الرواتب الجديدة بدءاً من اليوم.. والحريري يرفض التطبيع مع النظام السوري
عون يتعهد بنشر الموازنة ولو تأخر قطع الحساب.. ونصر الله يكشف عن خسائر للحزب في مواجهات دير الزور
.. وبالتوافق تدوم النِعمَ..
عزا الرئيس سعد الحريري، بعد جلسة مجلس الوزراء، وهي الرابعة من نوعها، لجهة التخصيص، المتصل بدراسة سبل تمويل سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام، بعد قرار المجلس الدستوري ابطال قانون الضرائب لتوفير السيولة المطلوبة لدفع الرواتب الجديدة في ضوء القانون 46 المعروف «بقانون السلسلة».
عزا إلى «التوافق السياسي» تجاوز المشكلة، التي وصفها بأنها لم تكن مشكلة سياسية بل من ضمن لعبة المؤسسات الدستورية.. مذكراً بخارطة المعايير التي وضعها لتجاوز المأزق، والمتصلة باحترام القوانين والدستور والمحافظة على النقد الوطني وحماية مدخرات اللبنانيين ومداخيلهم.
وكشف الرئيس الحريري انه تمّ التوصّل إلى «مشروع قانون معجل مكرر، يتضمن التعديلات الضريبية اللازمة، سيرسل إلى مجلس النواب، ليقرّ في أسرع وقت، فضلاً عن الاتفاق على صيغة لقطع الحساب، تفتح الطريق لإقرار موازنة العام 2017»، محدداً فترة زمنية تتراوح بين ستة أشهر وثمانية لإنجاز ما يخص الموازنة وقطع الحساب، أي قبل موعد الانتخابات النيابية المقررة في أيّار 2018.
وقال مصدر وزاري لـ«اللواء» ان الرئيس الحريري نجح في فصل السياسي الخلافي عن الوفاقي الداخلي، انطلاقاً من منطوق التسوية الرئاسية، فتمسك بثوابته في موضوع التعامل مع النظام السوري، مؤكداً انه ليس مستعداً للتعامل مع النظام لا من قريب ولا من بعيد، و«أنا غير موافق على اجتماع الوزير جبران باسيل مع وزير خارجية الأسد وليد المعلم».
مجلس الوزراء
وكانت الحكومة أنجزت في جلستها الرابعة امس كل الترتيبات والاجراءات القانونية والدستورية والاجرائية لدفع سلسلة الرتب والرواتب وتعديل قانون الموارد الضريبية، وفق ملاحظات المجلس الدستوري، واوجدت مخرجاً ايضا لمشكلة قطع حساب الموازنات السابقة قضى بتضمين مشروع قانون الموازنة لعام ٢٠١٧ مادة تنص على انه يجوز للحكومة نشر الموازنة العامة على ان تقوم وزارة المالية خلال فترة لا تتجاوز السنة بإنجاز قطع الحساب وتقديمه الى ديوان المحاسبة ليقوم بالتدقيق فيه وفق الاصول. وقد تحفظ وزراء القوات اللبنانية على هذه الصيغة وفضلوا تعليق العمل مؤقتا بالمادة 87 من الدستور المتعلقة بوجوب انجاز قطع الحساب قبل نشر الموازنة.
وذكرت المعلومات ان وزراء «التيار الحر» تمسكوا ايضا في جلسة الخميس في بعبدا بتعليق المادة 87 لكن التعليق لم يحظَ بالاجماع ما اضطر الرئيس عون الى اخذ الامر على عاتقه باقتراح زيادة مادة على الموازنة بما خص قطع الحساب للعمل عليه من قبل وزارة المال في مدة ستة اشهرالى سنة بعد اصدار الموازنة.
وتم خلال الجلسة تعديل البندين 11 و17المطعون بهما من قبل المجلس الدستوري، والذي يتعلق احدهما بالاملاك البحرية وقدتم استخدام عبارة «معالجة» وليس «تسوية» مخالفات الاملاك البحرية حتى لا يُعطى المخالفون حقامكتسبا بملكية المشاعات والشواطئ التي احتلوها واقاموا منشآت عليها، ونصت المادة على ان يدفع المخالفون رسوما على العقارات التي احتلوها وغرامات على مخالفة البناء عليها.
