Site icon IMLebanon

تباين في مجلس الوزراء: الأولوية لدفع السلسلة أم التمويل؟     

تباين في مجلس الوزراء: الأولوية لدفع السلسلة أم التمويل؟        

لقاء باسيل – المعلّم يهزّ التسوية والمشنوق يقاطع زيارة عون: إعتداء على رئاسة الحكومة

على وقع إضراب نقابي – وظيفي في المدارس والثانويات والمهنيات اليوم، عقد مجلس الوزراء جلسة مسائية في السراي الكبير، استبقها الرئيس سعد الحريري بمروحة واسعة مع طرفي الإنتاج الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام، فضلاً عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والغاية تتلخص بنقطة واحدة: إيجاد حلّ بعد قرار المجلس الدستوري ابطال قانون تمويل سلسلة الرتب والرواتب، المعروف بقانون الضرائب.

ينطلق الحل من معادلة رسمها الرئيس الحريري قوامها عناصر ثلاثة:

1- تنفيذ السلسلة.

2- احترام قرار المجلس الدستوري الذي أبطل قانون تمويل السلسلة.

3- حماية الاستقرار النقدي والمالي، الذي يضمن قيمة مداخيل اللبنانيين ومدخراتهم.

المعلومات التي حصلت عليها «اللواء» أفادت ان تبايناً بين الوزراء سجل، ولكن من زاوية الوفاء بالسلسلة ومن زاوية توفير التمويل.

وقالت هذه المعلومات ان بعض الوزراء دعوا إلى دفع السلسلة وفق الجداول المعتمدة على الأساس الجديد، فيما رأى وزراء آخرون ان التمويل يجب ان يتوفر أولاً، سواء عبر قانون خاص، أو من ضمن الموازنة، لأنه لا يمكن دفع السلسلة ثم البحث عن التمويل، عبر فرض الضرائب.

ولئن كانت الهيئات الاقتصادية وافقت على فرض ضرائب، وفقاً لما أشار رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة، ولئن كان حاكم مصرف لبنان نصح بتوفير التمويل لدفع السلسلة، فإن غياب عدد من الوزراء لا سيما الوزيران جبران باسيل وسيزار أبي خليل وآخرين، ساهم بإرجاء اتخاذ القرارات الملائمة التي كشف وزير الإعلام ملحم رياشي ان في جلسة الغد ستتخذ القرارات المهمة.

مجلس الوزراء

وهكذا، لم يتمكن مجلس الوزراء في جلسته الاستثنائية والتي جرى تقديم موعدها إلى مساء أمس بدلاً من اليوم لكي لا تصطدم بحركة الاضرابات والاعتصامات التي بدأت في الشارع، للضغط على الحكومة للسير في تنفيذ سلسلة الرتب والرواتب وصرفها للموظفين والمعلمين آخر الشهر، بعدما أصبحت قانوناً نافذاً، من التوصّل إلى صيغة حل للمأزق الذي نجم عن طعن المجلس الدستوري بقانون الضرائب المموّلة للسلسلة، واعتباره بأنه لم يكن رغم ان الخيارات باتت معروفة ومحضورة باثنين وهما: اما تعليق تنفيذ السلسلة شهراً أو شهرين ريثما تتوفر الاعتمادات المالية بموجب مشاريع قوانين جديدة، أو دفع الرواتب على أساس الجداول القديمة، بعد فتح اعتماد بموجب مشروع مرسوم من مجلس الوزراء، أو مشروع قانون يحال إلى مجلس النواب استناداً إلى قاعدة لا انفاق بدون واردات.

وعليه، رفع مجلس الوزراء جلسته إلى الثلاثاء المقبل، لاعداد صياغة جديدة للمادتين 11 و17 من القانون اللتين طعن بهما المجلس الدستوري، الأولى باعتبار انه يشوبها الغموض ما يؤدي إلى تطبيقها بشكل استنسابي يُسيء إلى العدالة والمساواة، والثانية باعتبارها خرقاً لمبدأ المساواة امام التكاليف العامة والضرائب، ولتعارضها مع الفقرة «ج» من مقدمة الدستور والمادة 7 منه، بحسب قرار المجلس الدستوري، إضافة إلى البت بمسألة قطع الحساب، والتي شدّد عليها المجلس أيضاً في قرار الطعن وذلك من أجل تضمين الضرائب المعدلة في مشروع الموازنة، والذي يفترض ان يباشر مجلس النواب بدرسه واقراره في جلسة قريبة سيدعو إليها الرئيس برّي، بما ينسجم مع رؤية الدستوري بأن تكون الضرائب الجديدة من ضمن الموازنة وليست منفصلة عنها.

