IMLebanon

طرابلس توحِّد لبنان ضد جريمة جبل محسن

طرابلس توحِّد لبنان ضد جريمة جبل محسن

 سلام يؤكّد على «مواجهة الإرهاب».. وتفاهم مع الكتائب لإقرار خطّة النفايات اليوم

المقهى الذي استهدفه التفجير الإنتحاري في جبل محسن

 انتصرت طرابلس على جراحها، واتجهت الأنظار مجدداً إلى الحكومة التي تجتمع بعد ظهر اليوم.. وطرح السؤال: هل تنتصر على خلافاتها وتتخذ القرار الجريء بالتوافق أو بالتصويت وتقرّ الخطة الوطنية للنفايات الصلبة، بعد التعديلات التي أدخلت عليها، وبعد البيان الإيجابي للرئيس أمين الجميّل؟

 من المؤكد أن الجريمة المرفوضة طرابلسياً ووطنياً والمدانة بكل المقاييس ستحضر على جدول أعمال الجلسة، عبر استهلالية الرئيس تمام سلام إلى جانب التأكيد على الانتهاء من قضية النفايات الصلبة، قبل أسبوع من انتهاء الموعد المتفق عليه لإقفال مطمر الناعمة في السابع عشر من الشهر الحالي.

ووفقاً للمعلومات التي توفرت لوزير البيئة محمد المشنوق، فإن الأجواء تنبئ بحدوث مفاجأة إيجابية لجهة الانتهاء من هذا الملف الشائك والمعقّد الذي وضع مصير الحكومة على المحك: فإما أن تثبت قدرتها على اتخاذ القرار وتمنع طوفان النفايات في الشوارع، أو تغرق في خضم الخلافات وتعلن فشلها، الأمر الذي يشكل خيبة، ويهدد الاستقرار العام، في ظل عودة التفجيرات التي دخلت في سباق مع الحوارات الجارية، سواء لتنفس الاحتقان المذهبي في الشارع الإسلامي، أو لتذليل العقد لتفاهم مسيحي على انتخاب رئيس الجمهورية يمهّد لتفاهم وطني.

وعشية الجلسة، نقل وزير الإعلام رمزي جريج إلى الرئيس سلام موقفاً إيجابياً من قيادة الكتائب، وحرصاً على التضامن الوزاري والاستقرار العام، ودعماً لرئيس الحكومة في ما خصّ موضوع النفايات.

وبعد الاجتماع، أصدر الرئيس الجميّل بياناً نسخ بيان المكتب السياسي الذي أوقف المفاوضات بين رئاسة الحكومة والكتائب، ومهّد لخطوة مرتقبة اليوم تقضي «بالإسهام في تسريع إقرار المشروع»، والكلام للرئيس الجميّل الذي توقّع في بيانه «أن تصل الأمور إلى الحل المنشود بما يخدم المصلحة الوطنية من كل جوانبها»، مجدداً «الثقة بأداء الرئيس سلام الذي يحظى باحترام حزب الكتائب».

ومع هذه النتيجة، توقع الوزير المشنوق في مقابلة مع تلفزيون «الجديد» الانتهاء من هذا الملف اليوم، وإقرار دفتر الشروط مع ورقة المبادئ التي تحدد التلزيم ومسؤولية الدولة في الرقابة ودور الشركات في تحديد المطامر، في ضوء المبادئ المعلنة، حتى إذا سارت الأمور في ضوء ما هو متوقع، بعد تأكيدات كل من الوزيرين سجعان قزي ورمزي جريج، وبعد رسالة الرئيس الجميّل، وأقرّت الخطة الوطنية لمعالجة النفايات، كان بإمكان مجلس الوزراء أن يوقّع على المراسيم التي تحتاج الى تواقيع، وربما ينتقل إلى مواضيع أخرى على جدول الأعمال أو خارجه، مبشّراً اللبنانيين أن لا أزمة نفايات وأن التمديد التقني لمطمر الناعمة هو مسألة وقت فقط، لافتاَ النظر إلى أن النظافة تحتاج إلى تسلّم وتسليم، مشيراً إلى أن النائب وليد جنبلاط لا يعمل في البيئة سياسة، وأنا كذلك، واصفاً إياه بأنه «إنسان مسؤول»، وأنه بالتأكيد لا يريد معاقبة أناس آخرين.

وكشف مصدر وزاري لـ «اللواء» أن تقدماً حصل ويقضي بإدخال الدولة كشريك في موضوع اختيار المطامر، سواء كمراقب أو كجهة أساسية، وعدم ترك الشركات تتفرد في تقرير أمكنة المطامر في هذه المنطقة أو تلك، كما حصل مع شركة «سوكلين».