لكن وزيري الحزب الاشتراكي مروان حمادة وايمن شقير تحفظا على صيغة معالجة الاملاك البحرية واعلن حمادة بعدالجلسة: انه تم وضع زيادات بالنسبة الى الرسوم والغرامات عليها، ولكن نحن لدينا مقاربة مختلفة عبر عنها «اللقاء الديموقراطي» والحزب التقدمي الاشتراكي والتي تعترف بحق اللبناني على الاملاك البحرية ولا نقبل ان ينتقص أي قانون حقه الدستوري في ذلك.
وبالنسبة للبند الاخر المتعلق بضرائب اصحاب المهن الحرة، تم تعديل النص واعادة صياغته بما يكفل فرض الضريبة الواحدة على المكلف حتما من اشخاص ومؤسسات تجارية. وثمة حساب ستجريه وزارة المالية حول هذا الموضوع لتكون الضريبة عادلة وتراعي الربح المقطوع.
وقال وزير الشباب والرياضة محمد فنيش لـ«اللواء» ان موقف رئيس الجمهورية في جلسة الخميس في بعبدا اسهم كثيرا في معالجة مشكلة قطع الحساب بتعهده نشر الموازنة بعد اقرارها في مجلس النواب من دون قطع الحساب بعد التعديل الذي اضيف الى قانون الموازنة (مع التعهد بأن تتولى وزارة المالية إنجاز هذه المهمة خلال ستة اشهر الى سنة).
اضاف: كما ان حسن ادارة رئيس الحكومة سعد الحريري للجلسات الاربع التي عقدت في السرايا ومتابعته الدؤوبة وصبره واتصالاته كلها عوامل اسهمت في التوصل الى الحل.
ورأى فنيش ان الحكومة قامت من خلال هذا العمل بإنجازين: الاول دفع السلسلة لأصحابها بأعتبارها حقا مكتسبا بالقانون، والانجاز الثاني هو تحقيق التوازن المالي للخزينة، من دون المس بجيوب الفقراء ومتوسطي الحال حيث ان مانسبته بين 90 و95 في المائة من الضرائب ستفرض على الاغنياء والميسورين.
وكان فنيش تحدث بطريقة إيجابية، وفق ما كشفت معلومات، خلال مداخلة لافتة للوزير حمادة حول موضوع قطع الحساب من العام 1993 حتى العام 2005، في ظل حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حين قال موجهاً حديثه إلى وزير العدل سليم جريصاتي: «بينما نحن كنا نعمّر البلد كنتم انتم في فرنسا».
وكاد هذا الكلام يفجر نقاشاً ساخناً بين الوزيرين، لكن الرئيس الحريري تدخل لإنهاء النقاش والذي لم يحل أيضاً من الغمز من قناة الرئيس عون، عندما أسف حمادة لبعض المعطيات الخاطئة والمعلومات المغلوطة عند بعض السياسيين حول ملف النازحين السوريين.
الحريري
وحرص الرئيس الحريري على ان يزف بنفسه شخصياً «بشرى» التوافق على الإجراءات القانونية، التي تم الوصول إليها لمعالجة أزمة السلسلة، ودفعها للموظفين «في الوقت الذي يجب ان تدفع فيه»، داعياً إلى وقف التشكيك بالحكومة، منوهاً «بالتوافق السياسي الذي لولاه لكان البلد دخل في مرحلة معقدة وصعبة»، مؤكداً بأن هذا التوافق هو الذي أنتج هذا الحل، وهو الذي سيؤسس كيف نحكم هذا البلد وكيف نضع مصالح المواطنين قبل مصالح كل الأحزاب، كاشفاً انه «متحالف مع الرئيس عون ومع الرئيس نبيه برّي ومع كل القوى السياسية الموجودة في هذه الحكومة»، نافياً «ان يكون هناك فريق سياسي يريد دفع السلسلة وآخر يرفض دفعها»، معتبراً ان مجلس الوزراء كذّب هؤلاء، وأظهر انه متضامن في أخذ القرارات اللازمة، مشيراً إلى انه كان على اتصال مع الرئيس برّي، وأن الرئيس عون فتح باب الحل بشكل كبير (في جلسة مجلس الوزراء أمس الأوّل).
