السبهان: الملك أبلغ الحريري تفاصيل عدوان حزب الله على السعودية
«غيوم سوداء» في سماء لبنان.. ومأزق الإستقالة لا قبول ولا رفض
في اليوم الأوّل، من أوّل أسبوع، بعد استقالة الرئيس آخذاً سعد الحريري، بدا الموقف آخذ بالتصاعد وغيوم سوداء في سماء لبنان على وقع اشتداد حملة المملكة العربية السعودية على إيران وحزب الله، على خلفية الصاروخ البالستي الذي أطلق على مطار الملك الراحل خالد بن عبد العزيز في الرياض، والإجراءات السعودية بإقفال المنافذ الجوية والبحرية والبرية على اليمن، باعلان بيان للتحالف العربي – الدولي في دعم الشرعية في اليمن أنه «ثبت ضلوع النظام الإيراني في إنتاج هذه الصواريخ وتهريبها إلى الميليشيات الحوثية..»، مؤكداً (أي التحالف) حق المملكة في الرد على عدوان إيران في الوقت والشكل المناسبين، بتعبير وزير الخارجية عادل الجبير.. وهو الأمر الذي دفع بوزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف للرد بإطلاق تهديدات مماثلة..
على ان المشهد لم يبدأ متطابقاً بين بيروت والرياض، لجهة التعامل مع استقالة الرئيس الحريري، الذي قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبيل حول وضعه في المملكة انه «يمكنه مغادرة المملكة في أي وقت كان».
ففي حين بدا ان التريُث هو سيّد الموقف في لبنان، إذ عبّر الرئيس نبيه برّي من قصر بعبدا، بعد لقاء الرئيس ميشال عون انه «من المبكر التحدث عن استقالة حكومة أو تأليف حكومة».
كاشفاً عن ان «التفاهم كامل وتام ومنجز مع رئيس الجمهورية في الأزمة الراهنة وعلمت ان بياناً صدر عن رئاسة الجمهورية في ما يتعلق بالاستقالة وأنا أؤيد هذا البيان حرفياً».
ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) في معرض نقل خبر استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للرئيس الحريري بصفته «رئيس وزراء لبنان السابق».. وهذا يعني وفقاً لمصادر مطلعة ان المملكة لا تتعامل مع الرئيس الحريري كرئيس للحكومة الحالية..
وأشارت الوكالة السعودية إلى انه جرى «خلال الاستقبال استعراض الأوضاع على الساحة اللبنانية».
وذكرت انه حضر الاستقبال وزير الداخلية السعودية الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز، ووزير الدولة مساعد بن محمد العيبان، والوزير الجبير، ووزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر بن سبهان السبهان.
تجدر الإشارة إلى ان المكتب الإعلامي للرئيس الحريري، قال في خبر الاستقبال ان الملك سلمان «استقبل قبل ظهر أمس رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري»، يُشار إلى ان الرئيس الحريري أجرى أمس اتصالاً بمدير مكتبه نادر الحريري.
واستأثرت المواقف السعودية ذات الصلة باستقالة الرئيس الحريري باهتمام الأوساط اللبنانية الرسمية والسياسية:
1- الوزير الجبير نفى في حديث لشبكة «سي ان ان» الإخبارية الأميركية «مزاعم بأن المملكة اجبرت الحريري على الاستقالة»، واتهم الجبير حزب الله «بدفع الحريري للاستقالة بافعاله وبإختطافه للعملية السياسية في لبنان وبتهديده للزعماء السياسيين».
2- الوزير السبهان كشف ان الملك سلمان أبلغ «رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري تفاصيل عدوان حزب الله على السعودية»، مشيراً إلى ان على «الحكومة اللبنانية ان تعي خطر تلك الميليشيات على السعودية».
وقال وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي، في مداخلته مع «العربية»، إن على اللبنانيين الاختيار بين السلام وبين الانضواء تحت حزب الله، مضيفاً: «كنا نتوقع من الحكومة اللبنانية أن تعمل على ردع حزب الله»، مشيراً إلى أنه بيد اللبنانيين تحديد ما ستؤول إليه الأمور مع السعودية.