وأبدى وزير الاقتصاد آلان حكيم تفاؤله بالوصول الى حل، وأبلغ «اللواء» أن الكتائب أبدت كل إيجابية لإيجاد صيغة مناسبة تعطي الدولة اللبنانية الحق في مراقبة موضوع المطامر.

الاجتماع الأمني

 ومساءً، ترأس الرئيس سلام اجتماعاً وزارياً أمنياً قضائياً في دارته في المصيطبة، في حضور وزير الداخلية نهاد المشنوق والعدل أشرف ريفي والنائب العام التمييزي القاضي سمير حمود وقائد الجيش العماد جان قهوجي وقادة الأجهزة الأمنية.

مصادر المجتمعين أشارت إلى أن البحث تركز على التحقيقات في التفجير الارهابي المزدوج لمقهى الأشقر في جبل محسن، في ضوء المعلومات التي توافرت للأجهزة، حيث تبيّن أن الانتحاري الأول دخل المقهى عند السابعة والنصف، وفجّر نفسه داخله، وبعد أقل من عشر دقائق ولدى تجمّع الناس في المكان فجّر الانتحاري الثاني نفسه.

كما ناقش المجتمعون الإجراءات التي اتخذت في ما خص منع ردود الفعل داخل جبل محسن، أو تطويق منزلي المنفذين الانتحاريين في محلة المنكوبين والاستماع إلى افادة والد أحدهما الذي سلم نفسه لشعبة المعلومات على الفور، معلناً التبرؤ من الجريمة، كما تجري تحقيقات مع ثلاثة موقوفين من «اصدقاء» الانتحاريين.

وجرى التشديد على إحالة الجريمة إلى المجلس العدلي، باعتبارها تمس الوحدة الوطنية والعيش المشترك، وتعرّض الأمن الوطني للخطر، ويتوقع أن يعرض الوزير ريفي مرسوم الإحالة على مجلس الوزراء اليوم.

وعلمت «اللواء» أن الرئيس سلام الذي استهل الاجتماع بالتأكيد على أن لبنان لا يزال في دائرة الخطر الارهابي، مطالباً القوى الأمنية برفع مستوى الجهوزية والتنسيق في ما بينها، أجرى اتصالات فور تبلغه بالتفجيرين الانتحاريين بعدد من القيادات الطرابلسية، مشدداً على اهمية المواقف التي صدرت عنها، في ما خص وحدة المدينة والتمسك بمرجعية الدولة، وعدم إعادة عقارب الساعة الى الوراء في شأن الخطة الأمنية التي تمّ تنفيذها مع بداية عمل حكومة المصلحة الوطنية بعد نيلها الثقة، وهنأهم على مواقفهم، داعياً اياهم إلى استمرار بذل الجهود للحفاظ على الحياة المشتركة بين طرابلس وجبل محسن، وعلى حرص الدولة على تقديم كل ما يلزم لطرابلس وأهلها، وللمؤسسات الامنية للحؤول دون المخططات الإرهابية من ان تحقق أهدافها.

وكان الرئيس سلام استنكر التفجيرين، مؤكداً أن هذه الجريمة لن ترهب اللبنانيين والطرابلسيين، ولن تضعف عزيمة الدولة وقرارها في مواجهة الإرهاب والارهابيين.

ووصف وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس موقف أهالي جبل محسن بأنه «تعالى على الجراح» وأن طرابلس كلها في حزن، وأن كل الإجراءات ستتخذ لمواجهة هذا النوع من العمليات الإرهابية، مؤكداً انه سيشارك في جلسة الحكومة اليوم، رغم انه كان قد نفد صبره من موضوع النفايات، لأن ما حصل في طرابلس أمر خطير جداً.

الدولة كانت هناك

 وبعد بيان الإدانة الذي صدر عن الرئيس سعد الحريري، والذي شدّد على الوقوف وراء الجيش والقوى الأمنية وحفظ الأمن وملاحقة المرتكبين وتعهد باعادة بناء الاضرار في جبل محسن، شهدت طرابلس حضوراً قوياً للدولة، فزار الوزير نهاد المشنوق جبل محسن متفقداً المقهى الذي تعرض للانفجار، في خطوة لاقت ترحيباً من أهالي الجبل، وتأكيداً على ان الدولة تعمل لمصلحة كل طرابلس من دون تفريق بين احيائها أو سكانها، فيما كانت القوى الامنية تكثف عملها لملاحقة الذين يقفون وراء هذا التفجير، أو إحباط اي مخططات أخرى لها علاقة بردات الفعل، او مخططات تفجيرات إضافية.

وكشف الوزير المشنوق أن الانتحاريين قد يكونا على علاقة بالارهابي منذر الحسن الذي قتل في انفجار فندق «دي روي» في بيروت.