اما الحل، فقد شرح الرئيس الحريري تفاصيله، موضحاً انه تمّ التوصّل إلى مشروع قانون معجل مكرر يتضمن التعديلات الضريبية اللازمة وسنرسله إلى المجلس النيابي لاقراره بأسرع وقت، لافتاً إلى ان هذه التعديلات هي بشكل أساسي تلك التي كانت موجودة في القانون السابق المطعون به، مع الأخذ بملاحظات المجلس الدستوري، كاشفاً أيضاً عن اتفاق على صيغة لقطع الحساب تمكننا مع المجلس النيابي من إقرار الموازنة سريعاً».
ولم يخف الحريري، مع ذلك، وجود خلاف سياسي حول موضوع التطبيع مع النظام السوري، مؤكداً بأنه «ليس مستعداً للتعامل مع هذا النظام لا من قريب ولا من بعيد»، وقال: «هذا الأمر واضح، وهذه الحكومة واضحة وبيانها الوزاري واضح أيضاً، فلا يأخذني أحد إلى مكان آخر في هذا الموضوع».
وأشار أيضاً إلى انه «غير موافق على ان يجتمع الوزير (جبران) باسيل مع وليد المعلم ونقطة على السطر».
وختم الرئيس الحريري موجهاً كلامه إلى كل اللبنانيين قائلاً: «هذه هي الديمقراطية، تحصل طعون وتحصل ردود، ويحصل توافق، ولكن الأهم والذي أثبت اننا نسير على الطريق الصحيح، ان هذا التوافق السياسي تمكن في المراحل الصعبة للغاية من إيجاد كل الحلول لكي نخرج من أزمات كانت في السابق «رح تفوتنا بالحيط».
الضرائب على المصارف
وفيما لم يشأ الرئيس الحريري الكشف عمّا إذا كان موضوع الضرائب على المصارف ما زال قائماً، مكتفياً بأن الحكومة أخذت بكل الملاحظات المقدمة من قبل المجلس الدستوري، و«ان شاء الله لن يتمكن أحد من الطعن مجدداً، مع ان لا شيء يمنع هذا»، كشفت مصادر مصرفية ان المصارف سترفض مجدداً الازدواج الضريبي بعدما تبين لديها ان هناك اتجاهاً لإلغاء هذه الضريبة على المهن الحرة وحصرها بالمصارف والقطوع التجاري.
واستناداً إلى هذه المعلومات، وجه رئيس جمعية المصارف جوزف طربيه دعوة طارئة إلى أعضاء مجلس الإدارة للاجتماع قبل ظهر اليوم في مقر الجمعية، كما تعقد الهيئات الاقتصادية اجتماعاً بدورها قبل الظهر، لاعداد الورقة التي كان رئيس غرفة بيروت محمّد شقير وعد بوضعها خلال اجتماعه بالرئيس الحريري نهاية الأسبوع الماضي، على ان تتضمن بعض الضرائب التي تساعد على تأمين كلفة السلسلة، وبالتالي يرفعها إلى رئيس الحكومة الاثنين المقبل..
وعلمت «اللــواء» أن ورقة المصارف والهيئات الاقتصادية تتضمن إجراءات توفّر ما مقدار مليار دولار للمساهمة بتغطية نفقات السلسلة.
وفتحت القرارات التي كشف عنها الرئيس الحريري، بعد مجلس الوزراء، الطريق أمام بدء العام الدراسي في المدارس الرسمية، بدءاً من الإثنين 2/10/2017، بعد أن أعلنت هيئة التنسيق النقابية تعليق الإضراب، الذي شلّ البلد لمدة 5 أيام، بالتزامن مع جلسات مجلس الوزراء..
وأعربت الهيئة في مؤتمر صحفي عقدته عن «تمنيها بأن يكون قرار تنفيذ السلسلة حاسم ولكل الأشهر وليس فقط للشهر المقبل»، مشدّدة على اننا «لسنا هواة اضراب وتظاهر، ولكن أنتم تدفعونا للقيام بهذه التحركات ونتمنى أن لا نعود إليها مرّة ثانية».
كما أعلن المراقبون الجويون العاملون في مطار بيروت الدولي عن انه «نتيجة لإرسال المعاشات بناء على السلسلة الجديد، وبناء على القرارات الأخيرة في مجلس الوزراء بضمان دفع السلسلة في الأشهر المقبلة، تصدر اللجنة توصية بتعليق الإضراب وتأجيله إلى موعد لاحق للمطالبة بالأمور الخاصة بالمراقبين».