واتهم السبهان حزب الله بأنه يهرب المخدرات للسعودية ويدرب شباباً سعوديين على الإرهاب.
وقال المسؤول السعودي إن الحريري وشرفاء لبنان لن يقبلوا بمواقف ميليشيات حزب الله، مؤكداً أن الحديث عن إجبار الحريري على الاستقالة أكاذيب لتشتيت اللبنانيين، مشدداً على أن «لبنان مختطف من قبل ميليشيات حزب الله ومن خلفها إيران.. واللبنانيون قادرون على إيقاف تجاوزات ميليشيات حزب الله».
وكان السبهان غرد عبر حسابه على موقع «تويتر» الأحد قائلاً: «لبنان بعد الاستقالة لن يكون ابداً كما قبلها لن يقبل ان يكون بأي حال منصة لانطلاق الإرهاب إلى دولنا وبيد قادته ان يكون دولة إرهاب أو سلام».
3- نقلت محطة «العربية» عن مصادر غربية أمس الاثنين «رصد محاولات تشويش تعرض لها موكب رئيس الوزراء اللبناني المستقيل الحريري في بيروت قبل أيام من إعلان استقالته».
وذكرت المصادر ان التشويش كان ناجماً عن أجهزة مختصة لتعطيل وارباك أجهزة الاواكس والرادار، تبين انها إيرانية الصنع، قائلة إن تعقب الأجهزة كشف قيام القائمين على الرادار بجولات مسح أخرى على مواكب الحريري البديلة والتمويهية.
الرئاسة: لا رئيس سابق ولا مستقيل
وفي بيروت، أوضحت مصادر رئاسة الجمهورية لـ«اللواء» أنه بالنسبة إلى القصر الجمهوري فإن الرئيس سعد الحريري هو رئيس مجلس الوزراء وهو ليس برئيس سابق ولا برئيس مستقيل. ولفتت إلى أن الرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، اللذين عرضا للتطور المستجد بفعل إعلان استقالة الرئيس الحريري، وتوافقا على التأكيد أنه لا يمكن اعتبار الاستقالة قائمة لأن رئيس الجمهورية لم يستلمها وفق المعطيات المنصوص عنها في الدستور.
وقالت إن هذه الاستقالة لم تراع الأصول كما إن انها أعلنت خارج البلاد. وأعلنت انه لن يبت بها قبل أن يستمع الرئيس عون من الرئيس الحريري الشروحات والتفسيرات التي لديه. وأكدت أن البيان المقتضي للرئيس بري واضح لجهة تأكيده دستورياً انه لا يمكن ان يقول ان هناك استقالة جدية ام لا.
وكشفت المصادر أن الرئيس عون باشر اليوم مروحة اتصالات مع القيادات السياسية في البلاد، من بينها لقاءات مع رؤساء سابقين للجمهورية والمجلس النيابي والحكومة كما مع رؤساء الأحزاب الممثلة في الحكومة، وهي تهدف إلى إجراء قراءة للتطورات من أجل اتخاذ موقف لاحق يتخذه الرئيس عون تحت عنوان المحافظة على الوحدة الوطنية.
وأكدت أن الرئيس عون يملك هامشا كبيرا لما سيقدم عليه، موضحة أن الاتصال مقطوع مع الرئيس الحريري وان أي اتصال جديد معه سيكون كفيلاً بتظهير الصورة وأنه لن يقدم على أي خطوة قبل أن يتاح له الاستماع للرئيس الحريري.
وقالت المصادر إن الاجتماعين اللذين عقدا في قصر بعبدا أي الأمني -القضائي والاقتصادي هدفا إلى التمهيد لمعالجة الوضع الذي نشأ بعد إعلان الاستقالة.
وعلم أن الاجتماع الأمني -القضائي خلص إلى التأكيد أن ما من شيء يستدعي القلق وان الإشاعات تتم متابعتها لأنها تمثل خطرا. أما الاجتماع الاقتصادي فكان مطمئنا لجهة الإجراءات المتخذة واستقرار الوضع النقدي.
