهراً «لاسباب تقنية محددة مايو 2018 موعداً مؤقتاً لاجراء الانتخابات».

لماذا خطوة برّي؟

ومع ان الأسباب المعلنة التي عرضها الرئيس برّي لتبرير خطوته لتقصير ولاية المجلس الحالي إلى نهاية العام، وبالتالي اجراء انتخابات نيابية مبكرة بين التشرينين، لم تكن مقنعة في نظر مصادر نيابية طالما انه حصرها في استحالة أو صعوبة إنتاج البطاقة البيومترية، والخوف ثانياً من تمديد طارئ وجديد للمجلس للمرة الرابعة، فإن المصادر ذاتها، تعتقد ان وراء خطوة الرئيس برّي مجموعة أسباب ودوافع غير تلك المعلنة، مع ان الحديث عن تقصير الولاية ليس جديداً، وسبق ان تردّد في الكواليس السياسية بعدما تأكد اتجاه الحكومة لإلغاء البطاقة الممغنطة التي نص عليها قانون الانتخاب على أساس النسبية.

وبحسب المصادر النيابية، فإن السبب الأوّل لخطوة رئيس المجلس، هو ضمانة ولاية رئاسية جديدة للمجلس الجديد، في حال جرت الانتخابات المبكرة، استناداً إلى موازين القوى السياسية الحالية، ذلك ان لا أحد يضمن في حال تأخرت الانتخابات إلى السنة المقبلة، ماذا يحدث على صعيد موازين هذه القوى، وبروز اتجاهات سياسية لا تحبذ بقاء رئاسة المجلس على حالها، لا سيما وأن أحد مميزات النظام النسبي الذي يستند إليه قانون الانتخاب، انه سيؤدي إلى بروز تمثيل نيابي لمجموعة من القوى السياسية من خارج الاصطفافات السياسية الراهنة، واغلبها من الوجوه الشابة غير التقليدية والتي تطمح إلى ان يكون لها دور في الحياة السياسية الجديدة.

ولا تخفي المصادر سبباً آخر، وهو هزّ التحالف القائم بين «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل»، والذي يفترض ان يخوض الانتخابات في غير منطقة ودائرة انتخابية، على اعتبار ان هذا التحالف ما زال طري العود، وانه مع مضي الوقت والأيام والاستحقاقات السياسية المقبلة، ممكن ان يقوى عوده ويتصلب، ولا سيما إذا استطاعت الحكومة ومعها العهد ان يحقق إنجازات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، ستكون له حتماً ارتدادات شعبية مناسبة، تضمن له مكاسب انتخابية، بخلاف الوضع الحالي بين التيارين، حيث تبرز بعض التباينات في وجهات النظر، سواء بالنسبة لموضوع عودة النازحين السوريين أو بالنسبة للتحقيقات في حوادث عرسال 2014، وحتى بالنسبة إلى قانون الانتخاب نفسه، ولا سيما داخل اللجنة الوزارية المكلفة البحث في تطبيق القانون.

وفي هذا السياق، كانت لافتة للانتباه، ان أوّل ردة فعل على إلغاء البطاقة الممغنطة، بعدما تبين استحالة اعتمادها في الانتخابات، صدرت من «التيار الوطني الحر»، حيث طالب الوزير جبران باسيل بتقريب موعد الانتخابات ولو في الشتاء بخلاف تيّار «المستقبل» الذي بقي متحمساً لاجراء الانتخابات في موعدها المقرّر في أيّار من السنة المقبلة، وهو ما زال على هذا الموقف، وقد تجنبت مصادره أمس إطلاق أي موقف من خطوة الرئيس برّي، مكتفية لدى سؤالها من «اللواء» بان كتلة «المستقبل» سوف تدرس الأسباب الموجبة التي بنى عليها الرئيس برّي اقتراحه القانوني، وتعلن موقفها في حينه.

ولا تستبعد المصادر ان تكون خطوة برّي محاولة «للقوطبة» على التيار العوني، وضرب الحديد وهو حامي، قبل ان يتمكن «المستقبل» من إقناع حليفه بالبقاء على موعد الربيع، انطلاقاً من مقولة ان الحكومة غير جاهزة بعد لاجراء انتخابات مبكرة، ولا سيما بعد القرارات التي اتخذتها مؤخراً، سواء على صعيد تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات، او تلزيم إنتاج بطاقة الهوية البيومترية، والتسجيل الالكتروني للبنانيين المنتشرين في ديار الاغتراب.

يُشار هنا إلى ان مصادر نقلت عن الرئيس ميشال عون الموجود حاليا في نيويورك للمشاركة في اجتماعات الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة، قوله بأنه قبل على مضض، ان تكون الانتخابات في أيّار بحجة إنجاز واستخدام البطاقة الممغنطة، وانه كان صاحب اقتراح تقصير ولاية المجلس.

اما وزير العدل سليم جريصاتي فقد رحب بأي موعد لتقريب الانتخابات بالمطلق، وقال لـ «اللواء» علقنا كل تمديد الانتخابات كالعلقم، ونحن متضررون من مسألة التمديد.

ورفض جريصاتي الحديث عن موضوع التشكيلات القضائية التي باتت بحكم المنجزة، وأشار إلى ان كل جهده ينصبّ حاليا على هذا الموضوع.

وكشفت مصادر قضائية، ان هذه التشكيلات ستحدث تغييرات جذرية في الهيكلية القضائية، سواء في النيابات العامة أو في قضاة التحقيق، وستعطى الأولوية للشباب ولخريجي معهد الدروس القضائية.