وكان الرئيس الحريري قد استهل الجلسة، والتي استبقها بسلسلة مشاورات عاجلة أجراها مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس الهيئات الاقتصادية محمّد شقير ورئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، بمداخلة أكّد فيها تصميم الحكومة على تنفيذ السلسلة، باعتبارها مؤتمنة على تنفيذ القوانين والتشريعات التي يسنها المجلس النيابي، ولانها مؤتمنة أيضاً على الدستور والمؤسسات، وهي بذلك تحترم قرار المجلس الدستوري بإبطال القانون الذي يمول السلسلة.

وفي إشارة واضحة إلى مسألة رواتب الموظفين، شدّد الحريري أيضاً على ان الحكومة مؤتمنة كذلك على مصالح اللبنانيين، ومن أهمها الاستقرار النقدي والمالي الذي يضمن قيمة مداخيل اللبنانيين ومدخراتهم.

وذكرت مصادر وزارية ان البحث في الجلسة تركز على نواحٍ  قانونية ودستورية لتلافي اي ثغرات في قانون الضرائب الجديد الذي سيتم اعداده وارساله الى مجلس النواب لادخاله في مشروع الموازنة وذلك في ضوء الحيثيات الدستورية التي اوردها المجلس الدستوري في قرار إبطال قانون الموارد المالية.

واوضحت المصادر ان الحكومة ورئيسها اكدا الالتزام بقانون السلسلة ودفع الرواتب الجديدة، كما الالتزام بقرارالمجلس الدستوري، ورجحت ان يتم دفع الرواتب لهذا الشهر وقيمتها نحو 70 مليون دولار اي 108 مليارات ليرة وهي متوافرة في خزينة الدولة.

واكدت المصادر ان المخرج المطروح يقوم على تسريع اقرارالموازنة مع الموارد المالية والضريبية لها وتجاوز موضوع قطع حسابات الموازنات القديمة عبر اقرار قانون بتجميد العمل مؤقتا بالمادة 87 من الدستور التي تلزم الحكومة بانجاز قطع حساب الموازنة سنويا، وذلك لحين انجاز قطع الحسابات القديمة التي تجريها وزارة المالية.

وعن الضمانات بأن يسرع مجلس النواب بإقرار الموازنة خلال فترة قصيرة قالت المصادر انها مصلحة لجميع الاطراف بانجازها.

واوضحت المصادر ان تأجيل الجلسة الى الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر الثلاثاء هدفه افساح المجال للتشاور بين الحكومة ومجلس النواب للاتفاق على الحل النهائي، مؤكدة ان جلسة الغد ستكون حاسمة لجهة اتخاذ القرارات المناسبة مع تطمين المواطنين بأن لا تراجع عن موضوع السلسلة.

وبحسب معلومات «اللواء» فإن الوزراء جميعا اثنوا على ما أعلنه الرئيس الحريري، ثم كانت مداخلات لعدد من الوزراء تحدثوا فيها عن مقترحات، إضافة إلى استفسارات حول مصير القرارات التي اتخذت بعد إقرار السلسلة ومنها ما يتعلق بالموظفين وساعات الدوام وأيام العطل، وغيرها من المواضيع التي كانت موضع تساؤل لدى معظم المواطنين، مع التأكيد على ضرورة تطبيق السلسلة، معتبرين ان تعليقها لفترة معينة لا يعني إلغاء العمل فيها مهما كانت الظروف والتحديات.

أوّل المتحدثين كان وزير المال علي حسن خليل الذي طلب منه الرئيس الحريري الكلام بعد مداخلته، فأوضح أن لا ورقة محددة لديه بالنسبة للموضوع، وأن ما سيطرحه هو محضر الاجتماع الذي عقد عصر السبت في وزارة المال في حضور ممثلين عن الكتل النيابية، مؤكدا التزامه التام بما يقرره مجلس الوزراء، وشدّد على انه لا يستطيع الاقدام على ما وصفه بـ «مغامرة مالية» رغم انه يرى ضرورة إعطاء السلسلة للموظفين، لكن الموضوع يحتاج إلى إجراءات شاملة.