وفي الاجتماع القضائي الأمني، الذي شارك فيه وزراء الدفاع والعدل والداخلية، إضافة إلى قادة الأجهزة الأمنية والقضائية، شدّد عون على الوحدة الوطنية كأساس للمحافظة على الاستقرار الأمني والسياسي، مشيراً إلى ان كل الجهود يجب أن تنصب على المحافظة على هذه الوضعية، ولافتاً إلى ان تجاوب القيادات السياسية التي اتصل بها بعد إعلان الحريري استقالته مع ضرورة اعتماد التهدئة أسهم في المساعدة على معالجة الوضع الناشئ عن الاستقالة، وسوف يُمكن من إيجاد الحلول المناسبة للوضع السياسي الراهن.
وكشف وزير العدل سليم جريصاتي الذي شارك في الاجتماع ان القادة الأمنيين قدموا تقارير أمنية مشجعة أظهرت انه لم يسجل أي حادث أمني غير مألوف أو غير اعتيادي، وان أي جهاز أمني لم يُؤكّد أية معلومة تتعلق بمحاولة اغتيال الرئيس الحريري، علماً ان قناة «العربية» نقلت أمس عن مصادر غربية قولها انها رصدت محاولات تشويش تعرض لها موكب الرئيس الحريري في بيروت قبل استقالته بأيام، وان هذا التشويش تمّ بأجهزة إيرانية الصنع.
أما في الاجتماع المالي والذي حضره وزير المال علي حسن خليل ورئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف الدكتور جوزف طربية، فبدا ان الرئيس عون كان مرتاحاً للتقارير المالية التي تلقاها عن الحركة الطبيعية للأسواق المالية مع بداية الأسبوع، ودعا إلى مزيد من التنسيق بين وزارة المال وحاكمية البنك المركزي وجمعية المصارف للمحافظة على الاستقرار المالي.
دار الفتوى
في هذا الوقت، بقيت دار الفتوى محور حركة مشاورات لتحصين الساحة الإسلامية، ومواكبة تداعيات استقالة الرئيس الحريري. واستقبل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في هذا الإطار النائب السيدة بهية الحريري، ثم وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي أشاد بحكمة الرئيس عون، التي خلقت توازناً مع الفراغ الذي حصل بسبب الاستقالة، خصوصا وانه أوضح انه لن يقوم بأي بادرة قبل لقائه الرئيس الحريري ليسمع منه مباشرة ما هي أسباب استقالته وان كان مستمراً بها.
واعتبر المشنوق ان لقاء خادم الحرمين الشريفين مع الرئيس الحريري ينفي الكثير من الشائعات، ويشير إلى أن الدنيا بخير، ويعطي انطباعاً ان الرئيس الحريري سيعود خلال أيام إلى لبنان، مشدداً على ان هذا انطباع وليس معلومات.
وإذ طمأن إلى ان الوضع الأمني ممسوك من كل ا لنواحي، نافياً أن تكون لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية معلومات في شأن محاولة اغتيال الحريري، توقع ان تكون جهة غربية جدية ابلغت ذلك للرئيس الحريري مباشرة وليس من خلال الأجهزة الأمنية.
تجدر لاشارة الىان المكتب الاعلامي في دار الفتوى، نفى أمس، ما تردد أن المفتي دريان ألغى زيارة له إلى السعودية، مؤكداً انه لم تكن هناك أصلاً زيارة للمملكة لكي يرجئها.
ومن جهته، أجرى الرئيس فؤاد السنيورة، أمس سلسلة اتصالات هاتفية شملت كلا من الرئيسين أمين الجميل وميشال سليمان والرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام، إضافة إلى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، تركزت على وجه الخصوص في ما يتعلق باستقالة الرئيس الحريري.
وشدّد السنيورة خلال هذه الاتصالات على أهمية مقاربة المشكلات الوطنية من زاوية وطنية جامعة، ولا سيما في هذه الظروف الدقيقة.