وفي تقدير المصادر النيابية، فإن هناك سبباً ثالثاً وراء اقتراح برّي، وهو ملاقاة المتغيّرات الحاصلة في المنطقة وسوريا، والتي تعتقد مصادر عين التينة انها ستكون لمصلحة محور الممانعة، وبالتالي فإنه لا مبرر من تكريس هذه المتغيّرات، بإعادة خلط الوقائع في العملية السياسية الداخلية ربما يحفظ خط ومكاسب هذا المحور في انتخابات مبكرة.

ومهما كان من أمر، فإن خطوة بري والتي ترجمت مطلبه السابق لجهة تقديم موعد الانتخابات كرست، في حال تحققت، انتفاء الحاجة قانونا للانتخابات الفرعية في طرابلس وكسروان، بعدما كان له ان «ترحم» عليها سابقا.

واللافت ان برّي تقدّم باسمه وباسم كتلة التنمية والتحرير بعد اجتماع استثنائي عقدته أمس في عين التينة، باقتراح قانون معجل مكرر يهدف إلى تقصير ولاية المجلس الحالي لتنتهي في 13 كانون الأوّل 2017 بسبب صعوبة تأمين «البطاقة البيومترية» على ان تجري الانتخابات قبل هذه المهلة بشهرين وفق القانون.

وجاء التعديل كالآتي: تعديل الفقرة الثانية من المادة 41 رقم 44. لتصبح على الشكل الآتي: تنتهي ولاية مجلس النواب الحالي في نهاية العام الحالي، على ان تجري الانتخابات قبل هذا التاريخ وفق الاحكام المنصوص عليها في القانون، بعد تعديل المهمل في الإجراءات التنفيذية بما يتلاءم مع هذا التعديل».

وقال بري: انني تبنيت موضوع التمديد عندما كان هناك مبرر، لكن اليوم لم يعد هناك مبرر للتمديد مركزا على ان «حل مجلس النواب متوقف على إرادة المجلس النيابي وهذا اقتراح القانون الذي قدمته، وسيتم تقديمه في الجلسة المقبلة وليس جلسة الغد» (اليوم) التي ستنظر في 44 مشروع واقتراح قانون.

وأعلن برّي عن تقدّم الكتلة بعدة اقتراحات تتعلق بالنفط، مشددا على أهمية اقتراح الإجراءات الضريبية للنفط المدرج على جدول أعمال جلسة اليوم، وشرح قائلاً: اولا: اقتراح قانون الصندوق السيادي اللبناني ليتخصص بسد الدين العام، والكتلة وقعت قانون السيادة هذا من النائبين أنور الخليل وياسين جابر وسيتم تقديمه غدا، وثانيا: اقتراح قانون الشراكة الوطنية، وستتقدم الكتلة الأسبوع المقبل بقانون الشراكة الوطنية وبعده قانون البر، كي يلاقي البر موضوع البحر والمياه الاقليمية».

توضيح المشنوق

وفي سياق متصل، ردّ المكتب الإعلامي لوزير الداخلية نهاد المشنوق، على الحملة التي رافقت قرار مجلس الوزراء بتلزيم إنتاج البطاقة البيومترية، بعقد رضائي، سواء من قبل الرئيس برّي الذي انتقد هذا العقد في مؤتمره الصحفي، أو من قبل رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، الذي وصفه «بالفضيحة» موضحا (أي المكتب) ان الوزير المشنوق وقوى أساسية في الحكومة صوتوا ضد القعد بالتراضي، لكن وافقوا عليه تحسبا من استحالة تطبيق المادة 84 من قانون الانتخاب الذي نص على البطاقة الممغنطة، ثم الاستغناء عنها لأن الاعتمادات التي سترصد لها ستكون هدرا للمال العام، طالما انه سيتم استعمالها مرّة واحدة كل أربع سنوات.

وعن سبب التعاقد مع شركة محددة بالتراضي، لاستخراج البطاقة البيومترية، فقد لفت التوضيح إلى ان الشركة المقصودة «ساجيم» تعمل على إنتاج بطاقات الهوية منذ العام 1997 وتنطلق من قاعدة بيانات مليونين و400 ألف لبناني، ولان اجراء مناقصة قد يستغرق بين شهرين وثلاثة أشهر وأن التزام الحكومة ووزير الداخلية باجراء الانتخابات في موعدها لا يحتمل هذا التأخير.

المجلس الدستوري

وعلى صعيد آخر، التأم المجلس الدستوري أمس، للبحث في الطعن المقدم من نواب الكتائب الخمسة وخمسة نواب آخرين في قانون الضرائب لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، الا انه لم يتخذ أي قرار في شأنه وحدد غدا الأربعاء موعدا جديدا لاستكمال البحث.

ولفت رئيس المجلس القاضي عصام سليمان لـ «اللواء» إلى وجود مهلة أقصاها 15 يوما لإصدار القرار في غرفة المذاكرة، مؤكدة ان القرار سيصدر ضمن المهلة المحدد في القانون، مشددا على ان رئيس المجلس والأعضاء ملتزمون بصرامة بسرية المذاكرة وموجب التحفظ، لذلك يجري التداول في دستورية القانون المطعون فيه بعيدا عن الإعلام.

وتوقعت مصادر مطلعة ان يصدر القرار قبل نهاية الأسبوع الحالي.