وأوضح الوزير خليل في اتصال مع «اللواء» انه لم يتقدّم بأي مقترحات مكتومة في شأن معالجة أزمة السلسلة، وأن ما يقرره مجلس الوزراء انفذه كوزير مال. مشيرا إلى ان السلسلة حق مشروع لكل مستحقيها، وعلى الدولة والوزارات المعنية ونحن منها ان تنفذ وتحقق هذا الحق، التزاما بالمسؤولية تجاه النّاس ونص القانون.

وفي تقدير مصادر وزارية ان الوزير خليل سينكب خلال الساعات المقبلة على اعداد صيغ محددة لعرضها على مجلس الوزراء غدا، سواء على صعيد قطع حساب بالموازنة التي أثارها وزير العدل سليم جريصاتي، رغم انه كان من الفريق الذي عطل إصدار موازنات الدولة لمدة عشر سنوات، أو بما تعلق بتعديل صياغة المادتين 11 و17 من القانون المطعون منه، وهذا كان سبب تأجيل الجلسة إلى الغد بدلا من اليوم الاثنين حسب ما تقرر في نهاية الجلسة، علما ان الجلسة المقرّرة لمجلس الوزراء في طرابلس يوم الخميس المقبل، غير مؤكدة حتى الساعة، وربما تتأجل لاعتبارات تتصل بأزمة السلسلة.

قنبلة المشنوق

وفي موازاة مأزق السلسلة، ومعها الحكومة والمجلس، برزت إلى واجهة الأحداث أزمة جديدة تتصل بمسار التسوية السياسية التي انتجت العهد الجديد، تسبب بها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بلقائه الأخير مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، مما دفع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق إلى الاعتذار عن مرافقة رئيس الجمهورية ميشال عون ضمن الوفد الوزاري الذي يرافقه اليوم إلى باريس.

وتأكد هذا الاعتذار من خلال توزيع مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أسماء أعضاء الوفد المرافق للرئيس عون من دون اسم الوزير المشنوق.

واللافت ان الوزير المشنوق، لم يكتف بالاعتذار، بل شن هجوما عنيفا على الوزير باسيل، في خلال حفل التكريم الذي أقامه اتحاد جمعيات العائلات البيروتية أمس، حيث أعلن ان لقاء باسيل – المعلم يُشكّل اعتداء سياسيا على موقع رئاسة الحكومة ومخالفة للتسوية السياسية وللبيان الوزاري للحكومة.

وأشار  إلى أن «التسوية السياسية التي أقدمنا عليها كان هدفها حفظ البلد واستقراره الأمني والسياسي والاقتصادي، خلال المرحلة الانتقالية التي تمر بها منطقة تشتعل بالحرائق، وكي لا يصيب اللبنانيون شظايا من حروب المنطقة»، مؤكدا «أننا لم نوقع تنازلا على أي من ثوابت الدستور والطائف». مشددا على «أن هذا الأمر لن نقبل به في أي ظرف من الظروف ولن يمر بسهولة وهذا خط أحمر لا يمكن تجاوزه».

وأعلن «أن هذا الوضع المستجد يتطلب قرارا سياسيا مماثلا لمواجهة ما تم، وهو موضع تشاور بغية اتخاذ الموقف المناسب خلال أيام قليلة»، مضيفا «لن نتخذ قرارات انفعالية ونحن حريصون على الكرامة السياسية لرئاسة الحكومة ايا كان من يشغل منصب رئاسة الحكومة».

وشدد وزير الداخلية على «أننا لا نخاف من التوطين، لأننا نثق بقدرتنا على منع حصوله».

وفي الشأن الانتخابي، أكّد المشنوق انه «ستجري في موعدها، لكن بالتسجيل المسبق في مكان السكن، لأن الوقت ما عاد يسمح بإنتاج بطاقة ممغنطة ولا هوية بيومترية في الاشهر القليلة المتبقية، وهناك خلافات بين القوى السياسية لا يبدو انها ستنتهي قريبا؛.