وبالتزامن، وبمشاركة نواب ووزراء طرابلس ومنسقية تيّار المستقبل في الشمال، عُقد في منزل النائب سمير الجسر اجتماع تناول التفجير الذي طاول الآمنين في جبل محسن وخرج بموقف رفض فيه أي عمل إرهابي أو أي تبرير للارهاب، معلناً أن طرابلس هي لجميع أهلها، وهي مضرب المثل في العيش الواحد والتراحم وحفظ عهود الأمان وحرمة الجيرة وحفظ الأرحام والالتزام بمشروع الدولة والخطة الأمنية ورفض منطق الثأر، وعدم الانجرار للشائعات التي هي ذراع الفتنة، ومطالبة القضاء بالتحرّك لملاحقة المحرضين والمتدخلين، وهيئة الاغاثة لمسح الاضرار والتعويض على المتضررين.

ولاقى التفجير الارهابي، وهو الأوّل من نوعه منذ تنفيذ الخطة الأمنية في تشرين الأوّل الماضي، إجماعاً وطنياً على الاستنكار والتنديد، وكتب المنسق العام لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد على «التويتر»: «أنا هذا المساء جبل محسن» في صدى لعبارة «أنا شارلي» التي عمت العالم خلال الأيام الأخيرة تضامناً مع ضحايا الاعتداء على الصحيفة الفرنسية».

وفيما شيع جبل محسن وطرابلس الضحايا التسعة الذين سقطوا في الانفجارين، جددت جبهة «النصرة» تبنيها للهجوم الذي اوقع 37 جريحاً إضافة إلى هؤلاء الشهداء، عازية سبب العملية إلى ما وصفته بتقاعس الحكومة عن ملاحقة مفجري «التقوى» و«السلام» في طرابلس.

وسيكون هذا الحدث الاجرامي بنداً على جدول أعمال الجلسة الثالثة من الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» والمتوقع انعقادها يوم الجمعة المقبل، وفي عين التينة أيضاً، حيث اتفق في الجلسة الأخيرة على ان تكون المناقشات متركزة على استكمال الخطة الأمنية في البقاع الشمالي.

وأكّد مصدر نيابي أن تفجير جبل محسن سيكون على جدول المناقشات في ضوء الموقف الوطني الذي عبّرت عنه كل القيادات، مشدداً على ان انعقاد الحوار وفر الأرضية لاحتواء ردود الفعل ومنع المواقف المتشنجة، وهو إشارة إلى أهمية تنفيس الاحتقان الذي يخنق أية محاولة للجماعات المتطرفة في ايجاد بيئة لها في أي منطقة لبنانية، خصوصاً وان العملية الإرهابية في جبل محسن قد تكون تستهدف في بعض مراميها حوار «المستقبل» – «حزب الله»، على حدّ ما ذهب الوزير درباس في تحليله للجريمة.

الوفد العربي في بيروت

 إلى ذلك، من المقرّر أن يزور بيروت اليوم وفد وزاري عربي برئاسة الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، يضم في عضويته وزير خارجية الكويت صباح خالد الحمد الصباح الذي ترأس بلاده القمة العربية الحالية، ووزير خارجية موريتانيا أحمد ولد تكدي، في إطار رسالة دعم للبنان في هذه المرحلة الحرجة.

وأشار العربي، في تصريحات أدلى بها في القاهرة، إلى أن الوفد سيبحث مع المسؤولين اللبنانيين تطورات الأوضاع في لبنان، وموضوع النازحين السوريين، وكذلك سبل دعم لبنان في مكافحة الإرهاب.

ولفت إلى أن هذه الزيارة، سبق أن اتفق عليها خلال القمة الأخيرة في الكويت، وذلك في سياق القرار بارسال وفود وزارية إلى المناطق التي تحتاج إلى دعم مباشر، وسبق للجامعة التي ارسلت وفدين إلى كل من بغداد ومقديشو.

وتوقعت بعض المصادر أن يثير الوفد العربي موضوع الإجراءات التي اتخذتها السلطات اللبنانية لوقف النزوح السوري، في وقت أكّد فيه الوزير درباس، أن هذه الإجراءات هو قرار سيادي لا يهدف سوى إلى وقف النزوح السوري، من خلال التمييز بين اللاجئ وغير اللاجئ، كاشفاً ان الأمن العام اوقف هذه الإجراءات للسوريين الداخلين إلى لبنان عبر مطار بيروت، على اعتبار ان هؤلاء القادمين لا يمكن أن يكونوا من النازحين الذين اجبرتهم المعارك في سوريا على اللجوء إلى لبنان.