عون: الإرهاب والنزوح
في غضون ذلك، أكد الرئيس عون خلال اجتماعه بنائب قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال شارل براون، في حضور السفيرة الأميركية في بيروت أليزابيت ريتشارد ان «لبنان ماضٍ في مكافحة الإرهاب بعد الإنجاز الذي حققه في تحرير جروده عند الحدود الشرقية من تنظيم «داعش»، لافتاً إلى ان الجهد ينصب حالياً على متابعة الخلايا النائمة واعتقال أفرادها» منوهاً بالدعم الأميركي للجيش اللبناني في التدريب كما في توفير الذخيرة.
ومن جهته، شدّد الجنرال براون الذي زار أيضاً الرئيس الحريري ثم وزير الدفاع يعقوب الصرّاف وقائد الجيش العماد جوزف عون على ان بلاده ستتابع تقديم الدعم للجيش اللبناني في المجالات العسكرية كافة كي يتمكن من تعزيز دوره في بسط سيادة الدولة وحماية أراضيها.
ومن ناحية ثانية، أوضحت مصادر مقرّبة من رئاسة الجمهورية لـ «اللواء» ان التقرير الذي وضعه الرئيس عون بين ايدي الوزراء في جلسة الوزراء أمس الأوّل هدف إلى تسليط الضوء على تداعيات النزوح السوري على مجمل الأوضاع في لبنان، مشيرة إلى ان الرئيس عون ثبت موقفه حيال هذه القضية وانعكاساتها، انه أراد حض الأطراف على إيجاد الحل لهذه القضية، لا سيما وانه يُدرك الخطر الديموغرافي للنازحين، وأن الأموال التي تصرف في هذا الملف يمكن ان تستخدم من أجل لبنان وبناه التحتية.
لكن اللافت على هذا الصعيد، ان مصادر التيار الوطني الحر لم تتحدث عن وجود خطة جديدة، في ما خص عودة النازحين أو التواصل مع السوريين في هذا المجال، على الرغم من معلومات تفيد ان رئيس التيار الوزير باسيل لديه خطة على هذا الصعيد، واكتفت بالتذكير بالمواقف التي سمعها أعضاء الوفد المرافق للرئيس عون إلى فرنسا حول التواصل مع سوريا لهذه الغاية.
وأقرّت المصادر بوجود خلاف داخلي حول هذا الأمر، لكنها سألت عمّا إذا كان من حل آخر يساهم في تأمين العودة.
نصر الله
ومع ان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله اعتاد ان يطل امام المجلس العاشورائي المركزي الذي كان الحزب يقيمه طيلة الأيام الثمانية السابقة من أيام عاشوراء، ويتناول فيها مسائل دينية واحيانا إقليمية، فإن اللافت ان التعبئة الإعلامية المركزية في الحزب، أعلنت مساء امس، ان الأمين العام ستكون له كلمة سياسية عند الثامنة والنصف من مساء اليوم السبت امام المجلس العاشورائي، مما أعطى الكلمة أهمية سياسية، خاصة في ما يتعلق بقانون العقوبات الأميركية الذي اقرته لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي أمس الأوّل، وفي ما يتعلق أيضاً بتفاصيل سقوط عدد من شهداء الحزب على محاور البادية الشرقية في منطقة حميمة في سوريا على يد تنظم «داعش»، لا سيما وأن عدد هؤلاء كان كبيرا (تردّد انهم 14 ما عدا الجرحى).
وكانت أوّل ردة فعل من الحزب على قانون العقوبات المالية الأميركية، جاءت من رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد، الذي اعتبر ان هذا القانون هو «لترهيب لبنان، وليس موجها لحزب الله»، مشيرا إلى انهم (أي الاميركيون) يريدون تركيع واخضاع لبنان والاستفراد به، فضلا عن احداث بلبلة بين المجتمع اللبناني وبين الدولة في لبنان، ولكن ولى هذا الزمن، فهؤلاء مهما تآمروا وخططوا لن يثنينا شيء عن التمسك بنهج المقاومة ومواجه الأعداء الذين يريدون إخضاع ارادتنا واذلالنا».