ردّ وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، على منتقدي لقائه مع وزير الخارجية السورية وليد المعلم في نيويورك، من دون ان يسميهم، قائلا عبر حسابه على «تويتر»: «اي لقاء فردي أو ثنائي أو جماعي نقوم به يكون لمصلحة لبنان، ومن يعتدي على مصلحة لبنان هو من يرفض إخراج النازحين منه».

إلى ذلك، توقعت مصادر سياسية وازنة ان لا تحصل الانتخابات النيابية مبكرة، بحسب ما اقترح الرئيس برّي، ولا انتخابات في أيّار 2018، مشيرة إلى ان البطاقة البيومترية ليست الحجة الوحيدة لتأجيل الانتخابات.

عون في باريس

وكان الرئيس عون، كشف في سلسلة مقابلات مع صحف ومجلات فرنسية، عشية سفره إلى باريس، حيث سيلتقي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وكبار المسؤولين الفرنسيين، على مدى ثلاثة أيام، عن مشاورات قال انها قيد البحث مع الحكومة السورية حول مسألة عودة النازحين السوريين، بعد ان أعادت الحكومة السورية السيطرة على 82 في المائة من المساحة الجغرافية للدولة السورية.

وأوضح انه سيتحدث مع الرئيس الفرنسي في مواضيع عدّة، وانه سيطلب منه ان يضاعف التعاون الثقافي والإداري والعسكري بين لبنان وفرنسا، كاشفاً انه يتواصل مع الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله عندما يرى ذلك ضرورياً، لكن ليس هناك لقاءات مباشرة منذ انتخابه رئيساً للجمهورية.

الحراك النقابي

مدرسياًً، تعثرت انطلاقة العام الدراسي التي كانت مقررة رسمياً اليوم، بعد اعلان هيئة التنسيق النقابية الاضراب المفتوح ابتداءً من اليوم للمطالبة بدفع الرواتب على أساس السلسلة.

واعلنت هيئة التنسيق النقابية الاضراب العام والشامل ابتداءً من اليوم بعد مؤشرات رضوخ أطراف في الطبقة الحاكمة الى ضغوطات الهيئات المصرفية والاحتكارية وتكتل أصحاب المدارس الخاصة، وامام ما يشاع من ان مجلس الوزراء يتجه إلى مشروع قانون تأجيل دفع الرواتب على الاساس الجديد الى ما بعد اقرار الموازنة المعطلة منذ ١٢ سنة؛ ولأن اي تأجيل يعني قهر الفئات الشعبية في ظل ارتفاع الأسعار الذي رافق الاعلان عن اقرار مشروع السلسلة؛ فإن هيئة التنسيق النقابية تدعو إلى تنفيذ الإضراب العام والشامل في الإدارات العامة وفي المدارس والثانويات الرسمية والخاصة وفي دور المعلمين والمؤسسات العامة والبلديات وذلك ابتداء من صباح اليوم. على ان تبقي الهيئة اجتماعاتها مفتوحة لاتخاذ الخطوات في ضوء التطورات محتفظة بحقها بأعلى درجات التصعيد بما في ذلك التظاهر والاعتصام وشل المرافق العامة. ان هيئة التنسيق النقابية تؤكد توفر الأموال لدفع الرواتب على الاساس الجديد واذا كانت الحكومة مضطرة لتخفيض الإنفاق فليكن ذلك بإعادة جدولة فوائد الدين العام الذي يكلف الدولة سنويا ٨٠٠٠ مليار ليرة لبنانية وهي تدفع بانتظام الى أصحاب المصارف منذ ٢٥ عاما .فهل حقوق المصارف مصانة وحقوق الناس مستباحة؟.

واصدرت رابطة اساتذة التعليم الثانوي الرسمي بياناً  لفتت فيه ان السيناريو الذي حصل اظهر جليا أن هناك نوايا مبيتة لإيقاف العمل بقانون السلسلة والانقضاض على الحقوق المكتسبة خدمة لحيتان المال وتجار الحرف ومغتصبي الأملاك البحرية والنهرية تحت مسميات ومقاربات مختلفة تجافي الحقيقة علما أن تغطية السلسلة ولمدة أكثر من ستة أشهر مؤمنة وموجودة في المصرف المركزي حسب رأي أكبر خبراء المال.